السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصيدة : نفحات .. رباعية
بِاسْمِ الذي فتقَ الزهـورَ مِنَ الْمَــدَرْ = وتـَلأْلأْتْ مـن بـعـدِ رَشَّـاتِ المطــرْ
وأَحَـاطَ بالأفــلاكِ نجـماً وقمــــرْ = والشمـسُ تجـري فـي مَدَاراتِ القَدَرْ
وهــو الذي رفع السَّماءَ بلا عمـدْ = والأرضُ قَبْضَتُهُ هو اللهُ الأَحَــــــدْ
سُبْحَـانهُ لاغيـرهُ فـــردٌ صمــــدْ = سبحـانه نــورٌ لِسَـمعي والبصـــــرْ
/
القلـبُ يذهبُ في الحياةِ بلا مـدَى = والعقلُ يصحبـهُ إلى حيث الردَى
لا ذَاكَ يستهوي النَّصيحة والهُدَى = أو ذاك يُخْبـره بـآفاتِ الخطــــرْ
/
لَهْفِـي على نفسي إذا ما رُمْتَُها = تسعى إلى أمـــرٍ ولمـَّـا لُمْتـُـــها
زيَّنْـتُ أعمالي فـما ألْفَيتُها = والنفسُ تَطمعُ في المخيـــلةِ والظَّفَرْ
/
لَهْفِي على نفسي إذا ما خِلْتُها = تمشي إلى قبـري ولمـَّــا قِسْــتُها
تحتَ الثرى والرُّوح قد ودَّعتُها = والقــبرُ من يأتــيك مـنهُ با لـخـبرْ
/
ما هذه الدنيا سِـــوى أيَّــامِنــا = ســـاعاتـنا آهاتنا أحلامنا
تمضي ويمضي العمرُ فـي آمالِنا = والعــمرُ فــانٍ والأماني لمْ تــــذرْ
/
وذكرتُ أياماً مضت لي في الصِّبا = فخَجِلْتُ منها كيف ضَـرَّ بِيَ الغبـا
أعطيتُ نفسي ما تحبُّ من الطِّبا = ونسيتُ أنِّي في الحقيقةِ في سَفــَــرْ
/
كم جاءَ لي نُصْحٌ فمـا سَمْعي لـَهُ = يرضَى ولا عقلـِـي يُصَدِّقُ قولَــــهُ
ويمرُّ بي زيـغٌ فـأرضى فعـلـَــــهُ = زيـْغُ القلــوبِ خطيئةٌ لا تُغْتَفـَـــرْ
/
حتّامَ يبقى في الغِوَايـةِ جـاهلٌ = و إلى متى يشْـقَى بما هو حــــامــلُ
نفسٌ لـها ميلٌ وقلـبٌ غافــــلُ = وله رجاءٌ في الكريــم إذا غَفَـــــرْ
/
لاترض مِنْ سَقطِ الحياة مسبَّـةً = وأَقِــمْ جبينـــك للإِلـَـــهِ محبــةً
واصبر على جَهْــدِ البلاءِ مغبـةً = والفـوز في الأخرى لمن هو قد صبرْ
/
واحفظْ إلـهكَ بالصَّلاة وكنْ لهُ = نعمَ المطيع عليكَ يُجزِلُ فضْلَهُ
منْ يحفظِ الله الكريم أظَلَّه = فيمنْ أحَبَّ على الصراط المُخْتَصرْ
/
واقرأ كتابَ اللهِ في تنزيلِه = لا تَتْبعِ الشُّبهات في تأويلِهِ
واستكشف الإعجاز مِنْ ترتيلِهِ = وحياً تنزلَ في كريمات السُّوَرْ
/
لاَ تقتـرب مِنْ مجلسٍ فيهِ الأَذى = وابعدْ بنفسِك لا يُصِيْبُكَ بالقَــذَى
كم من جليـسٍ سيٍّء لا يُحْتذى = مُلِئتْ أيادِيهِ بآفاتِ الْقَذَرْ
/
واحفظ لسانَك أنْ يفوهَ بغيبَـةٍ = فالحـرفُ يخرجُ لا يعودُ برغبــةٍ
وعلى اللسِّـانِ تدور كلُّ مصيبةٍ = فامنعهُ عن سقَطٍ ومن قول الهذَرْ
/
واتركْ عديمَ الصِّدقِ منبُوذاً فمَا = يهديكَ خيراً لو أردتَّ وكُلَّما
أسْديتَهُ نُصحاً تَعنَّتَ مُحجِما = ويظنُّ فيكَ بكُلِّ أمرٍ محْتقََرْ
/
والأرضُ لو ضاقتْ عليكَ جبالُها= واستنكرتكَ نساؤُها ورجَالُها
وتعسَّفتْ في مقْلتيكَ رمَالُها = فا ستبدلِ الأرضَ التي لا تُصطبَرْ
/
وإذا رُمِيتَ بسهم غدرٍ في الظَّهرْ = فاعلَمْ بأنَّكَ قد بلغتَ المنتَظَرْ
وتوهَّجت منك الكواكبُ والقمرْ = والسهمُ في كفِّ الضعيفِ قد انكَسَرْ
/
هَذا زمانُ النّتِّ فاحْذرْهُ ولا = تدخلْ مواقعَ شُبْْهَةٍ فيها البِِلا
واحفظْ لنفسِك دينَها وتجمَّلا = والنفسُ تـُرْدَعُ با لتأمُّـلِ والفِكَـرْ
/
وإذا دخلتَ مواقعاً فاحرِصْ على = قلْبٍ ضعيفٍ لا يقاوِمُ مِنْ إِلى
وإذا كتبتَ فإنَّ حرفَُكَ يُبْـتَلَى = يُـحْصى عليك بمجمَلٍ وبمخْتَصَرْ
/
وإذا تداعى الغبْنُ في الإنسانِ = واسحوذتْ عليه وساوس الشيطانِ
وتأرقَّت عيناهُ في الأحزانِ = يَهْمِي على أَثوابهِ دمعُ القهرْ
/
ويقولُ ربِّي لستُ أسوأُ منْ أرى = والكلُّ حولِي في السَّعادةِ قدْ جرَى
وأنا المُعَذَّبُ والمغيَّبُ في الورى = فَلِمَ الضَّعيفُ لوحدهِ مَنْ يُخْتَبَـرْ
/
هي حكمةٌ للعالََمينَ فلا تكُـنْ = للَّهِ نِــدًّا فــي الجدالِ وفي الظَّــنَنْ
قد يبلُوَ اللهُ الأنامَ ويَمْتَحِنْ = خلقاً كثيراً في النعيــمِ وفـي الضَّـرَرْ
/
أنا لستُ أَنْصَحُ بلْ شُعوري نَاصِحٌُ = والشِّعرُ عندي نَفْحَةٌ ٌومـــلاَمـِــحٌُ
وأَمانَةٌٌ منـِّي وعقــلٌ راجِــــحٌُ = ونصيحتي للنَّفسِِ قبلَ بني البشَرْ
شـعــــر
عبدالملك الخديدي
حميم الفضاء
واعذروني في بعض الالفاظ النشاز التي وردت في القصيدة مثل ( طاشت ) و ( شرق ) و ( الاوائل ) والتي تعبر عن رموز بثت الفساد في ليالي رمضان المبارك.
طَاشَ الفَضَاءُ بما يُسِئُ فأمْطَرَتْ = شُهُبُ الفسَادِ على العِبَادِ حمَيمَها
طَاشَتْ ومَا طَاشَتْ بغَيرِ رَذِيلةٍ = يَسْقِي الأرَاذِلُ بالفُجُورِ بَهِيمَها
لله يَا رَمَضَانُ باسْمِكَ يُحْتَفى = بالسَّافرَاتِ ولَمْ يخَفْنَ جَحِيْمَها
أصْبَحَْتَ يا رَمَضَانُ شهرَ دِعَايَةٍ = ورِوَايةٍ نَفثَ الغَويُّ سُمُومَها
أصْبَحْتَ يا شهرَ الصِّيامِ وَسِيلةًً = لمُهَرِّجٍ زنْدِيقُ يَعْشَقُ هِيمَها
أُسِرَتْ شَيَاطينُ الغِوَايةِ فا نْبَرَى = شَيطانُ آدمَ فاسْتَقرَّ زَعَِيمَها
يا مَنْ أقامَ صُرُوحَ فنٍّ فاسِدٍ = أسَفاً لِجَهْلِكَ إذْ بَنَيْتَ رُسُومَهَا
أفْسَدتَّ أخلاقَ العِبادِ فَبِئسَمَا = فَعَلَتْ نُقُودُكَ إذْ أَهَنْتَ كََرِِيمَها
بئسَ القناة قناة ( شَرْقٍٍ ) تافهٍ = و( أوَائلٌ ) قَدْ أكَّـدَتْ تَحْـرِيْمَهَا
فُقِدَ الإباءُ منَ الرِّجَالِ فلمْ يَعُدْ = ذاكَ الغَيُورُ الحرُّ يرفََعُ ضَيْمَها
يا قَرْيَةً يأتيكِ رزقُكِ وَافِرَاً = رَغَدَاً وتُتْلِفُ بالظَّلاَلِ نَعِيمَها
أنْتِ المِثَالُ لأمَّةٍ نَبَوِيِّةٍ = أسْدَتْ لكلِّ العَالََمِينَ عَظِِيمَها
هَلاَّ نَفَيْتِ الخُبْثَ عَنْكِ فَإِنَّهُ = جُرْحٌ عَلَى الأَجْسَادِ ضَرَّ سَلِيْمَهَا
عبد الملك الخديدي
على متْنِ السّحابِ
رََكِبْناها على حََــذََرٍ فطَـَــارتْ = كصَقْرٍ فُكَّ من أسْرِ القُــــيُودِ
تجوبُ الريحَ في الأَجْواء تدْوِي = بمن فيها تطيرُ بلا حُـــدُودِ
تُلاطِـمُ في السَّــحابِ فتعتليهِ = وتضربُ بالجناح ذُرى البُدودِ
وتحْملُ فــي دواخِلِها نفـوسٌ = تُسَـــلِّمُ بالحيــاة وبــالوجودِ
طلبتُ مضيفةً تمشي الهُويْنا = فجاءتنـــي بـباقاتِ الورودِ
فقالت لـــي سُعوديٌّ وإنِّـــي = إليكم كم يُجَاذبـُـي سُعـُــودي
وتطْربُ مُهْجتي شوقاً إليكمْ = وشـــوقي دائماً نحوَ النقودِ
ألا تبّاً لما قالتْ فإنَّا = كرامٌ في العطاءِ وفي النَّضِيدِ
نعم أنَّا سُعوديُّون فينا = صِفاتَُ النُّبْلِ والشَّرف التَّليدِ
فشَاطتْ بالأسَى ورمتْ لِحاظاًً = سِهامُ القهْرِ منْ قولِي السَّديدِ
وألْقتْ ما تبقَّى من حديثٍ = على سمعي ونادتْ بالوعيدِ
أفِقْ يـاسيِّدي واربُـطْ حزاماً = نِظـامُ الطـائراتِ بــلا ردودِ
وشُرْبُ التِّبغِ ممنوعٌ عليكم = اذا ما كنتَ في حالِ الصعودِ
فقلتُ لها أطعْنا كل أمـــرٍ = سوى ربط الحزامِ على القُدُودِ
وشُرْبُ التِّبغ ليس له هواءٌ = بنفسي والشرابُ من الشُّرودِ
ولكنْ دلـَّـةٌ وبهـارُ هيــلٍ = تُزيلُ الرُّعب من قلبي الشريدِ
أجابتني المضيفةُ وهيَ تزهو = بكفيها على خصــرٍ وجــيدِ
تفضَّــلْ هاكها نفــــحٌ عبيرٌ = مــن البُنِّ المحمّص كالبرودِ
فصبَّتها معتَّقةٌ تُبَاهِي = شُعاعُ الفجر في الشَّفق الجديدِ
وجاءتني وراحتْ ثم جاءتْ = فما وجدتْ سوى قلبي العنيدِ
وما وجدتْ سوى أخلاق قوم = تُمثِّلُها المشاعرُ في القصيدِ
وعندي في الفؤاد حديثُ سرِّ= وأصعبُ مايكون على المُرِيدِ
فكيف بمن رأى صدراَ تبدَّى = وأسْراراَ لكاشِفةِ الزنودِ
وأكبرُ من لحاظ الحسْن لحظٌ = يراقبُ خطوتي ربُّ الوجودِ
فأُطْفِىءُ في الفؤاد حسيسُ نبضٍٍ = وطرفي قاصرٌ عن كلِّ غيدِ
مضيناها فكانت مثلُ طيفٍ = سُويْعات تقاربُ في البعيدِ
فألقيتُ التحيةََ من كريمِ = على منْ حاولتْ قطعُ الوريدِ
فما كلّ الطيورِ تطيبُ صَيْدَا = وطيرُ الصّقر يُقْتًلُ في القيودِ
***
شعر : عبدالملك الخديدي
شعر : عبد الملك الخديدي
من وحي لوحة ( أحاديث نافذة ) للفنان التشيكلي الأستاذ : فيصل بن خالد الخديدي
...
قصيدة هذا هو الحال
إضَاعَةُ الوَقْتِ فِيما لَيْسَ يُنْجِينَا = وكَثْرَةُ النُّطْقِ بالأوْهَامِ تُغْرِينَا
تَفَاهَةُ الرّأي فِي الأوْراق نَسْكُبُها = وساعةَ الوقت قد شُلَّتْ بأيدينا
وحِدِّةُ الطَّبْعِ في أخْلاَقِنَا زُرِعَت = فلَمْ نَعُدْ نَرْتَضِي دُنْيا ولا دِينا
تكاثر الزُّورُ فاختلّتْ أمَانَتُنا = والخِلفُ في الوَعْدِ من أسْمَى معَانَِينا
تَطِيبُ فِي حَزَّةِ الأسْحَارِ غَفْوَتُنا = وقلَّةُ الصَّحْو قَدْ أضْنَتْ مَآقِينا
نَسْتَمْطِرُ الشرَّ فِي أطبَاقِ غَفْلَتِنا = ونَشْربُ المَاءَ مِنْ أحْواضِهِ طِيْنَا
والمالُ كُرْهٌ .. لغير الله نُنْفِقُهُ = نَجْزِي العَطَايا لِمَنْ في النَّاسِ يُطرينا
والعلمُ في شَرْعِنا تاريخُ بلْدَتنا = ومَنْ بَنَى سُورَهَا والقَصْرَ والْمِِينَا
والشِّعرُ في عصْرِنا نثْراً نُهَلْهِلُهُ = حَـسَّانُ يُنْكِرُهُ لو جَاء يَرْثينا
والسَّيفُ صَـدْءٌ حبيسٌ لا حِرَاكَ بهِ = يَمُوتُ فِي غِمْدِهِ بالضَّيْمِ مَغْبُونَا
ولم تَعُدْ رايةَ للْمَجدِ نرْفَعُها = والدِّينُ ما كانتِ الأهْوَاءُ تُعْطِينا
رُحْمَاكَ ربِّي إذا ما اللّيلُ ألْبَسَنا = لباسَ سترٍ وعفوٍ منك يَكْفِينا
رَأيْتَنَا نَقْتَفِي شَيْطَانَ شَقْوتِنا = نَسْعَى إلى غَيّــهِ والجَهلُ يغْوينَا
هَلْ هَذِهِ أمَّةُ الإسْلاَمِ سِيْرَتنا = وهلْ لنا عَوْدَةٌ للحَقِّ تَثْنينَا
أوْدَى بنا العَجْزُ حتى كادَ يُدْرِكُنا = مِنْ عجْزِنا موتُ أهلِ الكهفِ يَطْوِينَا
يا ثلّةٌ تَرْتَضِي ذُلاًّ تَعيشُ بِهِ = وتَحْتَفِي بالَّذِي منْ صُنْعِ مَاضِينَا
يا ثلّةُ الضَّعفِ لم يَسبقْ لها مثلٌ = منْ ضَعْفِها بَاتَتِ الأجْناسُ تنْعِينا
أليسَ فينَا كريمٌ يَبْتَغِي شَرَفاً = لا بَارَك اللهُ فيمَنْ ليسَ يُحْيِينَا
...................
يا سَيِّدِي يا بنَ عبدِ اللهِ معذرةً = لم نَسْتطعْ غير قولِ الشعرِ يُنْسِينَا
ولمْ نُغَادِرْ بقايا الأمْسِ نَذْكُرُها = فالنَّدْبُ منْ طَبْعِنا والفِعْلُ يشْقِينا
ياسَيِّدي يا حبيبَ الله تأمُرُنا = بالعلمِ والفكْرِ .. للتَّنْويرِ تَهْدِينا
فهلْ لنا حاجةً في الدِّينِ نَطْلُبُها = في الصِّين أمْ أنّهُ نَهْجٌ فَتُوصِينا
يا أيُّها المسْلمُونَ العلمُ ينقُصُنا = والْعِلْمُ بالْجَهْلِ مِنْ أقوى مآسِينا
الدِّينُ لمْ ينتقدْ علماً نُحِيطُ بهِ = لكنَّهُ العَجْزُ أرْخَى سُمَّهُ فِيْنَا
هذا هُوَ الحَالُ لا زَيفاً ولا كَذِباً = ومنْ يرَى غَيرَ هَذَا الحَال يُفْتِينا
عبد الملك الخديدي
------------------
19/4/1428هـ