(مقــتل ابي ازيهر الدوسي الزهراني ) (1)
كان ابو ازيهر الدوسي حليفا لابي سفيان ابن حرب الاموي القرشي واخـوال ابي سفيان من زهران (2) .
وقد زوج ابو ازيهر ابنته عاتكه لأبي سفــيان وزوج زينب بنت ابي ازيهر لعتبة بن ربيعة وزوج الاخرى للوليد بن المغيرة ثم امسكها عنه والسبب انه لما دخلت عليه قال لها الوليد :
انا اشرف ام ابوك فقالت بل ابي اشرف لان ابي سيد اهل السراه والعرب تصدر عن رايه وانت سيد بني ابيك وفيهم من ينازعك الشرف فرفع يده فلطمها .
فهربت الى ابيها ولم يدخل بها فحلف ابوها الايردها وامسك المهر
ولما حضر الموت الوليد اوصى بنيه الثلاثه خالد وهشام والوليد فقال لهم : اي بني اوصيكم بثلاث دمي في خزاعه فلا تطلوه ، ورباي في ثقيف فلا تدعوه حتى تاخذوه ، وعقري (اي المهر) عند ابي ازيهر فلا يفوتنكم به 0
وعندما نزل ابي ازيهر على ابي سفيان اتاه بنو الوليد وكان في سوق ذي المجاز فسالوه المهر فقال : اما وانتم تحت ظلال السيوف فلا ، فضربه هشام ابن الوليد فقتله0
وكان مقتله بعد هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام فدعا حسان ابن ثابت فقال له قل في مقتل ابي ازيهر شعرا تحرض به على قريش فانشد حسان رضي الله عنه يحرض في دم ابو ازيهر ويعير ابا سفيان فقال :
غدا اهل ضوجي ذي المجاز بسحرةِ = وجار ابن حربٍ والمُغـــمّس مايغدُ
كســـــاك هشــــــــام ابن الوليد ثيابه = فابل واخلق مثــــــــــــلها جددا بعد
قضى وطرا منه فاصبـــــــــح ماجدا = واصبحت رخوا ما تخب وما تعدو
فلو ان اشياخا ببدر شهـــــــــــــــوده = لبل نحـــــــــــور القوم معتبط ورد
فلما بلغ هذا القول يزيد بن ابي سفيان خرج وجمع بني عبد مناف واراد بني مخزوم ولكن ابا سفيان اســرع اليه ونزع اللــواء من يده وقــال : قبحــك الله أتريد أن تضرب قريشا بعضها ببعض في رجل من الازد سنؤتيهم الـدية ان قبلوها وان حسانا يريد ان يضرب بعضنا ببعض وخلفنا عدو شامت ( يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفي قوله : لعمري ما بدوس عجز عن طلب ثأرهم ..(3)
فارسل مائتي ناقه الى قوم ابي ازيهر فاخذ قوم ابي ازيهر الديه ثم شدت عليهم قبائل العطاريف والنمر ودوس ( والجميع يرجع في زهران ) فقتلوا منهم كثير ونجا منهم من نجا ومنهم ضرار ابن الخطاب الذي ارسله ابو سفيان بالديه فاستجار بامراة من دوس فاجارته فتركوه لها وانصرفوا وقال ضرار في ذلك يمدح ام غيلان التي استجار بها :
جزى اللــه عنا أم غيــلان صــالحا = ونســوتها اذ هن شعث عــواطل
فهـن دفعن المـوت بـعد اقــتــــرابه = وقــد برزت للثــائرين المــقاتـــل (4)
وحينها علم حسان بن ثابت بذلك فانشد اخرى يحرض دوسا على قريش وقال :
يادوس ان ابا ازيهر اصبحت = اصداؤه رهن المضيح فاقدحي
حربا يشيب لها الولـــيد فانما = يأتي الدنيــــــــة كل عبد نحنح
الى أن قــال :
ان تقتــــــــــلوا مائة به فدنية = بابي ازيهر من رجال الابطح
فهيج هذا القول دوسا وتنادوا للاخذ بالثار فقتلوا من قريش مقتلة وقال شاعرهم الدوسي :
الا ابلغا حسان اعني ابن ثابت = بانا ثأرنا من قتيل المضيح
ثلاثين من ابناء فهر ابن مالك = وعشرون الا واحدا لم يتيح
تركنا سراة الحي تيما وعامرا = وسهما ومخزوما كشاء مذبح
ولابد من اخرى على ابطحيهم = تقر بها عين الشجي المدبح
تنسي هشام بن الوليد ورهطه = سخينة بيع الاتحمي المسيح
ثم وضعوا على قريش خرجا لما طلبوا الصلح وقد قال سراقة الاكبر في ذلك(5) :
لقد علمت بنو اسد بأنا = تقحمنا المشاعر معلمينـــــا
تركنا تسعة للطير منهم = بمكة والسباع مطرحيــــنا
فلما ان قضينا الدين قالوا = نريد السلم قلنا قد رضينا
لنا في العير دينارا مسمى = به حـــــز الحلاقم يتقونا
ولولا ذاك ما جالت قريش = شمالا في البلاد ولا يمينا
فلم يزل ذلك عليهم يؤدونه الى الازد كل عام حتى بعد فتح مكة حيث طرحه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما طرح من سنن الجاهلية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1): عنــد الجاسر ص 275 وابن ســدران ص164 في التبيان وايضا كتاب العنوان في أنساب زهران .
(2) : زهران أخوال واجداد قصي بن كلاب احد اجداد الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا كما هم أخوال ابي سفيان .
(3) : نسب معد واليمن ص504
(4) : في سراة غامد وزهران للجاسر صــ276 ، صــ277 والتبيان لابن سدران صـ167 ، صـ168
(5) : نفس المرجع السابق ..