![]() |
اختيار تصميم الجوال
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | |||
|
![]() ها هو الشيخ الستيني يلقي نظرته الأخيرة على مزرعة والده في شرقي هجرة سنام وفي (العرجان) تحديداً ، يمر شريط الذكريات أمام ناظريه والألم يعتصر قلبه ، بيوت الطين ، النخل ، مناخة والده علي بن سعود ، ريع الخطر - جمع خاطر أي الزائر- يودع السواني والنخيل حيث يعبق المكان برائحة (المهيلة) منتصبةً وسط (الوجار) ، يصدق فيه قول محمد بن شلاح : امل الوجار وخلوا الباب مفتوح خاف المسير يستحي لا ينادي يبكي البئر التي جف ماءها ولم تعد تجدي معها معاول العمال ولا أصابع الديناميت التي كانت تدوي في المكان كله علها تفجر ينابيع الأمل والحياة . يودع جيرانه (القوافلة) من قحطان وبلدته الرويضة ، يودع أبناء عشيرته يودع جبلي خرص وزعابة ! ودعته وبودي لو يودعني صفو الحياة وأني لا أودعه يلملم شعثه ويهيئ عدة الرحيل تصحبه عائلته وحفيده اليتيم ، ييمم وجهه شطر الدوادمي تلك المدينة التي تتربع شامخة في قلب نجد (العذية) ، نجد التي تغنى الشعراء بطيب هوائها ، وإن لم يكن فارق نجد برحيله هذا أقول لصاحبي والعيس تهوي بنا بين المنيفة فالضمار تَمَتَّعْ مِنْ شَميمِ عَرَارِ نَجْدٍ فما بَعْدَ العَشِيَّة ِ منْ عَرَارِ هاهي (الداتسون الواحد وسبعين) تشق وسط بلدة عروى ، وتلك هي هضبة تيماء تلوح في الأفق البعيد ، وها هو جبل ثهلان يحتضن بلدة الشعراء ، ثهلان الذي ذكره أبوالبقاء الرندي في نونيته وتحسره على ضياع الأندلس التي أضعنا أختها فلسطين معها . يلقي الشيخ عصا الترحال في الحارة الشمالية من الدوادمي تسبقه آماله نحو غدٍ مفعمٍ بالأمل ، يبحث عن السوق ويبدأ تجارته في سوق الدوادمي العتيق الذي لم يبق منه إلا دكاكين قد عفى الدهر رسمها . ثم ما يلبث الشيخ الكبير حتى تنتظم تجارته وتتحسن أحواله المادية وتمتد علاقته الاجتماعية إذ كان محبوباً من الجميع تزهو وجهه نضارة الصلاة والطاعة . وتبدأ سني الدراسة الأولى فينتظم حفيده اليتيم في مدرسة خالد بن الوليد الابتدائية شأنه شأن الصغار في ذلك الوقت صغيرة دنياهم لا يعرفون منها إلا حدود ما تصله أقدامهم أو يسمعونه من أهليهم ، يذهب كل صباح إلى مدرسته مشياً على الأقدام وقد أثقلت كاهله الهزيل حقيبة المدرسة تعبر قدماه الصغيرتان الشارع العام في عناءٍ يومي لا يعرف له تفسيراً حينها ، إلا أن ثمة شعورٌ داخلي يستحث الخطى والجد والمثابرة نحو التفوق والنجاح . تتصل بالحفيد اليتيم عرى الصداقة والعلاقات الاجتماعية مع أقرانه في المدرسة ، وفي الحارة مع أبناء الجيران . والدوادمي – والحق يقال- كريمة كرم أهلها لا يشعر الغريب فيها بغربته حاضرتها في ذلك الوقت قبيلة بني زيد وعوائل كريمة من تميم وباهلة وغيرهم ، الطيب فيهم سجية يأتي هكذا دون تكلف ، أما باديتها فهي قبيلة عتيبة بفرعيها (روق) و(برقا) وهما في الطيب والكرم كفرسي رهان يصدق فيهم جميعاً لقب (مدلهة الغريب) ، وإن لم يكن صاحبنا اليتيم غريباً إذ كان في (برقا) خؤولته . كان الطلاب في مدرسة خالد بن الوليد لفيف من الحاضرة وقلة من البادية ولم تكن الحياة لنا الصغار سوى المدرسة والحارة ، ولم يكن ثمة بعد بثٌ تلفزيوني ، إلا أن هناك محاولات للتثقيف والمعرفة منها كراسة كانت توزع على الطلاب أظنها مع علب التغذية المدرسية المجانية آنذاك فيها صور لأعلام الدول بالأسود والأبيض ، ويقوم الطالب بجمع صور الأعلام الملونة وإلصاقها على تلك الصور ، فتصور أنك تعرف مثلا البرازيل لكن لا تعرف أين هي الرياض !، وإن أنسى فلا أنسى بعض أهازيج الصغار مجهولة المصدر لا أدري من ينظمها ولا من يشيعها من أمثال ![]() ألم أقل لكم إن دنيانا كانت صغيرة ! ثم أترى صاحب هذه الأهزوجة كان يتنبأ بالصاعق السبتمبري وحريق البرجين ، الذي جرّ علينا وعلى العالم الإسلامي النكبات والويلات! ومن ذكريات (الدوادمي) .. زميل لنا في المدرسةً كانت له ثقافة سياسية سبقت عهدها وإن لم تخني الذاكرة فإن اسمه طه ياسين كان من أهل جيزان ، وكان يزودنا بأخبار وصور فوق تصوراتنا ومعرفتنا منها قصاصات من صحف لصور رؤساء الدول الغربية مثل كارتر وغيره في أوضاع مضحكة، ولازالت الذاكرة تعيد علي صورة مضحكة لمارغيت تاتشر وهي تحك أنفها ! صديقنا طه هذا لا أدري ما فعل الله به إذ من المؤكد أنه غادر الدوادمي مبكراً، فإن كان حيٌ يرزق فهذا إيميلي تحت عنوان المقالة فليصلني برسالة منه ، وإن كان من الأموات فرحمه الله رحمة واسعة . تمضي الأيام وتتصرم الليالي سراعاً وينهي صاحبنا اليتيم دراسته الثانوية ليودع هذه المدينة التي احتضنته بحبها وحنانها وطالما شم أريجها ولثم ثغرها وهام في حبها ! كان هذا قبل إحدى وعشرين عاماً . يودع أيامها وشهورها يبكي شوارعها وحاراتها ، يودع سويعات الأصيل ومرابع الصبا ، وليالي رمضان وروحانيتها وعبقها ، يبكي صحبة كانت نعم المعين على الطاعة والمحافظة على الصلوات ، فهل ينسى أبناء عويض بن حامد والمسجد وآذان (الصنقر) رحمه الله يدوي في جنبات الحارة ! حاشاه ذلك تمضي أكثر من عشرين سنة كاملة ، وصاحبنا اليتيم يزور مدينته بين الفينة والأخرى يقف على أطلالها وشوارعها . يردد مع الأول : وحبّب أوطان الشباب إليهمُ مآرب قضّاها الشباب هنالكا إذا ذكرواْ أوطانهم ذكّرتهمُ عهود الصبا فيها فحنواْ لذلكا أعذروني معاشر القراء إن أنا استرسلت في الذكريات وانغمزت في هذه (البكائيات) وسحت في عبق المكان والزمان ! فماذا عساكم تستفيدون من هذا كله ! لعلها تكون من باب المُلح والترفية ! ولن تعدموا الفائدة ! لكن ما يدعو للقلق اليوم ما نراه في محافظة الدوادمي بعد هذا السنين كلها من تدني مستوى الخدمات المقدمة، واهتراء في البنية التحتية ! ولست مبالغاً حين أقول لكم أن بعض شوارع المدينة لم تجدد سفلتتها منذ ذلك الحين الذي ودعت فيه تلك المدينة الوادعة قبل عقدين من الزمان!! وبرغم أن (محافظة الدوادمي) من المحافظات الكبيرة المصنفة بفئة (أ) ويتبع لها مايزيد عن مائة مركز رسمي، فضلاً عن مايزيد عن (444) هجرة، لكن ذلك لم يشفع لها لتصبح في حاضرها درة متألقة، كما كانت في ماضيها كذلك .. فالشوارع المتهالكة، وطفح مياه الصرف الصحي، باتت سمة بارزة يراها كل زائر للمدينة ، تلوث صورة المدينة وتكسوها بالكآبة .. ومما يزيد الجرح إيلاماً أن هذا الضعف وذلك الإهمال يتزامن مع نمو سكاني مضطرد مما ينذر بتفاقم المشكلة . ولست أخط هذه الكلمات بغية التشهير بشخص أو قطاع .. وإنما هي ملحوظات ناصح، وكلمات عاشق ومحب لتلك المدينة الرائعة بأهلها وبتاريخها، أملتها علي الغيرة الوطنية، تحدوني فيها الصراحة والشفافية والإيجابية. ولن أقول إطلاقاً كما قال الشاعر: إذا خربت شـوارعهـا بسـبة واحـدٍ (مقرود) أنا (طرقي) وربعي في خشوم العرض من غادي وللذكريات بقية عبدالله السهلي باحث وأكاديمي |
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||||
|
![]() حفظ الله الدوادمي واهلها من كل مكروه ...
وسائر بلاد المسلمين ... والله يجعلها في نماء وتطور وازدهاار ... لاهنت ياخلف امتعتنا بهذه الذكريات الرائعه ...
|
|||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
![]() |