عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 25-Jun-2008, 03:22 PM رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
منصور الأجدع
عضو نشيط
إحصائية العضو





التوقيت


منصور الأجدع غير متواجد حالياً

افتراضي

ثانياً: بدعة التبرك عند صوفية الحجاز

إن التبرك بذوات الصالحين وآثارهم والأزمنة والأمكنة المرتبطة بهم قضية من أهم القضايا العقدية، وإن الغلو فيها ومخالفة الصواب قد جر فئاماً من الناس قديماً وحديثاً إلى حظيرة البدع والخرافات والشركيات:
وهذا الأمر من قديم الزمان بل هو شرك قوم نوح، وهو شرك العرب الجاهليين الذين بعث فيهم رسول الله، فقد كان من أسباب عبادتهم الأصنام التبرك بها، وكان أول من أدخل هذه العقيدة الوثنية إلى المسلمين هم الرافضة؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «فظهرت بدعة التشيع التي هي مفتاح باب الشرك، ثم لما تمكنت الزنادقة أمروا ببناء المشاهد وتعطيل المساجد محتجين بأنه لا تصلى الجمعة والجماعة إلا خلف معصوم. ورووا في إنارة المشاهد وتعظيمها والدعاء عندها من الأكاذيب ما لم أجد مثله فيما وقفت عليه من أكاذيب أهل الكتاب، حتى صنف كبيرهم ابن النعمان كتاباً في مناسك حج المشاهد، وكذبوا فيه على النبيوأهل بيته أكاذيب بدلوا بها دينه وغيروا ملته، وابتدعوا الشرك المنافي للتوحيد، فصاروا جامعين بين الشرك والكذب» [مجموع الفتاوى (27/161)].

ثم اقتبس غلاة المتصوفة من الرافضة التبرك بالمشايخ وبقبورهم وآثارهم؛ فهذا البوصيري يرى أن من تبرك بتراب قبر النبيكانت له طوبى إذ يقول:
لا طيب يعدل ترباً ضم أعظمه طـوبى لمنتشـق مـنه وملتثم
والحجاز قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقيام الدولة السعودية كانت مرتعاً خصباً لأهل الغلو حتى أشاع أهل التصوف فيها الوثنية والشرك؛ كل ذلك بزعمهم طلباً للبركة وإجابة الدعوة.

وسنعرض بإيجاز لبعض مظاهر هذا الغلو:
يقول النقاشي في منسكه وهو يصف الأماكن التي يتبرك بها ويستجاب فيها الدعاء، وقد وقت لكل موضع وقتاً للإجابة (وكل ذلك استحساناً من غير دليل) :

«أما خلف المقام وتحت الميزاب ففي السحر، وعند الركن اليماني في وقت الفجر، وعند الحجر الأسود نصف النهار، وعند الملتزم نصف الليل، وداخل زمزم عند غيبوبة الشمس، وداخل البيت عند الزوال، وعلى الصفا والمروة عند العصر، وبمنى ليلة البدر وشطر الليل، وبالمزدلفة عند طلوع الشمس، وبعرفة وقت الزوال تحت السدرة، وفي دار خديجة ليلة الجمعة، وفي مولد النبييوم الاثنين عند الزوال، وفي دار الخيزران عند المختبى بين العشائين، وفي مسجد الشجرة يوم الأربعاء، وفي المتكأ غداة يوم الأحد، وفي ثور وحراء وثبير والمدعى عند الظهر» اهـ.

ومنها جبل أبي قبيس وهو بزعمهم أول جبل خلق فإن الدعاء مستجاب فيه، وفيه قبر آدم، وموضع انشقاق القمر. ومنها مولد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكذا في زقاق الموفق محل فيه مسجد يقال إنه دكان سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويقال إنها داره، ويقابل هذه الدار جدار فيه حجر يتبرك الناس بلمسه ويقال إنه كلم النبي، وبقرب هذا الحجر قبل أن يوصل إليه في مقابلته على يسار المستقبل صفحة حجر مبنى في الجدار في وسطه مثل محل المرفق يزوره الناس ويزعمون أن النبيصلى الله عليه وسلم اتكأ عليه فغاص مرفقه الشريف وهو يكلم الحجر الذي أمامه.


ومن الأماكن جبل ثور قال المرجاني: ذكر لي أن رجلاً كان له أموال وبنون وأنه أصيب بذلك فلم يحزن ولم يجزع على مصائبه لقوة صبره و تحمله فنوقش فقال: روي أنه من دخل غار ثور الذي آوى إليه النبيوصاحبه وسأل الله أن يذهب عنه الحزن لم يحزن على شيء من مصائب الدنيا، وقد فعلت ذلك وما وجدت قط حزناً!

وبقرب مسجد الخيف حجر مستدير إلى سفح الجبل مرتفع عن الأرض يظل ما تحته ذكر أن النبي قعد تحته مستظلاً ومس رأسه المكرم الحجر حتى أثر فيه تأثيراً بقدر دورة الرأس، فيضع الناس رؤوسهم في هذا الموضع تيمناً بموضع رأس الرسول كي لا تمس رؤوسهم النار. [انظر أعلام العلماء لعبدالكريم القطبي].

وعلى مقربة من دار خديجة رضي الله عنها يوجد مصطبة فيها متكأ يقصده الناس ويصلون فيه، ويتمسحون بأركانها لأن في موضعها كان موضع قعود النبي.[مكة المكرمة لحسن دحلان]
أما في المدينة النبوية فإنها موطن المزارات، فمن الحجرة النبوية إلى البقيع التي كانت مليئة بالقباب، وإلى المساجد السبعة، إلى طريق الهجرة، إلى وقعة بدر، ... إلخ.

ويكفي لتصوير هذا الهوس الديني أن نمثل بمثال واحد يقصده الزائرون ويتبركون به، وهو موضع وقعة أحد؛ يقول من زار المنطقة في ذلك العصر المظلم:

«وعلى بعد حوالي ميل من المدينة نجد بقايا قصر من الأحجار والآجر، حيث يصلي الناس ركعتين إحياء لذكرى لبس النبيدرعه في هذا المكان، وبعد ذلك يوجد حجر كبير يقال إن محمدأسند إليه ظهره لبضع دقائق في طريقه إلى أحد، ويتبرك الزائر بالاتكاء بظهره على هذا الحجر وقراءة الفاتحة، وفي مسجد حمزة رضي الله عنه يصلي الزوار فيه ركعتين ثم يتقدم الزوار إلى القبور حيث يقرؤون سورة «يس» أو سورة «الإخلاص» أربعين مرة، ثم يطلب الزائر من حمزة وصحبه الشفاعة عند الله بأن يهب الزائر وأهله الإيمان والصحة والثروة، وأن يدمر أعداءهم . وتدفع الأموال عادة في كل ركن لحراس المسجد والقبور. وعلى بعد مسافة غير بعيدة صوب جبل أحد توجد قبة صغيرة تشير إلى المكان الذي ضرب فيه محمدوكسرت رباعيته».

كل هذه المزارات وطلب البركات في موضع واحد فكيف ببقية المواضع؟!
وكذلك الطائف لم تخل من هذه البدع، فهناك مسجد الرسولصلى الله عليه وسلم الذي فيه سارية لا تطلع الشمس عليها مدى الدهر إلا أياماً ويسمع لها نقيض أكثر من عشر مرات فكانوا يرون ذلك تسبيحاً. ومن المزارات القبتان المبنيتان في موضع خيمتي زينب وأم سلمة رضي الله عنهما. وهناك أشهر المزارات وهو قبر ابن عباس رضي الله عنهما حيث يظن أن الدعاء مستجاب عند السارية التي عند رأس الضريح، وكذلك عند الشباك الحديدي. يقول أحد خدام الضريح: بينما أنا جالس عند باب القبة، وإذا أنا أسمع كلاماً بين شخصين في القبة، قال: فدخلت لأنظر فإذا القبة خالية وليس فيها إلا الشيخ العارف بالله مولانا السيد مالك البخاري النقشبندي مطرقاً مستغرقاً فانتظرته حتى رجع إلى صحوه، فأقسمت عليه بالله أن يخبرني عن ذلك فقال: استأذنت سيدنا عبدالله بن عباس في السفر إلى زيارة بيت المقدس لزيارة الأولياء فقال لي: تذهب عنا ونحن مورد الأولياء*! [انظر إهداء اللطائف (ص : 41-51) لحسن العحمي (ت: 1113 هـ) ].

كل هذه البدع والمزارات المفضية إلى الشرك عياذاً بالله زالت بحمد الله مع انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في أرجاء هذه البلاد المباركة، فزالت معالم الوثنية من قبب وأضرحة عالية وتبرك بالمواضع حيث حوربت بكل حزم نشراً للعقيدة الصحيحة، ودفعاً لوسائل الشرك بحمد الله، إلا أن دعاة التصوف في الحجاز لا يفترون أن يدعوا إلى إحياء هذه الوسائل الشركية، والبدع الرذيلة كلما حانت لهم فرصة وعلى رأسهم داعية التصوف في هذا العصر المدعو محمد علوي المالكي فمما قاله عن مكان مولد النبي:«وقد وفق الله تعالى المرحوم الشيخ عباس قطان أمين العاصمة المقدسة بعد أن استأذن من جلالة الملك عبدالعزيز يرحمهما الله فأعاد بناء هذا البيت بعد أن تهدم وصار خراباً مهجوراً، ووضعت فيه مكتبة عامة عظيمة ضخمة تسمى بمكتبة مكة المكرمة مفتوحة للمطالعة والمراجعة، وذلك حفظاً لشرف المكان بما يناسبه»
[في رحاب البيت الحرام (263)].




اوردت لكم المصادر وليس كلام في الهواء















آخر تعديل منصور الأجدع يوم 25-Jun-2008 في 03:30 PM.