[frame="4 80"]ليس هناك ما هو اكثر سرورا للمتتبع لحركة الابداع في اي قطر من معرفته بظهور موهبة جديد في مجال الإبداع خاصة بعد ان كثرت المطبوعات التي تظهر هنا وهناك وكثر الأدعياء الذين يلجون الى هذا الميدان دون موهبة اصيلة او مكتسبة فيملأون الدنيا ضجيجا ولكن دون طحن حتى اصبحت كتاباتهم كالغثاء الذي يذهب ذكره إثر ظهوره ولا يلتفت اليه النقاد ولا يهتم به القراء.
ها هو حال الزبد أما مع ينفع الناس فيبقي ثمرا جنيا يقطف منه المتلقى ليكتشف في كل مرة انه اصبح اكثر نضجا وأزهى لونا وأشهى طعما وأكثر قدرة على الصمود وهذا لا يتوفر الا لدى المبدعين الموهوبين الاكثر احتفاء بتجويد انتاجهم والخروج به من دائرة الرتابة الى فضاءات التفوق الابداعي المتيمز فهناك من يخرج كتابا يحسبه شعرا او نثرا ثم ماذا لا شيء سوى الاصرار على محاولات تمرير هذا الانتاج الهجين الذي لا ينتسب لأي لون من الوان الابداع الادبي فلا هو شعر يخضع لاحكام الشعر ومقاييسه ولا هو قصة تطبق عليه قواعد القصة وشروطها ولا هو خاطرة تخضع لقواعد الكتابة واساليبها المعروفة ولا هو تجريب يتسم بالوعي لمفاهيم التجريب واصوله انما هو خليط من هذا وذاك دون ان تتضح له معالم او يعرف له نسب. اقول هذا وبين يدي ديوان خيلا ء العتمة للشاعرة بشائر محمد الذي لا يمكن لعين الفاحص المنصف الا ان يعترف انه جدير بالاحتفاء لأنه يضم بين دفتيه زهورا تتفتح وتعطر اجواء الابداع بعبير تفوح منه رائحة زكية تجمع بين البوح الذاتي الخاص والبوح الانساني العام كل ذلك يستوقف المتلقى ويثير أسئلة جديرة بالطرح عن الشعر والشاعرة فإذا كانت هذه تجربتها الأولى في مجال الشعر فكيف ستكون تجاربها القادمة وعلى اي مستوى ستظهر هل ستحاول التقدم ام تكتفي بفكرة مكانك سر رغم ما ينطوي عليه شعرها من بشائر واعدة كالمزن الحبالى ومضيئة كالبدور في ليالي تمامها لكنها أسئلة اردت طرحها تاركا للزمن مهمة الاجابة عليها قبل الوقوف مع هذا الديوان الذي ضم مجموعتين الاولى يد الليل 16 قصيدة والثانية رهان القمر 5 قصائد ولم اجد مبررا للفصل بينهما فالديوان مجموعة واحدة ولا فرق بين قصائده من حيث تدفق المشاعر وصدق العاطفة وقوة السبك وروعة العبارة وجمال الصورة وكل هذه الملاحظات تحسب لقصائد المجموعتين وتجمع بينها فما سر هذا التقسيم؟
خارج المجموعتين ورد في البدء النص التالي بعنوان قارئة انا فاكتبوني.
وجع الكتابة خلته هما
تبعثر في يديا
فضممت كفي كالسنابل
تحضن الألم الخفيا
وطفقت
بالألم المكابر احرث الورق النديا
ألقي بذور الهم
أسقيها
بماء العين ريا
اطوي زمان الانتظار
بمهجة المحموم طيا
حتى نمت تلك الثمار
فأينعت بوحا جنيا
هيا لنقطف ما استوى
من زهر آلامي سويا
ترى ما سر هذا الاصرار على توزيع القصائد العمودية في الديوان لتظهر بشكل قصائد التفعيلة؟ ولو اقتصر ذلك على قصيدة او قصيدتين لمبررات فنية لهان الامر لكن ان تشترك جميع القصائد الخليلية مع قصائد التفعيلة في الظهور بشكل واحد فهذا هو مبعث السؤال المهم هل نستجيب لنداء الشاعرة بشائر محمد لنقطف معا هذه الثمار التي نمت فأينعت بوحا جنيا؟ إنها دعوة جدير بالاستجابة.
هنا كانــــ مروريـــــ
مــعــ كلــ الودـــ[/frame]
التوقيع |
دنيــــا ومــن يـــــدري كلــــ شــــئ يصـــير فيهــــا |