تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اسمعوا لهذا القرآن ...


ابو ضيف الله
28-Jul-2004, 09:19 PM
بقلم: الشيخ محمد العوامي

بعد فترة من الرسل، وغيبة من وحي السماء، طالت خمسمائة عام، أخذت الأمم تبتعد عن الحق والخير والهدى والصلاح والعدل والإحسان والصدق والأمانة، وتنأى عن كل المعاني النبيلة، وتسبح في بحر الجاهلية الحمقاء، وتتحلى بصفات الرذيلة بدلاً من مكارم الأخلاق والفضيلة.

وكان لا بد للبشر في تلك الحقبة الزمنية المأساوية من انفجار عظيم هائل يصك الأسماع ويدوي في الآذان وينبه النيام ويوقظ الغافلين - الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله العظيم - ويعيدهم إلى ربهم وفطرتهم، ويخلصهم من الجهل العميق العقيم.. كان لا بد للبشر من صرخة وصيحة وزلزلة تهز ضمائرهم، وتفزع قلوبهم، وتحيي نفوسهم التي ماتت كما مات أصحاب القبور، وتقرع أفئدتهم، وتخيفهم وترعبهم، وتنذرهم وتحذرهم.. كان لا بد للناس من يد رحيمة كريمة تمتد إليهم لتخلصهم من الضياع والضلال والشتات والحيرة والاستعباد ، والاستهتار بالحقائق والقيم.

وجاء الانفجار المدوي..
وجاءت الزلزلة والقارعة..
وامتدت اليد الرحيمة..
وجاء المنقذ المنجد..
وكان هو القرآن العظيم، والكتاب المجيد..
إنه النور الذي يهزم جيوش الظلمات، وسحب الشهوات، التي كوّنها الهوى والباطل.
إنه الحكمة الذي لا يرضى بالعبث والجور والاعتداء والاعتساف.
إنه العلم الذي يملأ القلب هدىً وفهماً وبصيرة.
إنه الفرقان الذي يجعل المرء يميز بين الصدق والكذب، ويفرق بين الهدى والضلالة، ويفصل بين الحق والباطل.

وطرقت آيات القرآن وكلمات الرحمن آذان الناس، ونفذت إلى أعماق قلوبهم، وأثرت فيهم أثراً بالغاً، وكيف لا تؤثر فيهم وتوقظهم وهي كلمات الخالق العظيم إلى عباده وخلقه ذوي الفطرة والضمير والوجدان؟؟

وأخذ الناس يستمعون كلام ربهم الذي لا يمكن أن يتلفظ بمثله إنسان، وصار كثير ممن غشيهم عسف الجاهلية يتوبون ويرجعون وينيبون ويستغفرون ويسلمون ويؤمنون وينفضون عن أنفسهم غبار الأيام الجائحة التي أنستهم ذكر ربهم وأبعدتهم كل البعد عن معاني الخير والفضيلة.. وصدق الله في قوله الكريم: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }[البقرة: 285].

وانبرى المستكبرون للدفاع عن باطلهم ومصالحهم القائمة على الظلم والاضطهاد والعنجهية، ورأوا أن أفضل طريقة للوقوف بوجه الحق الذي تسلم له كل نفس طيبة صادقة عاقلة هو: مواجهة القرآن، ورفعوا شعارهم الجائر الذي يضرب بالمنطق عرض الحائط: {لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: 26]، وأعلنوا إعلانهم الجريء: {لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلاَ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}[سبأ: 31]، {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[الأنعام: 26].

وشرعوا في إلصاق التهم بالنبي الكريم الأمين صلى الله عليه وسلم، والقرآن الحكيم المبين؛ فقالوا بأنه كذب ليس بصدق، وشعر فارغ ليس له واقع، وسحر ليس بحق، وأساطير قديمة، وأحلام خيالية، وكهانة وتنبؤات غير صحيحة، وجنون وافتراء {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلْ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}[الأنبياء: 5]، {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}[صَ: 4]،{وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}[الحجر: 6]، {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}[الأنعام: 25].

ولكن.. فشلت كل محاولات المجرمين الغشومة الظلومة، كما قال ربنا تبارك وتعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة: 32].

إنهم أبوا أن يسمعوا كلمات الله الهادية، وحاولوا جهدهم أن لا يسمعها أحد من الناس، لكيلا تحظى دعوة الحق بالقبول والإيمان، ولكي يتوجهوا بشره وطمع وحرص وجشع نحو شهواتهم الدنيوية الرخيصة الفانية، وسوف يندمون ويتأسفون حين لا ينفع الندم ولا الأسف، وذلك عندما يساقون إلى نار جهنم أذلاء مخزيين فيقولون: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك: 10].

ونحن اليوم في القرن العشرين الذي ينبغي أن يكون العالم قد تقدم فيه إلى أرقى مستويات الحضارة والرشد والصلاح والعقلانية والإنسانية، نعيش حالة شبيهة بالجاهلية الحمقاء التي واجهها بقوة وحزم نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم وجاهدها بالقرآن جهاداً كبيراً. بل إننا نرى اليوم جاهلية حمقاء، وأحمق من أختها القديمة، لأن إنسان اليوم تقدم وتطور وأخذ يجدد ويتفنن في الإجرام والطغيان مما لم يكن مشهوداً في العصر القديم.

إذاً، من الواجب علينا أن نتمسك بحبل الله المتين وكتابه المبين لنفوز بالنجاة والخلاص في عصر كثر فيه الهالكون. {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف: 170]، إن من الواجب علينا أن نرفع شعاراً معاكساً لشعار الكافرين الذين اختاروا الضلالة على الهدى والعذاب بدل المغفرة، شعاراً يقول: اسمعوا لهذا القرآن وتدبروا فيه لعلكم ترحمون، وتفوزون وتربحون وتسعدون..


منـقول من موقع طريق القـرآن

ثعلي من المحاني
11-Aug-2004, 01:32 PM
جزاك الله خير وجعلها في موازين حسناتك



نسأل الله ان يصلح شأن المسلمين



الدعاء واجب والعمل واجب فأن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم