أبو عمر الأسعدي
20-Aug-2009, 03:46 PM
أصبحت المياه الوادعة التي تغسل شواطئ الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين والمملكة العربية السعودية وعمان والعراق وقطر مصدراً للتشاحن. صحيح ان الوردة تضوع برائحتها الزكية أيا كان اسمها, غير أن معظم البشر في هذه المنطقة من العالم يشعرون بالانزعاج حين يسمي الاجانب عن غير انتباه خليجهم العربي بالخليج الفارسي. نحن الذين ولدنا عند سواحل الخليج العربي وسبحنا في مياهه اطفالا, نشأنا ونحن نسمع أن هذه السفن الكبيرة التي نراها من بعيد انما تبحر في مياه الخليج العربي متجهة نحو بحر العرب. واليوم نجد ان معظم السياح الذين يتدفقون على المنطقة من مختلف دول العالم لا يعتبرون أنفسهم زوارا للخليج الفارسي.
صحيح أن الخرائط والمعاهدات التي سبقت ستينيات القرن الماضي كانت تشير الى هذه الكتلة من الماء باسم الخليج الفارسي, مثلما كان الكثير من الخرائط الاوروبية القديمة تسمي البحر الأحمر باسم الخليج العربي.
ولكن دعونا نقفز الى القرن الواحد والعشرين. اليوم هناك الكثير من الاسباب والمبررات التي تجعل حريا بالمجتمع الدولي وخبراء الخرائط الاعتراف رسميا بأنه "الخليج العربي".
اول هذه الأسباب شديد الوضوح وهو أن فارس ما عادت موجودة منذ عام 1935 وما عادت تظهر على خرائط العالم بعدها. وبالقول" الخليج الفارسي" نكون كمن ينسب 24 الف كيلومتر مربع من مياه البحر الى حقبة مضت منذ زمن بعيد.
وثانيا: الجمهورية الاسلامية الايرانية المعاصرة ليست الا واحدة من ثماني دول تطل على هذا الخليج فيما السبعة الباقية هي دول عربية. اضف الى ذلك ان الكثير من الايرانيين الذين يعيشون على سواحل ايران الجنوبية هم عرب ويتكلمون العربية.
ثالثا: نعيش اليوم في عصر حققت فيه دول الخليج قوة جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة ولابد من الاعتراف بهذه الحقيقة.
ورابعا: التاريخ حافل بالامثلة عن تغيير أسماء الدول والمدن والبحار بما يتناسب مع التغيرات في أوضاعها. وعلى سبيل المثال فإن روديسيا اصبحت زيمبابوي وساحل الذهب تحولت الى غانا وبورما صارت ميانمار فيما تغيرت بومباي الى مومباي.
وربما يكون مفيدا التذكير هنا بأن الرومان كان يسمون البحر المتوسط " ميرنوستروم" أي"بحرنا" بالعربية فيما كان الاغريق يسمون المحيط الاطلسي " أوشينوس", لكن لا نجد الطليان او الاغريق اليوم يشهرون السلاح لمجرد تغيير الاسم.
غير ان هذا لا ينطبق على اصدقائنا الايرانيين للاسف الذين يتشبثون باسم "الخليج الفارسي" ويذودون عنه مثلما تدافع السباع عن جرائها. في 2004 على سبيل المثال , قام المئات من المدونين وخبراء الانترنت الايرانيين في عملية منظمة باطلاق ما سمي قنبلة غوغل وتمكنوا من التلاعب بمحرك البحث هذا بحيث كلما بدأ أحد المستخدمين بحثا عن "الخليج العربي" تخرج له صفحة جاء فيها" ان الخليج الذي تبحث عنه غير موجود. جرب الخليج الفارسي". كما كان المخربون الايرانيون مشغولين في اختراق المواقع الالكترونية العربية لإقحام خرائط للخليج من انتاج ايراني.
في 2005 ثارت الحكومة الايرانية لأن قطر استخدمت اسم »الخليج العربي« في المستندات والاوراق الرسمية الخاصة بدورة الالعاب الاسيوية عام 2006 وهددت بمقاطعتها كما هددت طهران بالغاء دورة التضامن الاسلامية الرياضية في اكتوبر 2009 لأن دول مجلس التعاون الخليجي طالبت بقيادة السعودية بالغاء شعار »الخليج الفارسي« من المواد الاعلامية للمناسبة والميداليات الرياضية, غير ان المفاوضات لا تزال جارية وربما امكن التوصل الى حل كما سبق وان حظرت السلطات الايرانية عدداً من مجلة »ناشنال جيوغرافيك« لان الاطلس فيه تضمن اسم »الخليج العربي« بين قوسين, بل انها حظرت مجلة »ايكونوميست« لاستخدامها اسم »الخليج« في احدى الخرائط التي نشرتها.
لنتكلم بصراحة اذا كان لدى الايرانيين كل هذه الحساسية تجاه الموضوع, فلا مانع لدي من ان يسموا هذه الكتلة المائية بأي اسم يريدونه بشرط الا يفرضوا مصطلحاتهم واسماءهم على الآخرين, ومن منطلق تجنب المشكلات, لا مانع من ان يواصلوا استخدام اسم »الخليج الفارسي« فيما نستخدم نحن العرب اسم »الخليج العربي« او ان نكتفي باسم »الخليج« هذا ما نراه مثلاً بين البريطانيين الذين يستخدمون اسم »القنال الانكليزي« والفرنسيين الذين يستخدمون اسم »بحر المانش« للاشارة الى مياه الاطلسي التي تفصل بين الساحلين البريطاني والفرنسي.
ومثلما يعتبر »القنال الانكليزي« و»بحر المانش« اسمين متساويين ويحل احدهما محل الآخر قانونا, يجب ان يكون هذا هو حال »الخليج الفارسي« و»الخليج العربي« ايضاً في نظر المجتمع الدولي, ولكن رغم مطالبات دول الخليج المتكررة, فإن تعليمات الامم المتحدة تشترط استخدام »الخليج الفارسي« في مستنداتها الرسمية, كما ان حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا اوصيتا ايضاً باستخدام »الخليج الفارسي« كمصطلح رسمي ولكن بالنظر الى العلاقة التي تجمع بين دول الخليج وواشنطن ولندن, فان مثل هذا الموقف من جانبهما يعتبر غير متعاون.
واخيراً اشير الى اننا لسنا وحدنا الذين نواجه مثل هذه المعضلة حيث طلبت كوريا الجنوبية والشمالية من مؤتمر الامم المتحدة لتوحيد الاسماء الجغرافية تغيير اسم »بحر اليابان« الى »بحر الشرق« ولكن الامم المتحدة, بخلاف موضوعنا قررت ترك مثل هذه المسائل الى الدول المعنية لحلها.
اننا في دول الخليج فخورون بتاريخنا وموقعنا الجيوسياسي بقدر الايرانيين ونستحق من جانب اصدقائنا الاحترام الكامل لذلك الامر وخصوصاً ان دولنا تستضيف الكثيرين منهم على اراضيها, ولهذا فإنني اطالب قادة دولنا الدفع بهذه القضية بكل قوتهم في الامم المتحدة كما اطالب حلفاءنا باتخاذ مواقف داعمة لنا عند اثارتها.
حتى الآن تتعامل الدول العربية مع هذه المسألة بتساهل كبير, آن الاوان لأن نسمع الاخرين ما نريده مياه الخليج الدافئة ستبقى هنا بعد ان نرحل, ومثلما قال تيودور روزفلت ذات يوم, فان »الشيء الذي أريد ان اتركه لابنائي هو اسم مشرف«.
صحيح أن الخرائط والمعاهدات التي سبقت ستينيات القرن الماضي كانت تشير الى هذه الكتلة من الماء باسم الخليج الفارسي, مثلما كان الكثير من الخرائط الاوروبية القديمة تسمي البحر الأحمر باسم الخليج العربي.
ولكن دعونا نقفز الى القرن الواحد والعشرين. اليوم هناك الكثير من الاسباب والمبررات التي تجعل حريا بالمجتمع الدولي وخبراء الخرائط الاعتراف رسميا بأنه "الخليج العربي".
اول هذه الأسباب شديد الوضوح وهو أن فارس ما عادت موجودة منذ عام 1935 وما عادت تظهر على خرائط العالم بعدها. وبالقول" الخليج الفارسي" نكون كمن ينسب 24 الف كيلومتر مربع من مياه البحر الى حقبة مضت منذ زمن بعيد.
وثانيا: الجمهورية الاسلامية الايرانية المعاصرة ليست الا واحدة من ثماني دول تطل على هذا الخليج فيما السبعة الباقية هي دول عربية. اضف الى ذلك ان الكثير من الايرانيين الذين يعيشون على سواحل ايران الجنوبية هم عرب ويتكلمون العربية.
ثالثا: نعيش اليوم في عصر حققت فيه دول الخليج قوة جيوسياسية واقتصادية غير مسبوقة ولابد من الاعتراف بهذه الحقيقة.
ورابعا: التاريخ حافل بالامثلة عن تغيير أسماء الدول والمدن والبحار بما يتناسب مع التغيرات في أوضاعها. وعلى سبيل المثال فإن روديسيا اصبحت زيمبابوي وساحل الذهب تحولت الى غانا وبورما صارت ميانمار فيما تغيرت بومباي الى مومباي.
وربما يكون مفيدا التذكير هنا بأن الرومان كان يسمون البحر المتوسط " ميرنوستروم" أي"بحرنا" بالعربية فيما كان الاغريق يسمون المحيط الاطلسي " أوشينوس", لكن لا نجد الطليان او الاغريق اليوم يشهرون السلاح لمجرد تغيير الاسم.
غير ان هذا لا ينطبق على اصدقائنا الايرانيين للاسف الذين يتشبثون باسم "الخليج الفارسي" ويذودون عنه مثلما تدافع السباع عن جرائها. في 2004 على سبيل المثال , قام المئات من المدونين وخبراء الانترنت الايرانيين في عملية منظمة باطلاق ما سمي قنبلة غوغل وتمكنوا من التلاعب بمحرك البحث هذا بحيث كلما بدأ أحد المستخدمين بحثا عن "الخليج العربي" تخرج له صفحة جاء فيها" ان الخليج الذي تبحث عنه غير موجود. جرب الخليج الفارسي". كما كان المخربون الايرانيون مشغولين في اختراق المواقع الالكترونية العربية لإقحام خرائط للخليج من انتاج ايراني.
في 2005 ثارت الحكومة الايرانية لأن قطر استخدمت اسم »الخليج العربي« في المستندات والاوراق الرسمية الخاصة بدورة الالعاب الاسيوية عام 2006 وهددت بمقاطعتها كما هددت طهران بالغاء دورة التضامن الاسلامية الرياضية في اكتوبر 2009 لأن دول مجلس التعاون الخليجي طالبت بقيادة السعودية بالغاء شعار »الخليج الفارسي« من المواد الاعلامية للمناسبة والميداليات الرياضية, غير ان المفاوضات لا تزال جارية وربما امكن التوصل الى حل كما سبق وان حظرت السلطات الايرانية عدداً من مجلة »ناشنال جيوغرافيك« لان الاطلس فيه تضمن اسم »الخليج العربي« بين قوسين, بل انها حظرت مجلة »ايكونوميست« لاستخدامها اسم »الخليج« في احدى الخرائط التي نشرتها.
لنتكلم بصراحة اذا كان لدى الايرانيين كل هذه الحساسية تجاه الموضوع, فلا مانع لدي من ان يسموا هذه الكتلة المائية بأي اسم يريدونه بشرط الا يفرضوا مصطلحاتهم واسماءهم على الآخرين, ومن منطلق تجنب المشكلات, لا مانع من ان يواصلوا استخدام اسم »الخليج الفارسي« فيما نستخدم نحن العرب اسم »الخليج العربي« او ان نكتفي باسم »الخليج« هذا ما نراه مثلاً بين البريطانيين الذين يستخدمون اسم »القنال الانكليزي« والفرنسيين الذين يستخدمون اسم »بحر المانش« للاشارة الى مياه الاطلسي التي تفصل بين الساحلين البريطاني والفرنسي.
ومثلما يعتبر »القنال الانكليزي« و»بحر المانش« اسمين متساويين ويحل احدهما محل الآخر قانونا, يجب ان يكون هذا هو حال »الخليج الفارسي« و»الخليج العربي« ايضاً في نظر المجتمع الدولي, ولكن رغم مطالبات دول الخليج المتكررة, فإن تعليمات الامم المتحدة تشترط استخدام »الخليج الفارسي« في مستنداتها الرسمية, كما ان حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا اوصيتا ايضاً باستخدام »الخليج الفارسي« كمصطلح رسمي ولكن بالنظر الى العلاقة التي تجمع بين دول الخليج وواشنطن ولندن, فان مثل هذا الموقف من جانبهما يعتبر غير متعاون.
واخيراً اشير الى اننا لسنا وحدنا الذين نواجه مثل هذه المعضلة حيث طلبت كوريا الجنوبية والشمالية من مؤتمر الامم المتحدة لتوحيد الاسماء الجغرافية تغيير اسم »بحر اليابان« الى »بحر الشرق« ولكن الامم المتحدة, بخلاف موضوعنا قررت ترك مثل هذه المسائل الى الدول المعنية لحلها.
اننا في دول الخليج فخورون بتاريخنا وموقعنا الجيوسياسي بقدر الايرانيين ونستحق من جانب اصدقائنا الاحترام الكامل لذلك الامر وخصوصاً ان دولنا تستضيف الكثيرين منهم على اراضيها, ولهذا فإنني اطالب قادة دولنا الدفع بهذه القضية بكل قوتهم في الامم المتحدة كما اطالب حلفاءنا باتخاذ مواقف داعمة لنا عند اثارتها.
حتى الآن تتعامل الدول العربية مع هذه المسألة بتساهل كبير, آن الاوان لأن نسمع الاخرين ما نريده مياه الخليج الدافئة ستبقى هنا بعد ان نرحل, ومثلما قال تيودور روزفلت ذات يوم, فان »الشيء الذي أريد ان اتركه لابنائي هو اسم مشرف«.