الهيـــــــــــــلا   *** منتدى قبيلة عتيبة

الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة (http://www.otaibah.net/m/index.php)
-   مجلس الهيلا العام (http://www.otaibah.net/m/forumdisplay.php?f=4)
-   -   (جابر عثرات الكرام) من المختار من نوادر الأخبار (http://www.otaibah.net/m/showthread.php?t=24410)

(( المقاطي )) 27-May-2006 02:40 PM

(جابر عثرات الكرام) من المختار من نوادر الأخبار
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الأعزاء تحية طيبة ...... وبعد:
لا يخفى كليكم معشر القراء الكرام ما يوجد في أدبنا العربي القديم من درر نفيسة ,
وقصص غاية في الجمال , وروعة في الأسلوب , تحث على مكارم الأخلاق , وتنهي عن سيئها ,
لأكنها وللأسف مبثوثة في ثنايا الكتب والمطولات , والتي يعجزنا الصبر على طولها ,
ولاننا الآن في زمن السرعة , وعصر الانتر نت , وزمن تسلط فيه الأعلام الهابط على الساحة الفكرية ,
فلم نعد نسمع عن مثل هذه الروائع من أدبنا العربي القديم في عصر السرعة والأعلام الساقط .
وقد وقع في يدي كتاب جميل اسمه (( المختار من نوادر الأخبار )) للمقري المتوفى سنة:1041هـ
وسوف انتخب لكم منه بعض القصص التي فيها من العبر والدروس ما يطرب له الناظر, ويتلذذ له القارئ ,
واختصارها قدر الإمكان , مع عدم المساس بمحتواها الأدبي ,
وستكون بأذن الله تعالى على حلقات منفصلة ترى النور تباعاً ,
ارجوا أن تنال إعجاب الجميع , وان لا تكون ثقيلة على نفس القارئ الكريم .

اخوكم: (( المقاطي ))


( 2 )

(((.... جابر عثرات الكرام ....)))

كان في زمن خلافة سليمان بن عبد الملك رجل يقال له (( خزيمة بن بشر الأسدي ))

وكان مقيماً في الرقة , وكان له مروءة ظاهرة , وبرّ كثير بالإخوان, وكرم مشهور ,

لم يزل على تلك الحالة حتى قعد به دهره , وألحّ عليه الفقر ,فواساه إخوانه قليلاَ ثم ملّوه ,

فلمّا لاح له تغيّرهم أختار لزوم بيته , وأغلق بابه .

فجرى ذكره يوماً في مجلس عكرمة بن ربيعي الفياض ( وكان من الشجعان الأجواد )

فقال: أو ما كان لخزيمة من يكافئه على مروءته , ويسد خلته, فأمسك عن الحديث ,

فلمّا خلا المجلس , ومضى من الليل جانب , قام عكرمة إلى كيس فجعل فيه أربعة آلاف دينار ,

ثم أمر بدابته فأسرجت , وخرج سرّاً من أهله , ثم سار حتى أتى قريب من بيت خزيمة ,

فنزل عن دابته وأخذ الكيس , وتقدم إلى باب خزيمة وقرع الباب , فلما فتح خزيمة الباب ,

ناوله الكيس وهمّ بالانصراف ,

امسكه خزيمة وقال : من أنت ؟

فقل : ما جئتك في هذا الوقت وأريد أن يعرفني احدّ .

فقل خزيمة : لا بدّ من ذلك فعرّفني بنفسك .

فقل : أنا (((.... جابر عثرات الكرام ....))) ثم تركه ومضى .

أخذ خزيمة الكيس , ودخل بيته , فلما رجع عكرمة إلى منزله وجد زوجته في أسوأ حال ,

لأنها ظنّت أنه جرى إلى زوجةٍ غيرها , أو إلى جارية اشتراها , فقل لها يا هذه قري عيناً ,

فو الله ما خرجت إلى شيءٍ من ذلك , وإنما أردت فعل شيئاً لا يعلمه إلا الله ,

فما زالت به حتى اعلمها بالخبر .

ثم إن خزيمة بن بشر أصلح شأنه , واشترى له ثياباً فاخرة , ومركوباً حسناً ,

وتجهز وسار إلى سليمان بن عبد الملك , وكان يومئذ في فلسطين وكان به عارفاً ,

فلما دخل عليه قال له : ما أبطأك عنّا يا خزيمة ؟

فقال : سوء الحال , يا أمير المؤمنين .

قال : فما منعك من النهوض إلينا ؟

فقال : قلة ذات اليد .

قال : فما أراك إلا بخير وفي أحسن حال وأجمل هيئة !!!

فقال : إن صورة حالي عجيبة يا أمير المؤمنين , ثم قصّ عليه خبره , من أوله إلى آخره .

فاهتزّ سليمان لذلك , وقال من هو (((.... جابر عثرات الكرام ....))) ؟؟!

وجعل يكرّرها , ثم قال : والله اشتقت إلى صاحب هذا الاسم , ولو عرفته لكافأته على مروءته

وفعله هذا الجميل معك , فلله درّه ما أحسن فعله وما أوفر عقله .

ثم دعا سليمان بالكتاب وعقد لخزيمة الولاية على مدينة الرقة والحيرة ,

وهو العمل الذي كان بيد عكرمة , وأمره أن يقبض على ماله ويحتاط عليه ويحاسبه.

فخرج خزيمة يريد الرقة فلمّا قرب إليها خرج إليه عكرمة يتلقّاه ومعه وجوه الناس , فتلقاه ,

واحسن استقباله , دخل خزيمة الرقة , وأتى إلى دار الإمارة ,

فلمّا أراد عكرمة الانصراف منعه خزيمة ووكّل به من يحتفظ عليه ,

وأمر بإحضار المال الذي تحت يده بكامله , وعمل الحساب .

فلمّا حوسب فضل عليه شيء كثير , فبعث به إلى السجن . وثقّله بالحديد ,

فأقام ثلاثة أيام في أسوأ حال .

فلمّا مضّه ذلك أرسل إلى زوجته وهي ابنة عمه , وقال لها : امضي إلى خزيمة وعرفيه بأمري .

فتوجّهت إليه وقالت له بئس ما جازيت به (((.... جابر عثرات الكرام ....))) يا خزيمة !!

فلمّا سمع منها هذا الكلام دهش عقله , وطار لبه ,

وجعل يصيح ويقول : وسوأتاه , وخجلتاه , وفضيحتاه

من الله تعلى ثم من (((.... جابر عثرات الكرام ....))) ومن أمير المؤمنين .

ثم قام من وقته ما شياً , ودخل إليه في سجنه , ورمى بنفسه عليه , وجعل يقبّل يديه ,

ويعتذر له , وأقسم بالله إنه ما عرفه , ثم أخرجه , ودخل به الحمّام

وأمر بإحضار جميع ما يحتاج إليه من ثياب وطيب ودواب , فألبسه واركبه ,

وخرج به من يومه متوجّهاً به إلى سليمان بن عبد الملك فوصل إليه فلمّا استأذن عليه الحاجب ,

فأمر بدخوله عليه فلمّا رآه قال : له ما أقدمك علينا سريعاً بغير إذن ؟

قال: يا أمير المؤمنين , ظفرت (((.... جابر عثرات الكرام ....))) .

قال : أو عرفته ؟

قال : نعم .

قال : من هو ؟؟

قال : إنه عكرمة الفياض الذي وليتني عليه .

فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , بئس ما جازيناه عن فعله ومروءته !

ثم أذن لعكرمة فدخل

فقال له سليمان : بئس ما جازيناك به عن كرمك وجودك يا عكرمة , وبئس ما فعل خزيمة .

فقال عكرمة : يا أمير المؤمنين معذور ونصيحة أمير المؤمنين أحب إليه .

فقل له سليمان : إن اصطناع المعروف لا يكاد يخفى ولا يضيع .

ثم أمر لعكرمة بمال جزيل وسامحه بما كان وجب عليه من المال ,

وعقد لهما الولاية على الرقة والحيرة وأضاف إليهما من الأعمال إقليماً كبيراً.

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -


أنتهى من كتاب المختار من نوادر الأخبار (بتصرف )

لشمس الدين محمد بن أحمد المقرّي المتوفى عام1041هـ




لقراءة الجزاء الأول اضغط هنـــــــــــــــــــأ



أخوكم: (( المقاطي ))




للمراسلة: storm_sos@hotmail.com

ابن مشيب 27-May-2006 07:53 PM

جهد جبار تشكر عليه , سلمت وسلم ذوقك واختيارك , ولازال حبر قلمك يمدنا بالقصص الشيقة والمثرية , ذات الحكم والعبر , قصة رائعة بكل ماتعنية الكلمة , سلمت اناملك يالمقاطي



تحياتي

يوسف عبيد 27-May-2006 08:02 PM

مشكور اخي المقاطي على الموضوع القيم

سعد بن مطلق المقاطي 27-May-2006 08:40 PM


(( المقاطي )) 27-May-2006 08:53 PM

.
...
.
أستاذي ابن مشيب

تشرف الموضوع بزيارتك وتسجيل حضورك

وإشادتك بمثابة وسام على صدري

لعدمتك أخي ,,,, عزيز وغالي


أخوك : (( المقاطي ))

...
.

نبض المشاعر 27-May-2006 11:22 PM

المقاطي

ياصاحب الكلمة الرائعة

ياصاحب القصة الوفية

مجهود كبير و كتاب شيق

لم اكمل قراتة ولي عودة بأذن الله

لاتحرمنا جديدك يالغالي

دمت بود

(( المقاطي )) 27-May-2006 11:40 PM


...
.

أخي يوسف عبيد

بل الشكر كل الشكر لك , ولكل من دخل هذا الموضوع !!

سواءً سجل حضوره بكلمة شكر , أو دعوة طيبة , أو خرج مثل ما دخل بصمت.!

المهم انه قراء واستفاد من ما في القصة من حكم وعبر ,

لأثر صنائع المعروف , وكيف رد الجميل عند العرب , ومكافئة المحسن على إحسانه

فلك مني أخي يوسف جزيل الشكر على تسجيل حضورك




أخوك : (( المقاطي ))

...
.

(( المقاطي )) 28-May-2006 01:12 PM


...
.

الأخ وابن العم سعد المقاطي

لا تعلم كم سعِدتُ لرويتي اسمك في هذه الصفحة

أشكرك على المرور , وإشادة اعتز بها

فلك مني كل الودّ , وجزيل الشكر

أخيك : (( المقاطي ))

...
.

(( المقاطي )) 29-May-2006 03:57 PM


.
...
.

أخي نبض

تحية عطرة وبعد :

أن الأكثر من رائع هو تشريفك للموضوع أخي نبض .

فقد أنارت لتواجدك الصفحة , ولبست بنقـش كلماتك أبهى حُلة.

كيف لا وأنت صاحب القلم الفذ , والأسلوب العذب ,

( لا أُجامل فليس من طبعي )

سعدتُ بتواجدك , فلك من الشكر أحسنه , ومن الدعاء أوفره .



(( المقاطي ))

...
.


الساعة الآن »05:23 PM.

 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd