نظرا للانفتاح اليومي الذي لا نهاية له فقد تولد لدى غالب شباب العصر فتيانا وفتيات وحتى الشيوخ داء عضال هو (أقنعني) نعم (أقنعني) تقول له: قال الله تعالى وقال رسوله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم وثبت الدليل بتحريم كذا.
تقول له: التدخين حرام وهو يقول (أقنعني) تقول له الغناء حرام وهو يقول (أقنعني) تقول له: الصلاة وهو يردد (أقنعني) تقول لها الحجاب وهي تقول (أقنعني) فصارت القناعة غالبا يرد بها الحق الواضح الأبلج ويستدل بها على الباطل الزاهق حتى ولو كان مخالفا للفطرة.
اخي الكريم.. كيف اقنعك وانت اساسا في نفسك مقتنع تماما بخطأ ما انت عليه وبما ان ما تزاوله معصية لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم او انك تكابر لتقنع نفسك وتبرر لغيرك صواب ما انت عليه من خطأ واباحة ما انت عليه من معصية اما لغفلة وتزول ان انت ادركتها وتركت هذا التبرير الذي تضع نفسك فيه وهذا كله من جراء ما عرضت نفسك له من الفتن فتمكنت من قلبك فعن حذيفة رضي الله عنه قال: كنا عند عمر رضي الله عنه فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يذكر الفتن فقال: قوم نحن سمعناه فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل قال: تلك تموج موج البحر قال حذيفة رضي الله عنه: فأسكت القوم فقلت: أنا أنت لله أبوك قال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يقول: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على ابيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض والآخر اسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الا ما اشرب من هواه قال حذيفة رضي الله عنه وحدثته ان بينك وبينها بابا مغلقا يوشك ان يكسر قال عمر رضي الله عنه اكسرا لا أبا لك فلو انه فتح لعله كان يعاد قلت لا بل يكسر وحدثته ان ذلك الباب رجل يقتل او يموت حديثا ليس بالأغاليط قال ابو خالد فقلت لسعد يا أبا مالك ما أسود مربادا قال شدة البياض في سواد قال قلت فما الكوز مجخيا قال منكوسا).
الحديث رواه البخاري ومسلم.
اخي الكريم اختي الكريمة فان نقيت قلبك ونفسك من تلك المعصية كان قلبك ابيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والارض وان لم تنقه صار الذنب والعصيان مرضا متأصلا فيك وصار قلبك أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا الا ما أشرب من هواه.
وهذا حال كثير ممن يقول أقنعني!
لا أصلي حتى تقنعني!
لا أترك الدخان حتى تقنعني!
لا ألبس الحجاب حتى تقنعني!
لا أترك سماع الأغاني حتى تقنعني!
أنت مريض فكيف أقنعك؟
تبدل المعروف والمنكر لديك فكيف أقنعك؟
وتبدلت القيم عندك وران على قلبك ما كسبته وما أشربته وما زينه لك شياطين الإنس والجن فكيف أقنعك؟
أنت مريض ترى الماء الزلال مرا علقما وقديما قال المتنبي:
ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا
أنت مريض ترى الحامض حلوا ترى الملح سكرا أنت لاترى العسل عسلا فكيف أقنعك؟ نقي قلبك اولا وداو جسدك بالتوبة واحي فطرتك التي فطرك الله عليها وجمل انسانيتك بالقيم والمبادىء التي اكرمك الله بها حينها ستجد القناعة وتجد الراحة وتنعم بالسعادة دون فلسفات لا اول لها ولا آخر.
وقتها تستطيع التفرقة وتنعم بالقناعة وقد ارشدك ابن القيم رحمه الله الى الميزان الجلي للتفرقة فقال: ان الفرق امر ضروري للإنسان فمن لم يكن فرقه قرآنيا محمديا فلا بد له من قانون يفرق به اما سياسة سائس فوقه او ذوق منه او من غيره او رأي منه او من غيره او يفرق فرقا بهيميا حيوانيا بحسب مجرد شهوته وغرضه اين توجهت به فلابد من التفريق بأحد هذه الوجوه.
رزقني الله واياك تقواه والثبات على دينه وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
م
ر
و
ر
ي
معــ كلـــ الود
التوقيع |
دنيــــا ومــن يـــــدري كلــــ شــــئ يصـــير فيهــــا |