عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 29-Apr-2009, 12:21 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د/ نايف العتيبي
إدارة القسم الإسلامي
(دكتوراه في الإدارة التربوية والتخطيط - باحث في العلوم الشرعية والتراث الإسلامي)

الصورة الرمزية د/ نايف العتيبي

إحصائية العضو







د/ نايف العتيبي غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى د/ نايف العتيبي
افتراضي التحذير من انتشار البدع عن طريق الأنتر نت

التحذير من انتشار البدع عن طريق الأنتر نت



الحمد لله وحده الذين ارتضى لنا الإسلام دينا وأتمه وأكمله ولم ولن يقبل من أحد بعده دينا سواه فقال سبحانه : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ٌ} (3) سورة المائدة.
وقال {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران .
والصلاة والسلام على نبينا محمد الهادي البشير والنذير المبين الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة على أكمل وجه فلم يترك خيرا إلا ودل الأمة عليه ولم يدع شرا إلا وحذر منه ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ، وبعد :

فإن من أعظم الأخطار التي تهدد بناء الإسلام ومن أعظم الشرور التي يبتلى بها المسلمون في كل حين ، البدع التي تدخل في الدين ماليس منه ، والبدع هي كما عرفها أهل العلم : كل ما لم يعهد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشرعه مما يدخل في دين الله .
ويأتي شرها وعظم خطرها كونها من القول على الله بغير علم فإن الذي يضيف في الدين ماليس منه فقد قال على الله بغير علم وهذا أعظم من الشرك لأن سبحانه إنما شرع لنا الدين وأتمه وحذرنا من الشرك ومن القول عليه بغير علم ، قال سبحانه : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (33) سورة الأعراف . والمتأمل في هذه الآية يجد أن البدعة جمعت بين الفحش فهي غالبا ماتكون فاحشة في المغالاة وبين الأثم في كونها لم تشرع وجمعت كذلك البغي وهو الاعتداء على حرمة الدين وحدوده المشروعة المرسومة من الشارع الحكيم ، وجمعت أيضا كونها من القول على الله بغير علم إذ لا دليل من الشرع على فعلها ونشرها بين الناس ، وحسبنا بهذه الآية من الكفاية على ما في البدع من الشرور .

والرسول صلى الله عليه وآله وسلم مات وقد بلغ الدين ولم يدع شيئا إلا وخبر منه علما فعلم أصحابه الدين والشريعة في كبير أمورهم وصغيرها قال صلى الله عليه وسلم : (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ) رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وأبونعيم وصححاه، والطبراني في الكبير وحسنه المنذري في الترغيب ، وقال أبو ذر رضي الله عنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يحرك جناحيه في السماء إلا وقد ذكر لنا منه علما ) رواه أحمد والطبراني وزاد : ( ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم ) قال الهيثمي في المجمع رجال الطبراني رجال الصحيح غير واحد وهو ثقة . ، وحدث صلى الله عليه وسلم منذ خلق القلم والعرش وكتابة المقادير وخلق الخلائق إلى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار وأحوالهم وأحاديثهم فيها وهذا من نعم الله على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون .

وقد بين صلى الله عليه وسلم معنى البدعة وهي كل ما يؤتى به في الدين مما ليس منه فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح كما في البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : (من أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليس فيه فَهُوَ رَدٌّ ) ، وفي لفظ مسلم : (من عَمِلَ عَمَلًا ليس عليه أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) . فهنا يتبين أن البدعة هي أمر محدث لم يكن على عهد النبي ولم يفعله ولم يأمر به ولم يعلمه أصحابه ولم يفعلوه وقد ثبت في المستدرك وفي سنن ابن ماجة قوله صلى الله عليه وسلم من حديث العرباض بن سارية يقول : (قام فِينَا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ منها الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ فَقِيلَ يا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ فقال عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَسَتَرَوْنَ من بَعْدِي اخْتِلَافًا شَدِيدًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَالْأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ فإن كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) صححه الحاكم ،

ثم إن من خطر البدعة على صاحبها أنه بمثابة من يتهم محمدا صلى الله عليه وسلم أنه لم يتم الدين ولم يبلغه على أكمل وجه كما شرعه الله إذ كيف يزيد في الدين وهو كامل بنص القرآن فهذا والله جرم عظيم وخطر عميم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ومن أخطارها أنها سبب للتفرقة وهي كذلك وسيلة عظمى للكفر والشرك بل هي أخطر كما وضحت الآية السابقة ، ومن شناعتها أنها تهدم الدين وتميت السنن .

وأعلم رحمك الله أن للبدع وانتشارها أسباب منها على سبيل المثال الجهل بالدين فكلما كان الإنسان جاهلا فإنه لا يفرق بين البدعة والسنة فعليه في هذه الحالة أن يطلب العلم وأن يسأل أهل العلم عما يجهل ويتحرى في دينه ماهو مشروع لئلا يأثم من حيث يظن أنه يؤجر ويسيء من حيث يظن أنه يحسن ، ومن أسباب البدع وعملها وانتشارها اتباع الهوى والاستحسان المجرد دونما علم ولا بصيرة فمن طريق الهوى والاستحسان جاءت كثير من البدع ، وقد يكون من أسبابها المبالغة في العبادة والاستزادة فيها ، ودين الله قائم على الدليل فما كان يتعلق بدين الله وعبادته لابد أن يوافق شرطين هامين هما : ( الإخلاص والمتابعة ) أي أن يكون محضا خالصا لله ويكون موافقا لشرع الله بالأدلة من الكتاب والسنة أو أحدهما .

ومن أسباب البدع عدم الإلتزام بالسنة وفعل السنن المأثورة عن الشارع الحكيم فكلما اختفت سنة قامت مكانها بدعة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والعكس كذلك فإحياء السنن والآثار يميت البدع والخرافات .

وقد ساعد في انتشار البدع ما يفعله بعض الجهال في هذه الأزمنة من تبادل رسائل الأنترنت ظانين أنها من فعل الخير فتجدهم يتداولون رسائل أذكار معينة وأدعية مخصوصة ويردفونها بالأماني والأجور الكثيرة والوعود الكاذبة مما لم يأتي في شرع الله أو يتناقلون الأحاديث المكذوبة والمتهالكة جهلا منهم بخطر ذلك وأنه من نشر البدع والخرافات كحديث بدعة المولد ورؤيا أحمد خادم المسجد النبوي وبعض الأذكار والأدعية التي لاتستند إلى دليل صحيح ولا حتى ضعيف ، أو يختلقون كلاما مركبا من باب حب الخير والعاطفة الجهلاء كقولهم سجل دخولك أو حضورك بالتشهد أو بالصلاة على النبي أو بالتسيبح والتكبير ونحو ذلك ، ورغم أن دافعهم حب الخير الذي يشكرون عليه ولكنهم يقعون في دائرة الخطأ كالذين وضعوا وكذبوا على رسول الله ووضعوا أحاديث مكذوبة بسبب عزوف الناس عن ذكر الله وحجتهم في ذلك أنهم يريدون أن يردوا الناس عن انشغالهم عن ذكر الله بالدنيا .

وبما أن البدع بإجماع أهل الملة من الضلالة فإننا نحذر من ينشرها من مغبة تحمل وزرها ووزر من نشرها أو عمل بها إلى يوم القامة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم إذ قال فيما صح عنه عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : (من دَعَا إلى هُدًى كان له من الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ من تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذلك من أُجُورِهِمْ شيئا وَمَنْ دَعَا إلى ضَلَالَةٍ كان عليه من الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ من تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذلك من آثَامِهِمْ شيئا ) .

فأهيب بالجميع أن يحذوا من البدع ويأمروا بالسنة واتباعها فإن فيها الخير الكثير وفيها كمال الدين وزينته وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

كتبه د . نايف بن محمد العتيبي
4/5/1430هـ















التوقيع
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي
رد مع اقتباس