عرض مشاركة واحدة
غير مقروء 16-Aug-2005, 03:28 AM رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
النافذ
عضو مهم

الصورة الرمزية النافذ

إحصائية العضو





التوقيت


النافذ غير متواجد حالياً

Lightbulb

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النافذ
مجموع فتاوى ومقالات_الجزء السابع

جهاد حاكم العراق واجب على الدول الإسلامية لإنقاذ إخوانهم من الظلم
الحمد لله الذي أمر بالجهاد في سبيله ، ووعد عليه الأجر العظيم والنصر المبين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه الكريم : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخليله أفضل المجاهدين وأصدق المناضلين وأنصح العباد أجمعين صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الكرام الذين باعوا أنفسهم لله وجاهدوا في سبيله حتى أظهر الله بهم الدين ، وأعز بهم المؤمنين ، وأذل بهم الكافرين رضي الله عنهم وكرم مثواهم وجعلنا من أتباعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أما بعد : فإن الجهاد في سبيل الله من أفضل القربات ، ومن أعظم الطاعات ، بل هو أفضل ما تقرب به المتقربون وتنافس فيه المتنافسون بعد الفرائض ، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من نصر المؤمنين وإعلاء كلمة الدين ، وقمع الكافرين والمنافقين ، وتسهيل انتشار الدعوة الإسلامية بين العالمين ، وإخراج العباد من الظلمات إلى النور ، ونشر محاسن الإسلام وأحكامه العادلة بين الخلق أجمعين ، وغير ذلك من المصالح الكثيرة والعواقب الحميدة للمسلمين ، وقد ورد في فضله وفضل المجاهدين من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ما يحفز الهمم العالية ، ويحرك كوامن النفوس إلى المشاركة في هذا السبيل ، والصدق في جهاد أعداء رب العالمين ، وهو فرض كفاية على المسلمين إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ، وقد يكون في بعض الأحيان من الفرائض العينية التي لا يجوز للمسلم التخلف عنها إلا بعذر شرعي كما لو استنفره الإمام ، أو حصر بلده العدو ، أو كان حاضرا بين الصفين .

والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة معلومة ، ومما ورد في فضل الجهاد والمجاهدين من الكتاب المبين قوله تعالى : انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ

نشرت في جريدة الدعوة العدد 1277 في 16/7 سنة 1411 هـ
--------------------------------------------------------------------------------فيا معشر المسلمين من العرب وغيرهم في كل مكان ، بادروا إلى قتال أعداء الله من اليهود ، وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ، بادروا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين والمجاهدين الصابرين وأخلصوا النية لله واصبروا وصابروا واتقوا الله عز وجل تفوزوا بالنصر المؤزر أو شرف الشهادة في سبيل الحق ودحر الباطل وتذكروا دائما ما أنزله ربكم سبحانه في كتابه المبين في فضل المجاهدين ، وما وعدهم الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى : انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وقال تعالى : أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ

أيها المجاهدون لقد بين الله سبحانه في هذه الآيات فضل الجهاد وعاقبته الحميدة للمؤمنين وأنها النصر والفتح القريب في الدنيا مع الجنة والرضوان من الله سبحانه والمنازل العالية في الآخرة ، ودلت الآية الثانية وهي قوله تعالى : انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا على وجوب النفير للجهاد على الشبان والشيوخ إذا دعا الواجب لذلك لإعلاء كلمة الله وحماية أوطان المسلمين وصد العدوان عنهم ، مع ما يحصل بالجهاد للمسلمين من العزة والكرامة والخير العظيم والأجور الجزيلة وإعلاء كلمة الحق وحفظ كيان الأمة والحفاظ على دينها وأمنها ، وأخبر سبحانه في الآية الثالثة والرابعة أن الجهاد في سبيله أفضل من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام بالصلاة والطواف ونحو ذلك ، وأن أهله أعظم درجة عند الله وأنهم الفائزون ، كما أخبر سبحانه أنه يبشرهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم ، وأخبر في الآية الخامسة أنه مع المتقين ، والمعنى : بنصره وتأييده وحفظه وكلاءته لهم .

وقد ورد في القرآن الكريم من الآيات الكريمات في فضل الجهاد والحث عليه والوعد بالنصر للمؤمنين والدمار على الكافرين ، سوى ما تقدم ما يملأ قلب المؤمن نشاطا وقوة ورغبة صادقة في النزول إلى ساحة الجهاد والاستبسال في نصرة الحق ثقة بوعد الله وإيمانا بنصره ورجاء للفوز بإحدى الحسنيين ، وهما : النصر والمغنم ، أو الشهادة في سبيل الحق ، كما قال الله عز وجل : قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ وقال عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وقال عز وجل : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ وقال سبحانه وتعالى : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ إلى أن قال سبحانه : إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ففي هذه الآيات التصريح من الله عز وجل بوعد عباده النصر على أعدائهم والسلامة من كيدهم مهما كانت قوتهم وكثرتهم .

لأنه عز وجل أقوى من كل قوي وأعلم بعواقب الأمور وهو عليهم قدير وبكل أعمالهم محيط ، ولكنه عز وجل شرط لهذا الوعد شرطا عظيما وهو الإيمان به وتقواه ونصر دينه والاستقامة عليه مع الصبر والمصابرة ، فمن قام بهذا الشرط أوفى لهم الوعد وهو الصادق في وعده : وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ومن قصر في ذلك أو لم يرفع به رأسا فلا يلومن إلا نفسه.

وينبغي لك أيها المؤمن المجاهد أن تتدبر كثيرا قوله عز وجل : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إنها والله كلمة عظيمة ووعد صادق من ملك قادر جليل ، إذا صبرت على مقاتلة عدوك وجهاده ومنازلته مع قيامك بتقوى الله عز وجل وهي : تعظيمه سبحانه والإخلاص له وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والحذر مما نهى الله عنه ورسوله ، هذه حقيقة التقوى والصبر على جهاد النفس لأن الله سبحانه قد أمر بذلك ورسوله ،
ونص سبحانه على الصبر وإفراده بالذكر لعظم شأنه وشدة الحاجة إليه ، وقد ذكره الله في كتابه الكريم في مواضع كثيرة جدا ، منها : قوله جل وعلا : وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وقوله سبحانه : إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وقوله سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء هو خيرا وأوسع من الصبر فاتقوا الله معاشر المسلمين والمجاهدين في ميادين الحرب وفي كل مكان ، واصبروا وصابروا في جهاد النفس على طاعة الله وكفها عن محارم الله ، وفي جهادها على قتال الأعداء ومنازلة الأقران وتحمل المشاق في تلك الميادين المهولة تحت أزيز الطائرات وأصوات المدافع ، وتذكروا أسلافكم الصالحين من الأنبياء والمرسلين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين ومن تبعهم من المجاهدين الصادقين فلكم فيهم أسوة وفيهم لكم عظة وعبرة ، فقد صبروا كثيرا وجاهدوا طويلا ففتح الله بهم البلاد وهدى بهم العباد ، ومكن لهم في الأرض ، ومنحهم السيادة والقيادة بإيمانهم العظيم وإخلاصهم لمولاهم الجليل وصبرهم في مواطن اللقاء وإيثارهم الله والدار الآخرة على الدنيا وزهرتها ومتاعها الزائل ، كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وقال جل شأنه : وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في
الجنة خير من الدنيا وما عليها والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله وبرسوله قيل ثم أي يا رسول الله؟ قال الجهاد في سبيل الله وقال صلى الله عليه وسلم : مثل المجاهد في سبيل الله- والله أعلم بمن يجاهد في سبيله- كمثل الصائم القائم وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة

وقال صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات علىشعبة من النفاق وسأله صلى الله عليه وسلم رجل عن عمل يعدل فضل الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم فلا تفطر وتقوم فلا تفتر فقال السائل ومن يستطيع ذلك يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنك لو طوقت ذلك لم تبلغ فضل المجاهدين الحديث .







"حكم جهاد حاكم العراق لإنقاذ إخوانهم من الظلم "، موقع سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله
الاخ خالد العصيمي
الهوان.. صور متكررة

لا توجد ظاهرة تصم الآذان وتصدع القلوب مثل هذه الظاهرة الفريدة، والتي يراها ويشعر بها العدو قبل الصديق، قد تكون أمتنا قد مرت بمراحل شبيهة من الذل والهوان في أوقات متفرقة من التاريخ، ولكن مرحلة الهوان والذل التي نمر بها في عصرنا لها مميزاتها الفريدة.

ومما ساعد على هذا التميز - في الذل - أن عصرنا هو عصر الانفتاح الإعلامي بسبب تقدم وسائل الاتصال، وهو ما أعطى أصداء واسعة لفضائح الذل والهوان التي دوّت في أرجاء المعمورة، فبمجرد حدوث اللطمة التي تُوجّه لبلد من بلاد المسلمين في الشرق تجد صداها في الغرب.

فمن مميزات مرحلة الهوان المعاصرة أن تدنيس مقدسات الأمة لا يهتز له قلب أحد من زعمائها وقادتها إلا القليل، كأن الصمم أصابهم، والمقدسات ليست لهم، والمثير للغيظ أنهم يستنكرون حادثة في بلد غربي ويرسلون العزاء ويعلنون الأسى، ويظهرون الغضب والاستنكار! المصيبة العظمى - إضافة إلى ما هو مشهور من حوادث التدنيس - أن توجه الإهانات لمقدساتنا أيضاً في بلادنا دون أن يتحرك أحد لمنعها، فهذا مثلاً قاموس للغة الإنجليزية اسمه (قاموس للشيطان للتعريفات الساخرة والهزلية) به تعريف بالقرآن الكريم يقول: (القرآن هو كتاب يؤمن به وبحماقة أتباع "محمد" على أنه من كتب الوحي الإلهي، ولكن المسيحيين يعرفون أن القرآن مجرد ادعاء شرير وخبيث يتعارض مع الكتب المقدسة) (ص 35)، وهذا القاموس موجود في بعض مكتبات المدارس بمصر (جريدة الأخبار).

ومن مميزات مرحلة الهوان المعاصرة أن الأعداء ما عادوا يخفون نياتهم العدائية، فخططهم منشورة ومعلنة، فهذه الدولة سوف يعاد رسم خريطتها، وتلك سيعاد توزيع ثرواتها وتقسيم أراضيها، وتلك لا بد أن تنزع من أرضها دولة للنصارى، كما حدث في إندونيسيا، وينشرون خططهم المعدة منذ سنوات لمستقبل للشرق الأوسط، وعلى مسمع ومرأى من المسلمين، كنوع من الاستهانة والاستخفاف؛ لأنهم اطمأنوا إلى أن المسلمين لن يحركوا ساكناً، بل إنهم اطمأنوا إلى أن زعامات المسلمين لن يخالفوا أوامرهم، فصاروا يتخذون القرارات بدلاً منهم، فقد ذكرت مصادر أمريكية أن (وزيرة الخارجية) رايس وعدت شارون بأن تقدم 10 دول عربية على الاعتراف بإسرائيل في المدة القادمة (مفكرة الإسلام 5-2-2005م).

ومن مميزات مرحلة الهوان والذل المعاصرة؛ أن يطاع أعداء الأمة الإسلامية قبل أن يأمروا، وأن تنفذ طلباتهم قبل أن يطلبوا، وأن تقدم القرابين لهم قبل موعدها، كما سارع زعيم بتسليم أجهزة منظومته النووية كاملة سليمة وأوصلها مجاناً لأعدائه السابقين، مما أذهلهم وأثار اندهاشهم، حتى إنهم وضعوها في معرض (للفرجة)، وكانت ليبيا قد أرسلت آخر شحنة معدات ذات صلة بمشروعها النووي السابق وأيضاً ممتلكاتها الصاروخية ذات المدى البعيد، على متن سفينة بلغت حمولتها 500 طن إلى الولايات المتحدة وفي مكان تسليم مجهول (رويترز 7-3-2004م)، يحدث هذا الخنوع في الوقت الذي تهيل وسائل إعلامهم الإهانات لهذا الزعيم حتى درجة السباب، فقد نشرت مجلة نيوزويك الأمريكة مقالاً في عدد 21/1/2003م بعنوان عريض على صفحتين (ضرب الدجاجة يخيف الكلب) ويقصد المقال بالدجاجة هذا الزعيم، وبالكلب إيران وسوريا.

ومن مميزات مرحلة الهوان المعاصرة أن تكون بلاد المسلمين مسرحاً مفتوحاً للتنصير وإنشاء المدارس الأجنبية ذات الأهداف التغريبية، ووصل الهوان إلى درجة أن البابا الهالك كان يجول في أنحاء العالم الإسلامي ذهاباً وإياباً يدعو إلى ملته، ومع ذلك كان يُستقبل في بعض بلاد المسلمين استقبالاً شعبياً ورسمياً لم يحدث من قبل لأمثاله السابقين، وبلغ الاستخفاف بنا إلى درجة أن يبقى أشهر زعيم للمنصرين في العالم الإسلامي وهو القس زويمر في دولة مسلمة يمارس أعماله التنصيرية لمدة 30 عاماً.

ومن عجائب مرحلة الهوان المعاصرة أن عدد اللاجئين المسلمين في العالم أكثر من تسعة ملايين لاجئ، يمثلون نسبة 73 % من لاجئي العالم، مع أن نسبة المسلمين20 % من سكان العالم، وهذا يعني أن نسبة اللاجئين في المسلمين هي 35%.

ومن مميزات الذل والهوان المعاصر أن يتدخل أعداؤنا في ديننا، ومناهج تعليمنا، ويفرضون علينا ما يتعلمه أبناؤنا وما لا يتعلمونه، ووصل الأمر إلى تدخلهم في تحديد عدد المسلمين، حيث يأتي الخبراء مثلاً في مصر لمتابعة العمل في وحدات تنظيم الأسرة في القرى والأرياف بأنفسهم (انظر على سبيل المثال: (هاجر) ملحق المختار الإسلامي)، ووصل التدخل إلى مرحلة العبث بالأعراض وفرض رؤاهم فيها علينا، حيث مارسوا ضغطاً كبيراً صريحاً لتحريم ختان الإناث وتجريمه في مصر، ويراقبون مدى تنفيذ قراراتهم بشأنه (انظر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في مصر عام 2003م).

ومن مميزات مرحلة الذل المعاصرة أن الأمة صارت تهان من أتفه الناس في الغرب إلى ممثليهم ومثقفيهم حتى رجال الدين والسياسة، فهذا المغني الأمريكي الممسوخ يعلن أنه لو كان يعلم أن العرب سيستمعون إليه لاعتزل الغناء، وما أشهر سخرية قساوسة التيار الإنجيلي الأمريكي من الإسلام ومقدساته، وما أكثر الإهانات الموجهة التي لا تراعى فيها علاقة سياسية أو مصالح اقتصادية مع المسلمين، ومن ذلك تصريحات بيرلسكوني الإيطالي بأن المسلمين غير متحضرين، وفي دورة برشلونة التي شارك فيها عدد من الدول الإسلامية ذات العلاقات الوثيقة بإسبانيا؛ لم تتحاش الإدارة الإسبانية إبراز إحياء ذكرى مرور 500 عام على طرد المسلمين من الأندلس والقضاء عليهم في احتفالات الدورة الرياضية، وعلى الرغم من ذلك لم يستنكر أو يعترض أحد من الدول الإسلامية المشاركة على سمعوا ورأوا.

ومن مميزات الذل المعاصر أن أعداءنا يتفننون في تصوير إهانتنا ومذلتنا ليراها العالم، فمثلاً يصورون حروبهم وقتلهم لتوزيعها على وسائل الإعلام، فهذه لقطات لطائرة تتعقب أفراداً عزلاً -كما هو واضح في شريط الفيديو- في أفغانستان – بزعم أنهم من طالبان - وتفجرهم واحداً بعد آخر وهم يعدون فراراً هنا وهناك حتى أتت على أخرهم، وتلك لقطات تنشر لزعيم مخلوع وهو في سجنه يغسل ملابسه الداخلية، وليست هذه اللقطات إلا جزءاً من منظومة متكاملة متعمدة لتشويه صورة الأمة وإذلالها أمام العالم على كثير من المستويات الإعلامية من كتب وصحف وقنوات فضائية وسينما.

ومن مصائب مرحلة الهوان ألا يكون لأسرى المسلمين وزن ولا قيمة، ولا يجدون معيناً ولا مدافعاً، ففي حين يستفرغ اليهود جهدهم في المطالبة بعودة رفات موتاهم لتدفن في إسرائيل؛ لا تجد اهتماماً في بلاد المسلمين بالأحياء الأسرى الذين يسامون سوء العذاب، ويفتنون في دينهم، ولا يعاملون حتى وفق المعاهدات أو القوانين الدولية، بل قد تسلمهم بعض الدول للكفار لينالوا منهم ويفعلوا بهم ما يشاءون، ومما لا يعلمه كثير من المسلمين أن سجون اليهود مليئة بالمسلمات الأسيرات، فقد أكدت المندوبية الدائمة لدولة فلسطين بجامعة الدول العربية أن العدو الصهيوني اعتقل قرابة عشرة آلاف امرأة فلسطينية منذ عام 1967م، وقد شمل الاعتقال فتيات دون السن القانونية وأمهات، حتى إن بعضهن قد جاءهن المخاض وهن مكبلات الأيدي والأرجل، كما أوضحت الإحصائيات أنه أُسر أكثر من 300 امرأة منذ بدء الانتفاضة منهن 108 أسيرات ما زلن رهن الاعتقال (آفاق عربية 3-2-2005م).

ومن أعجب صور المهانة والذلة المعاصرة أنها صور متكررة، ومشاهد متوقعة في كل قضية، وحدوثها مرة كحدوثها ألف مرة، لا يحرك في قيادات الشعوب الإسلامية ساكناً، ولا يبعث فيهم نية رد أو مجرد استنكار، لذا ترى صور الذل يسبق بعضها بعضاً حتى يكاد المرء لا يفيق من وقع إهانة حتى تصدمه أخرى. ولم تعد هناك مراعاة أو خوف لدى الغرب من تأثير تلك المهانات على علاقة المسلمين بالدول الغربية التي تصدر عنها تلك المهانات، وتذل المسلمين وتقتل فيهم، وتعربد في بلادهم..

إنها أكبر ظاهرة معاصرة للمهانة والذل على مستوى العالم..




أحل الكفر بالإســلام ضيماً
يطـول به على الدين النحيب

فحــق ضائع وحـمى مباح
وسـيف قاطع ودم صـبيب

وكم من مسـلم أضحى سليبا
ومسـلمة لها حرم ســليب

أما لله والإســـلام حــق
يدافع عنه شـبان وشــيب

فقل لذوي الكرامة حيث كانوا
أجيبوا الله ويحـــكمُ أجيبوا

اسمع

- ما هي – برأيك - الأسباب الحقيقية وراء مقتل الدبلوماسي المصري؟


- إيهاب الشريف راح ضحية قرار خاطئ للحكومة المصرية جاء استجابة لواشنطن من أجل حث الدول العربية على الاقتداء بها وإرسال سفراء إلى العراق.
وأعتقد أنه لا توجد هناك أسباب شخصية وراء قتل السفير المصري في بغداد، وأن الأمر، حسب تفسير من قتلوه، يكمن في قناعتهم بأن مصر من خلال تعيينها سفيراً لها في بغداد، فإنها تكون قد أطلقت "حملة دبلوماسية" ضد المقاومة العراقية والاعتراف بالحكومة التي ولدت في ظل الاحتلال.


فالمقاومة قصدت بفعلتها الحمقاء معاقبة مصر على تصرفها الذي يدعم – حسب نظرها- الاحتلال الأمريكي للعراق، كما قصدت به توجيه رسالة تحذير لبقية الدول العربية من إرسال سفراء للعراق، قبل خروج الاحتلال.
كما أخطأت مصر مرة أخرى في اختيارها السفير الشريف الذي خدم كان يخدم في (إسرائيل) بالذات ليرأس البعثة الدبلوماسية المصرية في العراق، مما قد يكون – حسب بعض التقديرات – قد أعطى فرصة للخاطفين لقتله.


http://www.otaibah.net/m/showthread.php?t=16395















رد مع اقتباس