الهيـــــــــــــلا   *** منتدى قبيلة عتيبة

الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة (http://www.otaibah.net/m/index.php)
-   مجلس الهيلا العام (http://www.otaibah.net/m/forumdisplay.php?f=4)
-   -   الفراغ النفسي (http://www.otaibah.net/m/showthread.php?t=2412)

ابن شامان 21-Apr-2003 02:09 AM

الفراغ النفسي
 
ان مشكلة الفراغ النفسى تعد من اكثر امراض العصر شيوعا ، وان تظاهر المصاب به انه سعيد فى حياته ، ساعيا وراء الملهيات التى هى اشبه بالمخدر الذى ينسيه واقعه كلما رجع الى نفسه ، ليرى فيها فراغا قاتلا ، وذلك لعدم اعتماده على ما يمكن الركون اليه من : انيس صادق فى الخارج ، أو حقيقة مشرقة فى الباطن !.

ان للناس طرقا شتى فى ملئ الفراغ الروحى لديهم ، والعنصر الجامع بين كل هذه الصور الشاغلة هو : التبدل والتغير فى افراد تلك الصورة من ناحية ، وعدم البقاء من ناحية اخرى .. فكل محبوب فى الوجود اما فى طريقه الى : الافول التدريجى ، او الزوال الدفعى .. ومن هنا لو تامل العاقل ، لراى ان السبيل متعين فى الارتباط بالمطلق ، الذى لا يعتريه تغير ولا زوال .

ان هذه الحقيقة لا يمكن انكارها وهى : ان النفس لا يمكنها ان تعيش فى الفراغ ، فهى تحتاج دائما الى ما تسكن اليه ، فان لم يكن حلالا او حقا ، التجات الى الباطل .. ولهذا لزم على المؤمن! ان يسارع فى سد هذا الفراغ ، ومن الواضح ان العبد عاجز بنفسه من ملئ ذلك ، لان رياح الاهواء تسوقه - رغم انفه - الى زاوية معينة ، فكان لا بد من اللطف الهى فى سد مثل ذلك الفراغ .. وقد ورد فى دعاء الحسين (ع) : انت الذى ازلت الاغيار عن قلوب احبائك ، حتى لم يحبوا سواك .. ماذا وجد من فقدك ، وما الذى فقد من وجدك ؟ .. لقد خاب من رضى دونك بدلا !.

ان البعض يحصر الحب الالهى فى جو رومانسى شاعرى ، فتراه يهيم فى ذلك الحب على مستوى الادعاء ، والحال ان الامر يحتاج الى اثبات صادق له فى ساحة الحياة ، فما قيمة الحب الذى حبس بين شغاف القلب من دون ان يسرى الى الخارج ؟ .. ومن هنا قيل ان من اهم خواص الحب هو : السريان فى كل ما يتعلق بالمحبوب .. فتامل فى هذا النص النبوى ) : اللهم انى اسالك حبك ، وحب من يحبك ، والعمل الذى يبلغنى حبك ، اللهم اجعل حبك احب الى من نفسي واهلى ... )

ان محبة ما هو غائب عن الحواس - وان امنا به ايمانا جازما - يبدا بشئ من التكلف ، ولكن مما يوجب تحويل ذلك من التكلف الى ما يطابق ! المزاج ، ومن الادعاء الى الصدق : هو استمرارية الذكر القلبى ، اضافة الى الالتزام العملى بالواجبات وترك المحرمات .. اذ قد ورد فى الحديث القدسي : ما تحبب الى عبدى باحب مما افترضت عليه !!

ان اهل الدنيا كما يتلذذون بملذاتهم التى لا بقاء لها ، فان ولى الله يصل الى درجة يستنقص عندها لذائذ اهل الارض ، لما يعيشه من النعيم الباطنى الذى لا يوصف .. وهذا المعنى يترشح من دعاء الامام الصادق (ع) حينما يقول : سيدى انا من حبك جائع لا اشبع ، انا من حبك ظمآن لا اروى ، وا شوقاه الى من يرانى ولا اراه !!

ان من آثار الحب االهى هو: بغض اعداء الله تعالى ، اذ كيف يجتمع فى قلب واحد حب حبيب ، وحب عدوه ؟.. فانه لا بد وان يكذب فى احدهما، ومن هنا يتكلم القران بصراحة حينما يعلن بانه { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } .. ان القلب متى ما رايته يميل الى اعداء الله تعالى ، فاعلم ان هناك خللا فى ! اصل حبه لله تعالى .. فان الدين كما رسم لنا الاحكام العملية ، فانه جعل للقلب احكاما تطبيقية .. وخير ما يعطى لنا هذه المعادلة هو قول الصادق (ع) : القلب حرم الله ، فلا تسكن حرم الله غير الله!!

ان العبد ينتابه الذهول حينما يعلم ان حب الله تعالى له لا يقاس بحبه لله تعالى ، وذلك لان حب العبد صادر من محدود ، وحبه تعالى نابع من عالم اللامحدود .. وتصور بنفسك حال سلطان احب عبدا من رعيته حبا لا حدود له ، فهل يبقى لهذا العبد فراغ ليانس بسواه ؟.. وهل تبقى له حاجة ليلتجا الى غيره ؟.. وهل يبقى احد يخاف منه ليعيش حالة الرعب من اعدائه ؟.. فاجعل هذا الحديث النادر نصب عينك فى الحياة ، لتعلم ما الذى خسرته بعدم التعرف عليه ، حيث يخاطب الله تعالى نبيه داوود قائلا : ( وما احبنى احد - اعلم ذلك يقينا من قلبه - الا قبلته لنفسي ، واحببته حبا لا يتقدمه احد من خلقى .. من طلبنى بالحق وجدنى ، ومن طلب غيرى لم يجدنى ).


الساعة الآن »11:00 AM.

 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd