وعلى هذا فإنِّي أُذَكِّرهم بالله تعالى، وبأن يعودوا إلى ربهم تائبين منيبين مِمَّا جنت أيديهم وألسنتهم وأقلامهم في ذات الله من استهزاءٍ وسخريةٍ، وليسمعوا إلى قول الله تعالى في كتابه العظيم: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: 42 – 43]
وقوله تعالى: {ويوم القيامة ترى الذين كَذَبوا على الله وجوهُهُم مُسْوَدَّة أليس في جَهَنَّمَ مثوىً للمتكبرين} [الزمر:60]
وقوله تعالى: { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيِاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِـيّاً * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيـُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِـلِيّاً} [مريم:68–70].
وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الذِينَ كَفَرُواْ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [ الأنفال: 50 – 51 ].
وقوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونََ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَا أَسْخَطَ الله وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم}[محمد: 27 – 28 ].
وسيعلمون غداً عند الوقوف بين يدي الله أمرهم وشأنهم ومآلهم؟
كشف بعض الشبهات
وهنا أذكر بعض الشبهات التي قذفت في قلوب كثير من المسلمين، حتى بعض الصالحين الأخيار الذين جازت عليهم هذه الشبهات، وهي في الحقيقة هدمٌ لأصول الدين، وقواعد الملة، وركائز الشريعة، ونسفٌ لأصل الأصول: كعقيدة التوحيد، وعقيدة الولاء والبراء.
وإلى ذكر الشُبه والرد عليها بما يفتح به الفتاح العليم:-
الشبهة الأولى :
قولهم: إن الشعراء والروائيين إذا تكلموا في أشعارهم ورواياتهم عن بعض الأسماء والذوات إنما هم يتكلمون عن قوالب شعرية، ورموز خيالية، في غير مرادها الحقيقي المعروف لدى العامة، وإنما المعنى يكون كما يقولون في بطن الشاعر وجوفه، فإذا تكلم شاعرٌ مثلاً عن الله تعالى، أو عن أي ذاتٍ من الذوات، كالرسل والأنبياء ويوم القيامة وغيرها من الأشياء، فهناك تصور آخر عند الشاعر هو غير المراد الحقيقي لهذه الذات ولهذه الحقيقة، وعلى هذا فلا يَكْفُرُ من قال في شعره إن الله مثلاً يجوع أو يعرى أو يمرض، أو إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تهرب وتخاف وتجبن وغير ذلك !!.
الرد على هذه الشبهة :
أقول: إن هذه الشبهة ما أظن أن إبليس قد ألقاها على هؤلاء، وما أظنه كان يعلمها حتى سمعها منهم، وأنا أسأل أولئك المخدوعين لو أن شاعراً قام وصرح باسم رئيس دولة من الدول، ووصفه مثلاً بأنه قد رآه مشنوقاً على باب المدينة، أو أن ذلك الشاعر قد رأى ذلك الملك أو ذلك الحاكم مذبوحاً في عَمَّان، أتكون أقوال ذلك الشاعر في حق ذلك الملك أو الرئيس أو الحاكم من القوالب الشعرية التي يراد منها غير حقيقتها؟ وهل تلتمسون لهذا الشاعر العذر كما التمستموه له عندما رمى الله عز وجل بهذه النقائص؟
الجواب طبعاً لا وألف لا؛ والسبب في ذلك أن هذا الرئيس أو الملك أو الحاكم عذابه معجل دنيوي ملموس عند أهل الدنيا، أما عذاب الله تعالى فمؤخر مؤجل إلى ذلك اليوم الذي تشيب فيه مفارق الولدان قال تعالى: {فَلا تَعجَلْ عَلَيِهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً}[مريم84]
وقال تعالى: {كَلا سَنَكتُبُ مَايَقُولُ ونَمُدُّ لَه مِن العَذابِ مَداً * وَنَرِثُهُ مَايَقُولُ وَيأتِيِنا فَرداً} [مريم79-80]
كما أن هذه الشبهة الخطيرة تجعل كثيراً من الزنادقة والملحدين الذين حكم عليهم علماء الإسلام على مر العصور بالردة والمروق من الدين؛ بأنهم من المؤمنين الذين قد يحصل من الواحد منهم قول أو فعل ظاهره الكفر الصريح ولكنه لا يكفر بهذا القول أو الفعل؛ لأن له مراداً وتصوراً آخر في قلب ذلك الزنديق والملحد، وعلى هذا فلا يحكم بالكفر على أصحاب وحدة الوجود من الحلولية والاتحادية الذين يزعمون أن الله عز وجل قد حلَّ أو اتحد مع خلقه، أو أن الله تعالى قد حلَّ في صورة عيسى عليه السلام، وغير ذلك من الأمور الباطنية التي تهدم الدين والملة، التي لا يختلف في إبطالها وتهافت أصولها من له أدنى عقل وأقل بصيرة.
الشبهة الثانية :
قولهم: إنك بإخراج هذا الكتاب رداً على نزار قباني وذكر كفرياته وطوامه بالتفصيل قد أعنت على نشر هذا الكفر وهذه الزندقة، وأشهرتها بين عوام المسلمين، وهذا يجعل كثيراً من القراء يعودون إلى شعره وإلى دواوينه!!.
الرد على هذه الشبهة :
أقول:
أولاً:
إن نزار قباني لا يحتاج إلى كتابي هذا ليُشهر بين المسلمين وهو الذي قد وزع وطبع من دواوينه السوداء ما يقارب ثلاث ملايين نسخة هي موجودة بين يدي محبيه وعاشقيه من أبناء المسلمين، وإن من المؤسف المحزن والذي تدمع له العين أن جُلَّ المراجع التي اعتمدتها في كتابي هذا رداً عليه هي من دواوينه التي استعرتها من عشاقه ومحبيه في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة الطيبة، فكم من ديوان وكم من مجموعات شعرية له هي في قلوب عشاقه ومريديه في هذه المدينة الطاهرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (المدينة حَرَمٌ، ما بين عائرٍ إلى كذا، من أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لايُقبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ)( ).
ثانياً:
إن الذين يستدركون عليَّ بهذه الشبهة هم في الحقيقة يستدركون على الله تعالى وعلى كتابه الكريم؛ حيث إن الله تعالى قد بين وفصَّل كُفر الأمم السابقة في كتابه الكريم تفصيلاً دقيقاً في آياتٍ تُتلى منذ مئات السنين وإلى أن يرفع الله القرآن من المصاحف ومن صدور الرجال، ولم يقل قائل بل لم يجرؤ أحدٌ من المسلمين ولا من غيرهم من أهل الملل الأخرى على القول بأن هذا التفصيل المذكور في كتاب الله تعالى مدعاة إلى نشر الكفر في الأرض، وإنما هو التحذير من الله تعالى لخلقه لكي لا يقعوا في شيء من ذلك.
بل إن القارئ لكتاب الله يجد أن الله تعالى قد ذكر كفريات لبعض الأمم السابقة تتعلق بذاته العلية، فقد أخبر سبحانه عن جرأة اليهود أحفاد القردة والخنازير على الله ووصفهم إياه بصفات النقص قال الله تعالى: {وقالت اليهودُ يدُ الله مغلولة غُلَّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفقُ كيف يشاء}.
وكذلك ذكر تعالى كفر النصارى في قوله تعالى: {لقد كَفَر الذين قالوا إِنَّ الله هو المسيحُ ابنُ مَرْيم}
وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالثُ ثلاثةٍ وما من إلهٍ إلا إلهٌ واحد} وغير ذلك من الآيات التي توضح عقائد الكفار وما يصرحون به من إلحاد وزندقة.
الخـــاتـمة
( نـسأل الله حـُسنها )
وبعد أن فاضت دموع المؤمنين الموحدين حُرقةً وغيرةً لله تعالى مما جنته أقلام الزنادقة والملحدين وألسنتهم في حق الله تعالى وآياته ورسله، من حربٍ واستهزاءٍ واستخفاف.
وقبل أن يقف القلم عن جريانه ليسجد بين يدي ربه وخالقه، ويواصل تسبيحه وتمجيده وتقديسه لرب هذا الكون، نذكر أمراً مهماً من أمور الدين التي جهلها كثير من المسلمين في عصرنا هذا الذي ارتفع فيه الزنادقة والمرتدون و الفسقة والفجار ألا وهو حكم الزنديق المرتد في شريعة ربِّ العالمين؟
أقول : لا يخلو المرتد الذي حصلت منه الرِدَّة عن دين الله تعالى من ثلاث حالات:
الحالة الأولى :
أن يرتد عن الإسلام بقولٍ أو فعلٍ أو شكٍّ، ثم يأتي تائباً منيباً ممَّا قاله أو فعله قبل القدرة عليه، فهذا دمه محقون، وماله محفوظ، وله ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، والله غفور رحيم.
قال تعالى: { فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ الله يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 39].
وقال تعالى: { إِلاَّ الذِينَ تَابُواْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ آل عمران: 89 ].
الحالة الثانية:
أن يرتد عن الإسلام بقولٍ أو فعلٍ أو شكٍّ، ولم تعرف له توبة وإنابة ممَّا فعل أو قال في حق الله تعالى ورسله ودينه، فهذا فيه خلاف عند أهل العلم.
فذهبت طائفة إلى قتله من غير استتابة كما نقل ذلك ابن القَيِّم، قال: (وهذا مذهب أهل المدينة مالك وأصحابه، والليث ابن سعد، وهو المنصور من الروايتين عن أبي حنيفة، وهو إحدى الروايات عن أحمد نصرها كثير من أصحابه، بل هي أنص الروايات عنه)( )
وطائفة ثانية ترى أن يستتاب فإن تاب قبلت توبته ولم يقتل، كما نقل ذلك ابن القيم فقال: (وعن أبي حنيفة وأحمد أنه يستتاب، وهو قول الشافعي، وعن أبي يوسف روايتان إحداهما: أنه يستتاب، وهي الرواية الأولى عنه)( )
الحالة الثالثة:
وهي حالة لم تظهر إلاَّ في عصرنا، وذلك بسبب غياب تطبيق حدِّ الرِدَّة على أولئك الزنادقة والملحدين، مِمَّن يستهزئون بالله تعالى وبدينه وبرسله صلوات الله وسلامه عليهم، وهذه الحالة صفتها: أن يرتد عاقل بالغ عن الإسلام بقولٍ أو فعلٍ أو شَكٍّ، كأن يستهزئ بالله تعالى، أو بأحد من أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم، أو بآياته، أو يسبّ الله تعالى، أو أحداً من أنبيائه، أو يستحل الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، أو ينفي صفات الله تعالى أو أسماءه بالكلية، أو يشبه الله بخلقه، أو يصف غير الله بصفة لا تكون إلاَّ لله تعالى، أو أن يجعل بينه وبين الله وسائط يدعوها، كعُبَّاد القبور والأضرحة، أو يترك أركان الإسلام بالكلية، أو يرد شرع الله تعالى كله أو بعضه، أو ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو لا يعتقد كفر اليهود والنصارى، أو يشك في كفرهم، أو يسوّغ اتباع دينهم، أو يستحل قتل المسلمين، أو قتل المسلم من أجل إسلامه، أو يوالي الكفار ولاءً مطلقاً، وغيرها من الأمور التي لا تُحصى.
فأقول: لا يخلو هذا المرتد الذي حارب الله تعالى، واستهزأ به وبدينه طيلة حياته، ولم يُستتب على رِدَّته ومات عليها، ولم تُعلم له توبة، من حُكمين: حكمٌ في الدنيا، وحكمٌ في الآخرة:
حكم الدنيا:
إذا عُلم أنه مات على رِدَّته وزندقته ولم يستتبه أحدٌ من ولاة المسلمين أو علمائهم، ولم تُعلم له توبة وإنابة مِمَّا قاله، بل ظلَّ مجاهراً بكفره وزندقته إلى إن لقيَ ربه وخالقه، فهذا يعامل معاملة الكافر في الدنيا، فلا يُغسَّل ولا يُصَلَّى عليه، ولا يُدْعَى له بالمغفرة والرحمة، ولا يُدْفَن في مقابر المسلمين، ولا يُورث، هذا حكمه في الدنيا؛ لأن أحكام الشريعة تُبنى على الظَّاهر من أفعال العباد، أمَّا السرائر فلا يعلمها إلاَّ عالم السر والنَّجوى سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:217] .
وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [ المائدة: 5].
حكم الآخرة:
إذا هلك المرتد وانتقل من دار الدنيا إلى دار الآخرة، فهو بين أحد أمرين لا ثالث لهما:
الأمر الأول:
أن يكون قد تاب توبةً صحيحةً نصوحةً مخلصةً بين يدي ربه ومولاه قبل خروج الروح من الجسد، فهذا قد يكون مِمَّن حطَّ رِحاله في الجنة وانغمس في أنهارها، وإن كان في الدنيا قَدْ عُومِلَ معاملة المرتد الكافر؛ وذلك لأن الأحكام والحدود قد بُنيت على الظَّاهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغرغر)( )
الأمر الثاني:
أن يخرج من دار الدنيا إلى دار الآخرة دون أن يتوب إلى الله عز وجل مِمَّا فعله أو قاله أو شك فيه، فهذا حكمه الخلود في نار جهنَّم، وتحريم الجنَّة عليه، فلا يراها ولا يجد ريحها أبداً، قال تعالى: { إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى}[طــه:74].
وقال تعالى: {إِنَّ الذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِلءُ الأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران:91].
وعلى هذا فالواجب على كلِّ مسلمٍ يحمل في قلبه عقيدة أهل السنة والجماعة وما عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، أن يتبرأ ممن حادَّ الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، قال تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ آباءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الذِينَ آمنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آباءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُم مِنْكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23].
اللهم هذا ما خطّته يميني، واعتقده قلبي، تقرُّباً لك حتى ترضى، فاللَّهم أسألك حطَّ الرِّحَالِ في الجنَّة بلا حسابٍ ولا عذاب، والانغماس في أنهارها انغماس الفرحين المسرورين، والتجاوز عن عبادك الذين غرقوا في أوحال الخطيئة والمعصية، من المؤمنين والمؤمنات، مِمَّن شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك.
يَا خَالِقِي عَبْدُكَ الْخَاطِي الْحَزِينُ لَقَـدْ
أَتَـاكَ مُنْكَسِراً فَاجْـــــبُرْ لِمُنْكَسِــــرِ
مُسْتَغْـفِراً مِنْ ذُنُوبٍ لاَ عِـــــــدَادَ لها
بـِعَفْوِكَ الْجَمِّ يَا رَحْمَـــــــنُ لاَ تَــذَرِ
فَلاَ تَدَعنِي مَلِيكَ الـعَرْشِ مُطَّرحَــــــاً
بَيْنَ النَّوَائِبِ وَالأَسْـدَامِ وَالْـغِــــــــيَرِ
حَسْبي لَدَى الْمُوبِقَاتِ الصُّمِّ أَنْتَ فَلا
نَرْجُو سِوَاكَ لِنَيْلِ السُّؤْلِ وَالوَطَـــــرِ
عَلَيْكَ يَا ذَا العَطَا وَالْـمَنِّ مُعْتَمَــــدِي
في كُلِّ خَطْبٍ أَتَى بِالْغِيَرِ وَالضَّــــرَرِ
فَاغْـِفرْ وَأَكْرِمْ عُبَيْداً مَـا لَهُ عَمَـــــــلٌ
مِنَ الـصَّوَالِحِ يَا رَحْمَنُ في العُمُــــــرِ
لَـكِنَّهُ تَـائِبٌ مِـمَّا جَنَـاهُ فَقَــــــــــــدْ
أَتـَاكَ مُسْتَغْفِراً يَخْشَى مِنَ السَّقَــــــرِ
فَإِنْ رَحِـمْتَ عَلَى مَنْ جَاءَ مُفْتَقِــــراً
فَـأَنْتَ أَهْلٌ بِهِ يَا رَبُّ فَاغْتَـفِـــــــــــرِ
وَإِنْ تُـعَذِّبْ فَإنِّـي أَهْـــــــلُ ذَاكَ وَذَا
عَـدْلٌ قَويـمٌ بِلاَ لَوْمٍ وَلاَ نُكُـــــــــــرِ
ثُمَّ الصَّلاةُ عَلَى خَيْرِ الْخَـلِيقَةِ مَــــــنْ
كَـفَاهُ مُعْجِــزَةُ الشَّـقِّ في الْقَمَــــــــرِ
وَآلِـهِ الطَّيِّبــــــينَ الطُّهْرِ قَـاطِبـَــــــةً
وَصْحْبِـهِ الْمُكْرَمِينَ السَّادَةِ الْغُــــــرَرِ
مَا هَبَّتِ الرِّيحُ وَاهْتَزَّ النَّبَاتُ بِهَــــــا
وَمَا تَغَنَّتْ حَمَامُ الأَيْكِ في السَّحَـــــرِ
وكان الفراغ من هذه الرسالة بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيته في الروضة الشريفة، بين الظهر والعصر من يوم الجمعة الثالث والعشرين لشهر ربيع الأول من سنة ألف وأربعمائة وتسع عشرة من الهجرة النبوية الشريفة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
جزا الله المؤلف خير الجزاء ..
التوقيع |
https://twitter.com/abalwled
عَظيمةٌ أنتِ يـا أرضَ الرسَـالاتِ = يا مهبطَ الوحي فِي خَتْـمِ النبـوَّات
أنْتِ السُّعُوديَّةُ العَلْيَـاءُ فِـي شَمَـمٍ = تَعْلُو عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْـتِ السَّمَـوَاتِ
|