عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 30-Jul-2009, 08:48 AM رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
متعب العصيمي
مشرف سابق
إحصائية العضو






التوقيت


متعب العصيمي غير متواجد حالياً

افتراضي

الحديث الحادي والسبعون

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‏(‏جاء رجل، فقال‏:‏ يا رسول الله، أوصني‏.‏ فقال‏:‏ لا تغضب‏.‏ ثم ردَّدَ مراراً‏.‏ فقال‏:‏ لا تغضب‏)‏ رواه البخاري‏.‏

هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي‏.‏ وهو يريد أن يوصيه النبي صلى الله عليه وسلم بكلام كلي‏.‏ ولهذا ردد‏.‏ فلما أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم عرف أن هذا كلام جامع‏.‏ وهو كذلك؛ فإن قوله‏:‏ ‏(‏لا تغضب‏)‏ يتضمن أمرين عظيمين‏:‏

أحدهما‏:‏ الأمر بفعل الأسباب، والتمرن على حسن الخلق، والحلم والصبر، وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الخلق، من الأذى القولي والفعلي‏.‏ فإذا وفِّق لها العبد، وورد عليه وارد الغضب احتمله بحسن خلقه، وتلقاه بحلمه وصبره، ومعرفته بحسن عواقبه؛ فإن الأمر بالشيء أمر به، وبما لا يتم إلا به‏.‏ والنهي عن الشيء أمر بضده‏.‏ وأمر بفعل الأسباب التي تعين العبد على اجتناب المنهي عنه‏.‏ وهذا منه‏.‏

الثاني‏:‏ الأمر – بعد الغضب – أن لا ينفذ غضبه؛ فإن الغضب غالباً لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده، ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه‏.‏ فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال والمحرمة التي يقتضيها الغضب‏.‏

فمتى منع نفسه من فعل آثار الغضب الضارة، فكأنه في الحقيقة لم يغضب‏.‏ وبهذا يكون العبد كامل القوة العقلية، والقوة القلبية، كما قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب‏)‏‏.‏

فكمال قوة العبد‏:‏ أن يمتنع من أن تؤثر فيه قوة الشهوة، وقوة الغضب الآثار السيئة، بل يصرف هاتين القوتين إلى تناول ما ينفع في الدين والدنيا، وإلى دفع ما يضر فيهما‏.‏

فخير الناس‏:‏ من كانت شهوته وهواه تبعاً لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وغضبه ومدافعته في نصر الحق على الباطل‏.‏

وشر الناس‏:‏ من كان صريع شهوته وغضبه‏.‏ ولا حول ولا قوة إلا بالله‏.‏