الهيـــــــــــــلا   *** منتدى قبيلة عتيبة

الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة (http://www.otaibah.net/m/index.php)
-   الشعر الفصيح (http://www.otaibah.net/m/forumdisplay.php?f=37)
-   -   رسالة إلى صديق في قبره (http://www.otaibah.net/m/showthread.php?t=139099)

ابو ضيف الله 20-Jun-2012 11:10 AM

رسالة إلى صديق في قبره
 


رسالة إلى صديق في قبره
للشاعر اليمني عبد الله بردوني رحمه الله
قصيدة رائعة لشاعر كبير عرف بسخريته الاذعة

ههنا عندي غريبات العوادي *** عندك الإنصات والهجس الرمادي
كيف أروي ياصديقي؟ هل ترى *** أنني أزجي إلى الموتى كسادي؟
هاهنا مسراك يلغي وحشتي *** وصدى نجواك، يَغلي في اعتقادي
مِن هنا أشتف ماذا تنتوي؟ *** أسأل القبر: أينسيكَ افتقادي
إنني يابن أبي متّحدٌ *** بثرى مثواك، هل ترضى اتّحادي؟
* * *
أين أنت الآن؟ ها أنت معي *** نمضغ (السوطي) وأقوال الروادي؟
ونرى سرّية الآتي كما *** تقرأ البرق نبوءات البوادي
نبحث (الإكليل، زربا، رندلى) *** نقتفي كل رحيلٍ سندبادي
نغتذي شعر (الشحاري) تارةً *** تارةً نحسو خطابات (الربادي)
* * *
يابن أرضي لم تغب عن صدرها *** بل تحوّلت جذوراً لامتدادي
بيتك الثاني ذراع مِن دمي *** وأنا بيتي دم الطيف القتادي
عندك النوم الطفولي، وأنا *** لي زغاريد الصواريخ الشوادي
لنثيث الصمت تصغي، وأنا *** في زحام النار أُصغي لاتِّقادي
* * *
أدَّعي الحشد أمام المعتدي *** ثم يعدو فوق أنقاض احتشادي
وبرغمي يصبح الغازي أخي *** بعدما أضحى أخي أعدى الأعادي
* * *
كيف أمحو كل هذا؟ دلِّني *** لاتقل - أرجوك - دعني وانفرادي
ياصديقي أنت أدنى مِن فمي *** فلماذا أنت أنأى مِن مُرادي؟
أجتدي رأيا سديداً، لاتقل: *** مثلما مِبُّ أنا أودى سدادي
مِن أسارير الحِمى سرتَ إلى *** قلبهِ كي تنجلي يوم اسودادي
* * *
أنت في البعد قريب، وأنا *** في غياب القرب مثلي في ابتعادي
أنت في شبرين مِن وادٍ، أنا *** خلف حتفي هائمٌ في غير وادي
* * *
ياصديقي لبِّني أو نادني *** لم يعد لي مَن أُلبِّي أو أُنادي
كنت تأبى الصمت بل سمَّيتَهُ *** غير مجدٍ: فهل الإفصاح جادي؟
* * *
آخر الأخبار: قالت زحلةٌ *** أغصنت نار التحدي في زنادي
أخذت (بيروت) رقم القبر مِن *** (صفدٍ) قالت: على هذا اعتمادي
قال (حاوي) وهو يردي نفسهُ: *** يارفاقي هذه أخرى جيادي
شاعرٌ ثانٍ تحدّى قائلاً: *** الدم اليوم حروفي ومدادي
قلتَ لي يوماً كهذا إنما *** كنت توصيني بتثقيف اجتهادي
ذلك الودّ الذي أوليتني *** مثله عندي: فمن أولي وِدادي؟
* * *
موطني ينأى ويدنو غيرَهُ *** زمناً هنا حام وفادي
لانثنى الماضي، ولا الآتي دنا *** مَن ترى بينهما أُعطي قيادي؟
قال لي ذاك ارتضى إخلادهُ *** قال لي هذا: أرى الآن اتئادي
هل ترى أرتد، أوأمضي إلى *** أين أمضي، وإلى أين ارتدادي؟
* * *
ياصديقي أسفر اليوم الذي *** كان يخفى، وتراه نصف بادي
كنت تنبي عن حشا الغيب كما *** كان ينبي ذلك (القَس الإيادي)
* * *
ربما تبغي جديداً، حجمهُ *** ندّ عن وصفي كما أعيا ازدرادي
بعد أن متَّ، مضى الموت الذي *** كان عادياً ووافى غيرُ عادي..
صار سوقاً، عملةً، مأدبةً *** مكتباً، مسعى يسمى بالحيادي
في التراثيات دكتوراً، وفي *** غرف التعذيب نفسياً ريادي
* * *
ويسمى فترةٌ ضيف الحمى *** فترةٌ يدعى: الخبير الاقتصادي
يدخل القهوة مِن فنجانها *** مِن غصون القات يغشى كل صادي
يحرس الأثرى، يباكي مَن بكى *** يرتدي أجفان »عيسى« وهو »سادي«
ياصديقي لاتقل: زعزعتني *** قم وقل: ياقبر فلتصبح جوادي
ذلك الموت الذي لاقيتَهُ *** مات يوماً، وابتدى القتل الإبادي
ومدى الرعب الذي تذكرهُ *** عدّد الأشواط، غالى في التمادي
ذلك السهل الذي تعرفهُ *** بات سجناً لصقه سجنٌ ونادي
* * *
مجلس الشعب ارتقت جدرانهُ *** قال للجيران: ضيقوا مِن عنادي
فأجابوا: ما كهذا يبتني *** بيته، بل يبتني أقوى المبادي
* * *
ربما تسألني عن (مأربٍ) *** وانبعاث (السد) و(الشيك الزيادي)
ذكريات (السد) آلت طبخةٌ *** ثم عادت ناقة مِن غير حادي
كل مشروعِ على عادته *** عنده التأجيل كالقات اعتيادي
* * *
و(أبي هادي) أتدري لم يعد *** أعزباً، قد زوَّجوهُ (أُم هادي)
فارتقب ذريَّةٌ ميمونةً *** قبل أن تستلطف العرس الحدادي
قل لمن أغرى انتقادي بعدما *** نزل القبرَ علا فوق انتقادي
ياصديقي ماالذي أحكي، سدىً *** تستزيد البوح، ماجدوى ازديادي؟
شاخت الأمسية المليون في *** ريش صوتي وانحنى ظهر سهادي
والسكاكين الشتائيات كم *** قلن لي: يانحس جمّرت ابترادي
الشظايا تحت جلدي، والكرى *** خنجرٌ بين وسادي واتسادي
* * *
أنت عند القبر ساهٍ، وأنا *** أحمل الأجداث طرّاً في فؤادي
أتراني لم أجرب جيداً *** صادروا خطوي، وآفاق ارتيادي
مِن نفايات عطاياهم يدي *** وجبيني، وبأيديهم عتادي
* * *
أنت غافٍ بين نومين، أنا *** بين نابيَ حيَّةٍ وحشٌ رقادي
متَّ يوماً ياصديقي، وأنا *** كل يومٍ والردى شربي وزادي
أنت في قبرٍ وحيدٍ هادئٍ *** أنا في قبرين: جلدي وبلادي
إنما مازالت الأرض على *** عهدها، والشمس مازالت تغادي

عزارم 25-Jun-2012 04:52 AM

الله يرحمه



بارك الله فيك ياطيب


الساعة الآن »08:36 AM.

 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd