خلف الروقي
23-Oct-2009, 06:02 PM
الحقد مرض سيئ خبيث، لو أصيب به الشخص أتعبه ثم أهلكه.
الذين يصابون بمرض السرطان، في بعض حالاتهم يكونون أحسن حالاً من الذين يصابون بمرض الحقد، هل تدرون أيها الأحبة، ما هو الحد؟ وماذا يفعل بصاحبه؟
الحقد، يبدأ من الكراهية الشديدة، ثم يتحول إلى عداوة دفينة في القلب، وآخر مراحله هو الرغبة بالانتقام، وإنزال السوء بمن يكرهه الحاقد.
الحقد، حمل ثقيل يتعب حامله، لماذا؟ لأنه دائماً مشغول الفكر، غير مرتاح البال، دائماً يفكر، يبحث عن الكلمة التي يُخرجها، لكي تزعج الشخص الذي يحقد عليه، دائماً يحاول أن يناله بسوء، لذا هو دائماً في قلق، لا يهنأ بمنام، ولا يتلذذ بلقمة، حتى إن بعض الحاقدين، يكون حلمه في المنام فيمن يحقده، نسأل الله السلامة والعافية.
إن الحقد أيها الأخوة، أساساً ليست من الفطرة وليست من طبع البشر، بشكل عام؛ لأنها من أردئ الأخلاق، ومن سفاسف الأفعال، وهي في المسلمين أشنع.
إنها ليست من صفات أهل الإيمان، أن يحملوا الحقد في صدورهم، وذلك؛ لأن الأصل في صدرهم أن تكون مملوءة بالمحبة وإرادة الخير للناس.
والقلب أيها الأحبة إناء، إذا ملأت قلبك بالمحبة للناس، لم يجد الحقد مكاناً ينزل فيه، لكن لو كان قلبك فارغاً من حب الآخرين، فإنه والحالة هذه يجد الحقد مرتعاً خصباً يسكن فيه.
لقد مدحت آيات سورة الحشر، المهاجرين والأنصار لخصال طيبة فيهم، ليست هذا مجال ذكرها، ثم عقبت بالثناء على الذين يأتون بعدهم، إنهم يسألون الله جل وتعالى ألا يجعل في قلوبهم، حقداً ولا غلاً للذين آمنوا، قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[(8-10) سورة الحشر].
ولما كانت الجنة دار سعادة، ونعيم عامل شامل، كان لا بد لأصحابها من أن يكونوا مبرئين من كل حقدٍ وغلّ، ومن كل علة خلقية؛ لأن الحقد لا مكان ولا وجود له هناك، إنما توجد في هذه الدار الدنية، لهذا فإن الله جل وتعالى ينزع الحقد من كل الصدور التي تدخل الجنة، كما قال جل وعز في سورة الأعراف: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(43) سورة الأعراف]وقال جل وعز:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ}[(46-48) سورة الحجر].
الحقد يكون على حساب كثير من الفضائل وجوانب الخير لدى الإنسان، كلما زاد الحقد في قلبه مثل الصفات الحميدة، وبذور الخير في نفسه
الحقد داءٌ دفين ليس يحمله
مالي وللحقد يشقيني وأحمله
سلامة الصدر أهنأ لي وأرحب لي
إن نمت قرير العين ناعمها
وأمتطى لمراقي المجد مركبتي
مبرأ القلب من حقد يبطيئن
إلا جهول ملئ النفس بالعلل
إني إذن لغبيٌ فاقد الحيل
ومركب المجد أحلى لي من الزلل
وإن صحوت فوجه السعد يبسم لي
لا حقد يوهن من سعيي ومن عملي
أما الحقود ففي بؤس وفي خطل
كم جميل كلام هذا الشاعر، ليس هناك أهنأ من سلامة الصدر، كم هو مرتاح صاحب القلب السليم، الذي لا يحقد على الناس، شعاره العفو، سلوكه مسامحة الآخرين، غايته رضا الله -عز وجل-، قدوته بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك الصحابي الذي شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة؛ لأنه كان لا ينام إلا وقد محا ما في قلبه على كل أحد، ومن يقدر على هذا؟ ولهذا شهد له المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالجنة.
أيها المسلمون: لماذا يحقد الناس بعضهم على بعض؟ الحقد غالباً لا يكون إلا من الأدنى للأعلى، تجد الإنسان الدنيء، قليل المنزلة، خسيس الطبع، هذا الذي يمتلئ قلبه بالحقد غالباً. لكن كريم الطبع، ذو الأخلاق الفاضلة لا يعرف الحقد، ولهذا لا يحقدك أحد إلا إذا كنت أكثر منه مالاً، أو جاهاً، أو سمعةً، أو ذكاءً، أو عملاً، أو نحو ذلك، وهذا الذي هو أقل منك، فيما ذكرت أو غيرها لم يتربى على الإسلام كاملاً، ولا يدرك أن ما فيه إنما هو ابتلاء، فلا سبيل له إلا الحقد على الآخرين.
أيها الأحبة في الله: الحقد كله شر، لكن بعضه أهون من بعض، إذا كان الحقد من أحل الدنيا، فتارة أخف، لو حصل هذا لأجل مال أو جاه أو عقار أو ذرية؛ لهان الأمر نوعاً ما، في مقابل الحقد من أجل الدين، فهذه هي الطامة، وهذه هي بلية البلايا، أن يكون الحقد للدين ولأهله ولدعاته، فهذه يكون صاحبها على خطر عظيم.
منقول
من خطبة ناصر الاحمد
الذين يصابون بمرض السرطان، في بعض حالاتهم يكونون أحسن حالاً من الذين يصابون بمرض الحقد، هل تدرون أيها الأحبة، ما هو الحد؟ وماذا يفعل بصاحبه؟
الحقد، يبدأ من الكراهية الشديدة، ثم يتحول إلى عداوة دفينة في القلب، وآخر مراحله هو الرغبة بالانتقام، وإنزال السوء بمن يكرهه الحاقد.
الحقد، حمل ثقيل يتعب حامله، لماذا؟ لأنه دائماً مشغول الفكر، غير مرتاح البال، دائماً يفكر، يبحث عن الكلمة التي يُخرجها، لكي تزعج الشخص الذي يحقد عليه، دائماً يحاول أن يناله بسوء، لذا هو دائماً في قلق، لا يهنأ بمنام، ولا يتلذذ بلقمة، حتى إن بعض الحاقدين، يكون حلمه في المنام فيمن يحقده، نسأل الله السلامة والعافية.
إن الحقد أيها الأخوة، أساساً ليست من الفطرة وليست من طبع البشر، بشكل عام؛ لأنها من أردئ الأخلاق، ومن سفاسف الأفعال، وهي في المسلمين أشنع.
إنها ليست من صفات أهل الإيمان، أن يحملوا الحقد في صدورهم، وذلك؛ لأن الأصل في صدرهم أن تكون مملوءة بالمحبة وإرادة الخير للناس.
والقلب أيها الأحبة إناء، إذا ملأت قلبك بالمحبة للناس، لم يجد الحقد مكاناً ينزل فيه، لكن لو كان قلبك فارغاً من حب الآخرين، فإنه والحالة هذه يجد الحقد مرتعاً خصباً يسكن فيه.
لقد مدحت آيات سورة الحشر، المهاجرين والأنصار لخصال طيبة فيهم، ليست هذا مجال ذكرها، ثم عقبت بالثناء على الذين يأتون بعدهم، إنهم يسألون الله جل وتعالى ألا يجعل في قلوبهم، حقداً ولا غلاً للذين آمنوا، قال الله تعالى: {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[(8-10) سورة الحشر].
ولما كانت الجنة دار سعادة، ونعيم عامل شامل، كان لا بد لأصحابها من أن يكونوا مبرئين من كل حقدٍ وغلّ، ومن كل علة خلقية؛ لأن الحقد لا مكان ولا وجود له هناك، إنما توجد في هذه الدار الدنية، لهذا فإن الله جل وتعالى ينزع الحقد من كل الصدور التي تدخل الجنة، كما قال جل وعز في سورة الأعراف: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [(43) سورة الأعراف]وقال جل وعز:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ *ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ}[(46-48) سورة الحجر].
الحقد يكون على حساب كثير من الفضائل وجوانب الخير لدى الإنسان، كلما زاد الحقد في قلبه مثل الصفات الحميدة، وبذور الخير في نفسه
الحقد داءٌ دفين ليس يحمله
مالي وللحقد يشقيني وأحمله
سلامة الصدر أهنأ لي وأرحب لي
إن نمت قرير العين ناعمها
وأمتطى لمراقي المجد مركبتي
مبرأ القلب من حقد يبطيئن
إلا جهول ملئ النفس بالعلل
إني إذن لغبيٌ فاقد الحيل
ومركب المجد أحلى لي من الزلل
وإن صحوت فوجه السعد يبسم لي
لا حقد يوهن من سعيي ومن عملي
أما الحقود ففي بؤس وفي خطل
كم جميل كلام هذا الشاعر، ليس هناك أهنأ من سلامة الصدر، كم هو مرتاح صاحب القلب السليم، الذي لا يحقد على الناس، شعاره العفو، سلوكه مسامحة الآخرين، غايته رضا الله -عز وجل-، قدوته بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك الصحابي الذي شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجنة؛ لأنه كان لا ينام إلا وقد محا ما في قلبه على كل أحد، ومن يقدر على هذا؟ ولهذا شهد له المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بالجنة.
أيها المسلمون: لماذا يحقد الناس بعضهم على بعض؟ الحقد غالباً لا يكون إلا من الأدنى للأعلى، تجد الإنسان الدنيء، قليل المنزلة، خسيس الطبع، هذا الذي يمتلئ قلبه بالحقد غالباً. لكن كريم الطبع، ذو الأخلاق الفاضلة لا يعرف الحقد، ولهذا لا يحقدك أحد إلا إذا كنت أكثر منه مالاً، أو جاهاً، أو سمعةً، أو ذكاءً، أو عملاً، أو نحو ذلك، وهذا الذي هو أقل منك، فيما ذكرت أو غيرها لم يتربى على الإسلام كاملاً، ولا يدرك أن ما فيه إنما هو ابتلاء، فلا سبيل له إلا الحقد على الآخرين.
أيها الأحبة في الله: الحقد كله شر، لكن بعضه أهون من بعض، إذا كان الحقد من أحل الدنيا، فتارة أخف، لو حصل هذا لأجل مال أو جاه أو عقار أو ذرية؛ لهان الأمر نوعاً ما، في مقابل الحقد من أجل الدين، فهذه هي الطامة، وهذه هي بلية البلايا، أن يكون الحقد للدين ولأهله ولدعاته، فهذه يكون صاحبها على خطر عظيم.
منقول
من خطبة ناصر الاحمد