في هذه الأيام تعج مكة بقوافل الحجيج ، ووفود الرحمن ، وضيوف الكريم المنان ، اتوا إليها من كل حدب وصوب، ملبين بالحج والعمرة

لو رأيتهم بين السماء والأرض على متون الطائرات ، ولو رأيتهم في مواخر البحار تشق بهم الأمواج العاتيات ، وقد لبسوا من شدة الشوق لباس الإحرام في ديارهم على تباعد أقطارهم .

تركوا أوطانهم ، وفارقوا ديارهم ، وباعوا ممتلكاتهم ومزارعهم وبيوتاتهم ودوابهم ليظفروا برحلة العمر إلى هذه الديار.

لو رأيتهم وقد نزلوا في هذه البلاد المباركة ، واندفعوا أفواجا متتابعة يعجون بالتكبير عجيجا ، ويرجون بالتلبية رجيجا ، وينتحبون بالبكاء نحيبا يحدوهم الشوق الى البيت العتيق ، والمشاعر المقدسة نتيجة لإجابة المولى جل وعلا دعاء الخليل عليه السلام :

" ربنا ان أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون " .