ابو محمد الدعجاني
14-Apr-2009, 07:05 PM
مسكين الدارمي ..
هو ربيعة بن عامر ابن أنيف بن شريح بن عمرو بن عمرو بن عدس زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميمٍ، الملقب بمسكينٍ .
قال أبو عمرٍ الشيباني: وإنما لقب مسكيناً لقوله:
أنا مسكين لمـن أنكرنـى=ولمن يعرفني جـد نطـق
لا أبيع الناس عرضي إننى=لو أبيع النسا عرضي لنفق
وقال بعد ان مضت عليه الكلمة ..
وسميت مسكيناً وكانت لجاجةً=وإني لمسكين إلى الله راغب
وكان مسكين شاعراً مجيداً سيداً شريفاً ، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاةٌ , وذلك أنه لما هلك زياد رثاه مسكين فقال :
رأيت زيادة الإسلام ولّت=جهاراً حين فارقها زياد
فبلغ ذلك الفرزدق، فقال:
أمسكين أبكى الله عينيك إنمـا=جرى في ضلال دمعها فتحـدرا
أتبكي أمراً من آل ميسان كافراً=ككسرى على عداته أو كقيصرا
أقول لـه لمـا أتانـي نعيـه=به لا بظبي بالصريمة أعفـرا
فقال مسكين:
ألا أيها المرء الذي لست قائمـاً=ولا قاعداً في القوم إلا انبرى ليـا
فجئني بعـم مثـل عمـي أو أب=كمثل أبي أو خال صـدق كخاليـا
بعمرو بن عمرو أوزارة ذي الندى=سموت به حتى فرعت الروابيـا
فدخل بينهما شيوخ بني عبد الله وبني مجاشع فتكافا .
وقال الفرزدق: نجوت من ثلاثة أشياء لا أخاف بعدها شيئاً : نجوت من زيادٍ حين طلبنى، ونجوت من ابني رميلة وقد نذرا دمى، وما فاتهما أحد طلباه ، ونجوت من مهاجاة مسكينٍ الدارمى، لأنه لو هجاني اضطرني أن أهدم شطر حسبى، لأنه من بحبوحة نسبي وأشراف عشيرتى، فكان جرير حينئذٍ ينتصف مني بيدي ولسانى.
ومن مختارات شعر مسكينٍ الدارمي قوله:
ولست إذا ما سرني الدهر ضاحكـاً=ولا خاشعاً ما عشت من حادث الدهرِ
ولا جاعلاً عرضـي لمالـي وقايـةً=ولكن أقي عرضي فيحـرزه وفـري
أعف لدي عسـري وأبـدي تجمـلاً=ولا خر في من لا يعف لدى العسـرِ
وإنـي لأستحـي إذا كنـت معسـراً=صديقي وإخواني بأن يعلموا فقـري
وأقطع إخواني ومـا حـال عهدهـم=حياءً وإعراضاً وما بي مـن كبـرِ
ومن يفتقـر يعلـم مكـان صديقـه=ومن يحيى لا يعدم بلاء من الدهـرِ
ومن مستحسن شعره:
إتق الأحمـق أن تصحبـه=إنما الأحمق كالثوب الخلـق
كلما رقعـت منـه جانبـاً=حركته الريح وهناً فانخرق
أو كصدعٍ في زجـاج بيـنٍ=أو كفتقٍ وهو يعيى من رتق
وإذا جالسته فـي مجلـسٍ=أفسد المجلس منه بالخـرق
وإذا نهنهته كـي يرعـوى=زاد جهلاً وتمادى في الحمق
وإذا الفاحش لاقى فاحشـاً=فهناكم وافق الشن الطبـق
إنما الفحش ومـن يعتـاده=كغراب السوء ما شاء نعق
أو حمار السوء إن اشبعته=رمح الناس وإن جاع نهـق
أو كعبد السوء إن جوعتـه=سرق الجار وإن يشبع فسق
أو كغيرى رفعت من ذيلهـا=ثم أرخته ضراراً فانخـرق
أيها السائل عما قد مضـى=هل جديد مثل ملبوسٍ خلـق
وقدم على معاوية فسأله أن يفرض له فأبى، فخرج من عنده وهو يقول:
أخاك أخاك إن من لا أخا لـه=كساعٍ إلى الهيجا بغير سـلاحٍ
وإن ابن عم المر فاعلم جناحه=وهل ينهض البازي بغير جناح?
وقال في معاوية :
إِلَيْكَ أَميـرَ المُؤْمنيـنَ رَحَلْتُهـا=تُثيرُ القَطَا لَيْـلاً وهُـنَّ هُجُـودُ
على الطائرِ المَيْمُون والجَدُّ صاعدٌ=لكُـلِّ أُنـاسٍ طائـرٌ وجُــدُودُ
إِذَا المِنْبَرُ الغَرْبُّى خَلَّـى مكانـهَ=فـإِنَّ أَميـرَ المُؤْمنيـنَ يَـزيـدُ
ولمسكين في الكرم :
طَعَامي طَعَام الضَيفِ والرَّحْلُ رَحْلُهُ=ولم يُلْهِني عنه الغـزالُ المُقَنَّـعُ
وله في حسن الجوار :
ناري ونار الجار واحـدة=وإليه قبلي تنـزل القـدر
ماضر جاراً لي أجـاوره=ألا يكـون لبيتـه ستـر
أعمى إذا ما جارتي برزت=حتى يواري جارتي الخدر
ويصم عما كان بينهمـا=سمعي وما بي غيره وقر
وله البيت المشهور ..
ليست الأحلام في حال الرضى=إنما الأحلام في وقت الغضب
ومن قصصه اللطيفة ..
أن بعض التجار قدم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه حمل من الخُمُر السود ، فلم يجد لها طالبا، فكسدت عليه وضاق صدره ، فقيل له: ما ينفقها لك إلا مسكين الدارمي، وهو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف والخلاعة.
فقصده فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فأتاه وقص عليه القصة، فقال: وكيف أعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه الحال?
فقال له التاجر: أنا رجل غريب، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرع إليه، فخرج من المسجد وأعاد لباسه الأول وعمل هذين البيتين وشهرهما وهما:
قل للمليحة في الخمار الأسود=ماذا عملت بناسـك متعبـد
قد كان شمر للصـلاة ثيابـه=حتى قعدت له بباب المسجـد
ردي عليه صلاته وصيامه=لا تقتليه بحق دين محمد
فشاع بين الناس أن مسكينا الدارمي قد رجع إلى ما كان عليه، وأحب واحدة ذات خمار أسود، فلم يبق بالمدينة ظريفة إلا وطلبت خمارا أسود , فباع التاجر الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه، لكثرة رغباتهم فيه، فلما فرغ منه عاد مسكين إلى تعبده وانقطاعه.
وقال في عظم هامات تميم ..
وإنا أناسٌ تملأ البيض هامنا=ونحن حواريون حين نزاحف
ولـه في الحماسة :
إنَّ أبانـا بِكْـرُ آدم فاعلـمـوا=وحَواء قَرْمٌ ذو عِثانين شـارف
كأنّ على خُرطومـه متهافِتـاً=من القُطن هاجته الأكفُّ النوادفُ
وللَصَّدَأ المُسْوَدُّ أطيـبُ عندَنـا=من المِسك دافته الأكْفُّ الدوائفُ
ويصبْح عِرفان الدُّرُوعِ جلودَنـا=إذا جاءَ يومٌ مُظلمُ اللّونِ كاسفُ
تعلق في مثل السّواري سُيوفنا=وما بينها والكعب مِنَّـا تنائـفُ
وكـلُّ رُدَيْنـيٍّ كـأنَّ كُعـوبَـه=قطاً سابقٌ مستوردُ الماء صائفُ
كأنّ هِـلالاً لاحَ فـوقَ قَنَاتِـهِ=جلا الغَيْمَ عنه والقتامَ الحَراجِفُ
له مثلُ حُلقـومِ النَّعامـة حلـة=ومثل القدامى ساقها متناصـفُ
وله في وصف الهاجرة ( وقت شدة الشمس ) :
وهاجرةٍ ظلـت كـأن ظباءهـا=إذا ما اتقتهـا بالقـون سجـودُ
تلوذ بشؤبوبٍ من الشمس فوقها=كما لاذ من وخز السنان طريـد
وله في كتمان الهوى :
أواخي رجلا لست أطلع بعضهـم=على سر بعض غير أني جماعهم
يظلّون شتّى في البلاد وسرّهـم=إلى صخرة أعيا الرّجال انصداعهم
وتوفي رحمه الله في سنة 90 للهجرة , وذلك في خلافة الوليد بن عبدالملك .
وليس له عقب .
منقوووووول للامانه
هو ربيعة بن عامر ابن أنيف بن شريح بن عمرو بن عمرو بن عدس زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميمٍ، الملقب بمسكينٍ .
قال أبو عمرٍ الشيباني: وإنما لقب مسكيناً لقوله:
أنا مسكين لمـن أنكرنـى=ولمن يعرفني جـد نطـق
لا أبيع الناس عرضي إننى=لو أبيع النسا عرضي لنفق
وقال بعد ان مضت عليه الكلمة ..
وسميت مسكيناً وكانت لجاجةً=وإني لمسكين إلى الله راغب
وكان مسكين شاعراً مجيداً سيداً شريفاً ، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاةٌ , وذلك أنه لما هلك زياد رثاه مسكين فقال :
رأيت زيادة الإسلام ولّت=جهاراً حين فارقها زياد
فبلغ ذلك الفرزدق، فقال:
أمسكين أبكى الله عينيك إنمـا=جرى في ضلال دمعها فتحـدرا
أتبكي أمراً من آل ميسان كافراً=ككسرى على عداته أو كقيصرا
أقول لـه لمـا أتانـي نعيـه=به لا بظبي بالصريمة أعفـرا
فقال مسكين:
ألا أيها المرء الذي لست قائمـاً=ولا قاعداً في القوم إلا انبرى ليـا
فجئني بعـم مثـل عمـي أو أب=كمثل أبي أو خال صـدق كخاليـا
بعمرو بن عمرو أوزارة ذي الندى=سموت به حتى فرعت الروابيـا
فدخل بينهما شيوخ بني عبد الله وبني مجاشع فتكافا .
وقال الفرزدق: نجوت من ثلاثة أشياء لا أخاف بعدها شيئاً : نجوت من زيادٍ حين طلبنى، ونجوت من ابني رميلة وقد نذرا دمى، وما فاتهما أحد طلباه ، ونجوت من مهاجاة مسكينٍ الدارمى، لأنه لو هجاني اضطرني أن أهدم شطر حسبى، لأنه من بحبوحة نسبي وأشراف عشيرتى، فكان جرير حينئذٍ ينتصف مني بيدي ولسانى.
ومن مختارات شعر مسكينٍ الدارمي قوله:
ولست إذا ما سرني الدهر ضاحكـاً=ولا خاشعاً ما عشت من حادث الدهرِ
ولا جاعلاً عرضـي لمالـي وقايـةً=ولكن أقي عرضي فيحـرزه وفـري
أعف لدي عسـري وأبـدي تجمـلاً=ولا خر في من لا يعف لدى العسـرِ
وإنـي لأستحـي إذا كنـت معسـراً=صديقي وإخواني بأن يعلموا فقـري
وأقطع إخواني ومـا حـال عهدهـم=حياءً وإعراضاً وما بي مـن كبـرِ
ومن يفتقـر يعلـم مكـان صديقـه=ومن يحيى لا يعدم بلاء من الدهـرِ
ومن مستحسن شعره:
إتق الأحمـق أن تصحبـه=إنما الأحمق كالثوب الخلـق
كلما رقعـت منـه جانبـاً=حركته الريح وهناً فانخرق
أو كصدعٍ في زجـاج بيـنٍ=أو كفتقٍ وهو يعيى من رتق
وإذا جالسته فـي مجلـسٍ=أفسد المجلس منه بالخـرق
وإذا نهنهته كـي يرعـوى=زاد جهلاً وتمادى في الحمق
وإذا الفاحش لاقى فاحشـاً=فهناكم وافق الشن الطبـق
إنما الفحش ومـن يعتـاده=كغراب السوء ما شاء نعق
أو حمار السوء إن اشبعته=رمح الناس وإن جاع نهـق
أو كعبد السوء إن جوعتـه=سرق الجار وإن يشبع فسق
أو كغيرى رفعت من ذيلهـا=ثم أرخته ضراراً فانخـرق
أيها السائل عما قد مضـى=هل جديد مثل ملبوسٍ خلـق
وقدم على معاوية فسأله أن يفرض له فأبى، فخرج من عنده وهو يقول:
أخاك أخاك إن من لا أخا لـه=كساعٍ إلى الهيجا بغير سـلاحٍ
وإن ابن عم المر فاعلم جناحه=وهل ينهض البازي بغير جناح?
وقال في معاوية :
إِلَيْكَ أَميـرَ المُؤْمنيـنَ رَحَلْتُهـا=تُثيرُ القَطَا لَيْـلاً وهُـنَّ هُجُـودُ
على الطائرِ المَيْمُون والجَدُّ صاعدٌ=لكُـلِّ أُنـاسٍ طائـرٌ وجُــدُودُ
إِذَا المِنْبَرُ الغَرْبُّى خَلَّـى مكانـهَ=فـإِنَّ أَميـرَ المُؤْمنيـنَ يَـزيـدُ
ولمسكين في الكرم :
طَعَامي طَعَام الضَيفِ والرَّحْلُ رَحْلُهُ=ولم يُلْهِني عنه الغـزالُ المُقَنَّـعُ
وله في حسن الجوار :
ناري ونار الجار واحـدة=وإليه قبلي تنـزل القـدر
ماضر جاراً لي أجـاوره=ألا يكـون لبيتـه ستـر
أعمى إذا ما جارتي برزت=حتى يواري جارتي الخدر
ويصم عما كان بينهمـا=سمعي وما بي غيره وقر
وله البيت المشهور ..
ليست الأحلام في حال الرضى=إنما الأحلام في وقت الغضب
ومن قصصه اللطيفة ..
أن بعض التجار قدم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعه حمل من الخُمُر السود ، فلم يجد لها طالبا، فكسدت عليه وضاق صدره ، فقيل له: ما ينفقها لك إلا مسكين الدارمي، وهو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف والخلاعة.
فقصده فوجده قد تزهد وانقطع في المسجد، فأتاه وقص عليه القصة، فقال: وكيف أعمل وأنا قد تركت الشعر وعكفت على هذه الحال?
فقال له التاجر: أنا رجل غريب، وليس لي بضاعة سوى هذا الحمل، وتضرع إليه، فخرج من المسجد وأعاد لباسه الأول وعمل هذين البيتين وشهرهما وهما:
قل للمليحة في الخمار الأسود=ماذا عملت بناسـك متعبـد
قد كان شمر للصـلاة ثيابـه=حتى قعدت له بباب المسجـد
ردي عليه صلاته وصيامه=لا تقتليه بحق دين محمد
فشاع بين الناس أن مسكينا الدارمي قد رجع إلى ما كان عليه، وأحب واحدة ذات خمار أسود، فلم يبق بالمدينة ظريفة إلا وطلبت خمارا أسود , فباع التاجر الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه، لكثرة رغباتهم فيه، فلما فرغ منه عاد مسكين إلى تعبده وانقطاعه.
وقال في عظم هامات تميم ..
وإنا أناسٌ تملأ البيض هامنا=ونحن حواريون حين نزاحف
ولـه في الحماسة :
إنَّ أبانـا بِكْـرُ آدم فاعلـمـوا=وحَواء قَرْمٌ ذو عِثانين شـارف
كأنّ على خُرطومـه متهافِتـاً=من القُطن هاجته الأكفُّ النوادفُ
وللَصَّدَأ المُسْوَدُّ أطيـبُ عندَنـا=من المِسك دافته الأكْفُّ الدوائفُ
ويصبْح عِرفان الدُّرُوعِ جلودَنـا=إذا جاءَ يومٌ مُظلمُ اللّونِ كاسفُ
تعلق في مثل السّواري سُيوفنا=وما بينها والكعب مِنَّـا تنائـفُ
وكـلُّ رُدَيْنـيٍّ كـأنَّ كُعـوبَـه=قطاً سابقٌ مستوردُ الماء صائفُ
كأنّ هِـلالاً لاحَ فـوقَ قَنَاتِـهِ=جلا الغَيْمَ عنه والقتامَ الحَراجِفُ
له مثلُ حُلقـومِ النَّعامـة حلـة=ومثل القدامى ساقها متناصـفُ
وله في وصف الهاجرة ( وقت شدة الشمس ) :
وهاجرةٍ ظلـت كـأن ظباءهـا=إذا ما اتقتهـا بالقـون سجـودُ
تلوذ بشؤبوبٍ من الشمس فوقها=كما لاذ من وخز السنان طريـد
وله في كتمان الهوى :
أواخي رجلا لست أطلع بعضهـم=على سر بعض غير أني جماعهم
يظلّون شتّى في البلاد وسرّهـم=إلى صخرة أعيا الرّجال انصداعهم
وتوفي رحمه الله في سنة 90 للهجرة , وذلك في خلافة الوليد بن عبدالملك .
وليس له عقب .
منقوووووول للامانه