عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 23-Nov-2007, 09:04 PM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ضمير كايف
عضو نشيط
إحصائية العضو





التوقيت


ضمير كايف غير متواجد حالياً

افتراضي

آثار " المليدا " مع تعليق على بعض النقاط....ورواية البارون " نولده " عن المليدا باختصار، والتعليق عليها

فعلاً لقد غيرت " المليدا " تاريخ ووضع منطقة القصيم لثلاثة عشرعاماً قادمة ( 1308- 1322هـ 1891- 1904م حينما استرد الملك عبد العزيزعنيزة وبريدة في بداية الدولة السعودية الثالثة.)
قام محمد العبد الله بن رشيد أمير حائل والشمال بعد انتصاره الكاسح على أهل القصيم بإجراءات تهدف إلى إحكام سيطرته المطلقة منفرداً على المنطقة، بمعنى أن يجعل أهل القصيم ينسون حتى مجرد التفكير بنزعتهم الإستقلالية ويخضعوا له غصباً عنهم.
وقد خلا له الجو عندما علم بعودة عبد الرحمن الفيصل ومن معه إلى الرياض خائفين على أنفسهم من مطاردة جيش بن رشيد لهم في الزلفي، فتفرد ابن رشيد بالقصمان بإجراءات ما بعد الحرب:
أولاً:
قام بمطاردة " حسن بن مهنا" أمير بريدة الذي نجا من القتل في المليدا في حين قتل في المعركة " زامل بن سليم " أميرعنيزة، حاول ابن مهنا دخول بريدة وجمع الناس من جديد ضد ابن رشيد ولكن الناس لم يكونوا في وضع يجعلهم ينتحرون ويضحون بالغالي والنفيس من أجله، فالتجأ إلى عنيزة وذهب إلى الوجيه" عبد الله العبد الرحمن البسام" التاجر المشهور والرجل الذي يحترمه ويقدره محمد بن رشيد ولا يرد له طلباً، فتشفع له فعلاً عند ابن رشيد فوافق على أن يعفيه من القتل ولكن لابد من سجنه هو وأولاده في حائل، وهكذا نقل ابن مهنا وأولاده إلى سجن القصر في حائل حتى مات هناك.
سبق لي أن قلت في حلقة سابقة، بأن الحديث دائماً عن القصيم في الماضي يركز فيه على " عنيزة " و" بريدة " بشكل أساس أكثر من غيرهما باعتبارهما الواجهة في كل الأحداث. وإذاً فبعد قضائه على الزعامة السياسية والعسكرية فيهما قام بإجراءات أخرى.
ثانياً:
كان غاضباً جداً وخاصة على بريدة التي يعتبرها اساس الصراع معه، وحينما بقي في مخيم خارج البلد كان يفكر بالانتقام من أهلها ولكن وفود العلماء والوجهاء التي جاءته من كل من بريدة وعنيزة وغيرهما تسلم عليه وتبايعه نصحوه بالعفو عند المقدرة فعفى عن الناس.
ثالثاً:
بالنسبة لعنيزة فقد عين عليها أميراً من أهلها هو " يحي الصالح اليحي "، أما بريدة فقد عين عليها رجلاً من حائل هو " حسين بن جراد " وأضاف إليه قوة عسكرية من أهل حائل لأنه كان لا يثق بأنصارابن مهنا المختفين في بريدة بعد مغادرته هو شخصياً، فأراد أن يضمن عدم قيام أي محاولة تمرد على حكمه.
رابعاً:
تأكد قبل مغادرته المنطقة بأن تكون حائل مرجع جميع السلطات وهو الذي عين قضاة جدداً في كل بلدات القصيم وأبقى من يراهم مناسبين على وضعهم، وضمن له أهل البلاد والوجهاء بأن تدفع الزكاة إليه في حائل باعتباره ولي الأمر.
وبعد إجراءات أخرى أساسية وفرعية، غادر محمد بن رشيد إلى حائل وترك أناساً من قبله في القصيم ليراقبوا له الأوضاع، وأخذ يستعد عدة أشهر للقضاء على حليف القصمان في الرياض حيث تمكن ابن رشيد من إحكام سيطرته على الرياض وما يليها جنوباً أوائل عام 1309هـ/1892م.

رواية البارون " نولده " المبعوث الروسي عن أحداث " المليدا":
>> سبق لي التعريف بـ: نولده ورحلته في هذا المجلس<<.
1- هنا نرى كيف رأى وفسر معركة المليدا حينما جاء إلى المنطقة أوائل عام 1310هـ 1893م، ( بعد مرور سنة وثمانية شهور فقط على المعركة).
2- يعتبر نولده فيما أعلم أقرب الأشخاص إلى المليدا من حيث الزمن فهو الذي مربميدان المعركة وسجل انطباعاً ومسحاً معلوماتياً لما حصل، وإن كانت لديه أخطاء بناء على ما كان يسمع ممن قابلهم ونظراً لعامل اللغة الخ.
3- جاء مبهوراً ومعجباً بمن يعتبره سيد الجزيرة العربية آنذاك وحاكمها القوي " محمد بن عبد الله بن رشيد " فقد وصل نولده بعد أن تمكن ابن رشيد من إحكام سيطرته على وسط الجزيرة من اقصى الشمال حتى وادي الدواسر جنوباً ومن أطراف الحجاز غرباً إلى أطراف الأحساء ومناطق الخليج شرقاً.
4- كان نولده يتابع تطور دولة ابن رشيد ويسعى لمقابلته بناءً على ترتيب مسبق من الإمبراطورية الروسية.

يبدأ نولده حديثه عن " المليدا " بقوله: " أخيراً في ربيع عام 1891م حدث شيء سيحدد مصير نجد لزمن قادم طويل كما أظهرت الأحداث. لقد تشكل حلف كبير ضد أمير حائل القوي الذي كانت قوته تتزايد باطراد...."
سبق لي في الحلقة الثانية أن تحدثت عن هذا الحلف الثلاثي.
ولكن الملاحظ أن نولده يرى حسب " ما سمع" بأن هذا الحلف تقوده كما يقول نصاً: " عنيزة بزعامة المحارب العجوز الشيخ زامل بن سليم..." وأن بريدة وزعيمها إنضما إليه بعد أن كان ابن مهنا مع ابن رشيد وقد أعطاه ابن رشيد 600 جنيه استرليني حتى يكون معه أو يبقى على الحياد، ولكنه غير موقفه. هكذا يرى نولده!!!، ولكن جهله بالمنطقة والزعامات المحلية إضافة إلى تداخل واختلاط المعلومات لديه وقلة إتقانه للغة العربية، كل هذا جعله يتوصل في تقريره عما شاهده وسمعه إلى ما سبق.
والمعروف الثابت طبعاً غير ذلك، كما سبق توضيحه في الحلقتين الأولى والثانية

ثم يصف زامل رحمه الله بأنه العقل المدبر لهذا التحرك ضد ابن رشيد، وأن لديه صفات قيادية أكثر من غيره، يقول:
" القوة المحركة خلف كل هذه المؤامرة هو زامل. كان زامل رجلاً استثنائياً فبرغم بلوغه ستين عاماً من العمر كان يتمتع بشهرة بطل حرب والرجل الأقوى والأكثر شجاعة في الجزيرة العربية. لقد تم تعيين زامل قائداً على قوات الحلف وفي مقر حكومته تم عقد الإجتماع الأخير لقادة الحلف....."
وهكذا يستمر " نولده " في الحديث عن الخطة على اعتبار أن " زامل بن سليم أمير عنيزة " هو الخصم الأساس لابن رشيد. وهذا كما أشرت وهم كبير من نولده وخلط للأوراق. لأن المعروف أن الحلف الثلاثي المكون من : حسن بن مهنا أمير بريدة و زامل بن سليم أمير عنيزة و عبد الرحمن الفيصل ( والد الملك عبد العزيز) آخرأئمة الدولة السعودية الثانية، كانوا جميعاً متساوين في العداء لابن رشيد ومشتركين في إدارة الحلف، وأن المباشر في دفع عملية الصراع في المليدا منهم هو ابن مهنا أكثر من غيره، وهذه أمور تم التطرق لها سابقاً بتفصيل أكثر.

ولكن ملاحظات نولدة عن زامل مهمة في أنها تؤكد من شخص غربي أجنبي ما هو معروف عن زامل رحمه الله من صفات قيادية وعقل سياسي وشجاعة.

حينما مر " نولده " بميدان المعركة أصيب بصدمة كبيرة وهاله ما رأى، فقد رأى بقايا ونفايات آدمية وحيوانية – وهي الأكثر- متناثرة على امتداد مساحة سهل المليدا الواسع. يقول بأنه كان يشكك في البداية فيما سمع عن الأعداد الكبيرة للمحاربين من كلا الطرفين التي تصل إلى ستين الفاً ثلاثين ألف من كل طرف تقريباً، ولكنه بعد أن رأى الموقع وسمع بيانات متواترة قدر أن هذا العدد قريب من الصحة.

وأود الإشارة هنا إلى أن هذا الرقم كبيرجداً يصعب تصديقه، ولكن لا شك أن العدد كان يفوق أي معركة أخرى ، كما يقول " نولده " إنه بهذا العدد: " دارت حمى معركة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجزيرة العربية حسبما يمكن أن يتذكر اي إنسان...."
ويذكر" نولده " أيضاً أرقاماً خيالية لعدد الإبل التي استخدمت في حرب " المليدا " وخاصة إبل " المسيوقة " التي أحضرها ابن رشيد لتتلقى الضربات الأولى لجيش العدو ولتحدث البلبلة بين أفراده وتفرق صفوفه حينما تهيجها أصوات البنادق وحماسة الرجال الذين يدفعونها من الخلف وأعينها مغطاة بالقماش لا ترى شيئاً وهذا أسلوب معروف في الحروب الكبيرة في الصحراء.
يقدر نولده عددها بعشرين ألفاً موزعة على كافة الإتجاهات بناءً على ما سمعه من عدة مصادر ولما رآه بنفسه كما يقول من عظام كثيرة جداً متناثرة لهذه الحيوانات بشكل يفوق الحصر، وهذا أيضاً من وجهة نظري رقم خيالي بمقاييس تلك الأيام يصعب تصديقه، ولكن لعل قصد نولده أنه أضاف إلى هذا العدد إبل نقل المؤن التي كانت لا تنقطع من حائل ومن الشمال وإبل الركوب ونقل الماء للجيش من الموارد البعيدة الخ حيث كانت سلسلة لا تنقطع من قوافل هذه الإبل ذهاباً وإياباً.
وهذا ما جعل ابن رشيد يتفوق بشكل لا مثيل له على أهل القصيم أولاً في إحداث الفوضى والبلبلة في صفوفهم واستنفاد ذخيرتهم في رمي الإبل، حيث وجدهم فرسان شمرالذين نزلوا إلى الميدان أثناء هذه الفوضى لقمة سائغة، وأيضاً تفوق على القصمان في تنظيم عملية تموين جيشه الكبير بالإمدادات والمياه المتواصلة، في حين أن أهل القصيم لم يأخذوا ذلك في الحسبان اعتماداً على أنهم في مناطقهم وبين أهليهم وذويهم ولم يتصوروا أن يبقوا بعد معركة القرعا طويلاً.
حتى أنه تروى في ذلك حكاية طريفة وهي مضحكة مبكية:
يقال بأن حسن بن مهنا أرسل إلى زوجته في بريده رسولاً يطلب منها ومن أهله معونة من طعام أوغيره بعد أن طال انتظارجيش القصيم في القرعا وما حولها، فبعثت إليه بستة ريالات لا غير!!!! وقالت للرجل إنه ليس لديها شيء آخر وعليهم أن يتدبروا أمورهم، وقد تردد الرسول في أن يرجع بهذه الستة ريالات فقط قائلاً بسخرية ومرارة: ستة أريل بس....ستة اريل بس.....ستة أريل بس.........


ضمير















رد مع اقتباس