"مرسي".. زعيم المعارضة
من الضرورى تأكيد أن ثورة يناير ليست فقط ضد نظام الحكم مثل حركة يوليو 1952 بل هى أيضًا ضد الغزو الثقافى وتهدف للاستقلال الحضارى الكامل, سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا, عن الثقافة الغربية العلمانية (الهيمنة الأمريكية والبلطجة الإسرائيلية) وإذا نجح الشعب فى اختيار مرجعيته الإسلامية وحكامه ديمقراطيًا فسيكون لمصر تأثير هائل إقليميًا ودوليًا ولذلك هناك منظومة هائلة من الثورة المضادة والمدعومة بقوة من معظم القوى الدولية.
- الثورة تريد بناء النظام بالمؤسسات والانتخابات والثورة المضادة رفضت كل نتائج الانتخابات والاستفتاءات, وأصرت على استمرار سياسة المجلس العسكرى السابق الذى اضطر للتماشى مع خلع المخلوع مع استمرار نفس نظامه,,, وعمومًا النظام المفترض أن يحكم يتكون من رئاسة ودستور وبرلمان وشورى وحكومة منتخبة، بالإضافة للقضاء والأجهزة السيادية الجيش والداخلية والمخابرات العامة ثم المؤسسات الإعلامية والمالية ورجال الأعمال والنخب الثقافية المختلفة... هذه هى أدوات الحكم,, فمن منهم مع الرئيس بالشكل الطبيعى؟؟؟؟.
- مازلنا بالمرحلة الانتقالية بين نظام ذاهب مازال يسيطر بنسبة 75% ونظام جديد قادم مسيطر بنسبة 25% ومتزايدة, يستحيل أن يوجد بالعالم رئيس يقذف منزله بالمولوتوف ويسب إعلاميًا إلا وتكون أدوات الحكم تعمل ضده.
- دولة يناير 2011 تتقدم فى مواجهة دولة يوليو1952، ولذلك فالرئيس المدنى المنتخب هو بالفعل "زعيم المعارضة" الذى يمثل الثورة فى مواجهة الشبكة العميقة لدولة يوليو وهى بالفعل "مفارقة" لأننا فى مرحلة انتقالية لثورة ستغير كثيرًا من التوازنات الإقليمية والدولية.
- ولذلك نجد العجائب, تصوير البلطجية المخربين لممتلكاتنا بأنهم ثوار وتتهم الداخلية بالقمع عند محاولة التصدى لهم, أما العصيان المدنى فلا يحدث إلا فى زمن القمع لعدم وجود قنوات لتوصيل المطالب فإذا كنا نتمتع بحرية التظاهر والاحتجاج بل التخريب فلماذا العصيان؟؟, لقد رفضه المصريون أيام المخلوع حفاظًا على المصالح فهل يعقل الآن؟ العصيان لا ينجح إلا إذا كان مدعومًا بالأغلبية فإذا كان مَن يدعو له يتمتع بالأغلبية فلماذا يتهرب من الانتخابات؟؟ يتم الآن دفع بعض الناس بالقوة لإغلاق مصالحهم ولما فشلوا بدأت موجة من العنف لاستعادة النظام السابق وللأسف نجد"المفارقة" أن الثورة المضادة تهدف لاستمرار دولة يوليو بهدم مؤسسات الدولة.. فهم يمولون العنف والتخريب لأنهم يفتقرون للشعبية.
- مرسى لا يزال غير مسيطر لكنه يتقدم وهناك مؤامرة محلية إقليمية دولية لإضعاف شعبيته بعرقلة جهوده الهادفة لتحقيق المصالح وكلما تأخر الحسم سيضطر جزء من الناس للتحول عن انتخاب مَن لا يستطيع تحقيق مصالحهم (الإسلاميون عمومًا والإخوان خصوصًا) وهذه هى لب المؤامرة لأن إسقاط شرعية الرئيس مستحيلة فتتم محاولة إعاقة جهوده و"المفارقة" أننا إذا اعتبرنا أن القوى الإسلامية هى "الممثل" السياسى لتوجه الأغلبية فإن هذه المؤامرة تدفع لتنحية هذا "الممثل" لصالح القوى المعادية لتوجه الأغلبية، وذلك من خلال أصوات نفس الشعب فى انتخابات حرة, وهو تأثير الدولة العميقة والمؤامرة التى يواجهها زعيم المعارضة.
- الخلاصة: السياسة والحكم يحتاج لتنظيم وشبكة بشرية منتشرة بكل المحافظات ولا يوجد فى مصر إلا شبكتان لا ثالث لهما الأولى هى شبكة النظام السابق التى تكونت بناءً على المصالح (بلا توجه أيديولوجى ولا سياسى) والثانية هى شبكة القوى الإسلامية على رأسها تنظيم الإخوان,, "لن يحكم مصر إلا أحدهما" ونلاحظ أن الإعادة فى الرئاسة كانت منافسة بين الممثل لكل شبكة.
- الصراع بين الشبكتين "بين دولة يوليو ودولة يناير" والنواة الصلبة للأولى هى المؤسسة العسكرية التى تم تحييدها (وهو مربط الفرس ولذلك يحاولون استدعاءها مرة أخرى) والنواة الصلبة لدولة يناير هى "الإخوان", كل رئيس(ناصر - السادات - المخلوع) بدأ عهده بالمهادنة مع الإخوان ثم انتهى بالبطش بهم, ولقد نجحوا فى تفكيك المجتمع بكل مؤسساته الأهلية والوقف الخيرى حتى عمدة القرية للسيطرة على المجتمع لأنهم يفتقرون للشعبية(لم يحاول النظام الملكى عمل ذلك) ولم ينجحوا فى تفكيك الإخوان,, ونحن الآن بصدد الجولة الأخيرة بين الشبكتين حيث لابد أن يتم القضاء تمامًا على أحدهما.
- والعجيب أن الرئيس هو زعيم المعارضة وهو أيضًا الضمانة الوحيدة للحكم المدنى لأنه أول رئيس منتخب تاريخيًا وهو الذى استطاع تنحية العسكر عن السياسة ولأنه إذا تم إسقاطه لن يستمر رئيس مدنى آخر حيث هناك احتمالان لا ثالث لهما إما عودة العسكر أو انتصار الحكم المدنى برئاسة زعيم المعارضة الذى سيتحول للرئيس الفعلى والفيصل فى ذلك هو
"القوة الوحيدة القادرة على الحسم" "الشعب".