عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 30-Apr-2007, 12:13 PM رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
ابوصقر
عضو
إحصائية العضو





التوقيت


ابوصقر غير متواجد حالياً

افتراضي إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم


إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه


قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {6} سورة الحجرات.

فيه سبع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ } قيل : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط وسبب ذلك ما رواه سعيد عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة مصدقا إلى بني المصطلق، فلما أبصروه أقبلوا نحوه، فهابهم في رواية : لإحنة كانت بينه وبينهم، فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام، فبعث نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يتثبت ولا يعجل، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه فلما جاءوا أخبروا خالداً أنهم متمسكون بالإسلام وسمعوا أذانهم وصلاتهم،وفلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه، فعاد إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت هذه الآية، فكان يقول نبي الله صلى الله عليه وسلم : (( التأني من الله والعجلة من الشيطان )) وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى بني المصطلق بعد إسلامهم فلما سمعوا به ركبوا إليه، فلما سمع بهم خافهم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن القوم قد هموا بقتله ومنعوا صدقاتهم، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزوهم، فبينما هم كذلك إذ قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فاستمر راجعاً وبلغنا أنه يزعم لرسول الله أنا خرجنا لنقاتله، والله ما خرجنا لذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية وسمي الوليد فاسقاً أي كاذباً قال ابن زيد و مقاتل و سهل بن عبد الله : الفاسق الكذاب، وقال أبو الحسن الوراق : هو المعلن بالنب، وقال ابن طاهر : الذي لا يستحي من الله، وقرأ حمزة و الكسائي { فَتَبَيَّنُوا } من التثبت الباقون : { فَتَبَيَّنُوا } من التبيين { أَن تُصِيبُوا } أي لئلا تصيبوا { أَن } في محل نصب بإسقاط الخافض { قَوْماً بِجَهَالَةٍ } أي بخطأ { فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } على العجلة وترك التأني.
الثانية : في هذه الآية دليل على قبول خبر الواحد إذا كان عدلاً، لأنه إنما أمر فيها بالتثبت عند نقل خبر الفاسق، ومن ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعاً، لأن الخبر أمانة، والفسق قرينة يبطلها، وقد استثنى الإجماع من جملة ذلك ما يتعلق بالدعوى والجحود وإثبات حق مقصود على الغي،ر مثل أن يقول : هذا عبدي فإنه يقبل قوله وإذا قال : قد أنفذ فلان هذا لك هدي فإنه يقبل ذلك وكذلك يقبل في مثله خبر الكافر وكذلك إذا أقر لغيره بحق على نفسه فلا يبطل إجماعاً، وأما في الإنشاء على غيره، فقال الشافعي وغيره لا يكون ولياً في النكاح، وقال أبو حنيفة و مالك : يكون ولياً لأنه يلي ما لها، فيلي بضعها كالعدل وهو إن كان فاسقاً في دينه، إلا أن غيرته موفرة وبها يحمي الحريم وقد يبذل المال ويصون الحرمة، وإذا ولي المال فالنكاح أولى.
الثالثة : قال ابن العربي : ومن العجب أن يجوز الشافعي ونظراؤه إمامة الفاسق ومن لا يؤتمن على حبة مال، كيف يصح أن يؤتمن على قنطار دين، وهذا إنما كان أصله أن الولاة الذين كانوا يصلون بالناس لما فسدت أديانهم ولم يمكن ترك الصلاة وراءهم ولا استطيعت إزالتهم صلي معهم وراءهم كما قال عثمان : الصلاة أحسن ما يفعل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم، ثم كان من الناس من إذا صلى معهم تقية أعادوا الصلاة لله، ومنهم من كان يجعلها صلاته، وبوجوب الإعادة أقول فلا ينبغي لأحد أن يترك الصلاة مع من لا يرضى من الأئمة، ولكن يعيد سراً في نفسه ولا يؤثر ذلك عند غيره.
الرابعة : وأما أحكامه إن كان والياً فينفذ منها ما وافق الحق ويرد ما خالفه ولا ينقض حكمه الذي أمضاه بحال ولا تلتفتوا إلى غير هذا القول من رواية تؤثر أو قول يحكى فإن الكلام كثير والحق ظاهر.
الخامسة : لا خلاف في أنه يصح أن يكون رسولاً عن غيره في قول يبلغه أو شيء يوصله أو إذن يعلمه إذا لم يخرج عن حق المرسل والمبلغ فإن تعلق به حق لغيرهما لم يقبل قوله، وهذا جائز للضرورة الداعية إليه، فإنه لو لم يتصرف بين الخلق في هذه المعاني إلا العدول لم يحصل منها شيء لعدمهم في ذلك والله أعلم.
السادسة : وفي الآية دليل على فساد قول من قال : إن المسلمين كلهم عدول حتى تثبت الجرحة، لأن الله تعالى أمر بالتثبيت قبل القبول، ولا معنى للتثبت بعد إنفاذ الحكم، فإن حكم الحاكم قبل التثبت فقد أصاب المحكوم عليه بجهالة.
السابعة : فإن قضى بما يغلب على الظن لم يكن ذلك عملاً بجهالة كالقضاء بالشاهدين العدلين وقبول قول العالم المجتهد، وإنما العمل بالجهالة قبول قول من لا يحصل غلبة الظن بقبوله ذكر هذه المسألة القشيري والذي قبلها المهدوي. من كتاب القرطبي رحمه الله.

وفي كتاب فتح القدير للشوكاني في قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {6} سورة الحجرات.
قرأ الجمهور { فَتَبَيَّنُوا } من التبين وقرأ حمزة والكسائي { فَتَبَيَّنُوا } من التثبت والمراد من التبين التعرف والتفحص ومن التثبت الأناة وعدم العجلة والتبصر في الأمر الواقع والخبر الوارد حتى يتضح ويظهر قال المفسرون : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط كما هو ثابت عند جمهور العلماء، وقوله : { أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ } مفعول له : أي كراهة أن تصيبوا أو لئلا تصيبوا أو لئلا تصيبوا لأن الخطأ ممن لم يتبين الأمر ولم يثبت فيه هو الغالب وهو جهالة لأنه لم يصدر عن علم والمعنى : ملتبسين بجهالة بحالهم { فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ } بهم من إصابتهم بالخطأ { نَادِمِينَ } على ذلك مغتمين له مهتمين به.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين















رد مع اقتباس