عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 02-Apr-2006, 11:48 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
النافذ
عضو مهم

الصورة الرمزية النافذ

إحصائية العضو





التوقيت


النافذ غير متواجد حالياً

Lightbulb سنة العراق.. أي مصير يُنتظر؟!

منذ شرار ة الحرب الأولى التي أطلقتها الولايات المتحدة على العراق في شهر مارس من عام 2003, والحديث الغادي والرائح يركّز في محوره على الاستراتيجية الأمريكية في العراق, وأهدافها الظاهرة المعلنة أو السرية الخفية, ومدى قدرة الولايات المتحدة على القراءة الصحيحة للواقع السياسي والأمني في العراق, وتجاوبها مع مستجدات الأحداث, وقدرتها على تسيير ذلك الواقع لخدمة أهدافها المرجوة ومخططاتها.



ولمحة سريعة خاطفة على واقع الحال سياسيًا وأمنيًا وعسكريًا ستظهر أن الولايات المتحدة أوقعت نفسها في ورطة لا فكاك منها حتى الآن, فلم تتمكن عسكريًا بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب من حسم النزاع والتغلب على المقاومة الباسلة التي يقودها السنة, كما فشلت فشلاً تاريخيًا في تدريب قوات عراقية موالية تستطيع التعويل عليها في ضبط الوضع المنفلت, والذي وضع البلاد على شفا حرب أهلية ضروس.



ناهيك عن الفشل السياسي؛ فلم تستطع رغم الضغوط التي مورست لتمرير العملية الانتخابية والدستور من زحزحة العملية المتعثرة نحو شيء من الاستقرار؛ فالبرلمان تجمد وضعه ولم يستطع الوصول لهيئة تدير يومياته, والتشكيل الوزاري دخل في غيبوبة قد لا يتمكن من الخروج منها سالمًا, والرئاسة ليست بأحسن حالاً من سابقيها.



هذه الوضعية الجامدة التي غلفت المشهد العراقي تركت بصماتها وانطباعاتها على ساسة الولايات المتحدة وعسكرييها, حيث وصف السفير الأمريكي في العراق الحرب على العراق خلال حديث له مع واشنطن بوست بأنها 'فتحت صندوق الشر بإزاحة صدام حسين'.



ووزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أعطى بتصريح له انطباعًا حقيقيًا عن القوة الحقيقة القادرة على ضبط العراق, حيث أكد أن أي انسحاب سريع للقوات الأمريكية من العراق سيؤدي إلى سيطرة 'الإرهابيين' عليه, مؤكدًا أن ذلك يعتبر بمثابة إعادة ألمانيا إلى أيدي النازيين.

وقال: 'إذا انسحبنا الآن فإن الصداميين و'الإرهابيين' سيسدون الفراغ, وربما لن تتوفر الإرادة في العالم الحر لمواجهتهم مرة ثانية'.



هذا عن توصيف الحال, أما عن المآل والاستراتيجية التي تتبناها الولايات المتحدة للتعامل مع مأزقها في العراق؛ فقد ذكرت دراسة لمركز 'صبان' لسياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنجز تحت عنوان 'نحو استراتيجية جديدة لأمريكا في العراق'، أشرف على إعدادها كينيث بولاك المدير السابق لشئون الشرق الأدنى بمجلس الأمن القومي الأمريكي، ومحلل شئون العراق وإيران بوكالة المخابرات الأمريكية سابقًا: 'إن إدارة الرئيس بوش ليس لديها استراتيجية قابلة للنجاح في العراق, وإن السياسة الأمريكية غالبًا ما تصب تركيزها على المشاكل التي لا تشكل صلب الموضوع, وتطبق في مواجهتها الحلول الخاطئة'.



هذه الورطة الأمريكية والسقوط الاستراتيجي في العراق ألجأها - مثلما كان الحال بعد غزوها للأراضي الأفغانية عام 2001 - إلى إيران؛ في محاولة لضبط الأوضاع ووضع القطار على القضيب مرة أخرى, وليست المشكلة هنا في طبيعة العلاقة التي تربط بين الدولتين الأمريكية والإيرانية, فهذه تحكمها آليات واعتبارات كثيرة, وإنما يعنينا في هذا الإطار النظر في المصير الذي ينتظر سنة العراق في ضوء هذا التقارب بين الاحتلال الأمريكي الظاهر السافر والفارسي المقنع الخفي.



فسنة العراق عاشوا حقبًا متتالية دون أن يواجهوا تحديات حقيقة فيما يخص مرجعيتهم الدينية وهويتهم العربية, وعشية الاحتلال وسقوط بغداد في 9/4/2003 وجد السنة أنفسهم في مواجهة تحديات غير مسبوقة تهدد وجودهم وهويتهم التي اصطبغت بها الدولة العراقية على مدار قرون خلا استثناءات محدودة.



فمن ناحيةٍ فَرض عليهم الواقع الجديد واحتلال بلدهم المواجهة المسلحة ضد هذا الاحتلال, ما جعلهم في مواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال التي لم تتورع عن استخدام أحدث ما في ترسانتها من أسلحة لقمع المقاومة السنية, فدمرت البنية الأساسية في غالب المدن السنية, خاصة الفلوجة والرمادي.



ولجأت الولايات المتحدة إزاء هذه المقاومة التي أطلق السنة شرارتها وما زالوا يتحملون تبعاتها إلى إقصائهم وتهميشهم من مؤسسات الحكم, لاسيما الوزارات الأمنية, وأطلقت يد القوى السياسية الشيعية المتحالفة معها في تملك زمام تلك الوزارات.



وراحت تلك القوى الشيعية تحت مظلة الاحتلال وبدعم مباشر منه وبدعوى اجتثاث البعثيين والصداميين تمارس أبشع عمليات الاضطهاد والتنكيل والتصفية في حق السنة, التي مورست وما زالت على نطاق واسع.



فقد وظّفت هذه القوى الشيعية بعض الممارسات التي قام بها النظام السابق لإظهار أنهم ضحايا هذا النظام, مدعين أنه كان يعتمد على السنة في البطش والتنكيل بهم, ومن ثم على السنة أن يدفعوا الثمن بعد رحيل هذا النظام, فكانت وما زالت الحملة المنظمة والحرب الطاحنة الدائرة على السنة.

فقد صرح رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي لشبكة 'إن . بي . سي' التليفزيونية الأمريكية عشية الذكرى الثالثة لاجتياح العراق: 'ليس ثمة أية مؤسسة لحماية الناس.. ثمة تطهير عرقي جارٍ هنا وهناك في العراق، وهذا في الواقع يرقى إلى مستوى الحرب الأهلية [...] يجب ألا ننكر وجود تطهير عرقي، ويجب أن نتحلى بما يكفي من الشجاعة لقول ذلك'.



وجد سنة العراق أنفسهم إذن بين مطرقة الاحتلال الذي وجد فيهم الشوكة القوية التي أفشلت حساباته وقلبت خططه رأسًا على عقب, فصب عليهم من حصاد أسلحته أيها أشد فتكًا وتدميرًا, وسندان الميليشيات الشيعية على اختلاف توجهاتها ومشاربها, ما بين موالية لحوزة ناطقة وأخرى صامته رأى كلاهما في السنة مجالاً رحبًا للتنفيس عما حاك في صدورهم ولم يستطيعوا أن يظهروه في ظل النظام السابق.



ولم تكن الدولة الصفوية الإيرانية بغائبة عن المشهد, حيث راحت هي الأخرى تحيك لسنة العراق وتكيد لهم, باعتبارهم العقبة الكئود في سبيل تحقيق طموحاتها بدولة شيعية صرف تضاف كرصيد لحسابها في المنطقة وتدعم بها نفوذها المتنامي, فسنة العراق, هم في المقام الأول يحفظون للعراق سنيته وعروبته, فيما ولاء الشيعة لإيران, والأكراد يحدوهم الأمل في دولة مستقلة يرفرف عليها علم كردي.



وقد نوّهت مجلة التايم الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 14 أغسطس 2005 إلى أن إيران - من خلال 'فرق الموت' التي شكلتها عقيب الغزو وتمكنت من إرسالها للعراق - قامت بعمليات تصفية واغتيال منظمة ضد بعض الكوادر السنية.



وأشار تقرير المجلة إلى وجود وثائق حول نشاط قوات الحرس الثوري الإيراني في العراق, تتضمن سجلات عن رواتب ومكافآت إيرانية دفعت على شكل رواتب لما يقرب من 11740 عضوًا في ميليشيات بدر الشيعية التي تقوم بالدور الأكبر في ملاحقة السنة وتصفيتهم.



هذه التوجهات الداخلية المناوئة والمناهضة لأهل السنة, واجتماع غالب الطوائف الشيعية على مواجهتهم مدعومة بممالأة أمريكية واضحة ودعم إيراني مفضوح لم يقابلها للأسف أي دعم من قبل دول الجوار السني.



فرغم الوعي بما يمكن أن يخلفه تكوين دولة يعلوها شيعة العراق موالية لإيران من آثار مدمرة على التوازن الإقليمي في منطقة الخليج, بل وفي المنطقة العربية بأسرها, إلا أن تحركًا في اتجاه وقف مسلسل الإبادة ضد السنة حتى الآن لم يقم به أحد, خوفًا من السيف الأمريكي المسلط والمسمى بدعم 'الإرهاب'.



وفي ظل هذه التحديات الجسام وغياب القوى الداعمة يظل التحدي الأكبر الذي يواجه السنة هو حرصهم على عراق موحد في مواجهة الأطماع الكردية الطامحة للانفصال بالشمال العراقي, والرغبة الشيعية الجامحة في الانفراد بالسلطة, أو على أقل تقدير أن يخلو لهم الجنوب ليسهل الالتقاء والتقارب مع الدولة الصفوية الفارسية, ومن ثم يبقى سنة العراق في حصار بين فكيْ الرحى الشيعي جنوبًا والكردي شمالاً.



ومع هذه المؤامرات الداخلية والصمت الخارجي المطبق فإن مرجعية قوية لديها الفهم السياسي الواعي والرشيد, ومدركة لأهمية المقاومة وقدرتها على تحقيق التحرير والحفاظ على الهوية.. وراية واحده تجمع الشتات المتناثر في منظومة واحدة متناغمة لهو الأمل الأكبر الذي يحدو الجميع, والتحدي الذي يعلو كل التحديات السابقة..



وحينما تلوح في الأفق بشائره فإن عراقًا واحدًا تعلو فيه راية السنة ويحتفظ بهويته العربية سيكون الواقع القريب المأمول لا الحلم الذي ما زال يداعب مشاعرنا.















رد مع اقتباس