عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 06-Aug-2009, 10:38 AM رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو







متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الرابع والثمانون

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المرء مع من أحب‏)‏ متفق عليه‏.‏

هذا الحديث فيه‏:‏ الحث على قوة محبة الرسل واتباعهم بحسب مراتبهم، والتحذير من محبة ضدهم؛ فإن المحبة دليل على قوة اتصال المحب بمن يحبه، ومناسبته لأخلاقه، واقتدائه به‏.‏ فهي دليل على وجود ذلك‏.‏ وهي أيضاً باعثة على ذلك‏.‏

وأيضاً من أحب لله تعالى، فإن نفس محبته من أعظم ما يقربه إلى الله؛ فإن الله تعالى شكور، يعطي المتقرب أعظم – بأضعاف مضاعفة – مما بذل‏.‏ ومن شكره تعالى‏:‏ أن يلحقه بمن أحب، وإن قصر عمله‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا‏}‏ ‏.‏

ولهذا قال أنس‏:‏ ‏(‏ما فرحنا بشيء فرحنا بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المرء مع من أحب‏.‏ قال‏:‏ فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبا بكر، وعمر، فأرجو أن أكون معهم‏)‏‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ‏}‏ ‏.‏

وهذا مشاهد مجرب إذا أحب العبد أهل الخير رأيته منضماً إليهم، حريصاً على أن يكون مثلهم‏.‏ وإذا أحب أهل الشر انضم إليهم، وعمل بأعمالهم‏.‏

وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل‏"‏، ‏(‏ومثل الجليس الصالح، كحامل المسك‏:‏ إما أن يَحْذيك وإما أن يبيعك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكِيْر‏:‏ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة‏)‏‏.‏

وإذا كان هذا في محبة الخلق فيما بينهم، فكيف بمن أحب الله، وقدَّم محبته وخشيته على كل شيء‏؟‏ فإنه مع الله، وقد حصل له القرب الكامل منه‏.‏ وهو قرب المحبين، وكان الله معه‏.‏ فـ‏{‏إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ‏}‏‏.‏

وأعلى أنواع الإحسان محبة الرحيم الكريم الرحمن، محبة مقرونة بمعرفته‏.‏

فنسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، وحب العمل الذي يقرّب إلى حبه؛ إنه جواد كريم‏.‏ وبالله التوفيق‏.‏