عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 29-Jan-2009, 06:51 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ابو ضيف الله
مشرف عـام

الصورة الرمزية ابو ضيف الله

إحصائية العضو





التوقيت


ابو ضيف الله غير متواجد حالياً

افتراضي

قصة خلق آدم عليه السلام وسجود الملائكة له
الآيات 30-33 من سورة البقرة


قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ 30 وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 31 قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 32 قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ) [البقرة: 30-33]



قال الامام بن كثير رحمه الله في كتابه البداية والنهاية:


فهذا ذكر هذه القصة من مواضع متفرقة من القرآن‏.‏ وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير، ولنذكر هاهنا مضمون ما دلت عليه هذه الآيات الكريمات، وما يتعلق بها من الأحاديث الواردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله المستعان‏.‏

فأخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم‏:‏ ‏{‏إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 30‏]‏ أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضاً، كما قال‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 165‏]‏ فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه‏.‏ فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقص لبني آدم، والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين‏.‏ ‏

‏{‏قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 30‏]‏‏.‏ قيل‏:‏ علموا أن ذلك كائن بما رأوا، ممن كان قبل آدم من الجن والبن، قاله قتادة‏.‏

وقال عبد الله بن عمر‏:‏ كانت الجن قبل آدم بألفي عام، فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور‏.‏ وعن ابن عباس نحوه‏.‏ وعن الحسن ألهموا ذلك‏.‏

وقيل‏:‏ لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل‏:‏ أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل‏.‏ رواه ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر‏.‏

وقيل‏:‏ لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالباً ‏{‏وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ جزء من الآية 30‏]‏ أي‏:‏ نعبدك دائماً لا يعصيك منا أحد‏.‏

فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدون، فها نحن لا نفتر ليلاً ولا نهاراً، قال‏:‏ ‏{‏قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 30‏]‏ أي‏:‏ أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أي سيوجد منهم الأنبياء، والمرسلون، والصديقون، والشهداء‏.‏

ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم، فقال‏:‏ ‏{‏وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 31‏]‏‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس، إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها‏.‏

وفي رواية‏:‏ علمه اسم الصحفة، والقدر، حتى الفسوة، والفسية‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شيء‏.‏ ‏‏ وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد‏.‏ وقال الربيع‏:‏ علمه أسماء الملائكة‏.‏

وقال عبد الرحمن بن زيد‏:‏ علمه أسماء ذريته، والصحيح أنه علمه أسماء الذوات، وأفعالها، مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏

وذكر البخاري هنا ما رواه هو، ومسلم، من طريق سعيد، وهشام عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏
(‏‏(‏يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون‏:‏ لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون‏:‏ أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء‏)‏‏)‏ وذكر تمام الحديث‏.‏

‏{‏ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 31‏]‏‏.‏

قال الحسن البصري‏:‏ لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة‏:‏ لا يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا، وذلك قوله ‏{‏إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏}‏‏.‏ وقيل غير ذلك كما بسطناه في التفسير‏.‏

‏{‏قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 32‏]‏ أي‏:‏ سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك، كما قال ‏{‏وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 255‏]‏‏.‏

‏{‏قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 33‏]‏ أي‏:‏ أعلم السر كما أعلم العلانية‏.‏

وقيل‏:‏ إن المراد بقوله‏:‏ ‏{‏وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ‏}‏ ما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها‏.‏ وبقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ‏}‏ المراد بهذا الكلام‏:‏ إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عليه السلام‏.‏

قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدي، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير‏.‏ وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة‏:‏ ‏{‏وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ‏}‏ قولهم لن يخلق ربنا خلقاً إلا كنا أعلم منه، وأكرم عليه منه‏.‏

قوله ‏{‏وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 34‏]‏ هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال‏:‏ ‏{‏فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 29‏]‏، فهذه أربع تشريفات‏:‏

خلقه له بيده الكريمة‏.‏
ونفخه فيه من روحه‏.‏
وأمره الملائكة بالسجود له‏.‏
وتعليمه أسماء الأشياء‏.‏



ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى، وتناظرا كما سيأتي‏:‏ أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء‏.‏ وهكذا يقول أهل المحشر يوم القيامة كما تقدم، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى‏.‏















التوقيع
قال الشافعي رحمه الله: أركان الرجولة أربع: الديانة والأمانة والصيانة والرزانة.

قال الخليل ابن أحمد: التواني إضاعة, والحزم بضاعة, والإنصاف راحة, واللجاجة وقاحة.


اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اللهم أنصر من نصر الدين وأخذل من خذل الدين
رد مع اقتباس