عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 02-Jun-2009, 06:45 PM رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث العشرون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يقبل الله صلاة أحدكم – إذا أحدث – حتى يتوضأ‏)‏ متفق عليه‏.‏

يدل الحديث بمنطوقه‏:‏ أن من لم يتوضأ إذا أحدث فصلاته غير مقبولة‏:‏ أي غير صحيحة، ولا مجزئة، وبمفهومه‏:‏ أن من توضأ قبلت صلاته‏:‏ أي مع بقية ما يجب ويشترط للصلاة؛ لأن الشارع يعلق كثيراً من الأحكام على أمور معينة لا تكفي وحدها لترتب الحكم، حتى ينظم إليها بقية الشروط، وحتى تنتفي الموانع‏.‏ وهذا الأصل الشرعي متفق عليه بين أهل العلم؛ لأن العبادة التي تحتوي على أمور كثيرة – كالصلاة مثلاً – لا يشترط أن تجمع أحكامها في كلام الشارع في موضع واحد، بل يجمع جميع ما ورد فيها من الأحكام، فيؤخذ مجموع أحكامها من نصوص متعددة‏.‏ وهذا من أكبر الأسباب لوضع الفقهاء علوم الفقه والأحكام، وترتيبها وتبويبها، وضم الأجناس والأنواع بعضها لبعض للتقريب على غيرهم‏.‏ فلهم في ذلك اليد البيضاء فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء‏.‏

وهذا الأصل ينبغي أن تعتبره في كل موضع‏.‏ وهو أن الأحكام لا تتم إلا باجتماع شروطها ولوازمها، وانتفاء موانعها‏.‏

والحديث يشمل جميع نواقض الوضوء‏.‏ فيدخل فيه الخارج من السبيلين، والنوم الناقض للوضوء، والخارج الفاحش من بقية البدن إذا كان نجساً، وأكل لحم الإبل، ولمس المرأة لشهوة، ولمس الفرج باليد‏.‏ وفي بعضها خلاف‏.‏

فكل من وجه منه شيء من هذه النواقض لم تصح صلاته، حتى يتوضأ الوضوء الشرعي‏.‏ فيغسل الأعضاء التي نص الله عليها في سورة المائدة، مع الترتيب والموالاة، أو يتطهر بالتراب بدل الماء عند تعذر استعمال الماء‏:‏ إما لعدمه، وإما لخوفه باستعماله الضرر‏.‏

وفي هذا دليل على أنه لو صلى ناسياً أو جاهلاً حدثه فعليه الإعادة لعموم الحديث، وهو متفق عليه‏.‏ فهو وإن كان مثاباً على فعله صورة الصلاة ما فيها من العبادات، لكن عليه الإعادة لإبراء ذمته‏.‏ وهذا بخلاف من تطهر ونسي ما على بدنه أو ثوبه من النجاسة فإنه لا إعادة عليه على الصحيح؛ لأن الطهارة من باب فعل الأمور الذي لا تبرأ الذمة إلا بفعله‏.‏ وأما اجتناب النجاسة فإنه من باب اجتناب المحظور الذي إذا فعل والإنسان معذور، فلا إعادة عليه‏.‏