ابو ضيف الله
06-Aug-2004, 05:40 PM
عادت أَغاني العرسِ رَجْعَ نُواح *****ِ ونُعيتِ بين معالم الأَفراحِ
كُفِّنتِ في ليلِ الزفاف بثوبه ***** ودُفنتِ عند تبلُّج الإِصباح
شُيِّعتِ من هَلَعٍ بعَبْرةِ ضاحكٍ ***** في كلّ ناحيةٍ، وسكرةِ صاح
ضجَّتْ عليكِ مآذنٌ، ومنابر ***** وبكت عليك ممالكٌ، ونواح
الهندُ والهةٌ، ومصرُ حزينةٌ ***** تبكي عليك بمدمعٍ سَحّاحِ
والشامُ تسأَلُ، والعراق، وفارسٌ ***** أَمَحَا من الأَرض الخلافةَ ماح؟
وأَتت لك الجُمَعُ الجلائلُ مأْتماً ***** فقعدن فيه مَقاعدَ الأَنواح
يا لَلرّجال لحُرة مَوءُودة ***** قُتلت بغير جريرة وجُناح
إِنَّ الَّذين أَسَتْ جراحَكِ حربُهم ***** قتلتْكِ سلهمُ بغير جِراح
هتكوا بأَيديهم مُلاءَةَ فخرهِم ***** مَوْشِيَّةً بمواهب الفتاح
نزعوا عن الأَعناق خيرَ قِلادة ***** ونَضَوْا عن الأَعطاف خير وِشاح
حَسَبٌ أَتى طولُ الليالي دونَه ***** قد طاح بين عشيةٍ وصباح
وعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرَى أَسبابها ***** كانت أَبرَّ علائقِ الأَرواح
جَمَعَت على البرِّ الحُضورَ، وربما ***** جمَعتْ عليه سرائرَ النُّزَّاح
نظمت صفوفَ المسلمين وخَطْوَهم ***** في كلِّ غُدوةِ جُمعة ورواح
بكت الصلاةُ، وتلك فتنةُ عابثٍ ***** بالشرع، عِرْبيدِ القضاءِ، وَقاح
أَفتى خُزَعْبِلَةً، وقال ضلالةً ***** وأَتى بكفر في البلاد بواح
إِنَّ الذين جرى عليهم فقهُهُ ***** خُلقوا لِفقه كتيبة وسلاح
إِن حدّثوا نطقوا بخُرْسِ كتائبٍ ***** أَو خوطبوا سمِعوا بصُمِّ رِماح
استغفرُ الأَخلاقَ، لستُ بجاحدٍ ***** من كنتُ أَدفعُ دونَه وألاحي
ما لي أُطوّقُهُ الملامَ وطالما ***** قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي
هو ركنُ مملكة، وحائطُ دُولةٍ ***** وقريعُ شهباءٍ، وكبشُ نِطاح
أَأَقولُ مَن أَحيا الجماعةَ مُلحِدٌ ***** وأَقول مَن رد الحقوقَ إباحي
الحقُّ أَولى من وليِّك حرمةً***** وأَحقُّ منك بنصرةٍ وكِفاح
فامدح على الحقِّ الرجالَ ولُمْهُم ***** أَو خَلِّ عنك مَواقفَ النصاح
ومِن الرجالِ إِذا انبريتَ لهدمهم ***** هرمٌ غليظُ مناكِبِ الصُّفّاحِ
فإِذا قذفتَ الحق في أَجلاده ***** ترك الصراعَ مُضعْضَعَ الألواح
أَدُّوا إِلى الغازي النصيحةَ يَنتصحْ ***** إِن الجوادَ يثوبُ بعد جِماح
إِن الغرورَ سقى الرئيسَ بِراحِه ***** كيف احتيالُك في صريع الراح
نقل الشرائعَ، والعقائدَ، والقرى ***** والناسَ نقلَ كتائبٍ في الساح
تركتْه كالشبح المؤلَّهِ أُمَّةٌ ***** لم تَسْلُ بعدُ عباد الأشباح
هُم أَطلقوا يده كقيصرَ فيهم ***** حتى تناول كلَّ غيرِ مباح
غرَّته طاعاتُ الجُموعِ، ودولةٌ ***** وجد السوادُ لها هَوَى المُرتاح
وإِذا أَخذتَ المجدَ من أُمِّيةٍ ***** لم تُعطَ غيرَ سَرابِه اللّماح
منْ قائِلٌ للمسلمين مقالةً ***** لم يوحها غيرَ النصيحة واح؟
عهدُ الخلافةِ فِيَّ أَوّلُ ذائدٍ ***** عن حوضها ببراعةٍ نضَّاح
حبٌّ لذاتِ اللَّهِ كان، ولم يزل ***** وهوىً لذاتِ الحقِّ والإِصل
إِني أَنا المِصباحُ، لست بضائع ***** حتى أَكونَ فراشةَ المصباح
غزواتُ أَدهم كُلِّلَت بذوابِلٍ ***** وفتوحُ أَنورَ فُصِّلت بِصفاح
ولَّتْ سيوفُهما، وبان قناهُما ***** وشبا يَراعي غيرُ ذاتِ بَراح
لا تَبذلوا بُرَدَ النبي لِعاجزٍ ***** عُزُلٍ، يدافَعُ دونَه بالراح
بالأَمس أَوهى المسلمين جراحةً ***** واليوم مدّ لهم يَدَ الجرّاح
فلتَسمَعُنّ بكل أَرضٍ داعياً ***** يدعو إِلى الكذّابِ أَو لسَجاح
ولتشهدُنّ بكل أَرض فِتنةً ***** فيها يباعُ الدِّين بيعَ سَماح
يُفتَى على ذهبِ المُعزِّ وسيفِه ***** وهوى النفوس، وحِقْدِها المحاح
اميــر الشــعراء / احـمـد شـوقي
كُفِّنتِ في ليلِ الزفاف بثوبه ***** ودُفنتِ عند تبلُّج الإِصباح
شُيِّعتِ من هَلَعٍ بعَبْرةِ ضاحكٍ ***** في كلّ ناحيةٍ، وسكرةِ صاح
ضجَّتْ عليكِ مآذنٌ، ومنابر ***** وبكت عليك ممالكٌ، ونواح
الهندُ والهةٌ، ومصرُ حزينةٌ ***** تبكي عليك بمدمعٍ سَحّاحِ
والشامُ تسأَلُ، والعراق، وفارسٌ ***** أَمَحَا من الأَرض الخلافةَ ماح؟
وأَتت لك الجُمَعُ الجلائلُ مأْتماً ***** فقعدن فيه مَقاعدَ الأَنواح
يا لَلرّجال لحُرة مَوءُودة ***** قُتلت بغير جريرة وجُناح
إِنَّ الَّذين أَسَتْ جراحَكِ حربُهم ***** قتلتْكِ سلهمُ بغير جِراح
هتكوا بأَيديهم مُلاءَةَ فخرهِم ***** مَوْشِيَّةً بمواهب الفتاح
نزعوا عن الأَعناق خيرَ قِلادة ***** ونَضَوْا عن الأَعطاف خير وِشاح
حَسَبٌ أَتى طولُ الليالي دونَه ***** قد طاح بين عشيةٍ وصباح
وعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرَى أَسبابها ***** كانت أَبرَّ علائقِ الأَرواح
جَمَعَت على البرِّ الحُضورَ، وربما ***** جمَعتْ عليه سرائرَ النُّزَّاح
نظمت صفوفَ المسلمين وخَطْوَهم ***** في كلِّ غُدوةِ جُمعة ورواح
بكت الصلاةُ، وتلك فتنةُ عابثٍ ***** بالشرع، عِرْبيدِ القضاءِ، وَقاح
أَفتى خُزَعْبِلَةً، وقال ضلالةً ***** وأَتى بكفر في البلاد بواح
إِنَّ الذين جرى عليهم فقهُهُ ***** خُلقوا لِفقه كتيبة وسلاح
إِن حدّثوا نطقوا بخُرْسِ كتائبٍ ***** أَو خوطبوا سمِعوا بصُمِّ رِماح
استغفرُ الأَخلاقَ، لستُ بجاحدٍ ***** من كنتُ أَدفعُ دونَه وألاحي
ما لي أُطوّقُهُ الملامَ وطالما ***** قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي
هو ركنُ مملكة، وحائطُ دُولةٍ ***** وقريعُ شهباءٍ، وكبشُ نِطاح
أَأَقولُ مَن أَحيا الجماعةَ مُلحِدٌ ***** وأَقول مَن رد الحقوقَ إباحي
الحقُّ أَولى من وليِّك حرمةً***** وأَحقُّ منك بنصرةٍ وكِفاح
فامدح على الحقِّ الرجالَ ولُمْهُم ***** أَو خَلِّ عنك مَواقفَ النصاح
ومِن الرجالِ إِذا انبريتَ لهدمهم ***** هرمٌ غليظُ مناكِبِ الصُّفّاحِ
فإِذا قذفتَ الحق في أَجلاده ***** ترك الصراعَ مُضعْضَعَ الألواح
أَدُّوا إِلى الغازي النصيحةَ يَنتصحْ ***** إِن الجوادَ يثوبُ بعد جِماح
إِن الغرورَ سقى الرئيسَ بِراحِه ***** كيف احتيالُك في صريع الراح
نقل الشرائعَ، والعقائدَ، والقرى ***** والناسَ نقلَ كتائبٍ في الساح
تركتْه كالشبح المؤلَّهِ أُمَّةٌ ***** لم تَسْلُ بعدُ عباد الأشباح
هُم أَطلقوا يده كقيصرَ فيهم ***** حتى تناول كلَّ غيرِ مباح
غرَّته طاعاتُ الجُموعِ، ودولةٌ ***** وجد السوادُ لها هَوَى المُرتاح
وإِذا أَخذتَ المجدَ من أُمِّيةٍ ***** لم تُعطَ غيرَ سَرابِه اللّماح
منْ قائِلٌ للمسلمين مقالةً ***** لم يوحها غيرَ النصيحة واح؟
عهدُ الخلافةِ فِيَّ أَوّلُ ذائدٍ ***** عن حوضها ببراعةٍ نضَّاح
حبٌّ لذاتِ اللَّهِ كان، ولم يزل ***** وهوىً لذاتِ الحقِّ والإِصل
إِني أَنا المِصباحُ، لست بضائع ***** حتى أَكونَ فراشةَ المصباح
غزواتُ أَدهم كُلِّلَت بذوابِلٍ ***** وفتوحُ أَنورَ فُصِّلت بِصفاح
ولَّتْ سيوفُهما، وبان قناهُما ***** وشبا يَراعي غيرُ ذاتِ بَراح
لا تَبذلوا بُرَدَ النبي لِعاجزٍ ***** عُزُلٍ، يدافَعُ دونَه بالراح
بالأَمس أَوهى المسلمين جراحةً ***** واليوم مدّ لهم يَدَ الجرّاح
فلتَسمَعُنّ بكل أَرضٍ داعياً ***** يدعو إِلى الكذّابِ أَو لسَجاح
ولتشهدُنّ بكل أَرض فِتنةً ***** فيها يباعُ الدِّين بيعَ سَماح
يُفتَى على ذهبِ المُعزِّ وسيفِه ***** وهوى النفوس، وحِقْدِها المحاح
اميــر الشــعراء / احـمـد شـوقي