الهيـــــــــــــلا   *** منتدى قبيلة عتيبة

الهيـــــــــــــلا *** منتدى قبيلة عتيبة (http://www.otaibah.net/m/index.php)
-   الشعر الفصيح (http://www.otaibah.net/m/forumdisplay.php?f=37)
-   -   لاَميـَّـةَ الْعَـرَبْ .. للشَّنْفَرَى (http://www.otaibah.net/m/showthread.php?t=18058)

أبو الوليد 09-Dec-2005 07:15 PM

لاَميـَّـةَ الْعَـرَبْ .. للشَّنْفَرَى
 
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( علموا أولادكم لامية العرب ) لأنها تعلمهم مكارم الاخلاق..

ولامية العرب هي للشاعر الجاهلي ..ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته .
وهو - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال


أقيموا بني أمِّي ، صُــــــــــــــــــــــدُورَ مَطِيِّكم=فإني ، إلى قومٍ سِـــــــــــــــــــــواكم لأميلُ !
فقد حـُـــــمَّتِ الحـــــاجـــــــاتُ ، والليلُ مقمرٌ= وشُـــــــــــــــــــــدَّت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛
وفي الأرض مَنْأىً ، للكـــــــــــريم ، عن الأذى= وفيها ، لمن خــــــــــــــــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ
لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضـــــــــــــــيقٌ على أمرئٍ= سَـــــــــــــــــــــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ
ولي ، دونكم ، أهـــــــــــــلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ= وأرقطُ زُهــْـــلـُـــولٍ وَعَـــــــرفــاءُ أجْيلُ
هم الأهلُ . لا مستودعُ الســـــــــــــــــــرِّ ذائعٌ= لديهم ، ولا الجـــــــــــــــــاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
وكلٌّ أبيٌّ ، باســـــــــــــــــــــــــــلٌ . غير أنني= إذا عرضت أولى الطرائدِ أبســــــــــــــــــــــــلُ
وإن مُــــــــــدَّتْ الأيــــــــدي إلى الزاد لم أكن= بأعجلهم ، إذ أجْشَــــــــــــــــــــعُ القومِ أعجلُ
وماذاك إلا بَسْـــــــــــطـَةٌ عن تفضــــــــــــــــلٍ= عَلَيهِم ، وكنتُ الأفضــــــــــــــــــــــلَ المتفضِّلُ
وإني كفــــــــاني فَقْدُ من ليس جـــــــــــــازياً= بِحُســـــــــــــــــــــــنى ، ولا في قـربه مُتَعَلَّلُ
ثلاثةُ أصــــــــــــــــحـــــابٍ : فؤادٌ مشـــــــيعٌ ،= وأبيضُ إصــــــليتٌ ، وصــــــــــــــــــفراءُ عيطلُ
هَـــــتوفٌ ، من المُلْسِ المُتُونِ ، يـــزيـــنـــــها= رصـــــــــــــــــــــــائعُ قد نيطت إليها ، ومِحْمَلُ
إذا زلّ عنها الســـــــــــــــــــــهمُ ، حَنَّتْ كأنها= مُـــــــــــرَزَّأةٌ ، ثــــكــــلى ، تــــــرِنُ وتُعْــــــوِلُ
ولســــــــــــــــــــتُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ= مُــــجَـــــــــدَعَةً سُــــــــــــقبانها ، وهي بُهَّلُ
ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِـــــــــــــــــــــــــــــهِ= يُطـــــــــــــالعها في شــــــــــــأنه كيف يفعـلُ
ولا خَــــــــرِقٍ هَيْـــــــــقٍ ، كأن فُـــــــــــــؤَادهُ= يَظَـــــــــلُّ به الكَّـــــــــاءُ يعلو ويَسْــــــــــفُلُ ،
ولا خــــــــــــــــــــــــــــــــالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ،= يــــروحُ ويـــغــــــدو ، داهـــــــــــــــناً ، يتكحلُ
ولستُ بِعَلٍّ شَــــــــــــــــــــــــــــرُّهُ دُونَ خَيرهِ= ألفَّ ، إذا ما رُعَته اهـــــــــــــــــــــــتاجَ ، أعزلُ
ولســـــــــــــــــــتُ بمحيار الظَّلامِ ، إذا انتحت= هدى الهوجلِ العســــــــــــــيفِ يهماءُ هوجَلُ
إذا الأمعزُ الصَّوَّان لاقى مناســــــــــــــــــــمي= تطــــــــــــــاير منه قـــــــــــــــــــــــادحٌ ومُفَلَّلُ
أُدِيمُ مِطالَ الجــــــــــــــــــــــــوعِ حتى أُمِيتهُ ،= وأضربُ عنه الذِّكرَ صـــــــــــــــــــفحاً ، فأذهَلُ
وأســــــــــــــــــتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ= عَليَّ ، من الطَّــــــــــــــــــــــوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ
ولولا اجتناب الذأم ، لم يُلْفَ مَشـــــــــــــــربٌ= يُعــــــــــــــــــــــــــــاش به ، إلا لديِّ ، ومأكلُ
ولكنَّ نفســـــــــــــــــــــــــــــاً مُرةً لا تقيمُ بي= على الضــــــــــــــــــــــــــيم ، إلا ريثما أتحولُ
وأطوِي على الخُمص الحـــــــوايا ، كما انطوتْ = خُـــــــــيـُوطَـــــــــــــــــــــــةُ ماريّ تُغارُ وتفتلُ
وأغدو على القوتِ الزهـــــــــــــــــيدِ كما غدا= أزلُّ تـــهـــــــاداه التَّــنــائِـــــــــفُ ، أطــــحـــلُ
غدا طَــــــــاوياً ، يعــــارضُ الرِّيــــــحَ ، هـــافياً= يخُــــــــوتُ بأذناب الشِّــــــــــــــعَاب ، ويعْسِلُ
فلمَّا لواهُ القُـــــــــــــــــــــــــوتُ من حيث أمَّهُ= دعــــــــــا ؛ فأجــــــــابته نظــــــــــــــــائرُ نُحَّلُ
مُهَلْهَلَةٌ ، شِيبُ الوجـــــــــــــــــــــــوهِ ، كأنها= قِداحٌ بكفيَّ ياسِـــــــــــــــــــــــــــــرٍ ، تتَقَلْقَلُ
أوالخَشْــــــــــــــــــــرَمُ المبعوثُ حثحَثَ دَبْرَهُ= مَحَابيضُ أرداهُنَّ سَــــــــــــــــــــــامٍ مُعَسِّلُ ؛
مُهَرَّتَةٌ ، فُوهٌ ، كأن شُــــــــــــــــــــــــــــدُوقها= شُقُوقُ العِصِيِّ ، كالحاتٌ وَبُسَّـــــــــــــــــــــلُ
فَـــضَــــــــــجَّ ، وضَــــــــــجَّتْ ، بِالبَرَاحِ ، كأنَّه= وإياهُ ، نــــــــوْحٌ فــــــــوقَ عـــــــــلياء ، ثُكَّلُ ؛
وأغضى وأغضتْ ، واتســـى واتَّســــــــــتْ بهِ= مَــــرَامــــيلُ عَــــزَّاها ، وعَــــزَّتهُ مُــــرْمِـــــــلُ
شَكا وشـــــــــــــكَتْ ، ثم ارعوى بعدُ وارعوت= ولَلصَّـــــــبرُ ، إن لم ينفع الشــــــــــكوُ أجملُ!
وَفَــــــــاءَ وفــــــــاءتْ بادِراتٍ ، وكُــــــــــــلُّها ،= على نَكَـــــظٍ مِمَّا يُكـــــــاتِمُ ، مُـــجْــــمِـــــــلُ
وتشربُ أســــــــــــــــآرِي القطا الكُدْرُ ؛ بعدما= ســـــــرت قـــــــرباً ، أحـــناؤها تتصــلصــــــلُ
هَمَمْتُ وَهَمَّتْ ، وابتدرنا ، وأسْـــــــــــــــدَلَتْ= وَشَـــــــــــــــمــَّرَ مِني فَـــــــــــــــارِطٌ مُتَمَهِّلُ
فَـــــــوَلَّـــــيْتُ عنها ، وهي تكـــــــــــبو لِعَقْرهِ= يُباشــــــــــــرُهُ منها ذُقـــــونٌ وحَوْصَــــــــــــلُ
كأن وغـــــــاهــــــا ، حــــجــــرتيهِ وحـــــــولهُ= أضاميمُ من سَـــــــفْــــرِ القـــبائلِ ، نُـــــــزَّلُ ،
توافــــــينَ مِن شَــــــتَّى إليهِ ، فضَـــــــــــمَّها= كما ضَـــــــــمَّ أذواد الأصـــــــاريم مَـــنْـــهَــــل
فَعَبَّتْ غـــشــــــاشــــــــــــاً ، ثُمَّ مَرَّتْ كأنها ،= مع الصُّــــــــــــــبْحِ ، ركبٌ ، من أُحَاظة مُجْفِلُ
وآلف وجه الأرض عند افتراشـــــــــــــــــــــها = بأهـْــــــــدَأ تُنبيه سَــــناسِـــــنُ قُــحَّــــــــلُ ؛
وأعـــــدلُ مَـــنـــحـــوضـــاً كــأن فـــصُـــوصَـــهُ= كِـــــــــعَـــــابٌ دحـــاها لاعــــــبٌ ، فهي مُثَّلُ
فإن تبتئس بالشـــــــنـــفــــرى أم قســـــطلِ= لما اغتبطتْ بالشــــــنــــفـــرى قبلُ ، أطولُ !
طَــــــرِيدُ جِــــناياتٍ تياســــــــــرنَ لَــحْــمَــهُ ،= عَــــــقِــــــيـــرَتـُهُ فـــــي أيِّـــهــا حُـــــمَّ أولُ ،
تـــنــــامُ إذا مــا نـــام ، يــقــظــى عُــيــُونُـها ،= حِــــثــــاثــــاً إلى مـــكـــروهــــهِ تَتَغَــلْغَــــــلُ
وإلفُ هــــــــمــــومٍ مــــا تــــزال تَــــعُــــــــودهُ= عِــــيــاداً ، كـــحــمـــى الرَّبعِ ، أوهي أثقـــــلُ
إذا وردتْ أصـــــــــــــــــــــــــــدرتُــــها ، ثُمَّ إنها= تـــثـــوبُ ، فــتــأتــي مِــن تُــحَــيْتُ ومن عَــلُ
فــإمـــا تــريــنــي كـابنة الرَّمْلِ ، ضــــــاحـــياً= على رقــــــةٍ ، أحــــــفى ، ولا أتنعـــــــــــــلُ
فأني لمــــولى الصــــــبر ، أجـــــــــــــتابُ بَزَّه= على مِثل قلب السَّــــــــــــمْع ، والحزم أنعلُ
وأُعـــــــدمُ أحْـــــــــياناً ، وأُغــــــــــنى ، وإنما= يـــنـــالُ الغِـــنى ذو البُــعْـــدَةِ المـــتــبَــــــذِّلُ
فلا جَــــــــــــــــــــــــــــــزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ= ولا مَـــــــــرِحٌ تحــــــــــت الغِـــــــــــنى أتخيلُ
ولا تزدهــــــــي الأجـــهـــال حِلمي ، ولا أُرى= ســـــــــــــــــــــــــــؤولاً بأعقاب الأقاويلِ أُنمِلُ
وليلةِ نحــــــــــــــــــسٍ ، يصطلي القوس ربها= وأقـــطـــعـــهُ اللاتــي بــهــا يــتـنبـــــــــــــــلُ
دعستُ على غطْشٍ وبغشٍ ، وصــــــــــحبتي= سُـــــــــــــــــــــــــعارٌ ، وإرزيزٌ ، وَوَجْرٌ ، وأفكُلُ
فأيَّمتُ نِســــــــــــــــــــــــــواناً ، وأيتمتُ وِلْدَةً= وعُـــــــــــــــــــــــدْتُ كما أبْدَأتُ ، والليل أليَلُ
وأصــــــــــــــــبح ، عني ، بالغُميصاءِ ، جالساً= فريقان : مســــــــــؤولٌ ، وآخرُ يســـــــــــــألُ
فقالوا : لقد هَــــــــــــــــــــــــــرَّتْ بِليلٍ كِلابُنا= فـــقـــلنا : أذِئــبٌ عـــــــــسَّ ؟ أم عسَّ فُرعُلُ
فــــلــــمْ تَـــــــكُ إلا نـــبــــأةٌ ، ثم هـــوَّمَــــتْ= فقلنا قـــــــــطــــــــــاةٌ رِيعَ ، أم ريعَ أجْــــــدَلُ
فإن يَكُ من جنٍّ ، لأبرحَ طَــــــــــــــــــــــــــارقاً= وإن يَكُ إنســـــــــــــــــــاً ، مَاكها الإنسُ تَفعَلُ
ويومٍ من الشِّــــــــــــــــــــعرى ، يذوبُ لُعابهُ ،= أفاعيه ، في رمضــــــــــــــــــــــــائهِ ، تتملْمَلُ
نَصَـــــــــــبـْتُ له وجـــهــــي ، ولاكـــــنَّ دُونَهُ=ولا ســـــــــــــــــــــــــتر إلا الأتحميُّ المُرَعْبَلُ
وضافٍ ، إذا هــــــــــــــــــبتْ له الريحُ ، طيَّرتْ= لبائدَ عن أعـــطــــافـــــهِ ما ترجَّـــــــــــــــــــلُ
بعيدٍ بمسِّ الدِّهـــــــــــــــــــــنِ والفَلْى عُهْدُهُ= له عَبَسٌ ، عافٍ من الغسْــــــــــــــــــل مُحْوَلُ
وخَــــــــــــرقٍ كــــظــــهر الترسِ ، قَفْرٍ قطعتهُ= بِعَامِلتين ، ظـــــــــــــهـــــــــــــرهُ ليس يعملُ
وألحـــــقـــــتُ أولاهُ بأخـــــــــــــــــراه ، مُوفياً= على قُنَّةٍ ، أُقــــــعـــــــي مِـــــــراراً وأمـــــثُلُ
تَرُودُ الأراوي الصــحــــــــــــــــمُ حولي ، كأنَّها= عَــــــذارى عــــلــيهـــنَّ المــــــــــــلاءُ المُذَيَّلُ
ويركُـــــــــدْنَ بالآصــــــــــــــالٍ حولي ، كأنني= مِن العُصْمِ ، أدفى ينتحــــــــــــي الكيحَ أعقلُ


شرح بعض معاني الكلمات التي وردت في القصيدة :

(1) بنو الأم : الأشقاء أو غيرهم ما دامت تجمعهم الأم ، واختار هذه الصِّلة لأنًها أقرب الصِّلات إلى العاطفة والمودَّة . والمطيّ : ما يُمتَطى من الحيوان، والمقصود بها، هنا، الإبل. المطي: جمع مطيه وهي ما يمتطى من الدواب واراد هنا الابل. وقوله : اقيموا صدور مطيكم اي : انتبهوا من غفلتكم واسلكوا الطريق الصحيحه وهذا على المجاز . والاصل فيه الراكب يغفل عن مطيته فتنحرف به عن القصد فيقال له: اقم صدر مطيتك. واميل: افعل بمعنى فاعل وليس المراد اني اكثر ميلا. وسبب ميله الى غير قومه انه جنى جنايه واخبرهم بها فاذاعوها.== والشاعر يريد استعدادهم لرحيله هو عنهم لا لرحيلهم هم ، وربما أشار بقوله هذا إلى أنَهم لا مقام لهم بعد رحيله فمن الخير لهم أن يرحلوا.
(2) حُمَّت: قُدِّرتْ ودُبِّرت. والطِّيَّات: جمع الطِّيَّة ، وهي الحاجة، وقيل: الجهة التي يقصد إليها المسافر. وتقول العرب: مضَى فلان لطيَّته، أي لنيّته التي انتواها. الأرْحل: جمع الرحل، وهو ما يوضَع على ظهر البعير. وشدت: قويت واوثقت. وقوله:" واللَيل مقمِر " كناية عن تفكيره بالرحيل في هدوء ، أو أنه أمر لا يُراد إخفاؤه. ومعنى البيت: لقد قُدِّر رحيلي عنكم ، فلا مفرّ منه ، فتهيؤوا له .
(3) المَنأى : المكان البعيد . ويريد بالأذى : الذل والهوان. القِلى: البغض والكراهية. والمتعزِّل: المكان لمن يعتزل الناس. والبيت فيه حكمة: ومعناه أن الكريم يستطيع أن يتجنب الذلّ ، فيهاجر إلى مكان بعيد عمَّن يُنتظر منهم الذلّ ، كما أن اعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم.
(4) لعمرك: قَسَم بالعمر. سرى: مشى في الليل. راغباً: صاحب رغبة. راهباً: صاحب رهبة. والبيت تأكيد للبيت السابق ، ومعناه أن الأرض واسعة سواء لصاحب الحاجات والآمال أم للخائف.
(5) دونكم: غيركم. الأهلون : جمع أهل. السِّيد: الذئب. العملَّس: القويّ السَّريع. الأرقط: الذي فيه سواد وبياض. زُهلول: خفيف. العرفاء: الضبع الطويلة العُرف. جَيْأل: من أسماء الضبع. والمعنى أن الشاعر اختار مجتمعاً غير مجتمع أهله ، كلّه من الوحوش ، وهذا هو اختيار الصعاليك.
(6) هم الأهل أي الوحوش هم الأهل ، فقد عامل الشاعِرُ الوحوشَ معاملة العقلاء ، وهو جائز. وقوله: "هم الأهل " بتعريف المسنَد ، فيه قَصر ، وكأنَه قال: هم الأهل الحقيقيّون لا أنتم . والباء في " بما " للسببية. والجاني: المقْترف الجناية أي الذنب. جرَّ : جنى . يُخْذَل: يُتَخلّى عن نصرته. والشاعر في هذا البيت يقارن بين مجتمع أهله ومجتمع الوحوش ، فيفضل هذا على ذاك ، وذلك أن مجتمع الوحوش لا يُفْشِي الأسرار، ولا يخذل بعضه بعضاً بخلاف مجتمع أهله.
(7) وكلٌّ: أي كل وحش من الوحوش التي ذكرتها. أبيّ: يأبى الذّلَّ والظلم. باسل: شجاع بطل. الطرائد: جمع الطريدة ، وهي كل ما يُطرد فيصاد من الوحوش والطيور. أبْسَل: أشَدّ بسالَةً. والشاعر يتابع في هذا البيت مدح الوحوش فيصفها بالبسالة ، لكنه يقول إنّه أبسل منها.
(8) الجَشع: النَّهم وشدَّة الحرص . وفي هذا البيت يفتخر الشاعر بقناعته وعدم جشعه ، فهو، وإنْ كان يزاحم في صيد الطرائد ، فإنه لا يزاحم في أكلها.
(9) ذاك: كناية عن أخلاقه التي شرحها. البسطة: السعة. التفضُّل: ادّعاء الفضل على الغير ، والمعنى أنَّ الشاعر يلتزم هذه الأخلاق طلباً للفضل والرِّفعة.
(10) التعلّل: التلهِّي ، والمعنى: ليس في قربه سلوى لي ، يريد : أني فقدتُ أهلًا لا خير فيهم ، لأنهم لا يقدِّرون المعروف ، ولا يجزون عليه خيراً ، وليس في قربهم أدنى خير يُتَعلّل .
(11) المُشيَّع: الشجاع. كأنَّه في شيعة كبيرة من الناس . الإصليت: السَّيف المُجرَّد من غمده. الصفراء: القوس من شجر النَّبع. العيطل: الطويلة. والمعنى أن عزاء الشاعر عن فقد أهله ثلاثة أشياء: قلب قويّ شجاع ، وسيف أبيض صارم مسلول ، وقوس طويلة العنق .
(12) هتوف: مُصَوِّتة. الملس: جمع ملساء ، وهي التي لا عُقَد فيها. المُتون: جمع المتن ، وهو الصُّلب. والرصائع: جمع الرصيعة ، وهي ما يُرصَّع أي يُحلَّى به. نيطت: عُلِّقت. المِحْمَل: ما يُعلَّق به السيف أو القوس على الكتف. والشاعر في هذا البيت يصف القوس بأنّ لها صوتاً عند إطلاقها السهم ، وبأنَّها ملساء لا عُقد فيها تؤذي اليد ، وهي مزيَّنة ببعض ما يُحلَّى بها ، بالإضافة إلى المحمل الذي تُعلَّق به.
(13) زلّ: خرج. حنين القوس: صوت وترها. مُرزَّأة: كثيرة الرزايا (المصائب). عَجْلى: سريعة. تُرنّ: تصوِّت برنين ، تصرخ. تُعول: ترفع صوتها بالبكاء والعويل. والمعنى أن صوت هذه القوس عند انطلاق السهم منها يشبه صوت أنثى شديدة الحزن تصرخ وتولول.
(14) خميص البطن ضامره ، يستفزّني : يثيرني . الحِرْص : الشَّرَه إلى الشيء والتمسّك به .
(15) المهياف: الذي يبعد بإبله طالباً المرعى على غير علم ، فيعطش. السوام: الماشية التي ترعى. مجدَّعة: سيئة الغذاء . السُّقبان: جمع سقْب وهو ولد الناقة الذكَر. بُهَّل: جمع باهل وباهلة وهي التي لا صرار عليها (الصِّرار: ما يُصَرّ به ضرع الناقة لئلا تُرضَع ). يقول: لستُ كالراعي الأحمق الذي لا يُحسن تغذية سوامه، فيعود بها عشاءً وأولادها جائعة رغم أنها مصرورة. وجوع أولادها كناية عن جوعها هي، لأنها، من جوعها، لا لبن فيها، فيغتذي أولادها منه.
(16) الجُبّأ: الجبان. والأكهى: الكدِر الأخلاق الذي لا خير فيه ، والبليد. مُرِبّ: مقيم ، ملازم . عرِسه: امرأته. وملازمة الزوج يدلّ على الكسل والانصراف عن الكسب والتماس الرزق. وفي هذا البيت ينفي الشاعر عن نفسه الجبن ، وسوء الخلق ، والكسل ، كما ينفي أن يكون منعدم الرأي والشخصية فيعتمد على رأي زوجه ومشورتها.
(17) الخرق: ذو الوحشة من الخوف أو الحياء والمراد، هنا، الخوف. والهيق: الظْليم (ذكَر النعام)، ويُعرف بشدّة نفوره وخوفه. والمُكّاء: ضرب من الطيور. والمعنى: لست مِمَّن يخاف فيقلقل فؤاده ويصبح كأنّه معلّق في طائر يعلو به وينخفض.
(18) الخالف: الذي لا خير فيه. يقال: فلان خالفة (أو خالف) أهل بيته إذا لم يكن عنده خير. والدَّاريّ والداريّة: المقيم في داره لا يبرحها. المتغزّل: المتفرّغ لمغازلة النساء. يروح: يسير في الرواح، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى اللَّيل. يغدو: يسير في الغداة، وهو الوقت من الصباح إلى الظهر. والداهن: الذي يتزيَّن بدهن نفسه. يتكحّل: يضع الكحل على عينيه. والمعنى أن الشاعر ينفي عن نفسه الكسل، ومغازلة النساء، والتشبّه بهنّ في التزيّن والتكحّل. وهو يثبت لنفسه، ضمناً، الرجولة.
(19) العَلّ: الذي لا خير عنده ، والصَّغير الجسم يشبه القُراد. ألفّ: عاجز ضعيف. رعتَه: أخفْتَه. اهتاج: خاف. الأعزل: الذي لا سلاح لديه.
(20) المِحْيار: المتحيّر. انْتَحَتْ: قصدت واعترضَتْ. الهدى: الهداية، والمقصود هداية الطريق في الصحراء. الهوجل: الرجل الطويل الذي فيه حمق. العِسِّيف: الماشي على غير هدى. اليَهْماء: الصحراء. الهَوْجَل: الشديد المسلك المَهول. وفي البيت تقديم وتأخير. والأصل: لست بمحيار الظلام إذا انتحت يهماء هوجل هدى الهوجل العسيف. والمعنى: لا أتحيّر في الوقت الذي يتحير فيه غيري.
(21) الأمعز: المكان الصّلب الكثير الحصى. الصَّوّان: الحجارة الملس. المناسم: جمع المنسم، وهو خفّ البعير . شبّه قدميه بأخفاف الإبل. القادح: الذي تخرج النار من قدمه. مفلَّل: متكسِّر. والمعنى أنه حين يعدو تتطاير الحجارة الصغيرة من حول قدميه ، فيضرب بعضها بحجارة أخرى ، فيتطاير شرر نار وتتكسَّر.
(22) أُديم: من المداومة، وهي الاستمرار. المطال: المماطلة. أضرب عند الذِّكْر صَفْحاً: أتناساه. فأذهل: أنساه. يقول: أتناسى الجوع، فيذهب عنّي. وهذه الصورة من حياة الصَّعْلَكَة.
(23) الطَّوْل: المَنّ. امرؤ متطوِّل: منّان. والمعنى أنه يفضل أن يستفَّ تراب الأرض على أن يمدّ أحد إليه يده بفضل أو لقمة يمنّ بها عليه.
(24) الذَّأم والذَّام: العيب الذي يُذمّ به. يُلفى: يوجد. والمعنى: لولا تجنُّبي ما أذمّ به، لحصلت على ما أريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمة.
(25) مرَّة: صعبة أبيّة. الذَّام: العيب. وفي هذا البيت استدراك، فبعد أن ذكر الشاعر أنّه لولا اجتناب الذمّ لحصل على ما يريده من مأكل ومشرب ، قال إن نفسه لا تقبل العيب قَطّ.
(26) الخَمص: الجوع ، والخُمص: الضُّمر. الحوايا: جمع الحويَّة ، وهي الأمعاء. الخيوطة: الخيوط. ماريّ فاتل، وقيل: اسم رجل اشتُهر بصناعة الحبال وفتلها. تغَارُ: يُحكم فتلها. والمعنى. أطوي أمعائي على الجوع، فتصبح، لخلوّها من الطعام، يابسة ينطوي بعضها على بعض كأنها حبال أُتقن فتلها.
(27) أغدو: أذهب في الغداة، وهي الوقت بين شروق الشمس والظهر. القوت: الطعام. الزهيد: القليل. الأزلّ: صفة للذئب القليل اللحم. تهاداه: تتناقله وتتداوله. التنائف: الأرضون، واحدتها تنوفة، وقيل: هي المفازة في الصحراء. الأطحل: الذي في لونه كدرة. يشبه الشاعر نفسه بذئب نحيل الجسم جائع يتنقل بين الفلوات بحثاً عن الطعام.
(28) الطاوي: الجائع. يعارض الريح: يستقبلها. أي: يكون عكس اتجاهها. وهذا الوضع يساعده على شمّ رائحة الفريسة واتّباعها. الهافي: الذي يذهب يميناً وشمالاً من شدَّة الجوع، وقيل: معناه السريع. يخوت. يختطف وينقض. أذناب: أطراف. الشِّعاب: جمع الشِّعب، وهو الطريق في الجبل. يعسل: يمر مَرَّاً سَهْلاًَ. وفي هذا البيت تتمة لما في البيت السابق من وصف للذئب.
(29) لواه: دفعه، وقيل: مطله وامتنع عليه. أَمَّه: قصده. النظائر: الأشباه التي يشبه بعضها بعضاً. نُحَّل: جمع ناحِل، وهو الهزيل الضامِر. يقول: بعد أن يئس هذا الذئب من العثور على الطعام، استغاث بجماعته، فأجابته هذه، فإذا هي جائعة ضامرة كحاله.
(30) مُهَلَّلة: رقيقة اللحم، وهي صفة لـ" نظائر " التي في البيت السابق. شِيب: جمع أَشْيَب وشيباء. القِداح: جمع قِدْح، وهو السَّهْم قبل بريه وتركيب نصله، وهو، أيضاً ، أداة للقمار. الياسر: المقامِر. تتقلقل: تتحرك وتضطرب. وفي هذا البيت يصف الشاعر الذئاب الجائعة الباحثة عن الطعام، فإذا هي نحيلة من شدة الجوع، بيضاء شعر الوجه، مضطربة كسهام القمار.
(31) "أو" للعطف إمّا على الذئب الأزلّ في البيت الذي سبق قبل ثلاثة أبيات، وإمَّا على ، " قداح " التي في البيت السابق، وجاز عطف المعرفة على النكرة لأنه أراد بـ" الخشرم " الجنس إبهاماً، و" قداح " وإن كان نكرةً، فقد وُصف، فاقترب من المعرفة. والخشرم: رئيس النحل. حَثْحَثَ: حرك وأزعج. الدَّبْر: جماعة النَحْل. المحابيض: جمع المحبض، وهو العود مع مشتار العسل. أرداهُنَّ: أهلكهنّ. السامي: الذي يسمو لطلب العسل. المعَسَّل: طالب العسل وجامعه.
(32) المُهَرَّتة: الواسعة الأشداق. الفُوه: جمع "الأفوه " للمذكَّر، والفوهاء للمؤنث، ومعناه المفتوحة الفم. الشدوق: جمع الشّدق، وهو جانب الفم. كالحات: مكشرة في عبوس. البُسَّل: الكريهة المنظر. والشاعر في هذا البيت يعود إلى وصف الذئاب التي تجمّعت حول ذلك الذي دعاها لإنجاده بالطعام، فيصفها بأنها فاتحة أفواهها، واسعة الشدوق، كئيبة كريهة المنظر.
(33) ضجَّ: صاح. البراح: الأرض الواسعة. النوح: النساء النوائح. العلياء: المكان المرتفع. الثكَّل: جمع الثَّكْلى، وهي المرأة التي فقدت زوجها أو ولدها أو حبيباً. والمعنى أن الذئب عوى فعوتِ الذئاب من حوله، فأصبح وإيّاها كأنَّهن في مأتم تنوح فيه الثكالى فوق أرض عالية.
(34) أغْضى: كفّ عن العواء. اتَّسَى، بالتشديد: افتعل من "الأسوة "وهي الاقتداء، وكان الأصل فيه الهمزة، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وكسر همزة الوصل قبلها، ثُم أُبدلت الياء تاء، وأُدغمت في تاء الافتعال. ويروى بالهمزة فيهما من غير تشديد، وهو أجود من الأوّل، لأن همزة الوصل حذفت لحرف العطف، فعادت الهمزة الأصليّة إلى موضعها، كقولك: وائتمنه، والذي ائتمن . والمراميل: جمع المرمل، وهو الذي لا قوت له. والمعنى أن الذئب وجماعته وجدا حالهما متّفقين يجمعهما البؤس والجوع، فأخذ كل منهما يعزِّي الآخر ويتأسَّى به.
(35) شكا: أظهر حاله من الجوع. ارعوى: كفَّ ورجع. الشكو: الشَّكوى. وعجز هذا البيت حكمة ، ومفادها أنَّ الصبر أفضل من الشكوى إن كانت غير نافعة.
(36) فَاءَ: رجع. بادرات: مسرعات، وبادره بالشيء أسرع به إليه. النكظ: شدَّة الجوع. يكاتم: يكتم ما في نفسه. مُجْمِل. صانع للجميل. وفي هذا البيت يتابع الشاعر وصف الذئاب، فيقول إنهنَّ بعد يأسهن من الحصول على الطعام، عدن إلى مأواهنَّ ، وفي نفوسهن الحسرة والمرارة.
(37) الأسآر: جمع سؤر، وهو البقيَّة في الإناء من الشراب. القطا: نوع من الطيور مشهور بالسرعة. الكدر: جمع أكدر للمذكَّر وكدراء للمؤنَّث، والكُدرة: اللَّون ينحو إلى السواد. القَرَب: السير إلى الماء وبينك وبينه ليلة. الأحناء: جمع الحنو، وهو الجانب. تتصلصل تصوِّت. والمعنى أنِّي أريد الماء إذا سايرت القطا في طلبه، فأسبقها إليه لسرعتي، فترد بعدي، فتشرب سُؤري.
(38) هَمَمْتُ بالأمر: عزمتُ على القيام به ولم أفعله. والتاء في " هَمَّتْ " تعود إلى القطا، والمعنى: أنا وإيَّاها قصدنا الماء. ابتدرنا: سابق كلٌّ منّا الآخر. أسدلت: أرخت أجنحتها كناية عن التعب. الفارط: المتقدِّم، وفارط القوم: المتقذِّم ليصلح لهم الموضع الذي يقصدونه. يقول: ظهر التعب على القطا، وبقيت في قمَّة نشاطي، فأصبحت متقدِّماً عليها دون أن أبذل كلَّ جهدي، بل كنتُ أعدو متمهِّلاً لأنني واثق من السبق.
(39) ولَّيت: انصرفت. تكبو: تسقط. العُقْر: مقام السَّاقي من الحوض يكون فيه ماء يتساقط من الماء عند أخذه من الحوض. الذّقون: جمع الذقن، وهو منها ما تحت حلقومها. الحَوْصل: جمع الحوصلة، وهي معدة الطائر. يقول: سبقت القطا بزمن غير قصير حتى إنِّي شربت وانصرفت عن الماء قبل وصولها مجهدةً تتساقط حول الماء ملتمسةً الماء بذقونها وحواصلها.
(40) وغاها: أصواتها. حَجْرتاه: ناحيتاه، والضمير يعود على الماء. والأضاميم: جمع الإضمامة، وهي القوم ينضمّ بعضهم إلى بعض في السَّفَر. السَّفْر: المسافرون. نزَّل: جمع نازل، وهو المسافر الذي حطَّ رحله، ونزل بمكان معيَّن، وحوله جماعات من المسافرين حطَّت الرحال محدثةً صخباً كبيراً، والمعنى أن أصوات القطا حول الماء كثيرة حتى كأنَّها أَلََّفت جانبي الماء .
(41) توافين: توافدن وتجمَّعن، والضمير يعود إلى القطا. شتَّى: متفرِّقة، والمقصود متفرّقة. الأذْواد: جمع ذود، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. ومن أمثال العرب: " الذَّود إلى الذَّودِ إبل " ، وهو يُضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتّى يؤدِّي إلى الكثير. الأصاريم: جمع الصرمة، وهي العدد من الإبل نحو الثلاثين. والمَنْهل: الماء. والمعنى أنَّ أسراب القطا حول الماء تشبه أعداداً كثيرة من الإبل تتزاحم حول الماء.
(42) العَبّ : شرب الماء من غير مصّ . الغشاش: العجلة. والركب خاصّ بركبان الإبل. أحاظة: قبيلة من اليمن، وقيل: من الأزد. المُجْفل: المنزعج، أو المسرع. والمعنى أن القطا لفرط عطشها شربت الماء غبا، ثمّ تفرقت بسرعة.
(43) آلف: أتعوَّد. الأهدأ: الشديد الثبات. تنبيه: تجفيه وترفعه. السناسن: فقار العمود الفقري. قُحَّل: جافة يابسة. يقول: ألفتُ افتراش الأرض بظهر ظاهرة عظامه، حتَّى إنَّ هذه العظام هي التي تستقبل الأرض، فيرتفع الجسم عنها، وهذا كناية عن شدَّة هزاله.
(44) أعدل: أتوسَّد ذراعاً، أي: أسوِّي تحت رأسي ذراعاً. المنحوض: الذي قد ذهب لحمه. الفصوص: مفاصل العظام. الكعاب: ما بين الأنبوبين من القصب، والمقصود به هنا شيء يُلعب به. دهاها: بسطها. مُثَّل: جمع ماثل، وهو المنتصب. والمعنى أن ذراعه خالية من اللحم لا تبدو فيها إلاَّ مفاصل صلبة كأنها من حديد.
(45) تبتئس : تلقى بؤساً من فراقه. القسطل: الغبار. وأمّ قسطل: الحرب. و"ما "، في " لما " بمعنى الذي. اغتبطت: سرَّت. والمعنى أنَّ الحرب إذا حزنت لفراق الشنفرى إيَّاها، فطالما سرَّت بإثارته لها.
(46) طريد: مطرود. الجنايات: المقصود بها غاراته في الصعلكة. تياسرن لحمه: اقتسمنه. عقيرته: نفسه. حُمَّ : نزل، ولم يؤنَّث "حُمَّ " لأنَّه لـ "أيّ " ، ولفظها مذكَّر. والمعنى أنَّه مطارد ممَّن أغار عليهم، وهؤلاء يتنافسون للقبض عليه والانتقام منه.
(47) تنام: أي الجنايات، وعبَّر بها عن مستحقِّيها. حثاثاً: سراعاً. تتغلغل: تتوغَّل وتتعمَّق. يقول: إنَّ أصحاب الجنايات في غاية اليقظة للانتقام مني ، وهم إنْ ناموا، فإنَّ عيونهم تظل يقظى تترصَّدني للإيقاع بي. وقيل: المعنى أنَّه إذا قصَّر الطالبون عنه بالأوتار لم تقصَّر الجنايات.
(48) الإلف: الاعتياد، وهنا بمعنى المعتاد. الحمي: المحموم. والعياد كالعود: الرجوع. والربع في الحمّى أن تأخذ يوماً، وتدع يومين، ثمّ تجيء في اليوم الرابع. و"هي": ضمير يعود على "الهموم "، يعني الهموم أثقل عنده من حُمَّى الربع.
(49) وردت: حضرت، والضمير يعود للهموم. والورد خلاف الصَّدر. وأصدرتها: رددتها. تثوب: تعود. تُحيت: تصغير "تحت". عَلُ: مكان عالٍ. والمعنى أنَّ الشاعر كلَّما صرف الهموم، عادت إليه من كلّ جانب، فهي، أبداً، ملازمة له.
(50) ابنة الرمل: الحية، وقيل: هي البقرة الوحشية. ضاحياً: بارزاً للحرِّ والقرّ. رقّة: يريد رقّة الحال ، وهي الفقر. وأحفى: من الحفاء وهو عدم لبس النعل. وفي هذا البيت يتخيَّل الشاعر امرأةً، كعادة الشعراء القدماء ، فيخاطبها قائلاً لها إنه فقير لا يملك ما يستر به جسده من لفح الحرّ والقرّ، ودون نعل ينتعله فيحمي رجليه.
(51) مولى الصبر: وليّه يريد انه القائم به. وكل من قام بامر احد او وليه فهو وليه. أجتاب: أقطع. البزّ: الثياب. السِّمع: ولد الذّئب من الضْبع . والحزم: ضبط الرجل امره واخذه بالثقه. أنعل: أتخذه نعلاً. يقول إنّه صبور، شجاع، حازم.
(52) أُعدِم: أفتقر. البعدة، بضمّ الباء وكسرها، اسم للبعد. المتبذِّل: المُسِفّ الذي يقترف ما يُعاب عليه. يقول إنه يفتقر حيناً ويغتني حيناً آخر، ولا ينال الغنى إلا الذي يقصر نفسه على غاية الاغتناء.
(53) الجزع: الخائف أو عديم الصبر عند وقوع المكروه. الخَلَّة: الفقر والحاجة. المتكَشِّف: الذي يكشف فقره للناس. المَرِح: شديد الفرح. المُتخَيِّل: المختال بغناه. يقول: لا الفقر يجعلني أبتئس مظهراً ضعفي، ولا الغنى يجعلني أفرح وأختال.
(54) تزدهي: تستخفّ. الأجهال: جمع الجَهْل ، والمقصود الحمق والسفاهة. سؤول: كثير السؤال، أو ملحّ فيه. الأعقاب: جمع العقب، وهو الآخر. أنمل: أنمّ، والنملة، بفتح النون وضمّها، النميمة. والمعنى أنّ الشاعر حليم لا يستخفه الجهلاء، متعفِّف عن سؤال الناس، بعيد عن النميمة وإثارة الفتن بين الناس.
(55) النَحْس: البرد. يصطلي: يستدفىء. ربّها: صاحبها. الأقطع: جمع قِطْع، وهو نصل السّهم. يتنبَّل: يتخذ منها النّبل للرمي. والمعنى: ربَّ ليلةٍ شديدة البرد يُشعل فيها صاحب القوسِ قوسَه ونصال سهامه، فيجازف بفقد أهمّ ما يحتاج إليه، ليستدفىء .
(56) دعست: دفعت بشدّة وإسراع، وقيل: معناه مشيت. أو وطئت. الغَطْش: الظلمة. البغش: المطر الخفيف. صحبتي: أصحابي. السّعار: شدّة الجوع، وأصله حرّ النار، فاستُعير لشدّة الجوع، وكأنّ الجوع يُحدث حرَّاً في جوف الإنسان. الإرزيز: البرد. والوجر: الخوف. والأفكل: الرعدة والارتعاش.
(57) أيَّمت نسواناً: جعلتُهن أيامى، أي بلا أزواج. والأيِّم: من لا زوج له من الرجال والنساء على حدٍّ سواء. الإلدة: الأولاد. وأيتمتُ إلدة: جعلتهم بلا آباء. أبدأت: بدأت. أليل: شديد الظلمة.
(58) أصبح: فعل ماض ناقص، اسمه "فريقان" ، وخبره "جالساً". ويجوز أن يكون فعلاً تامَّاً فاعله "فريقان"، و"جالساً"، حال. والغميصاء: موضع في بادية العرب قرب مكة . والجَلْس. اسم لبلاد نجد. يقال: جلس الرجل إذا أتى الجَلْس، فهو جالس، كما يقال: أتْهَمَ، إذ أتى تهامة. يقول: كان من نتائج غارتي اللّيليّة، التي وصفها في الأبيات الثلاثة السابقة، أنه عند الصباح أخذ الذين غرت عليهم يسأل بعضهم بعضاً، وهم بنجد، عن آثار غارتي متعجّبين من شدّتها وآثارها الأليمة.
(59) هَرَّت: نبحت نباحاً ضعيفاً. عَسَّ: طاف باللَّيل، ومنه العَسَس، وهم حرَّاس الأمن في اللَّيل. الفُرعُل: ولد الضبع. يقول: إن القوم الذين أغرت عليهم يقولون: لم نسمع إلا هرير الكلاب، وكان هذا الهرير بفعل إحساسها بذئب أو بفرعل.
(60) النبأة: الصوت، والمقصود صوت صدر مرّةً واحدة ضعيفاً. هوَّمت: نامت ، والضمير في هذا الفعل يعود على الكلاب. القطاة: نوع من الطيور، يسكن الصحراء خاصَّةً. رِيع: خاف. وفاعله "قطاة"، ولذلك كان على الشاعر أن يقول "ريعتْ"، ولم يؤنث لوجهين: أحدهما على الشذوذ، والثاني أنَّه حمل القطاة على جنس الطائر، فكأنَّه قال: طائر ريع. والأجدل: الصَّقْر. وهمزة الاستفهام محذوفة، والتقدير: أقطاة ريعت أم ريع أجَدَلُ. وهذا البيت استدراك للبيت السابق، فقد استدرك القوم الذين أغار عليهم، فقالوا: إن هرير الكلاب لم يستمرّ، وإنَّما كان صوتاً واحداً ضعيفاً، ثم نامت الكلاب، فقالوا، عندئذ، لعل الذي أحسَّت به الكلاب قطاة أو صقر.
(61) أبرح: أتى البَرَح، وهو الشِّدَّة، وقيل: هو أفعل تفضيل من البرح، وهو الشِّدَّة والقوَّة. الطارق: القادم باللَّيل. والكاف في "كها" للتشبيه. والمعنى أن الذين أغار عليهم تعجَّبوا وتَحيَّروا، فقد تعوَّدوا أن يقوم بالغارة جماعة من الرجال لا فرد واحد، وأن يشعروا بها فيدافعوا عن أنفسهم وحريمهم، أمَّا أن تكون بهذه الصورة الخاطفة فهذا الأمر غير مألوف، ولعل الذين قاموا بها من الجنّ لا من الإنس. وهذا البيت شاهد للنحاة على جر الكاف للضمير في "كها" شذوذاً.
(62) الشِّعرى: كوكب يطلع في فترة الحر الشَّديد، ويوم من الشِّعرى: يوم من الحرّ الشديد. واللّواب (كما في بعض الروايات): اللعاب، والمقصود به ما ينتشر في الحر كخيوط العنكبوت في الفضاء، وإنما يكون ذلك حين يكون الحز مصحوباً بالرطوبة ، الأفاعي: الحيَّات. الرمضاء: شدَّة الحرّ. تتململ: تتحرك وتضطرب. يقول: ربَّ يومٍ شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها على شدَّة الحر.
(63) نصبت له وجهي: أقمته بمواجهته. الكِنّ ؛ السِّتر. الأتحميّ : نوع من الثياب كالعباءة. المرعبل: المُمَزَّق. وهذا البيت مرتبط بسابقه، ومعناهما: ربَّ يوم شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها شدَّة الحرّ، واجهت لفح حرِّه دون أيّ ستر على وجهي، وعليّ ثوب ممزّق لا يردّ من الحرِّ شيئاً قليلاً.
(64) الضافي: السابغ المسترسِل، ويعني شَعره. اللبائد: جمع اللبيدة، وهي الشَّعر المتراكب بين كتفيه، المتلبِّد لا يُغْسَل ولا يُمشَّط. الأعطاف: جمع العَطف، وهو الجانب. ترجَّل: تسرَّح وتمشَّط. والمعنى: أنَّه لا يستر وجهه وجسمه إلا الثوب الممزَّق، وشعر رأسه، لأنه سابغ. إذا هبّت الريح لا تفرِّقه لأنّه ليس بِمسرَّح، فقد تلبَّد واتَّسخ لأنَّه في قفر ولا أدوات لديه لتسريحه والعناية به.
(65) بعيد بمسّ الدهن والفلي أي منذ زمن بعيد لم يعرف الدهن والفَلْي (الفلي: إخراح الحشرات من الشَّعر. العَبَس: ما يتعلَّق بأذناب الإبل والضّأن من الرَّوث والبول فيجف عليها، ويصبح وسخاً. عافٍ : كثير. مُحْوِل: أتى عليه حول (سنة). والأصل: محوِل من الغَسْل. والبيت بكامله وصف لشعره.
(66) الخَرْق: الأرض الواسعة تتخرَّق فيها الرياح. كظهر الترس: يعني أنَّها مستوية. قَفْر: خالية، مقفرة، ليس بها أحد. العاملتان: رجلاه. والضمير في "ظهره" يعود على الخرق. ليس يُعمل: ليس مِمَّا تعمل فيها الركاب.
(67) ألحقت أولاه بأخراه: جمعت بينهما بسيري فيه، قطعته. والضمير في "أولاه" و "أخراه " يعود على (الخرق) المذكور في البيت السابق. والمعنى: لشدَّة سرعتي لحق أوّله بآخره. موفياً: مشرفاً. القُنَّة: أعلى الجبل، مثل القلَّه. الإقعاء: أن يلصق الرجل ألْيَتَيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند ظهره. أمثل: أنتصب قائماً. يقول: وربَّ أرض واسعة قطعتها مشرفاً من على قمَّة جبل، جالساً حيناً، وسائراً حيناً آخر.
(68) ترود: تذهب وتجيء الأراوي: جمع الأرويَّة، وهي أنثى التيس البريّ. الصُّحْم: جمع أصحم للمذكر، وصحماء للمؤنث، وهي السوداء الضارب لونها إلى الصفرة، وقيل: الحمراء الضارب لونها إلى السواد. العذارى: جمع العذراء، وهي البكر من الإناث. الملاء: نوع من الثياب. المُذَيَّل: الطويل الذيل.
(69) يركُدْن: يثبتن. الآصال: جمع الأصيل، وهو الوقت من العصر إلى المغرب. العُصم: جمع الأعصم، وهو الذي في ذراعيه بياض، وقيل: الذي بإحدى يديه بياض. الأدفى من الوعول: الذي طال قرنه جداً . ينتحي: يقصد. الكِيحَ: عرض الجبل وجانبه. الأعقل: الممتنع في الجبل العالي لا يُتوصَّل إليه. والمعنى أن الوعول آنستني، فهي تثبت في مكانها عند رؤبتي، وكأن الشاعر أصبح جزءاً من بيئة الوحوش، وإن كان أخطر وحوشها.


المصدر :

1- كتاب لاميات العرب.
2 - شرح ديوان الشنفرى

رعد 11-Dec-2005 09:44 AM


أُدِيـمُ مِطـالَ الجـوعِ حتـى أُمِيـتـهُ ، ++++ وأضربُ عنـه الذِّكـرَ صفحـاً ، فأذهَـلُ

وأستفُّ تُرب الأرضِ كـي لا يـرى لـهُ ++++ عَلـيَّ ، مـن الطَّـوْلِ ، امـرُؤ مُتطـوِّلُ


والله فعلا انها تعلم مكارم الاخلاق.
رضي الله عن عمر بن الخطاب ، كان رجل دين ودنيا.
وجزاك الله خير يا بو وليد على نشر هذه القصيدة

((الدلبحي)) 12-Dec-2005 12:56 AM

اختيار موفق ورائع

لاهنت

تحيااااااااااااااااااااااااااتي

فواز الشيباني 12-Dec-2005 12:29 PM

الاخ ابو ضيف الله
بكل صدق قمه في اختيارك

ابـن نـعـيـس 12-Dec-2005 12:39 PM

لاهنت يالغالي

رائع دائما



تحيااااااااااااااااااااااااتي

أبو الوليد 13-Dec-2005 11:49 AM

الاخ رعد

الاخ الدلبحي

الاخ فواز الشيباني

الاخ بن نعيس

أشكركم جميعا على المرور والردود .

ويعطيكم الف عافية

ابو ضيف الله 16-Dec-2005 12:26 AM

لا إله إلا الله

جــزاك الله كل خير يا الوليد على هذه القصيدة الرائعة والتي تعد من عيون الشعر العربي
ولكن بصراحه هي في غايةالصعوبة ولا يمكن فهم ابياتها الرائعة إلا بالرجوع إلى شرح له

واذكر اني مرة ارسلت إلى اخي الاكبر رسالة جوال فيه بيت الشنفرة الذي يقول فيه:
ولي دونكم أهلون سيداً علمساً = وراقط زهلولاً وعفرا أجيل

يقول اخوي يوم جتني الرسالة قريتها وما فهمت شيء واعطتها لواحد من خوياي وقرائها وما فهم شيء
ثم قال خويه: الرساله هذي جتك من من؟
فرد اخوي: من اخوي
فقال صاحبه : اخوك ذا ويش فيه ؟
قال اخوي : مطوع
فرد صاحبه: تـرى المطاوع بعض الاوقات غريبين!! :)

أبو الوليد 16-Dec-2005 09:53 PM

الله يسلمك يابوضيف الله
وتراك من صعوبة البيت كتبته بالخطأ .
ألا ترى ان الشنفرى لم يترك للمبدعين مجال الا تكرار ما قاله.
وصدق عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. ففيها من مكارم الاخلاق وعزة النفس والشهامة
دروس وعبر .
تحياتي لك يا شيخ المطوعين !!
تراني معجب بكم يامعشر المطاوعة ( ادعو لنا )

ابو ضيف الله 16-Dec-2005 10:16 PM

والله لو علموا خبيث سريرتي *** لأبا السـلام علي من يلقاني
 
صـدقت يا ابو الوليد فلامـيـة العـرب لا مثيل لها في الادب العربي بل الادب العالمي !!
واخشى ان أكون متعصباً في حكمي هذا ولكن بشهادة الجميع العربية هي افصح لغات البشرية

وخذ هذا الموقف الثـاني لهذه القصيدة العصماء والمذكـور في المصدر الذي اخـذت منه القصيدة
وهي ان الادباء يقولون انك عندما تقارن بين قصيدة لامية العـرب وقصيدة لامية العجم للطغراني
تجـد ان لامية العـرب تمثل شخصية العـربي في اخـلاقة وحيـاته والامـور التي يسـموا اليها
وأما لامية العجـم هي عكس ذلك فهي ضـد اخـلاق العـرب و اقرب إلى أخـلاق العجم وحياتهم

أبو الوليد 16-Feb-2007 10:49 PM

من أراد أن يتعلم مكارم الأخلاق فليقرأ لامية العرب ..
ونرفعها من أجل عيون قراء الهيلا .. وروادها الكرام ..
خاصة هذه الأيام في مناسبة مهرجان التراث والثقافة.

سبيع بن عامر 28-Sep-2007 04:37 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح لبعض ابيات لامية العرب التي اخبر عنها الخليفة الراشد الفاروق ابو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وارضاه انها تعلم مكارم الاخلاق وتحقيق د . محمد نبيل طريفي .
1-
اقيموا بني امي صدور مطيكم
فاني الى قوم سواكم لأميل

الشرح :
المطي : جمع مطيه وهي ما يمتطى من الدواب واراد هنا الابل . وقوله : اقيموا صدور مطيكم اي : انتبهوا من غفلتكم واسلكوا الطريق الصحيحه وهذا على المجاز . والاصل فيه الراكب يغفل عن مطيته فتنحرف به عن القصد فيقال له : اقم صدر مطيتك . واميل : افعل بمعنى فاعل وليس المراد اني اكثر ميلا . وسبب ميله الى غير قومه انه جنى جنايه واخبرهم بها فاذاعوها . يطلب الشاعر من قومه الاستعداد للرحيل عنه لأنه يطلب صحبة غيرهم .
2-
فقد حمت الحاجات والليل مقمر
وشدت لطيات مطايا وأرحل

الشرح :
حمت : قدرت . الطيات : جمع طيه وهي الحاجه . قيل : الجهه التي يقصد اليها المسافر . يقال : مضى لطيته اي لنيته التي نواها . والارحل : جمع الرحل وهو ما يوضع على ظهر البعير . وشدت : قويت واوثقت اراد الشاعر : انتبهوا من رقدتكم فهذا وقت الحاجه ولا عذر لكم فان الليل كالنهار في الضوء والأله حاضره عتيده .
3-
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزل

الشرح :
المنأى : مكان لمن ينأى عن الناس وهو مبتدأ مؤخر . ويريد بالأذى : الذل والهوان .
والقلى : البغض والكراهية . ومعتزل : مكان لمن يعتزل الناس . يقول : الأرض واسعة وفيها بعد للكريم عن الضرر ومتحول لمن خاف البغض .
4-
لعمرك ما بالأرض ضيق على امرىء
سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل

الشرح :
لعمرك : اللام للابتداء وعمرك : قسم . سرى : مشى ليلا . راغب : أي يرغب أو يرهب عاقلا أي فهما لما يرغب فيه أو يخاف منه . وهو يعقل : يريد انه واع لما أراده وقصد إليه . يقول : وحقك ليس بالأرض ضيق على شخص مشى بالليل طامعا في نيل مقصود أو خائفا من عدو إذا كان الشخص حازما بصيرا .
5-
ولي دونكم اهلون سيد عملس
وارقط زهلول وعفراء جيأل

الشرح :
لي دونكم : اي غيركم . السيد : الذئب . العملس : القوي على السير السريع او الخبيث من الذئاب . الارقط : فيه سواد وبياض . زهلول : خفيف . عرفاء : الضبع الطويلة العرف . جيأل : من اسماء الضبع . اراد : انه ألف القفار والفيافي واعتاد قطع الصحاري حتى انست اليه الوحوش وصارت له اهلا .
6-
هم الأهل لا مستودع السر ذائع
لديهم ولا الجاني بما جر يخذل

الشرح :
قوله هم : فيه معاملة الوحوش معاملة العقلاء وهذا جائز مجازا . وهو كثير باللغة العربية . وقوله : الأهل : بتعريف المسند فيه قصر وكأنه قال هم الأهل لا انتم . وقوله بما جر : الباء فيه سببية . وجر : جنى . يريد : هم كالرهط في النصرة لا يفشى عندهم السر ولا يعاقب الجاني .
7-
وكل أبي باسل غير إنني
اذا عرضت أولى الطرائد أبسل

الشرح :
كل : أي كل واحد منهم والحديث عن الوحوش التي مر ذكرها بالبيت الخامس . والأبي : الحمي الأنف الذي لا يقر للضيم . والباسل : الشجاع البطل . والطرائد : جمع طريدة وهي ما يطرد والمراد بها هنا الفرسان . يريد : انه إذا عرض من يطرد منا أو من غيرنا كنت اشد منهم بسالة .
8-
وان مدت الايدي الى الزاد لم اكن
باعجلهم اذا اجشع القوم اعجل

الشرح :
اجشع : احرص . وباعجلهم : الباء زائده للتوكيد غير متعلقه بشىء . يقول : اذا حضر الطعام ومدت الايدي اليه لم اكن مسرعا في مد يدي فان ذلك غاية الحرص .
9-
أديم مطال الجوع حتى اميته
واضرب عنه الذكر صفحا فاذهل

الشرح :
المطال : المطل والتسويف . وقوله : اضرب عنه الذكر اي : أتناساه . يريد : اماطل الجوع واعده بالكذب حتى أميته واترك ذكره حتى أنساه .
10-
واستف ترب الأرض كيلا يرى له
علي من الطول امرؤ متطول

الشرح :
الطول : الفضل . والتقدير : لكيلا يرى امرؤ له علي فضل . اراد : انه يستف تراب الارض كيلا يرى امرؤ له علي فضل فان المنه ثقيلة .
11-
ولولا اجتناب الذام لم يلف مشرب
يعاش به إلا لدي ومأكل

الشرح :
الذام : العيب الذي يذم به . يقول : لولا تجنبي ماأذم به لحصلت على ما اريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمه .
12-
ولكن نفسا مرة لا تقيم بي
على الذام الا ريثما اتحول

الشرح :
لكن : استدراك معناه زياده صفه على الصفات المتقدمه . والذام : العيب . وريثما : منصوب على الظرف اي : قدر ما أتحول . يقول : ولكن نفسا لي قوية لا تقيم على العيب الا قدر تحولي من محله .
13-
واطوي على الخمص الحوايا كما انطوت
خيوطه ماري تغار وتفتل

الشرح :
الخمص :- بالفتح - الجوع - وبالضم - الضمر . والحوايا : جمع حوية وهي الامعاء والخيوطه : السلوك وهي الخيوط . والماري : الفاتل وقيل : اسم رجل اشتهر بصناعة الحبال وفتلها . وتغار : تفتل وتحكم . يقول : اطوي امعائي على الجوع كانطواء سلوك الفاتل المحكمة الفتل .
14-
واغدو على القوت الزهيد كما غدا
ازل تهاداه التنائف اطحل

الشرح :
الزهيد : القليل . والازل : الذئب القليل لحم الوركين . واتنائف : الفلوات واحدتها تنوفه . تهاداه : تناقله اي : انه كلما خرج من تنوفه دخل الى اخرى . والاطحل : الذي لونه بين الغبره والبياض . يقول : واسير غدوة مع كون قوتي قليلا كغدو الذئب الأرسح المغبر المتنقل بين المفاوز .
15-
طريد جنايات تياسرن لحمه
عقيرته لأيها حم اول

الشرح :
الطريد : المبعد يعني : الشنفرى . وهو خبر لمبتدأ محذوف . وتياسرن لحمه / اقتسمن لحمه 0 مأخوذ من يسر القوم الجزور اذا اجتزوها واقتسموها . و عقيرته : نفسه . يريد: انه مطارد بسبب جنايات ارتكبها والذين يطاردونه يقتسمون لحمه كما يقتسم لاعبو الميسر جزور الناقه .
16-
والف هموم ما تزال تعوده
عيادا الحمي الربع او هي اثقل

الشرح :
الحمي : المحموم . والالف : الاليف - وهو معطوف على طريد جنايات . والعياد كالعود : الرجوع . والربع في الحمى : ان تأخذه يوما وتدعه يومين ثم تجىء في اليوم الرابع . والمعنى : ان الهموم تعتادني كما تعتادني حمى الربع . او بمعنى : ان الهموم عنده اعظم شأنا من حمى الربع .
17-
اذا وردت اصدرتها ثم انها
تثوب فتأتي من تحيت ومن عل

الشرح :
اذا وردت : اي الهموم . ووردت : حضرت . والورد خلاف الصدر . وتثوب : تعود . تحيت : تصغير تحت . وعل : ظرف والمعنى تأتي من اسفل واعلى . والمعنى : انها وردت - اي الهموم - رددتها ثم تأتي من كل جهاتي لكثرتها فلا استطيع ردها .
18-
فاما تريني كابنة الرمل ضاحيا
على رقة احفى ولا اتنعل

الشرح :
ابنة الرمل : الحية وقيل انها البقره الوحشيه . ضاحيا : بارزا اي : تريني مشبها ابنة الرمل . رقة : يريد رقة الحال . ولااتنعل : معطوف على احفى . وغرضه به توكيد الحفى في كل حال .
19-
فاني لمولى الصبر اجتاب بزه
على مثل قلب السمع والحزم افعل

الشرح :
مولى الصبر : وليه يريد انه القائم به . وكل من قام بامر احد او وليه فهو وليه . والصبر : حبس النفس عن الجزع . واجتاب : البس . والبز : الثياب . يريد ان وليه ألبس ثوبه . والسمع : - بكسر السين - ولد الذئب من الضبع . والحزم : ضبط الرجل امره واخذه بالثقة . والمعنى : انا القائم بالصبر اتصرف فيه كما اريد واحتذي الحزم فاني ملك هذه الاشياء وقاهر لها . اي : اتولى الصبر مجتابا بزه علي مثل قلب السمع .
20-
واعدم احيانا واغني وانما
ينال الغني ذو البعدة المتبذل

الشرح :
اعدم : اصير ذا عدم . والعدم : الفقر . ذوالبعدة : ذو الرأى والحزم . المتبذل : الذى لا يصون نفسه . والمعنى : لاينال العنى الا الذي يقصر نفسه على غاية الاغتناء .
21-
فلا جزع من خلة متكشف
ولا مرح تحت الغنى اتخيل

الشرح :
الجزع : الخائف او عديم الصبر عند وقوع المكروه . والخلة : الحاجه والفقر . والمتكشف : الذي يظهر فقره وحاجته للناس . والمرح : شدة الفرح والنشاط . والتخيل : التكبر . المعنى : لا اجزع عند حاجتي ولا اتكبر عند الغنى
22-
وليلة نحس يصطلي القوس ربها
واقطعه اللاتي بها يتنبل

الشرح :
ليلة نحس : مجرور برب مضمره . وليلة النحس : الشديدة البرد . والاصطلاء : ان يقاسي حر النهار وشدته . وربها : صاحبها . والاقطع : جمع قطع وهو نصل قصير عريض السهم . يريد : انه يصطلي القوس والسهام لشدة البرد . ويتنبل : اي : يرمي بها .
23-
دعست علي غطش وبغش وصحبتي
سعار وارزيز ووجر وافكل

الشرح :
الدعس : الوطء والطعن . الغطش : الظلمه . البغش : المطر الخفيف وهو فوق الطش . السعار : - بالضم - حر النار وشدة الجوع . ومراده : حر عظيم يشبه حر النار . والارزيز : البرد وقيل : الجوع . و الوجر : الخوف . والافكل : الرعده .
24-
فايمت نسوانا وايتمت والدة
عدت كما ابدأت والليل اليل

الشرح :
الأيم : من لا زوج له من الرجال والنساء . اي : تركهن بلا ازواج . والدة : ولده . ليل اليل : ثابت الظلمه .
25-
واصبح عني بالغميصاء جالسا
فريقان مسؤول واخر يسأل

الشرح :
اصبح : ناقصه واسمها فريقان . وخبرها جالسا . والغميصاء : موضع بنجد . والجالس : الذي يأتي نجدا .
26-
فقالوا لقد هرت بليل كلابنا
فقلنا أذئب عس ام عس فرعل

الشرح :
هرير الكلب : صوته دون نباحه من قلة الصبر على البرد . والعس : الطواف بالليل . والفرعل : ولد الضبع والانثى فرعله .
27-
فان يك من جن لأبرح طارقا
وان يك انسا مكها الانس يفعل

الشرح :
لأبرح : اي لقد ابرح اي : جاء البرح وهو الشده . والكاف في كها للتشبيه وهي حرف (وها) ضمير الفعلة منقول وانتم سالمون وغانمون والسلام

سبيع بن عامر 28-Sep-2007 11:16 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

اخواني الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد لما للتلازم بين الاسمين لامية العرب للشنفرى الازدي احد صعاليك العرب الكثر في الجاهلية مثل تابط شرا والسليك بن سلكه وغيرهم ولامية العجم للطغرائي المتوفي (514هـ - وقيل 515هـ ) وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني فاليكم لامية العجم ومقارنة بين اللامتين وهذه لامية العجم للطغرائي

أصــــــــــــــــــــــالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ
وحليةُ الفضـــــــــــــــــــلِ زانتني لدى العَطَلِ

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَـــــــــــــــــــــــرعٌ
والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَـــــــــــــــــــــــــكنِي
بها ولا ناقــــــــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِـــــــــــفر الكف مُنفـــــــــــردٌ
كالســــــــــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

فلا صـــــــــــــــــــــــديقَ إليه مشتكى حَزَني
ولا أنيسَ إليه مُنتهى جــــــــــــــــــــــــــذلي

طـــــــــــــــــــال اغترابي حتى حَنَّ راحلتي
وَرَحْلُها وَقَرَا العَسَّـــــــــــــــــــــــــــــالةَ الذُّبُلِ

وضج من لغبٍ نضـــــــــــــــــــــــوى وعج لما
ألقى ركابي ، ولج الركــــــــــــب في عَذلي

أريدُ بســـــــــطـــــــــةَ كفٍ أســـــــــتعين بها
على قــــضــــاء حـــقـــوقٍ للعـلى قِــبَــلــي

والدهــــــــر يعكــــــــــــــــس آمالي ويُقنعني
من الغــــــنيمة بعد الكـــــــــــــدِّ بالقــــفــــلِ

وذي شِطاطٍ كصـــــــــــــــــــــدر الرمحِ معتقل
بمثله غيرُ هـــــــــــــــــــــــــــــــــيَّابٍ ولا وكلِ

حلو الفُـــكـــــاهـــــةِ مرُّ الجـــــدِّ قد مــزجــت
بشــــــــــــــــــــــــــــدةِ البأسِ منه رقَّةُ الغَزَلِ

طردتُ ســـــــــــــــــــرح الكرى عن ورد مقلته
والليل أغرى ســــــــــــــــــــوام النوم بالمقلِ

والركب ميل على الأكـــــــــــــــــوار من طربٍ
صــــــــــــاح ، وآخـــــــــر من خمر الكرى ثملِ

فقلتُ : أدعــــــــــــــــــــــوك للجلَّى لتنصرني
وأنت تخذلني في الحــــــــــــــــــــادث الجللِ

تنامُ عيني وعين النجم ســــــــــــــــــــاهرةٌ
وتســـــــــــــــــــــــتحيل وصبغ الليل لم يحُلِ

فــــهــــل تـــعــــيــنُ على غـيٍ هــمــتُ بــه
والغي يزجـــــــــــــــــــــــر أحياناً عن الفشلِ

إني أريدُ طـــــــــــــــــروقَ الحي من إضــــــمٍ
وقد حــــمــــاهُ رمـــــــــاةٌ من بني ثُــعــــــــلِ

يحـــمون بالبيــض والســــــــمـــــر الِّلدان به
ســــــــــــــــــــودُ الغدائرِ حمرُ الحلي والحللِ

فســـــــــر بنا في ذِمام الليل معتسِـــــــــفـاً
فنفحةُ الطيبِ تهـــــــــــــــــــــدينا إلى الحللِ

فالحبُّ حيث العدا والأســــــــــدُ رابضــــــــــةٌ
حول الكِناس لها غـــــابٌ من الأســـــــــــــــلِ

تؤم ناشــــــــــــــــــــــــــئة بالجزم قد سُقيت
نِصــــــــــــــــالها بمياه الغُــنــْـج والكَـــحَـــــلِ

قد زاد طــــــــيبُ أحاديثِ الكــــــــــــــــرام بها
مابالكــــــــــرائم من جــــــــــــــــبن ومن بخلِ

تبيتُ نار الهـــــــــــــــــــــــوى منهن في كبدِ
حــــــــــرَّى ونار القـــــــرى منهم على القُللِ

يَقْتُلْنَ أنضـــــــــــــــــــــــاءَ حُبِّ لا حِراك بهم
وينحـــــــــــــــــرون كِـــــــــــرام الخيل والإبلِ

يُشفى لديغُ العـــــــــــــــــــوالي في بيُوتِهمُ
بِنَهلةٍ من غـــــدير الخــمــــر والعـــســــــــــلِ

لعـــل إلــمــــامـــةً بالجــــــــــزع ثــانــيــــــــةٌ
يدِبُّ منها نســـــــــــــــــــيمُ البُرْءِ في عللي

لا أكـــــــــــــــــــرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
برشــــــــــــــــــــــــقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ

ولا أهــــــاب الصـــــفــــاح البيض تُســــعدني
باللمح من خلل الأســــــــــــــــــــــتار والكللِ

حبُّ الســـــــــــــــــــــلامةِ يثني هم صاحبهِ
عن المعالي ويغري المرء بالكســـــــــــــــــلِ

فإن جــــنــــحــــتَ إليه فـــاتـــخـــذ نــفــقـــاً
في الأرض أو ســــلماً في الجـــــــــوِّ فاعتزلِ

ودع غمار العُــــــلا للمقــــــــــــــــدمين عـلى
ركــــــــــوبــــهــا واقـــتــنــعْ مــنــهـــن بالبللِ

يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مســـــــــــــكنهُ
والعِـــــــــــــــزُّ عند رســــــــــيم الأينق الذّلُلِ

فادرأ بها في نحــــــــور البيد جــــــــــــــــافِلةً
معارضــــــــــــــــــــــات مثاني اللُّجم بالجدلِ

إن العـــــــــلا حـــــدثتني وهي صــــــــــادقةٌ
فيما تُحـــــــــــــــــــــــــدثُ أن العز في النقلِ

لو أن في شـــــــــــــــــرف المأوى بلوغَ منىً
لم تبرح الشـــمـــسُ يومــــاً دارة الحــمــــــلِ

أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مســـــــــــــــــــــــتمعاً
والحظُ عني بالجــــهــــالِ في شُـــــــــــــــغلِ

لعله إن بدا فضـــــــــلي ونَقْصــــــــــــــــــــهمُ
لِعــــيــــنـــه نـــــام عـــــنــــهـــــم أو تنبه لي

أعــــــللُ النــفــس بالآمــــال أرقــــــــــــــبــها
ما أضــــــــيق العــيــش لولا فُســـحــة الأمل

لم أرتضِ العـــيـــشَ والأيــــام مــقــبــلـــــــــةٌ
فكيف أرضــــــــــــــــــى وقد ولت على عجلِ

غالى بنفســـــــــــــــــــــــي عِرْفاني بقيمتها
فصــــــــــــــــــــــنتها عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ

وعادة الســــــــــــــــــــيف أن يزهى بجوهرهِ
وليس يعــــمــــلُ إلا فــــي يديْ بـــطــــــــــلِ

ماكــــــــنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمـــــــــــــــــني
حتى أرى دولة الأوغاد والســــــــــــــــــــــفلِ

تــقــدمـــتـــنــي أناسٌ كان شــــــــــــــوطُهمُ
وراءَ خطوي لو أمشــــــــــــــــــــي على مهلِ

هذاء جــــــــــــــــزاء امرىءٍ أقرانهُ درجـــــــــوا
من قبلهِ فتمنى فســـــــــــــــــحةَ الأجَــــــلِ

فإن عــــــــــــــــــــــلاني من دوني فلا عَجبٌ
لي أســــــوةٌ بانحطــــاط الشمسِ عن زُحلِ

فاصـــــــــــــــــــــــبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ
في حــــــــادث الدهـــر ما يُغني عن الحِـيلِ

أعـــــــــدى عدوك ادنى من وثِقـــــــــــــتْ به
فحاذر الناس واصـــــــحـــــــــبهم على دخلِ

فإنما رُجــــــــــــــــل الدنيا وواحــــــــــــــدها
من لايعـــــــــــولُ في الدنيا على رجــــــــلِ

وحُســـــــــــــــــــــــــــن ظنك بالأيام معجزَةٌ
فَظنَّ شـــــــــــــــــــــراً وكن منها على وجَلِ

غاض الوفـــــــــاءُ وفاض الغـــــــــدر وانفرجت
مســــــــــــــــــافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ

وشـــــــــــــــــــان صدقكَ عند الناس كذبهم
وهلْ يُطـــــــــابق مِعْــــــــــــــــــــوجٌ بمعتدلِ

إن كان ينجـــــــــــــــع شــــــيءٌ في ثباتهمُ
على العهود فســــبق الســـــــــــيف للعذلِ

يا وراداً سُـــــــــــــــــــــــــــؤر عيش كلُّه كدرٌ
أنفـــقــــت صــــفـــوك في أيامـــــــــك الأول

فيم اقتحــــامك لجَّ البحـــــــــــــــــــــر تركبهُ
وأنت تكـــــفــــيك مــــنـــهُ مــــصـة الوشـلِ

مُلكُ القـــنـــاعــــةِ لا يُخــــشــــى عليه ولا
يُحتاجُ فيه إلى الأنصــــــــــــــــــــــار والخَولِ

ترجـــــــــــــــــــــــــــو البقـاء بدارٍ لاثبات بها
فهل ســــــمعـــت بـــظـــلٍ غـــير منتـقــــلِ

ويا خبيراً على الإســــــــــــــــــــــرار مطلعاً
اصـــــمـتْ ففي الصــمــت منجاةٌ من الزلل

قد رشــــحـــــوك لأمـــــــرٍ إن فطـٍــــــنتَ له
فاربأ بنفســــــــــــــــك أن ترعى مع الهملِ

لامية العرب للشنفرى المتوفي نحو 70 قبل الهجرة وهو ثابت بن أوس الأزدي الملقب بالشنفرى ، نشأ بين بني سلامان من بني فهم الذين أسروه وهو صغير ، فلما عرف بالقصة حلف أن يقتل منهم مائة رجل ، وقد تمكن من قتل تسعة وتسعين منهم ، وأما المائة فقيل إنه رفس جمجمة الشنفرى بعد موته فكانت سبباً في موته . وهو - أي الشنفرى - من أشهر عدَّائي الصعاليك كتأبط شراً وعمرو بن براقة ، ومن أشهرهم جرأة وقد عاش في البراري والجبال . ومنها:

أقيموا بني أمي ، صــــــــــــــــــــدورَ مَطِيكم
= فإني ، إلى قومٍ سِــــــــــــــــــواكم لأميلُ !

فقد حــــــمت الحـــــاجـــــاتُ ، والليلُ مقمرٌ
= وشُـــــــــــــــــدت ، لِطياتٍ ، مطايا وأرحُلُ؛

وفي الأرض مَنْأىً ، للكـــــــــريم ، عن الأذى
= وفيها ، لمن خــــــــــــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضـــــــــــيقٌ على أمرئٍ
= سَـــــــــــــــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ

ولامية العجم للطغرائي المتوفي (514هـ - وقيل 515هـ ) وهو العميد مؤيّد الدين ، أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبدالصمد الأصبهاني . ومنها:

أصــــــــــــــــــــــالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ
= وحليةُ الفضــــــــــــــــــلِ زانتني لدى العَطَلِ

مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَـــــــــــــــــــــــرعٌ
=والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَــــــــــــــــــــــــكنِي
= بها ولا ناقـــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِــــــــفر الكف مُنفـــــــــــــردٌ
= كالســـــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

كتب هذه الدراسة الدكتور / محمد إبراهيم نصر وهي في كتابه من عيون الشعر ( اللاميات ) وانا بدوري انقلها لكم بين القصيدتين صلات مشتركة تدفع إلى إلقاء هذه الظلال بعيداً عن الغلو والإفراط كما ظهر ذلك في بعض الدراسات حتى فقدت طابع اليسر والسماحة . البعد عن الأهل والإحساس بالغربة : كلا الشاعرين بعيد عن أهله ، ناءٍ عن أصدقائه ، ولكن كلاً منهما يستقبل النأي والغربة استقبالاً مختلفاً تماماً . فالشنفرى صلب الإرادة ، قوي النفس ، ماضي العزم ، يتخذ أهلاً له جدداً من الوحوش المفترسة ، فأصدقاؤه : الذئاب والنمور والضباع والحيات ، اقرأ له يقول :

لَعَمْرُكَ ، ما بالأرض ضــــــــــــيقٌ على أمرئٍ
= سَــــــــــــــــرَى راغباً أو راهباً ، وهو يعقلُ

ولي ، دونكم ، أهــــــــــلونَ : سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
= وأرقطُ زُهــــلــــول وَعَــــــرفــاءُ جـــــــــــيألُ

أما الطغرائي : فرقيق الحاشية ، واهي العزم ، فما إقامته ببغداد وليس له فيها صديق يشكو إليه حزنه ويزف إليه فرحه ، إلى دليل على ذلك ، ولذلك يقول :

فيم الإقامةُ بالزوراءِ لا سَـــــــــــــــــــــــــكنِي
= بها ولا ناقــــــــــــــــــــــتي فيها ولا جملي

ناءٍ عن الأهلِ صِـــــــــفر الكف مُنفـــــــــــــردٌ
= كالســــــــــــــــــيفِ عُرِّي مَتناه عن الخلل

فلا صـــــــــــــــــــــــديقَ إليه مشتكى حَزَني
= ولا أنيسَ إليه مُنتهى جــــــــــــــــــــــذلي

فتجد في حديثه رنة الأسى ، ونبرة الحزن ، وضعف النفس متمثلاً في قوله ناءٍ عن الأهل ، صفر الكف ، منفرد ، فلا صديق أبثه حزني ، ولا أنيس أخلو إليه من وحدتي ، فالرجل لايقوى على مثل هذه المواقف كما يقوى عليها الشنفرى الذي يقرر حقائق وَطَّن نفسه عليها .

وفي الأرض مَنْأىً ، للكـــــــــــريم ، عن الأذى
= وفيها ، لمن خــــــــــــــــاف القِلى ، مُتعزَّلُ

ثم يقسم على ذلك ويجد البديل عن الأهل في هذه الوحوش التي أنس إليها وأنست إليه . والشنفرى : يستعيض عن فقد من لم يجد فيهم خيراً وليس في صحبتهم نفع بثلاثة أصحاب ، هم قلبه الشجاع الجسور ، و سيفه الصقيل ، وقوسه الصفراء المتينة :

وإني كفــــــــاني فَقْدُ من ليس جـــــــــــــازياً
= بِحُســــــــــــــــــــنى ، ولا في قـربه مُتَعَلَّلُ

ثلاثةُ أصــــــــــــــــحـــــابٍ : فؤادٌ مشـــــــيعٌ ،
= وأبيضُ إصــــــليتٌ ، وصــــــــــــــفراءُ عيطلُ

أما الطغرائي : فإنه يقصد من يعوضه عن الأهل والأصدقاء لأن له هدفاً هو بسطة الكف ، وسعة العيش ، يستعين به على ما يريده من الوصول إلى العلا والرفعة ، ولكن الدهر يعاكسه ، ويقف في طريقه ، فيرضى من الغنيمة بالإياب :

أريدُ بســـــــــطـــــــــةَ كفٍ أســـــــــتعين بها
= على قـضــــاء حـــقوقٍ للعـــلى قِــبَــلــي

والدهــــــــر يعكــــــــــــــــس آمالي ويُقنعني
= من الغــــــنيمة بعد الكـــــــــــدِّ بالقــــفــلِ

والشكوى ، والتودد ، ومحاولة الاستمالة للحصول على مطلوبه ، كل ذلك واضح في قوله :

فقلتُ : أدعــــــــــــــــــــــوك للجلَّى لتنصرني
= وأنت تخذلني في الحــــــــــــــــادث الجللِ

وكل منهما يذكر المرأة في لاميته غير أن منهج كل واحد منهما مختلف عن الآخر ، فالشنفرى ليس رجلاً جباناً قعيد منزله ، لاجئاً عند زوجته يشاورها في كل الأمور بل هو شجاع تعلو نفسه عن الركون إلى المرأة ، ولايقصد إليها . فهو ليس رجلاً قليل الخير ، لايفارق داره ، يصبح ويمسي جالساً إلى النساء لمحادثتهن يدهن ويتكحل كأنه منهن :

ولســـــــــــــــــــتُ بمهيافِ ، يُعَشِّى سَوامهُ
= مُــــجَـــــــــدَعَةً سُــــــــقبانها ، وهي بُهَّلُ

ولا جبأ أكهى مُرِبِّ بعرسـِــــــــــــــــــــــــــــهِ
= يُطـــــــــــــالعها في شـــــــأنه كيف يفعـلُ

ولا خــــــــــــــــــــــــــــــــالفِ داريَّةٍ ، مُتغَزِّلٍ ،
= يــــروحُ ويـــغــــــدو ، داهـــــــــــناً ، يتكحلُ

أما الطغرائي : فإن نفح الطيب المنبعث من المرأة يهديه في طريقه ، ويجذبه إليه فيدعو صاحبه أن يحث السير إليها ، وحب النساء يصمي قلبه ، وعيونهن النجلاوات ينفذن إلى شغاف نفسه ، فيقع أسيراً لهن:

فســـــــــر بنا في ذِمام الليل معتسِـــــــــفـاً
= فنفخةُ الطيبِ تهـــــــــــــــــدينا إلى الحللِ

تبيتُ نار الهـــــــــــــــــــــــوى منهن في كبدِ
= حــــــــــرَّى ونار القـــرى منهم على القُللِ

يَقْتُلْنَ أنضــــــــــــــــــــــــاءَ حُبِّ لا حِراك بهم
= وينحـــــــــــــــرون كِـــــــــــرام الخيل والإبلِ

لا أكـــــــــــــــــــرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
= برشـــــــــــــــــــقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ

وكل منهما يدعو إلى المعالي ويتمرد على الذل ، فالشنفرى يرتكب الصعب من الأمور ، فيقاوم الجوع حتى ينساه ، ويذهل عنه ، ولو أدى به الحال إلى أن يستف التراب حتى لا يرى لأحدِ فضلاً عليه فنفسه مرة لا تقيم على الضيم ، ولا ترضى به مهما كانت الأمور :

أُدِيمُ مِطالَ الجــــــــــــــــــــــــوعِ حتى أُمِيتهُ ،
= وأضربُ عنه الذِّكرَ صــــــــــــــــفحاً ، فأذهَلُ

وأســــــــــــــــــتفُّ تُرب الأرضِ كي لا يرى لهُ
= عَليَّ ، من الطَّــــــــــــــــــوْلِ ، امرُؤ مُتطوِّلُ

ولكنَّ نفســـــــــــــــــــــــــــــاً مُرةً لا تقيمُ بي
= على الضـــــــــــــــــــــــيم ، إلا ريثما أتحولُ

أما الطغرائي : فيرى أن حب السلامة يثني همم الضعفاء فيغريهم بالكسل والخمول ، ويدفعهم إلى تجنب المغامرات ، والبعد عن الأهوال ، والإنزواء عن الناس . وأما المعالي فإنها تدعو صاحبها إلى المغامرة وركوب الأخطار :

حبُّ الســـــــــــــــــــــــلامةِ يثني هم صاحبهِ
= عن المعالي ويغري المرء بالكســــــــــــــلِ

فإن جــــنــــحــــتَ إليه فـــاتـــخـــذ نــفــقـــاً
= في الأرض أو ســــلماً في الجــــــوِّ فاعتزلِ

ودع غمار العُــــــلا للمقــــــــــــــــدمين عـلى
= ركـــــــوبــــهــا واقـــتــنــعْ مــنــهـــن بالبللِ

يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مســـــــــــــكنهُ
= والعِــــــــــــــزُّ عند رســــــــيم الأينق الذّلُلِ

وكل منهما لا يرضى بالإقامة ولكن مطلب كلٍ منهما مختلف ، فالشنفرى طريد جنايات ارتكبها ، يتوقع أن تنقض عليه ، فهو هارب من وجه الساعين إلى دمه ، ينام بعيون يقظى ، فلا يضع جنبه على وجه الأرض حتى تعاوده الهموم من كل جانب ، وقد اعتاد هذه الهموم وألفها ، ولذلك يقول :

وآلف وجه الأرض عند افتراشـــــــــــــــــــــها
= بأهـْـــــــدَأ تُنبيه سَــــناسِـــــنُ قُــحَّـــــــلُ

طَــــــرِيدُ جِــــناياتٍ تياســــــــــرنَ لَــحْــمَــهُ ،
= عَــــــقِــــــيـــرَتـُهُ فـــــي أيِّـــهــا حُـــــمَّ أولُ

تـــنــــامُ إذا مــا نـــام ، يــقــظــى عُــيــُونُـها ،
= حِــــثــــاثــــاً إلى مــكـــروهــــهِ تَتَغَــلْغَــــلُ

وإلفُ هــــــــمــــومٍ مــــا تــــزال تَــــعُـــــــودهُ
= عِــــيــاداً ، كـــحــمــى الرَّبعِ ، أوهي أثقلُ

أما الطغرائي : فإنه لايرضى بالإقامة ، لأن نفسه تحدثه أن العز الذي يريده لا يتحقق بإقامته وإنما يتحقق بالتنقل والرحلة :

إن العـــــــــلا حــــــدثتني وهي صــــــــــادقةٌ
= فيما تُحــــــــــــــــــــــدثُ أن العز في النقلِ

كما أنه يهدف إلى تحقيق آماله ، التي يتوقع حصولها يوماً بعد يوم :

أعــــــللُ النــفــس بالآمــــال أرقــــــــــــــبــها
= ما أضـــــيق العــيــش لولا فُســـحــة الأمل

وكل منهما له في الحديث عن الصبر حِكمٌ تسير مع الزمن ، فالشنفرى مولى الصبر يلبس ملابسه على قلبِ مثل السِّمع ، والسِّمع هو الذئب الشجاع ، وينتعل الحزم :

فأني لمــــولى الصــــــبر ، أجـــــــــــــتابُ بَزَّه
= على مِثل قلب السَّـــــــــمْع ، والحزم أنعلُ

وهو لايجزع من الفقر ولا يفرح للغنى :

وأُعـــــــدمُ أحْـــــــــياناً ، وأُغــــــــــنى ، وإنما
= يـــنـــالُ الغِـــنى ذو البُــعْـــدَةِ المـــتــبَــذِّلُ

فلا جَــــــــــــــــــــــــــــــزَعٌ من خِلةٍ مُتكشِّفٌ
= ولا مَـــــــــرِحٌ تحــــــــــت الغِـــــــنى أتخيلُ

لكن الطغرائي : يتبرم من إدبار الدنيا عنه ، وإقبالها على غيره ، ويشكو لأن أناساً أقل منه قد سبقوه ، وكان حظهم أعظم من حظه :

ماكــــــــنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمـــــــــــــــني
= حتى أرى دولة الأوغاد والســــــــــــــــفلِ

تــقــدمـــتـــنــي أناسٌ كان شـــــــــــوطُهمُ
= وراءَ خطوي لو أمشـــــــــــــي على مهلِ

وقد شاعت الحكمة وانتشرت في كلا القصيدتين ، حتى تغنى الناس بحكم كل منهما ومن حكم الطغرائي التي يرددها الناس على مرِّ الزمان قوله :

وإن عـــــــــــــــــــــلاني مَنْ دوني فلا عَجبٌ
= لي أســـوةٌ بانحطــاط الشمسِ عن زُحلِ

وقوله :

أعـــــــدى عــــــدوك ادنى من وثِقــــــــتْ به
= فحاذر الناس واصـــحــــــــبهم على دخلِ

فإنما رُجـــــــــــــــل الدنيا وواحـــــــــــــــدها
= من لايعــــــولُ في الدنيا على رجــــــــلِ

وقوله :

وحُســـــــــــــــــــــــــــــن ظنك بالأيام معجزَةٌ
= فَظنَّ شــــــــــــــــــــــراً وكن منها على وجَلِ

****
غاض الوفــــــــــاءُ وفاض الغـــــــــدر وانفرجت
= مســــــــــــــــــــافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ

****
وشـــــــــــــــــــــان صدقكَ عند الناس كذبهم
= وهلْ يُطـــــــــابق مِعْــــــــــــــــــــــوجٌ بمعتدلِ

****
فيم اقتحــــامك لجَّ البحـــــــــــــــــــــــر تركبهُ
= وأنت تكـــــفــــــيك مــــنـــهُ مــــصـة الوشـلِ

****
مُلكُ القـــنـــاعــــةِ لا يُخــــشـــــــى عليه ولا
= يُحتاجُ فيه إلى الأنصــــــــــــــــــــــــار والخَولِ

خلاصة : والواقع أن الحكم المنتشرة في لامية الشنفرى منتظمة ضمن ذلك العقد الذي ينتظم قصيدته ، وضمن تجربته في الحياة ، إنها فرائد منها مرتبطة بها ارتباطاً وثيقاً قوياً محكماً . أما فرائد الطغرائي ، فمتناثرة في قصيدته ، والرابط بينها ليس من الإحكام والقوة التي ظهرت في لامية الشنفرى فقد جاءت مرتبطة حيناً بتجاربه في الحياة ، ومرارة العيش التي يشكو منها ، وأحياناً يضعف ذلك الخيط الذي يربطها فيبدو واهياً ضعيفاً ، وتبدو متراصة بعضها بجوار بعض في معزل عن تلك التجارب . مع تمنياتي لكم بالمتعة والفائدة منقول وانتم سالمون وغانمون والسلام

سبيع بن عامر 29-Sep-2007 12:33 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

الشعراء الصعاليك

الصعاليك هي جمع لكلمة صعلوك والصعلوك باللغة هو الفقير الذي لا مال له ولا سند . اما الشعراء الصعاليك فهم جماعة من العرب عاشوا في القفار ومجاهل الارض يرافقهم الفقر والتشرد والتمرد وكانوا يغيرون على البدو والحضر بقصد النهب والتخريب ثم يمضون في الصحراء حيث مخابئهم ولا يستطيع احد لحاقهم لسرعة عدوهم من جهة ولمعرفتهم في طرق الصحراء من جهة اخرى واتصف الصعاليك عادة بالشدة و الصبر والاحتمال والشجاعة والكرم والقوة وكانوا يقتسمون غنائمهم ويساعدون الضعفاء والمحتاجين . وكان من الصعاليك من اتصف بسواد لونه بسبب اختلاط اصولهم من امهاتهم الحبشيات فاطلق عليهم اغربة العرب ومن اشهرهم الشنفري والسليك بن سلكة وتأبط شرا , ومن الصعاليك من خلعتهم قبائلهم لكثرة ما سببوا للقبيلة من المشاكل . كان الشعراء الصعاليك يمثلون الصوت الحي والشجاع للثورة على الواقع الاجتماعي , ويعبرون عن رفض المضطهدين للاضطهاد وعن ثورة المسحوقين اقتصاديا واجتماعيا وعرقيا على الطبقة الارستقراطية المتحكمة بالرزق والدم وعلى سطوة التقاليد المتهرئة والتحكم الطبقي وقد تمرد هؤلاء الرجال على البنيان الاقتصادي والطبقي وأحياناالعنصري في القبيلة , ورغم ان القبيلة كانت في ذلك العصر هي القانون وهي الحماية الوحيدة للإنسان في الصحراء القاسية المخيفة , فانهم لم يغيروا موقفهم الثائر , وتمردوا على القبيلة وخلعوا منها ومن حمايتها وطردوا من اطارها فانطلقوا الى الصحراء العميقة الموحشة يقومون بالثورة على طريقتهم الفردية . وقد انتشروا على الاغلب في منطقة السراة المحيطة بمكة لوقوعها على الطريق التجاري الواصل بين اليمن والشام مما مكنهم من الغارة على القوافل التجارية , وقد اتاح انتشار الاسواق التجارية في تلك المنطقة الى انتشار تجارة الرقيق التي نقلت الكثير من الملونات المحرومات الى البادية واللاتي كن رافدا مهما في انجاب حركة الصعاليك , وقد اتاح الفارق الطبقي الكبير بين طبقة التجار وطبقة العبيد ان يتحول ابناء تلك الاماء الى ثائرين متمردين على القبيلة الظالمة التي لم تلبث ان خلعتهم وطردتهم من حمايتها فاخذوا يعبرون عن واقعهم الاجتماعي المزري بطريقتهم , وهؤلاء الفقراء لم يكونوا لصوصا بالفطرة همهم السلب والنهب بل كثيرا ما تنقل لنا كتب الادب اقاصيص وروايات عن كرمهم وشجاعتهم وبرهم باقاربهم واهلهم و احساسهم بالترفع والكرامة , كما قال عروة بن الورد :

اني امرؤ عافي انائي شركة
وانت امرؤ عافي انائك واحد

افرق جسمي في جسوم كثيرة
واحسو قراح الماء والماء بارد

فهو مستعد لتقسيم طعامه للناس والاكتفاء بالماء البارد وقد كان عروة يجمع الصعاليك ويؤمن حاجاتهم حتى سمي بعروة الصعاليك وقد اتصف بالشجاعة والجود وكرم الاخلاق وكبر النفس وقد نقل عن عبد الملك بن مروان انه قال (من زعم ان حاتما اسمح العرب فقد ظلم عروة بن الورد).
ومن الشعراء الصعاليك المشهورين الشنفري وهو واحد من اشهرعدائي العرب ممن لم تكن الخيل تدركه وكان يعيش على على السلب والنهب والغارات , وللشنفري قصيدته المشهورة بلامية العرب التي يشير في مطلعها الى تركه لقبيلته التي خلعته حيث يقول :

اقيموا بني امي صدور مطيكم
فاني الى قوم سواكم لأميل

ومن الصعاليك ايضا تابط شرا واتصف شعره بالكثير من العاطفة و السذاجة والاخلاص ويمتاز بقوة الملاحظة والوصف الدقيق للاشياء ويدلنا شعره ان الشر لم يكن طبعا من طباعهم بل كان وسيلة لتحقيق نوع من الكرامة الانسانية فيقول تأبط شراً :

ولا أتمنى الشر والشر تاركي
ولكن متى أحمل على الشر أركب

ومنهم ايضاً السليك بن سلكة وكان من العدائين الذين لا تدركهم الخيل اذا عدوا وواحد من اعرف العرب بطرق الصحراء واتسم شعره بالعفوية و صدق التعبير وبالخشونة وقد قتلته قبيلة خثعم وقال قاتله :

اني وقتلي سليكا ثم اعقله
كالثور يضرب لما عافت البقر

وبامكان القارئ من خلال قصائد الصعاليك معرفة الاحداث التي دارت و حياة العرب قديما . وللصعاليك الكثير من الكتب والدواوين التي اهتمت بشعرهم . استمرت الصعلكة على مدار العصر الجاهلي ولكن مجئ الاسلام الذي ساوى بين الناس ولم يفرق بين ابيض واسود وبين عربي واعجمي وحول ولاء الفرد من ولاء للقبيلة الى ولاء لله ورسله وبذلك تقلصت مؤقتاً مظاهر التفرقة الطبقية وعاش الناس لايميز احدهم عن الآخر الا ايمانه الشديد واخلاصه للعقيدة , ولم يكن ثمة مبرر لاستمرار ظاهرة الصعلكة بنفس قوتها في الجاهلية فالاسلام وزع الخيرات بالتساوي بين الناس ونصر المظلوم وساعد المحتاج ووضع همه في نشر تعاليم الدين الجديد , ولم يكن مجتمع الصعاليك بمنأى عن هذه القيم الاخلاقية الكريمة فهم فوارس وشجعان وكرماء ووجدوا في الدين وازعا لهم . ولكن بعض العصور الاسلامية عادت فكرست الفقر والطبقية وانتشرت الملاهي والترف وابتعد الناس عى نقاوة الاسلام الاولى , وعاد الغنى يتركز في ايدي القلة بينما كانت الاكثرية المحرومة لاتجد قوت يومها فنشا جيل من الثائرين على واقعهم الاجتماعي يشبهون كثيرا صعاليك الزمن الغابر , قد أصابهم الفقر ، فتاقوا الى الغنى ، عبر مسالك المغامرة والغزو والفتك ، ولم يكن سلوكهم العدواني هدفا في حد ذاته بل مجرد وسيلة للحفاظ على حياتهم وكرامتهم . ومن هؤلاء ابوالنشناش النهشلي الذي كان يعترض القوافل فيسلبها حمولتها ويوزع مايحصل عليه على المحتاجين وكثيرا ماذم الفقر في شعره ووصف حياة التشرد :

ولم ار مثل الفقر ضاجعه الفتى
ولاكسواد الليل اخفـــق طالبه

وسائلة اين الرحيل وســـائل
ومن يسأل الصعلوك اين مذاهبه

اما الاحيمر السعدي فقد كره بني البشر اجمعين وحقد على واقعه الاجتماعي المزري ورفضه الطلب من لئام الناس لأن خيرات الله تملا الدنيا وليس على المرء سوى اخذها بالقوة :

عوى الذئب فاستانست بالذئب اذ عوى
وصـــوت انسان فكدت اطير

واني لاستحيي مــــن الله ان ارى
اجـــرر حبلا ليس فيه بعير

وان اسال المــــرء اللئيم بعيره
وبعــران ربي في الفلاة كثير

فهم أصحاب أنفة واعتداد بالنفس ، فيتحملون الأذى الجسدي ، والجوع ، من أن يستجدى أحدهم غيره . لم يتميز شعر الصعاليك بالقصائد الطوال بل كان شعر مقطوعات صغيرة تعبر عن الغاية باختصار كما تميز شعرهم بوحدة الموضوع فلم يكن يفرع عن موضوع القصيدة مواضيع اخرى الا ماندر ونلاحظ انهم قد تركوا اسلوب الجاهليين في البكاء على الاطلال و تركوا المقدمات الغزلية التي لاتتناسب مع الموضوع الاساس ويتميز شعرهم بالواقعية والشفافية والصدق وحرارة شعورهم بالظلم والفاقة
تميزت الحركة الصعلوكية بانها كانت ثورة على الواقع الاجتماعي و احتجاجا على الفوارق الطبقية ومظهرا من مظاهر الصراع بين الطبقة الغنية والطبقة الفقيرة وبما انهم كانوا يعبرون عن حال غالب الناس فقد تعاطف الفقراء معهم الى ابعد حد ولكن ثورتهم لم تكن ثورة منظمة شعبية بل كانت ثورة فردية عشوائية يعبر كل صعلوك فيها عن معاناته وقد يصل الامر ببعضهم الى حد الحقد على البشر جميعا واعتزالهم ونظرا لهذه الفردية غير المنظمة فقد فشلت هذه الحركة في تحقيق العدالة الاجتماعية وما المهربين عنهم ببعيد . منقول بتصرف وانتم سالمون وغانمون والسلام

نواف العصيمي 29-Sep-2007 07:35 PM

يعطيك العافيه لاهنت
..

ولك التقدير والإحترام

..

أبو الوليد 30-Sep-2007 01:29 AM

الاخ سبيـــع بن عامر

يعطيك العافية
اضافة رائعة وممتازة عن اللاميات وعن الشعراء الصعاليك
وتستحق ان تكون موضوع مستقل لوحده.
تقبل تحيتي وشكري

محب الهيلا 20-Dec-2007 04:53 AM

مشكور وماقصرت

محمد العتيبي 20-Dec-2007 06:10 PM

بيض الله وجيهكم جميعا
حقيقه انكم رجال يستفاد منكم..
شكرا الله لكم..

أبو الوليد 04-Jan-2008 08:51 PM

الاخوان جميعا
بارك الله فيكم وفي مشاركتكم المثمرة والتي اثرت الموضوع
تحيتي للجميع ..

بن سقيّان التوم 07-Jan-2008 08:08 PM

بارك الله فيك
وشكرا لك على استحضارك لهذه الرائعه

السَّمَيْدَعُ 10-Jan-2008 08:04 AM

نقل رائع

جزاك الله خيرا

لكن من نقل هذه المقولة

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( علموا أولادكم لامية العرب )

أتمنى ذكر المصدر

ودمت بخير

عبدالله بن دبيس العتيبي 10-Jan-2008 10:04 AM

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة


اخوي سبيع بن عامر بيض الله وجهك موضوع متكامل ماشاء الله عليك الله يعطيك الف عافية و ننتظر منك المزيد والمزيد


وتقبل تحياتي وتقديري واحترامي


الساعة الآن »05:56 AM.

 Arabization iraq chooses life
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
.Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd