عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 11-Oct-2011, 04:50 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ضيف الهيلا1
عضو نشيط
إحصائية العضو






التوقيت


ضيف الهيلا1 غير متواجد حالياً

Lightbulb الرشايده على سواحل البحر الأحمر كرم وأصالة عربية .. تقرير مصور

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي

ورد في مجلة زهرة الخليج الإمارتية, العدد1088- السنة الحادية والعشرون- السبت 23 شوال- 1420 هـ.الموافق 29 يناير (كانون ثاني) 2000م . تحقيق مصور عن قبيلة بني رشيد في دولة اريتريا وعلى سواحل البحر الأحمر حيثُ جاء فيه :


قبل أكثر من مائة عام اضطر جزء من قبيلة الرشايدة لمغادرة موطنهم الأصلي في سواحل المملكة العربية السعودية ليستوطنوا الجهة الأخرى من البحر الأحمر في السودان واريتريا,وذلك إثر خلاف مع القبيلة .على ان هذه الهجرة القسرية لم تحل دون تمسكهم بذيول الحنين إلى ماضيهم القديم ,ماجعلهم حتى عهد قريب ,شبه معزولين عمن حولهم .في مايلي جولة في مضارب ‘‘الرشايدة‘‘ في اريتريا حيث البحر والصحراء والبداوة الأصيلة .
إعداد :حزامة حبايب
هاجرت أولى الأسر من قبيلة ‘‘الرشايدة‘‘ من المملكة العربية السعودية في عام 1870,حيث استقروا في اريتريا , على سواحل البحر الأحمر , وعاشوا على تربية الماشية وتجارة العبيد .ورغم ابتعادهم عن موطنهم الأم ,إلا ّ أنهم احتفظوا بعاداتهم وتقاليدهم بخلاف الشعوب والأقليات الأخرى المهاجرة , ونادرا ً مااختلطوا بسكان الأماكن التي استوطنوها , ماساهم إلى حد كبير في احتفاظهم بلغتهم وأصولهم نقية, دون أن تُمس. وحتى عهد قريب , ظل النفي جزءا ًمن تفكيرهم ووجودهم ,ليس أدل على ذلك من خيامهم المنصوبة على اطراف البحر الأحمر التي تذكرهم بماضيهم بالاضافة إلى ملابسهم ومجوهراتهم التي تأتي جميعها من المملكة العربية السعودية .

بدو أصلاء
يُعد الرشايدة ‘‘بدوا‘‘ أصلا حيث يقيم معظمهم في خيام مصنوعة من وبر الجمل ,أو من مادة ذات مقاومة عالية غير منفذة للماء , يتم شراؤها من المملكة العربية السعودية ويختلف حجم الخيام حسب ثراء الأسرة ووضعها الاجتماعي . فبعض الأسر لديهم أغطية بسيطة ينصبونها في مواجهة الشمس للحصول على القليل من الظل , بينما يعيش زعماء القرية الذين يعرفون بـ ‘‘الشيوخ‘‘ في خيام يزيد عرضها على خمسة عشر متراً . تمتد أراضي الرشايدة على بضعة كيلو مترات إلى الشمال من ‘‘مصوّع ‘‘ (المدينة الساحلية الرئيسية في البلاد) وتنتهي عند الاحل السوداني . ويجعل نقص الطرق الممهدة الدخول إلى مضارب الرشايدة أمراً ينطوي على قدر من المجازفة في الغالب خاصة بالنسبة للدخلاء والأجانب , لذا يتعين على المرء ان يتوجه إلى الشمال من مصوّع ثم يقود سيارته مسافة عشرين عشرين كيلو متراً على الرمال الناعمة قبل ان يلمح أولى الخيام المنصوبة على سفوح الكثبان الرملية . أثناء النهار يتوجه الرجال إلى المدينة أو قد يتوّلون رعاية قطعانهم من الجمال والخراف, حيث يُعد ‘‘الرّعي‘‘ وظيفتهم الرسمية الوحيدة . وفي المساء يتحول الرعاة أحياناً إلى تجار , إذ يقودون سياراتهم ‘‘التويوتا‘‘ على طول الساحل محملين بالبضائع التي تم جلبها من المملكة العربية السعودية . وهكذا تظل النساء في المضارب وحيدات مع أطفالهن ومع الرجال المسنين القلائل الذين يشرفون على العبيد اثناء طحن القمح .

كرم وحفاوة
لكن الرشايدة كرماء بطبعهم ويحتفون بالضيف الغريب ,كأي بدوي , حيث يُشعرونه بأنه في بيته ووسط أهله وعشيرته , فما أن يحل عليهم ضيف أو جمع من الناس أو السياح حتى يهرعوا لاستقبالهم , وتبادر النساء المتشحات بالملابس التقليدية والمرتديات حُمُراً من الموسلين مطرزة بالفضة إلى تحضير الشاي والقهوة وحلب الماعز , دون ان تتخذ هذه الحفاوة طابع المبالغة ,بحيث يبدو كل شيء طبيعيا ًوبسيطا ً, مايجعل الضيف عادة يتصرف بأريحية وعلى سجيته .ولاتمضي الجلسة مع الضيف دون أحاديث ودية عابرة عن أحوال الناس والتجارة والبلاد , يكون الطعام أثناءها قد أصبح مُعداً. ولايستطيع الضيف أن يقاوم فضوله في زيارة خيمة دون غيرها ,أنها خيمة منصوبة بمحاذاة البحر فيها عدد من النسوة العجائز اللواتي يتفنن في القاء الأصداف وقراءة الطالع. والأيام في مضارب الرشايدة تمضي منسابة , هادئة , وإن كانت رئيسية .فهنالك دوماً الشاي والقهوة والطعام . وقد يتلهى الأطفال أحياناً بصيد السمك .. أحد لرجال يسافر على جمله واخر يصل ..وهنالك النوم ساعات طويلة في أي وقت من اليوم .وعند شروق الشمس يتم اخراج كافة البطانيات واللحف والوسائد خارج الخيم ونشرها في الشمس ..ويختار كل فرد من أفراد القبيلة بقعة ساكنة يجلس فيها ساعات متأملاً غروب الشمس .. هناك سلام وهدوء مطبقان حيث تبتلع الرمال والرياح والصحراء كل صوت . وفي صمت المغيب يعود الأطفال بالحيوانات من المرعى , وتحضر النسوة طعام العشاء , بينما يدخن الرجال السجائر وهم يتأملون النجوم المضيئة في السماء .

وليمة ‘‘الختان‘‘
ويشكل ‘‘ختان‘‘ الذكور مناسبة يجتمع فيها أفراد قبيلة الرشايدة رجالاً ونساء.. للاحتفال وتناول وليمة دسمة .ففي اليوم الموعود يجتمع كل رجال القبيلة في خيمة واحدة .وتُقسم قماشة قماشة سميكة الخيمة إلى شقين أو قسمين بحيث تقوم النساء في القسم الأخير بتحضير الطفل وتجهيزه للختان . وعند انتهاء العملية بنجاح , تخرج والدة الطفل إلى الرجال لتتلقى التهاني منهم . ثم تبدأ الوليمة . وتتألف من مرق لحم ساخن يتبعه خروف مسلوق مقطع الى عدة قطع ويجلس رجال ‘‘الرشايدة‘‘ في دائرة حول طبق الطعام الكبير , ويبدأون في التهام قطع اللحم بينهم . ويلقون بالعظام التي لايزال اللحم يكسو أجزاء منها في طبق أخر كي يتناوله العبيد .وتنتهي الوليمة بطبق من الأرز يحتوي على قطع صغيرة من اللحم إلى جانب الشاي . وبعد أنتهاء ‘‘حفل‘‘ الختان,ينفض الجمع ويعود كل حيّ إلى سبيله .

كسر العزلة
لقد انقضى أكثر من مائة عام على استيطان الرشايدة اريتريا .. ازداد خلالها عددهم وثراؤهم ولم يعودوا ينتشرون على طول السواحل فحسب , وإنما كسر البعض منهم في السنوات الأخيرة حاجز العزلة التي فرضوها على أنفسهم اختيارياً , حيث استوطنوا مدن اريتريا الداخلية مشكلين مجتمعات جديدة . وكانت حكومة اريتريا (بعد الاستقلال) في أوائل التسعينات من القرن العشرين قد بذلت جهوداً مضنية في محاولة اقناع الرشايدة للاستيطان والمشاركة في حياة البلاد الاقتصادية والسياسية على نحو فاعل , وتم مؤخراً شق الطرق وبناء قرى دائمة لهم , وعمد العديد من أسر ‘‘الرشايدة‘‘ إلى ارسال ابنائهم إلى المدارس الحكومية , بحيث لم تعد حياتهم مشوبة بطابع ‘‘النفي‘‘ أو العزلة .لقد أضحى قسم كبير من الرشايدة مواطنين ‘‘اريتريين‘‘ وجزءاً من المجتمع الاريتري ككل , يمارسون الزراعة والتجارة وصيد الاسماك ..
ويهجرون خيمهم ومضاربهم تدريجياً للاستقرار في بيوت وأكواخ خشبية مخلفين وراءهم نمطاً من الحياة .. قريباً سيغدو مجرد ذكرى وذكرى بعيدة .

0من مكتبة الباحث التاريخي عايض بن دواس















رد مع اقتباس