عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 21-Nov-2012, 12:11 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
خلف القثامي
عضو مميــز
عضو مميز 
إحصائية العضو






التوقيت


خلف القثامي غير متواجد حالياً

Thumbs up ماذا عن المناطقية يا د. إياد مدني؟

في مقالة مفاجئة، راح وزير الإعلام السابق د. إياد مدني يحلل ويناقش ظاهرة القبيلة والبداوة في المجتمع السعودي في مقالة أسماها (مفهوم القبيلة فكرة رومانسية عن الصحراء أم امتداد مؤثر؟) مستخدماً في ذلك أدوات ومصطلحات ذكرتني بمصطلحات الماركسيين الاقتصادية، من مثل (مجتمع المشاعية البدائية) و(تطور الإنتاج) إلخ. ولا بد من الوقوف مع هذه المقالة عند عدد من المسائل.
إنني أوافق د. مدني أن العيش في الصحراء وفي بيت الشَّعر لا يتفق مع الدولة الحديثة بل يتعارض معها، لكن لا أحد يعيش في الصحراء اليوم، إذن فالكلام عن البدو الذين تحضروا ولم يتحضروا.
نحن أبناء القبائل التي تحدث عنها د. مدني جئنا للمدينة وتركنا العيش في الصحراء بحثاً عن حياة جديدة ونمط مختلف للعيش وودّعنا حياة الأجداد. فعلنا هذا بروح يحدوها الأمل، لكننا فوجئنا وعانينا من التعصب الشديد ضدنا، وشعر بعضنا بعدم المساواة فيما يتعلق بالفرص الوظيفية والمشاركة في التنمية التي وصفنا الدكتور بأننا أعداء لها، ولم يجد بعضنا إلا وظيفة السائق والعسكري التي لا نعشقهما كما يتصور الدكتور، لكننا لم نجد فرصة للبقاء والعيش والإنفاق على الأولاد إلا من خلالهما. أما الوظائف المريحة ذات المرتبات العالية وفرص الحياة الكريمة، فقد وجدنا أنه تم احتكارها من قبل شرائح من نسيج المجتمع السعودي يعرفها الدكتور جيداً. وهذه الشرائح مازالت منذ عقود تقرّب أبناءها وتجهزّهم لهذه المناصب وتتعامل مع الفرص الوظيفية في الدولة بمنطق الوراثة لا بمنطق الكفاءة والخبرة وعمر الخدمة.
إنه نفسه منطق القبيلة الذي فررت منه يا دكتور إياد، هو الذي يحكمنا. فالمناطقية = القبلية، سواء بسواء إذ لا فرق عمليا بينهما. فكيف تطالب السائقين والعسكر البسطاء بالتخلص من التفكير العنصري ونحن نرى بعض الذين يتصفون بالثقافة والتقدمية يعيّنون أبناءهم وأقرباءهم وأبناء قبائلهم (فكل البشر ينتمون لقبائل ما في هذا العالم، إذ لا أحد بلا قبيلة). وربما أن هذا كان مقبولا في الماضي لقلة المتعلمين في ذلك الوقت. إلا أن الواقع المعيش اليوم يقول إن البعض من أبناء القبيلة مازال يعاني من إقصاء المدنية له وعدائها الذي لا يفهمه، على الرغم من أنه ودود وكريم مع الآخر لأبعد مدى بشهادة الدكتور. فمصالحه قد تتعطل بسبب اسم القبيلة، والملف العلاقي الذي قدّمه ليحصل على تلك الوظيفة قد وضعه الموظف في الدرج ونسيه. إنها روح الثأر جاءت تلاحقه في جنة المدنية بعد أن ظن أنه تركها في جحيم الصحراء. لكنه وهو يطارد معاملة توظيفه فيجد الأبواب تغلق في وجهه، فوجئ بيد حنون تربت على كتفه فالتفت فوجدها قبيلته -ممثلة في أحد أبنائها- وراحت ترشده كيف يمكنه أن ينجو ويبقى ويعيش في مجتمع جديد عليه. هل تعتقد يا دكتور إياد أنه في ظل الفقر والعوز والإقصاء، سيتخلى عن هذه المرأة الجميلة التي تعشقه هذا العشق الجنوني، وتحب التراب الذي يمشي عليه، وأنت لم تعطه أي شيء يشعره بالاطمئنان والعدالة والمساواة؟!
إني أعتقد جازماً أن ابن القبيلة قد وجه وجهه لله وسار صوب المدينة بنية صافية للعمل والمشاركة في التنمية، ولذلك نجح نجاحاً منقطع النظير في المجتمعات التي كانت تخلو من عقد بعضنا النفسية، كمجتمع شركة أرامكو في المنطقة الشرقية، فهناك تجاوز ابن القبيلة الكثير من عيوب البداوة، وأصبح مواطنا مدنيا بكل ما تعنيه الكلمة عندما شعر بالراحة النابعة من الشعور بالمساواة عند النصارى الذين كانوا يديرون أرامكو. إذاً المشكلة ليست فيه.
القبيلة لم تكن قط معيقاً عن التنمية، ولذلك كان الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- يرسل أولئك الأبطال الذين حرروا شعوب العالم من طغاة العالم، فيجعل كل قبيلة في لواء لوحدها، ولم يذكر أنهم أعاقوا التنمية أو خالفوا القائد الأعلى سعد بن أبي وقاص أو خالد بن الوليد في تلك الفتوحات. هذا استشهاد تاريخي. وتجربة أرامكو شاهد معاصر فاختر أيهما شئت.
لا يمكن أن يعترض عاقل على هيكلة المجتمع الذي يقوم على العدالة والمساواة والتنمية والأخوة الإسلامية التي ترمي بالعنصريات والقوميات في عرض البحر. لكن القضية ليست شعارات وإنما وقائع ملموسة مشهودة محسوسة تمشي على الأرض. وأصدقك القول إننا لم نَرَكُم صنعتم شيئاً حسناً يجمع القلوب ويعزز روح المواطنة بحيث نرى فيه المساواة والعدل، حتى نقبل منكم أحلام المترفين هذه التي لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالواقع.



http://www.alsharq.net.sa/2012/11/21/590313















رد مع اقتباس