ابو محمد الدعجاني
19-Jun-2009, 03:17 PM
الصمة بن عبد الله بن الطفيل القشيري شاعر إسلامي بدوي من شعراء بني أمية. قيل أنه هوي امرأة من قومه من بني عمه يقال لها العامرية بنت عطيف، فخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها، وخطبها عامر بن بشر الجعفري فزوجه إياها، فلما بنى بها زوجها وجد بها وجدا شديدا، فزوجه أهله امرأة منهم يقال لها جبرة، فأقام معها يسيرا ثم رحل إلى الشام غضبا على قومه وقال:
لعمري لئن كنتم على النأي والقلى = بكم مثل ما بي إنكـم لـصـديق
إذا زفرات الحب صعدن في الحشا = رددن وملم ينهج لـهـن طـريق
يقال أنه خرج مع المسلمين لغزو الديلم فمات في طبرستان.
من اشعاره:
مخملية نجد:
خليلي إن قابلتما الهضب أوبدا=لكم سند الودكاء أن تبكيا جهدا
سلاعبد الأعلى حيث أوفى عشيةً=خزازي ومد الطرف هل آنس النجدا
فما من قلىً للنجد أصبحت هاهنا=إلى جبل الأوشال مستخبياً بردا
ولكن حاجات الفتى قذف به=إذا لم يجد من أن يطالبها بدا
دعانِيَ من نجدٍ فإن سنينه=لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا
لحا اللَه نجداً كيف يترك ذا الندى=بخيلاً وحر القوم تحسبه عبدا
على أن نجداً قد كساني حلة=إذا ما رآني جاهل ظنني عبدا
سواداً وأخلاقاً من الصوف بعدما=أراني بنجدٍ ناعماً لابساً بُردا
ونجداً إذا جادت به رهم الحيا=رأيت به المكنان والنفل الجعدا
سقى اللَه نجداً من ربيعٍ وصيفٍ=وماذا ترجي من ربيعٍ سقى نجداً
ألم تر أن الليل يقصر طوله=بنجدٍ ويزداد النطاف به بردا
بلى إنه قد كان للعيش قرةً=وللبيض والفتيان منزلةً حمدا
وهذه من اجمل ماقال ايضا :
أَمِنْ أَجْلِ دارٍ بالرَّقاشَيْنِ أَعْصَفَتْ
عليها رياحُ الصَّيفِ بَدْءً ومَرْجِعا
أَرَبَّتْ بها الأَرْواحُ حتى تَنَسَّفَتْ
مَعارِفُها إلاّ الصَّفيحَ المُوَضَّعا
وغيرَ ثَلاثٍ في الدِّيارِ كأنّها
ثَلاثُ حَماماتٍ تَقابَلْنَ وُقَّعا
بَكَتْ عَينُكَ اليُسْرى فلمّا زَجَرْتَها
عَنِ الجَهلِ بعدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا
ولمْ أَرَ مِثلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها
ولا بعدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا
تُريكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ
وجيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا
وما أُمُّ أَحْوى الجُدَّتَيْنِ خَلا لها
أَراكٌ مِنَ الأَعْرافِ أَجْنى وأَيْنَعا
غَدَتْ مِن عليهِ تَنْفُضُ الطَّلَّ بعدما
رَأَتْ حاجِبَ الشَّمْسِ اسْتَوى وتَرَفَّعا
بأَحْسَنَ مِنْ أُمِّ المُحَيَّا فُجاءَةً
إذا جِيْدُها مِن كِفَّةِ السِّتْرِ أَطْلَعا
ولمّا تَناهَبْنا سِقاطَ حَديثِها
غِشاشاً ولانَ الطَّرْفُ منها فأَطْمَعا
فَرَشَّتْ بِقَولٍ كادَ يَشْفي مِنَ الجَوى
تَلُمُّ بهِ أَكْبادَنا أنْ تَصَدَّعا
كما رَشَفَ الصَّادي وَقائِعَ مُزْنَةٍ
رِشاشٍ تَوَلّى صَوْبُها حينَ أَقْلَعا
شَكَوْتُ إليها ضَبْثَةَ الحَيِّ بالحَشا
وخَشْيَةَ شَعْبِ الحَيِّ أن يَتَوَزَّعا
فما كَلَّمَتْني غيرَ رَجْعٍ وإنّما
تَرَقْرَقَتِ العَيْنانِ منها لِتَدْمَعا
كأنّكَ بِدْعٌ لمْ تَرَ البَيْنَ قَبْلَها
ولم تَكُ بالأُلاّفِ قبلُ مُفَجَّعا
فليتَ جِمالَ الحَيِّ يومَ تَرَحَّلوا
بِذي سَلَمٍ أَمْسَتْ مَزاحِيفَ ظُلَّعا
فَيُصْبِحْنَ لا يُحْسِنَّ مَشْياً بِراكِبٍ
ولا السَّيرَ في نَجْدٍ وإنْ كانَ مَهْيَعا
أَتَجْزَعُ والحَيَّـــانِ لم يَتَفَرَّقا
فكيفَ إذا داعي التَّفَرُّقِ أَسْمَعا
فَرُحْتُ ولو أَسْمَعْتُ ما بي مِنَ الجَوى
رَذِيَّ قِطارٍ حَنَّ شَوْقاً ورَجَّعا
ألا يا غُرابَيْ بيتِها لا تَرَفَّعا
وطِيرا جَميعاً بالهَوى وقَعا مَعا
أَتَبْكي على رَيّا ونَفسُكَ باعَدَتْ
مَزارَكَ مِن رَيَّا وشَعْباكُما مَعا
فما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأمرَ طائِعاً
وتَجْزَعَ أنْ داعي الصَّبابَةِ أَسْمَعا
كأنَّكَ لم تَشْهَدْ وداعَ مُفارِقٍ
ولم تَرَ شَعْبَيْ صاحِبَيْنِ تَقَطَّعا
تَحَمَّلَ أَهْلي مِن قَنِينَ وغادَروا
بهِ أَهْلَ ليلى حِينَ جِيدَ وأَمْرَعا
ألا يا خَليلَيَّ اللّذَيْنِ تَواصَيا
بِلَوْميَ إلاّ أَن أُطيعَ وأضْرَعا
فإنّي وَجَدْتُ اللَّوْمَ لا يُذْهِبُ الهوى
ولكنْ وجَدْتُ اليأسَ أَجْدى وأنْفَعا
قِفا إنَّهُ لا بُدَّ من رَجْعِ نَظْرَةٍ
مُصَعَّدَةٍ شَتّى بها القومُ أوْ مَعا
لِمُغتَصَبٍ قد عَزَّهُ القومُ أَمْرَهُ
يُسِرُّ حَياءً عَبْرَةً أنْ تَطَلَّعا
تَهيجُ لهُ الأَحْزانُ والذِّكْرُ كلَّما
تَرَنَّمَ أوْ أَوْفى مِنَ الأرضِ مَيْفَعا
قِفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى
وقَلَّ لِنَجْدٍ عندنا أنْ يُوَدَّعا
بنَفْسي تِلْكَ الأرضُ ما أَطْيَبَ الرُّبى
وما أَحْسنَ المُصْطافَ والمُتَرَبَّعا
وأَذْكُرُ أيّامَ الحِمى ثمَّ أَنْثَني
على كَبِدي مِن خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الحِمى بِرَواجِعٍ
عليكَ ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
مَعي كُلُّ غِرٍّ قد عَصى عاذِلاتِهِ
بِوَصْلِ الغَواني مُذ ْلَدُنْ أن تَرَعْرَعا
إذا راحَ يَمْشي في الرِّداءَيْنِ أَسْرَعَتْ
إليهِ العُيونُ النَّاظِراتُ التَّطَلُّعا
وسِرْبٍ بَدَتْ لي فيهِ بيضٌ نواهِدٌ
إذا سُمْتُهُنَّ الوَصْلَ أَمْسَيْنَ قُطَّعا
مَشَيْنَ اطِّرادَ السَّيْلِ هَوْناً كأَنَّما
تَراهُنَّ بالأَقْدامِ إذا مِسْنَ ظُلَّعا
فقلتُ سَقى اللهُ الحِمى دِيَمَ الحَيا
فَقُلْنَ سَقاكَ اللهُ بالسُّمِّ مُنْقَعا
فقلتُ عليكنّ السَّلامُ فلا أَرى
لِنَفْسي مِن دونِ الحِمى اليومَ مَقْنَعا
فَقُلنَ أَراكَ اللهُ إنْ كنتَ كاذِباً
بَنانَكَ مِن يُمْنى ذِراعَيْكَ أَقْطَعا
ولمّا رأيتُ البِشْرَ أَعْرَضَ دونَنا
وجالَتْ بَناتُ الشَّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا
تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ حتى وَجَدْتُني
وَجِعْتُ مِنَ الإصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا
فإنْ كُنتمُ تَرْجونَ أن يَذْهَبَ الهوى
يَقيناً ونَرْوى بالشَّرابِ فَنَنْقَعا
فَرُدُّوا هُبوبَ الرّيحِ أو غَيِّروا الجَوى
إذا حَلَّ أَلْواذَ الحَشا فَتَمَنَّعا
أَما وجَلالِ اللهِ لو تَذْكُرِينَني
كَذِكْرِيكِ ما كَفَفْتُ للعينِ أَدْمُعا
فقالتْ بلى واللهِ ذِكْراً ! لو انَّهُ
يُصَبُّ على الصَّخْرِ الأَصَمِّ تَصَدَّعا
فما وَجْدُ عُلْويِّ الهوى حَنَّ واجْتَوى
بِوادي الشَّرى و الغَوْرِ ماءً ومَرْتَعا
تَشَوَّقَ لمّا عَضَّهُ القَيْدُ واجْتَوى
مَراتِعَهُ مِن بينِ قُفٍّ وأَجْرَعا
ورامَ بِعَيْنَيْهِ جِبالاً مُنيفَةً
ومالا يَرى فيهِ أَخو القيدِ مَطْمَعا
إذا رامَ مِنها مَطْلَعاً رَدَّ شَأْوَهُ
أَمينُ القٌوى عَضَّ اليَدينِ فأَوْجَعا
بِأَكْبَرَ مِن وَجْدٍ بِرَيّا وَجَدْتُهُ
غَداةَ دَعا داعي الفِراقِ فأَسْمَعا
ولا بَكْرَةٍ بِكْرٍ رَأَتْ مِن حُوارِها
مَجَرّاً حَديثاً مُسْتَبيناً ومَصْرَعا
إذا رَجَّعَتْ في آخرِ الليلِ حَنَّةً
لِذِكْرِ حَديثٍ أَبْكَتِ البُذْلَ أَجْمَعا
لقد خِفْتُ أَن لا تَقنَعَ النَّفْسُ بعدهُ
بشْيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنْ كانَ مُقْنِعا
وأَعْذِلُ فيهِ النَّفْسَ إذ حِيلَ دُونَهُ
وتَأْبى إليهِ النَّفْسُ إلاّ تَطَلُّعا
سَلامٌ على الدّنيا فما هِيَ راحَةٌ
إذا لم يَكُنْ شَمْلي وشَمْلُكُمُ معا
ولا مَرْحَباً بالرَّبْعِ لستُمْ حُلولَهُ
ولو كانَ مُخْضَلَّ الجَوانِبِ مُمْرِعا
فماءٌ بلا مَرْعىً ومَرْعىً بِغَيْرِ ما
وحيثُ أَرى ماءً و مَرْعىً فَمَسْبَعا
لعَمْري لقد نادى مُنادي فِراقِنا
بِتَشْتيتِنا في كُلِّ وادٍ فأَسْمَعا
كأَنّا خُلِقْنا للنَّوى وكأنّما
حَرامٌ على الأَيّامِ أن نَتَجَمَّعا
لعمري لئن كنتم على النأي والقلى = بكم مثل ما بي إنكـم لـصـديق
إذا زفرات الحب صعدن في الحشا = رددن وملم ينهج لـهـن طـريق
يقال أنه خرج مع المسلمين لغزو الديلم فمات في طبرستان.
من اشعاره:
مخملية نجد:
خليلي إن قابلتما الهضب أوبدا=لكم سند الودكاء أن تبكيا جهدا
سلاعبد الأعلى حيث أوفى عشيةً=خزازي ومد الطرف هل آنس النجدا
فما من قلىً للنجد أصبحت هاهنا=إلى جبل الأوشال مستخبياً بردا
ولكن حاجات الفتى قذف به=إذا لم يجد من أن يطالبها بدا
دعانِيَ من نجدٍ فإن سنينه=لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا
لحا اللَه نجداً كيف يترك ذا الندى=بخيلاً وحر القوم تحسبه عبدا
على أن نجداً قد كساني حلة=إذا ما رآني جاهل ظنني عبدا
سواداً وأخلاقاً من الصوف بعدما=أراني بنجدٍ ناعماً لابساً بُردا
ونجداً إذا جادت به رهم الحيا=رأيت به المكنان والنفل الجعدا
سقى اللَه نجداً من ربيعٍ وصيفٍ=وماذا ترجي من ربيعٍ سقى نجداً
ألم تر أن الليل يقصر طوله=بنجدٍ ويزداد النطاف به بردا
بلى إنه قد كان للعيش قرةً=وللبيض والفتيان منزلةً حمدا
وهذه من اجمل ماقال ايضا :
أَمِنْ أَجْلِ دارٍ بالرَّقاشَيْنِ أَعْصَفَتْ
عليها رياحُ الصَّيفِ بَدْءً ومَرْجِعا
أَرَبَّتْ بها الأَرْواحُ حتى تَنَسَّفَتْ
مَعارِفُها إلاّ الصَّفيحَ المُوَضَّعا
وغيرَ ثَلاثٍ في الدِّيارِ كأنّها
ثَلاثُ حَماماتٍ تَقابَلْنَ وُقَّعا
بَكَتْ عَينُكَ اليُسْرى فلمّا زَجَرْتَها
عَنِ الجَهلِ بعدَ الحِلْمِ أَسْبَلَتا مَعا
ولمْ أَرَ مِثلَ العامِرِيَّةِ قَبْلَها
ولا بعدَها يومَ ارْتَحَلْنا مُوَدِّعا
تُريكَ غَداةَ البَيْنِ مُقْلَةَ شادِنٍ
وجيدَ غَزالٍ في القَلائِدِ أَتْلَعا
وما أُمُّ أَحْوى الجُدَّتَيْنِ خَلا لها
أَراكٌ مِنَ الأَعْرافِ أَجْنى وأَيْنَعا
غَدَتْ مِن عليهِ تَنْفُضُ الطَّلَّ بعدما
رَأَتْ حاجِبَ الشَّمْسِ اسْتَوى وتَرَفَّعا
بأَحْسَنَ مِنْ أُمِّ المُحَيَّا فُجاءَةً
إذا جِيْدُها مِن كِفَّةِ السِّتْرِ أَطْلَعا
ولمّا تَناهَبْنا سِقاطَ حَديثِها
غِشاشاً ولانَ الطَّرْفُ منها فأَطْمَعا
فَرَشَّتْ بِقَولٍ كادَ يَشْفي مِنَ الجَوى
تَلُمُّ بهِ أَكْبادَنا أنْ تَصَدَّعا
كما رَشَفَ الصَّادي وَقائِعَ مُزْنَةٍ
رِشاشٍ تَوَلّى صَوْبُها حينَ أَقْلَعا
شَكَوْتُ إليها ضَبْثَةَ الحَيِّ بالحَشا
وخَشْيَةَ شَعْبِ الحَيِّ أن يَتَوَزَّعا
فما كَلَّمَتْني غيرَ رَجْعٍ وإنّما
تَرَقْرَقَتِ العَيْنانِ منها لِتَدْمَعا
كأنّكَ بِدْعٌ لمْ تَرَ البَيْنَ قَبْلَها
ولم تَكُ بالأُلاّفِ قبلُ مُفَجَّعا
فليتَ جِمالَ الحَيِّ يومَ تَرَحَّلوا
بِذي سَلَمٍ أَمْسَتْ مَزاحِيفَ ظُلَّعا
فَيُصْبِحْنَ لا يُحْسِنَّ مَشْياً بِراكِبٍ
ولا السَّيرَ في نَجْدٍ وإنْ كانَ مَهْيَعا
أَتَجْزَعُ والحَيَّـــانِ لم يَتَفَرَّقا
فكيفَ إذا داعي التَّفَرُّقِ أَسْمَعا
فَرُحْتُ ولو أَسْمَعْتُ ما بي مِنَ الجَوى
رَذِيَّ قِطارٍ حَنَّ شَوْقاً ورَجَّعا
ألا يا غُرابَيْ بيتِها لا تَرَفَّعا
وطِيرا جَميعاً بالهَوى وقَعا مَعا
أَتَبْكي على رَيّا ونَفسُكَ باعَدَتْ
مَزارَكَ مِن رَيَّا وشَعْباكُما مَعا
فما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأمرَ طائِعاً
وتَجْزَعَ أنْ داعي الصَّبابَةِ أَسْمَعا
كأنَّكَ لم تَشْهَدْ وداعَ مُفارِقٍ
ولم تَرَ شَعْبَيْ صاحِبَيْنِ تَقَطَّعا
تَحَمَّلَ أَهْلي مِن قَنِينَ وغادَروا
بهِ أَهْلَ ليلى حِينَ جِيدَ وأَمْرَعا
ألا يا خَليلَيَّ اللّذَيْنِ تَواصَيا
بِلَوْميَ إلاّ أَن أُطيعَ وأضْرَعا
فإنّي وَجَدْتُ اللَّوْمَ لا يُذْهِبُ الهوى
ولكنْ وجَدْتُ اليأسَ أَجْدى وأنْفَعا
قِفا إنَّهُ لا بُدَّ من رَجْعِ نَظْرَةٍ
مُصَعَّدَةٍ شَتّى بها القومُ أوْ مَعا
لِمُغتَصَبٍ قد عَزَّهُ القومُ أَمْرَهُ
يُسِرُّ حَياءً عَبْرَةً أنْ تَطَلَّعا
تَهيجُ لهُ الأَحْزانُ والذِّكْرُ كلَّما
تَرَنَّمَ أوْ أَوْفى مِنَ الأرضِ مَيْفَعا
قِفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى
وقَلَّ لِنَجْدٍ عندنا أنْ يُوَدَّعا
بنَفْسي تِلْكَ الأرضُ ما أَطْيَبَ الرُّبى
وما أَحْسنَ المُصْطافَ والمُتَرَبَّعا
وأَذْكُرُ أيّامَ الحِمى ثمَّ أَنْثَني
على كَبِدي مِن خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الحِمى بِرَواجِعٍ
عليكَ ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
مَعي كُلُّ غِرٍّ قد عَصى عاذِلاتِهِ
بِوَصْلِ الغَواني مُذ ْلَدُنْ أن تَرَعْرَعا
إذا راحَ يَمْشي في الرِّداءَيْنِ أَسْرَعَتْ
إليهِ العُيونُ النَّاظِراتُ التَّطَلُّعا
وسِرْبٍ بَدَتْ لي فيهِ بيضٌ نواهِدٌ
إذا سُمْتُهُنَّ الوَصْلَ أَمْسَيْنَ قُطَّعا
مَشَيْنَ اطِّرادَ السَّيْلِ هَوْناً كأَنَّما
تَراهُنَّ بالأَقْدامِ إذا مِسْنَ ظُلَّعا
فقلتُ سَقى اللهُ الحِمى دِيَمَ الحَيا
فَقُلْنَ سَقاكَ اللهُ بالسُّمِّ مُنْقَعا
فقلتُ عليكنّ السَّلامُ فلا أَرى
لِنَفْسي مِن دونِ الحِمى اليومَ مَقْنَعا
فَقُلنَ أَراكَ اللهُ إنْ كنتَ كاذِباً
بَنانَكَ مِن يُمْنى ذِراعَيْكَ أَقْطَعا
ولمّا رأيتُ البِشْرَ أَعْرَضَ دونَنا
وجالَتْ بَناتُ الشَّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا
تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ حتى وَجَدْتُني
وَجِعْتُ مِنَ الإصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا
فإنْ كُنتمُ تَرْجونَ أن يَذْهَبَ الهوى
يَقيناً ونَرْوى بالشَّرابِ فَنَنْقَعا
فَرُدُّوا هُبوبَ الرّيحِ أو غَيِّروا الجَوى
إذا حَلَّ أَلْواذَ الحَشا فَتَمَنَّعا
أَما وجَلالِ اللهِ لو تَذْكُرِينَني
كَذِكْرِيكِ ما كَفَفْتُ للعينِ أَدْمُعا
فقالتْ بلى واللهِ ذِكْراً ! لو انَّهُ
يُصَبُّ على الصَّخْرِ الأَصَمِّ تَصَدَّعا
فما وَجْدُ عُلْويِّ الهوى حَنَّ واجْتَوى
بِوادي الشَّرى و الغَوْرِ ماءً ومَرْتَعا
تَشَوَّقَ لمّا عَضَّهُ القَيْدُ واجْتَوى
مَراتِعَهُ مِن بينِ قُفٍّ وأَجْرَعا
ورامَ بِعَيْنَيْهِ جِبالاً مُنيفَةً
ومالا يَرى فيهِ أَخو القيدِ مَطْمَعا
إذا رامَ مِنها مَطْلَعاً رَدَّ شَأْوَهُ
أَمينُ القٌوى عَضَّ اليَدينِ فأَوْجَعا
بِأَكْبَرَ مِن وَجْدٍ بِرَيّا وَجَدْتُهُ
غَداةَ دَعا داعي الفِراقِ فأَسْمَعا
ولا بَكْرَةٍ بِكْرٍ رَأَتْ مِن حُوارِها
مَجَرّاً حَديثاً مُسْتَبيناً ومَصْرَعا
إذا رَجَّعَتْ في آخرِ الليلِ حَنَّةً
لِذِكْرِ حَديثٍ أَبْكَتِ البُذْلَ أَجْمَعا
لقد خِفْتُ أَن لا تَقنَعَ النَّفْسُ بعدهُ
بشْيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنْ كانَ مُقْنِعا
وأَعْذِلُ فيهِ النَّفْسَ إذ حِيلَ دُونَهُ
وتَأْبى إليهِ النَّفْسُ إلاّ تَطَلُّعا
سَلامٌ على الدّنيا فما هِيَ راحَةٌ
إذا لم يَكُنْ شَمْلي وشَمْلُكُمُ معا
ولا مَرْحَباً بالرَّبْعِ لستُمْ حُلولَهُ
ولو كانَ مُخْضَلَّ الجَوانِبِ مُمْرِعا
فماءٌ بلا مَرْعىً ومَرْعىً بِغَيْرِ ما
وحيثُ أَرى ماءً و مَرْعىً فَمَسْبَعا
لعَمْري لقد نادى مُنادي فِراقِنا
بِتَشْتيتِنا في كُلِّ وادٍ فأَسْمَعا
كأَنّا خُلِقْنا للنَّوى وكأنّما
حَرامٌ على الأَيّامِ أن نَتَجَمَّعا