عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 19-Jun-2009, 10:46 PM رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الثلاثون

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً‏)‏ رواه البخاري‏.‏

هذا من أكبر مِنن الله على عباده المؤمنين‏:‏ أن أعمالهم المستمرة المعتادة إذا قطعهم عنها مرض أو سفر كتبت لهم كلها كاملة؛ لأن الله يعلم منهم أنه لولا ذلك المانع لفعلوها، فيعطيهم تعالى بنياتهم مثل أجور العاملين مع أجر المرض الخاص، ومع ما يحصل به من القيام بوظيفة الصبر، أو ما هو أكمل من ذلك من الرضى والشكر، ومن الخضوع لله والانكسار له‏.‏ ومع ما يفعله المسافر من أعمال ربما لا يفعلها في الحضر‏:‏ من تعليم، أو نصيحة، أو إرشاد إلى مصلحة دينية أو دنيوية وخصوصاً في الأسفار الخيرية، كالجهاد، والحج والعمرة، ونحوها‏.‏

ويدخل في هذا الحديث‏:‏ أن من فعل العبادة على وجه ناقص وهو يعجز عن فعلها على الوجه الأكمل، فإن الله يكمل له بنيته ما كان يفعله لو قدر عليه؛ فإن العجز عن مكملات العبادات نوع مرض‏.‏ والله أعلم‏.‏

ومن كان من نيته عمل خير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، ولا يمكنه الجمع بين الأمرين‏:‏ فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره‏.‏ وفضل الله تعالى عظيم‏.‏

الحديث الحادي والثلاثون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أسرعوا بالجنازة‏.‏ فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه‏.‏ وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم‏)‏ متفق عليه‏.‏

هذا الحديث محتوٍ على مسائل أصولية وفروعية‏.‏

فقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أسرعوا بالجنازة‏)‏ يشمل الإسراع بتغسيلها وتكفينها وحملها ودفنها، وجميع متعلقات التجهيز‏.‏ ولهذا كانت هذه الأمور من فروض الكفاية‏.‏ ويستثنى من هذا الإسراع إذا كان التأخير فيه مصلحة راجحة، كأن يموت بغتة، فيتعين تأخيره حتى يتحقق موته‏:‏ لئلا يكون قد أصابته سكتة‏.‏ وينبغي أيضاً – تأخيره لكثرة الجمع، أو لحضور من له حق عليه من قريب ونحوه‏.‏ وقد علل ذلك بمنفعة الميت لتقديمه لما هو خير له من النعيم، أو لمصلحة الحي بالسرعة في الإبعاد عن الشر‏.‏

وإذا كان هذا مأموراً به في أمور تجهيزه، فمن باب أولى الإسراع في إبراء ذمته من ديون وحقوق عليه، فإنه إلى ذلك أحوج‏.‏

وفيه‏:‏ الحث على الاهتمام بشأن أخيك المسلم حياً وميتاً، وبالإسراع إلى ما فيه خير له في دينه ودنياه‏.‏ كما أن فيه‏:‏ الحق على البعد عن أسباب الشر، ومباعدة المجرمين، حتى في الحالة التي يبتلى الإنسان فيها بمباشرته‏.‏

وفي هذا الحديث‏:‏ إثبات نعيم البرزخ وعذابه‏.‏ وقد تواترت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن مبتدأ ذلك وضعه في قبره إذا تم دفنه، ولهذا يشرع في هذه الحال الوقوف على قبره والدعاء له، والاستغفار، وسؤال الله له الثبات‏.‏

وفي هذا أيضاً‏:‏ التنبيه على أسباب نعيم البرزخ وعذابه، وأن أسباب النعيم الصلاح؛ لقوله‏:‏ ‏(‏فإن كانت صالح‏)‏ والصلاح كلمة جامعة تحتوي على تصديق الله ورسوله، وطاعة الله ورسوله‏.‏ فهو تصديق الخبر، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، وأن العذاب سببه الإخلال بالصلاح‏:‏ إما لشك في الدين، أو اجتراء على المحارم، أو لترك شيء من الواجبات والفرائض‏.‏ وجميع الأسباب المفصلة في الأحاديث والآثار ترجع إلى ذلك‏.‏ ولذلك قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَصْلَاهَا إِلا الأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى‏}‏ كذب الخبر، وتولى عن الأمر‏.‏