تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الوصايا من كتاب الكافي في فقه الإمام أحمد{لابن قدامة المقدسي}


خالد نوار العتيبي
30-Mar-2009, 08:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخواني الكرام إليكم....{{ كتاب الوصايا}}.

كتاب الوصايا

الوصية : هي التبرع بعد الموت ، وهي مستحبة لمن ترك خيراً ، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم . رواه ابن ماجه . وليست واجبة ، لأنها عطية لا تجب في الحياة ، فلا تجب بعد الموت ، كالزائد على الثلث . وحكي عن أبي بكر أنها واجبة للأقارب غير الوارثين ، لظاهر قوله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين} .
والمستحب فيها الإيصال بالخمس . وقال القاضي و أبو الخطاب : يستحب لمن كثر ماله الوصية بالثلث لما ذكرنا في الحديث ، ووجه ما ذكرنا ما روى عامر بن سعد عن أبيه قال : مرضت مرضاً أشفيت منه على الموت ، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني ، فقلت : يا رسول الله لي مال كثير ، وليس يرثني إلا ابنتي ، أفأوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت فبالثلثين ؟ قال : لا ، قلت : فبالشطر ، قال : لا ، قلت : فبالثلث ؟ قال : الثلث والثلث كثير ، إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس متفق عليه . يعني يطلبون الناس بأكفهم . فاستكثر الثلث مع إخباره إياه بكثرة ماله ، وقلة عياله ، قال ابن عباس : وددت لو أن الناس غضوا من الثلث ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : والثلث كثير . متفق عليه . وأوصى أبو بكر بالخمس . وقال : رضيت نفسي ما رضي الله به لنفسه . وقال علي : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالثلث . أما قليل المال ذو العيال ، فلا تستحب له الوصية ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنك أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس .
فصل :
ويستحب لمن رأى موصياً يحيف في وصيته أن ينهاه ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم سعداً عن الزيادة في الثلث . وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى : {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً} هو أن يرى المريض يحيف على ولده فيقول له : اتق الله ولا توص بمالك كله .

فصل :
ولا يجوز لمن له وارث الوصية بزيادة على الثلث ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم سعداً عن ذلك ، فإن فعل ، وقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة . فإن أجازوه ، جاز . وإن ردوه بطل بغير خلاف ، ولأن الحق لهم ، فجاز بإجازتهم ، وبطل بردهم . وظاهر المذهب أن الإجازة صحيحة . وإجازة الورثة تنفيذ ، لأن الإجازة تنفيذ في الحقيقة . ولا خلاف في تسميتها إجازة ، فعلى هذا يكتفى فيها بقوله : أجزت ، وما يؤدي معناه ، وإن كانت عتقاً ، فالولاء للموصي يختص به عصباته . وقال بعض أصحابنا : الوصية باطلة ، والإجازة هبة يفتقر إلى لفظها ، وولاء المعتقين لجميع الورثة ، وللمجيز إذا كان أباً للموصى له ، الرجوع فيها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، والنهي يقتضي الفساد ، ولأنه أوصى بمال غيره فلم يصح ، كالوصية بما استقر ملك وارثه عليه . ولا يعتبر الرد والإجازة إلا بعد الموت ، لأنه لا حق للوارث قبل الموت ، فلم يصح إسقاطه ، كإسقاط الشفعة قبل البيع . فأما من لا وارث له ، ففيه روايتان :
إحداهما : تجوز وصيته بماله كله ، لأن النهي معلل بالإضرار بالورثة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس .
والثانية : الوصية باطلة ، لأن ماله يصير للمسلمين ، ولا مجيز منهم .

فصل :

وإن أوصى بجزء من المال ،فأجازها الوارث ، ثم قال : إنما أجزتها ظناً مني أن المال قليل ، قبل قوله مع يمينه ، لأنه مجهول في حقه ، فلا تصح الإجازة فيه ، ويحتمل أن لا يقبل ، لأنه رجوع عن قول يلزمه به حق ، فلم يقبل ، كالرجوع عن الإقرار ، وإن وصى بعبد ، فأجازه ، ثم قال : ظننت المال كثيراً فأجزته لذلك ، ففيه أيضاً وجهان . وقيل : يصح هنا وجهاً واحداً ، لأن العبد معلوم .

فصل :

ويعتبر خروجه من الثلث بعد الموت ، لأنه وقت لزوم الوصية واستحقاقها . فلو وصى بثلث ماله ، وله ألفان ، فصار عند الموت ثلاثة آلاف ، لزمت الوصية في الألف . وإن نقصت فصارت ألفاً ، لزمت الوصية في ثلث الألف . وإن وصى ولا مال له ، ثم استفاد مالاً ، تعلقت الوصية به ، وإن كان له مال ، ثم تلف بعضه بعد الموت ، لم تبطل الوصية .

باب من تصح وصيته والوصية له ومن لا تصح

من ثبتت له الخلافة ، صحت وصيته بها ، لأن أبا بكر أوصى بها لعمر رضي الله عنهما ، ووصى عمر إلى أهل الشورى ، ولم ينكره من الصحابة منكر . ومن تثبت له الولاية على مال ولده ، فله أن يوصي إلى من ينظر فيه ، لما روى سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة قال : أوصى إلى الزبير تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ، عثمان، و المقداد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وابن مسعود ، فكان يحفظ عليهم أموالهم ، وينفق على أبنائهم من ماله .
وللولي في النكاح الوصية بتزويج موليته ، فتقوم وصيته مقامه ، لأنها ولاية شرعية ، فملك الوصية لها كولاية المال .
وعنه : ليس له الوصية بذلك ، لأنها ولاية لها من يستحقها بالشرع ، فلم يملك نقلها بالوصية كالحضانة . وقال ابن حامد : إن كان لها عصبة ، لم تصح الوصية بها لذلك ، وإن لم تكن صحت ، لعدمه .

فصل :

ومن عليه حق تدخل النيابة ، كالدين والحج والزكاة ورد الوديعة ، صحت الوصية به ، لأنه إذا جاز أن يوصي في حق غيره ، ففي حق نفسه أولى . ويجوز أن يوصي إلى من يفرق ثلثه في المساكين وأبواب البر ، لذلك .

فصل :

ومن صح تصرفه في المال ، صحت وصيته ، لأنها نوع تصرف ، ومن لا تمييز له ، كالطفل والمجنون والمبرسم ، ومن عاين الموت ، لا تصح وصيته ، لأنه لا قول له ، والوصية قول ، وتصح وصية البالغ المبذر ، لأنه إنما حجر عليه لحفظ ماله له ، وليس في وصيته إضاعة له ، لأنه إن عاش ، فهو له . وإن مات ، لم يحتج إلى غير الثواب ، وقد حصله . وتصح وصية الصبي المميز لذلك . ولأن عمر أجاز وصية غلام من غسان . وقال أبو بكر : إذا جاوز العشر ، صحت وصيته . رواية واحدة ، ومن دون السبع ، لا تصح وصيته ، ومن بينهما ، ففيه روايتان . ويحتمل أن لا تصح وصية الصبي بحال ، لأنه لا يصح تصرفه ، أشبه الطفل ، فأما السكران ، فلا تصح وصيته ، لأنه لا تمييز له ، ويحتمل أن تصح بناء على طلاقه .
فصل :
ولا تصح الوصية بمعصية ، كالوصية للكنيسة ، وبالسلاح لأهل الحرب ، لأن ذلك لا يجوز في الحياة فلا تجوز في الممات ، وتصح الوصية للذمي ، لما روي أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أوصت لأخيها بثلاثمائة ألف ، وكان يهودياً ، ولأنه يجوز التصديق عليه ، في الحياة ، فجاز بعد الممات . وتصح الوصية للحربي لذلك ، ويحتمل أن لا تصح ، لأنه لا يصح الوقف عليه .

فصل :

ولا تجوز الوصية لوارث ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا وصية لوارث وهذا حديث صحيح ، فإن فعل صحت في ظاهر المذهب ، ووقفت على إجازة الورثة ، لما روى ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يجوز لوارث وصية ، إلا أن يشاء الورثة فيدل على أنهم إذا شاؤوا ، وكانت وصية جائزة ، وقال بعض أصحابنا :الوصية باطلة ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا وصية لوارث فإن وصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً ، لم تلزم الوصية . وإن وصى لوارث فصار غير وارث لزمت الوصية ، لأن اعتبار الوصية بالموت .

فصل :

ولا تصح الوصية لمن لا يملك ، كالميت والملك والجني ، لأنه تمليك فلم يصح لهم ، كالهبة . وإن وصى لحمل امرأة ، ثم تيقنا وجود حالة الوصية ، بأن تضعه لأقل من ستة أشهر منذ أوصى لغاية أربع سنين وليست بفراش ، صحت الوصية ، لأنه ملك بالإرث فملك بالوصية ، كالمولود . وإن وضعته لستة أشهر فصاعداً وهي فراش ، لم تصح الوصية ، لأنه لا يتيقن وجوده حال الوصية ، لأنه لا يتيقن وجوده حال الوصية . وإن ألقته ميتاً ، لم تصح الوصية له ، لأنه لا يرث . وإن أوصى لما تحمل هذا المرأة ، لم يصح ، لأنه تمليك لمن لا يملك ، وإن قال: وصيت لأحد هذين الرجلين ، لم يصح ، لأنه تمليك لغير معين . وإن قال : أعطوا هذا العبد لأحد هذين ، صح ، لأنه ليس بتمليك ، إنما هو وصية بالتمليك فجاز ، كما لو قال لوكيله : بع هذا العبد مع أحد هذين .

فصل :

وإن وصى لعبد بمعين من ماله ، أو بمائة ، لم يصح ، لأنه يصير ملكاً للورثة فيملكون وصيته . وحكي عنه : أن الوصية صحيحة .وإن وصى له بنفسه ، صح وعتق ، وإن وصى له بمشاع ، كثلث ماله ، صح وتعينت الوصية فيه ، لأنه ثلث المال ، أو من ثلثه . وما فضل من الثلث بعد عتقه ، فهو له . وإن وصى لمكاتبه ، صح ، لأنه يملك المال بالعقود ، فصحت الوصية له ، كالحر . وإن وصى لأم ولده ، صح ، لأنها حرة عند الاستحقاق ، وإن وصى لمدبره ، صح ، لأنه إما أن يعتق كله أو بعضه ، فيملك بجزئه الحر . وإن وصى لعبد غيره ، كانت الوصية لمولاه ، لأنه اكتساب من العبد فأشبه الصيد ، ويعتبر القبول من العبد ، فإن قبل السيد ، لم يصح ، لأن الإيجاب لغيره ، فلم يصح قبوله ، كالإيجاب في البيع .

يتبع

د/ نايف العتيبي
30-Mar-2009, 10:51 PM
بارك الله فيك على هذا النقل
الطيب أحسن الله إليك

فهيد الايدا المورقي
30-Mar-2009, 11:08 PM
خالد نوار العتيبي جزاك الله خير




تحيتي

خالد نوار العتيبي
30-Mar-2009, 11:10 PM
مشكور أبو محمد علي مروورك القيم

أسعدنا تواجدك

تحياتي لك
ا

خالد نوار العتيبي
30-Mar-2009, 11:13 PM
بناخي الأيداء

مشكور علي مروورك القيم وبارك الله فيك ولك

تحياتي لك أخلصها واودها

@ـايل
30-Mar-2009, 11:17 PM
الله يجزاك خير يابن نوار ...

اسال الله ان لايحرمك الاجر ...

واشكرك على الطرح المميز ...والمفيد...

خالد نوار العتيبي
30-Mar-2009, 11:44 PM
هايل العتيبي

جزاك الله خير وبارك فيك

ومشكوور علي مروورك القيم


{مبارك لك الأشراف وتستاهل أكثر أخوي}

تحياتي لك

عبدالرحمن الهيلوم
31-Mar-2009, 02:43 AM
بارك الله فيك على هذا النقل
الطيب أحسن الله إليك

ابو ضيف الله
31-Mar-2009, 06:09 AM
خالد جزاك الله كل خير وبارك فيك

خالد نوار العتيبي
31-Mar-2009, 01:04 PM
عبد الرحمن الهيلوم&& أبو ضيف الله

مشكوورين علي مرووركم القيم

تواجدكم أسعدنا وزاد الموضوع أشرقاً

تحياتي لكم

خالد نوار العتيبي
01-Apr-2009, 12:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


تتابع لما مضى ذكره.




باب ما تجوز الوصية:

تصح الوصية بكل ما يمكن نقل الملك فيه ، من مقسوم ، ومشاع ، معلوم ، ومجهول ، لأنه تمليك جزء من ماله ، فجاز في ذلك ، كالبيع . وتجوز بالحمل في البطن ، واللبن في الضرع وبعبد من عبيده ، وبما لا يقدر على تسليمه ، كالطير في الهواء ، والآبق ، لأن الموصى له يخلف الموصي في الموصى به ، كخلاف الورثة في باقي المال ، والوارث يخلفه في هذه الأشياء كلها ، كذلك الموصى له . وإن وصى بمال الكتابة ، صح لذلك . وإن وصى برقبة المكاتب ، انبنى على جواز بيعه . فإن جاز ، جازت الوصية به ، وإلا فلا . وإن وصى له بما تحمل جاريته ، أو شاته ، أو شجرته ، صح ، لأن المعدوم يجوز أن يملك بالسلم والمساقاة ، فجاز أن يملك بالوصية .

فصل :

وتجوز الوصية بالمنافع ، لأنها كالأعيان في الملك ، بالعقد ، والإرث ، فكذلك في الوصية . وتجوز الوصية بالعين دون المنفعة ، وبالعين لرجل ، والمنفعة لآخر ، لأنهما كالعينين ، فجاز فيهما ما جاز في العينين . وتجوز بمنفعة مقدرة المدة ، ومؤبدة ، لأن المقدرة كالعين المعلومة ، والمؤبدة كالمجهولة فصحت الوصية بالجميع .

فصل :

وتجوز الوصية بما يجوز الانتفاع به من النجاسات ، كالكلب ، والزيت النجس ، لأنه يجوز اقتناؤه للانتفاع ، فجاز نقل اليد فيه بالوصية . ولا تجوز بما لا يحل الانتفاع به ، كالخمر ، والخنزير ، والكلب الذي يحرم اقتناؤه ، لأنه لا يحل الانتفاع به ، فلا تقر اليد عليه .

فصل :

ويجوز تعليقها على شرط في الحياة ، لأنها تجوز في المجهول ، فجاز تعليقها على شرط ، كالطلاق . ويجوز تعليقها على شرط بعد الموت ، لأن ما بعد الموت في الوصية كحال الحياة . وإن قال : وصيت لك بثلثي ، وإن قدم زيد ، فهو له ، فقدم زيد في حياة الموصي ، فهو له . وإن قدم بعد موته فقال القاضي : الوصية للأول ، لأنه استحقها بموت الموصي فلم ينتقل عنه . ويحتمل أنها للثاني ، لأنه جعلها له بقدومه وقد جود .

فصل :

وإن كانت الوصية لغير معين ، كالفقراء ، أو لمن لا يعتبر قبوله ، كسبيل الله ، لزمت بالموت ، لأنه لا يمكن اعتبار القبول ، فسقط اعتباره . وإن كان لآدمي معين ، لم تلزم إلا بالقبول ، لأنها تمليك ، فأشبهت الصدقة . ولا يصح القبول إلا بعد الموت ، لأن الإيجاب لما بعده ، فكان القبول بعده . فإذا قبل ، ثبت له الملك حينئذ ، لأن القبول يتم به السبب ، فلم يثبت الملك قبله ، كالهبة . ويحتمل أنه موقوف ، إن قبل ، بنينا أن ملكه من حين الموت ، لأن ما وجب انتقاله بالقبول ، وجب انتقاله من جهة الموجب بالإيجاب ، كالبيع والهبة ، والمذهب الأول . فما حدث من نماء منفصل قبل القبول ، فهو للوارث . وإن وصى لرجل بزوجته ، فأولدها قبل القبول ، فولده رقيق للوارث . وعلى الاحتمال الثاني ، يكون النماء للموصى له ، وولده الحر .

فصل :

وإن رد الوصية في حياة الموصي ، لم يصح الرد ، لأنه لا حق له في الحياة ، فلم يملك إسقاطه ، كالشفيع قبل البيع . وإن ردها بعد الموت قبل القبول ، صح ، لأن الحق ثبت له فملك إسقاطه ، كالشفيع بعد البيع ، وإن رد بعد القبول ، لم يصح الرد ، لأنه ملك ملكاً تاماً فلم يصح رده ، كالعفو عن الشفعة بعد الأخذ بها . فإن لم يقبل ولم يرد ، فللورثة مطالبته بأحدهما . فإن امتنع ، حكمنا عليه بالرد ، لأن الملك متردد بينه وبين الورثة ، فأشبه من تحجر مواتاً وامتنع من إحيائه ، أو وقف في مشرعة ماء يمنع غيره ، ولا يأخذ .


فصل :
فإن مات الموصى له قبل موت الموصي ، بطلت الوصية ، لأنه مات قبل استحقاقها . فإن مات بعده قبل القبول ، فكذلك في قياس المذهب ، واختيار ابن حامد ، لأنه عقد يفتقر إلى القبول ، فبطل بالموت قبل القبول ، كالهبة ، والبيع . وقال الخرقي : يقوم الوارث مقام الموصى له في القبول والرد ، لأنه عقد لازم من أحد طرفيه فلم يبطل بموت من له الخيار ، كعقد الرهن . فإن قبل الوارث، ثبت الملك له ، فلو وصى لرجل بأبيه ، فمات الموصى له قبل القبول ، فقبل ابنه ، وقلنا بصحة ذلك ، فإن الملك ينتقل إلى الموصى له بموت الوصي ، ورث الموصى به من أبيه السدس ، لأنا تبينا أنه كان حراً . وإن قلنا : لا ينتقل إلا بالقبول ، لم يرث شيئاً ، لأنه كان رقيقاً .

يتبع

عاصم الثقيل
01-Apr-2009, 12:46 PM
أسأل الله أن لا يحرمك الأجر, وأن يوفقنا وإياك للعلم النافع والعمل الصالح, وأشكرك جداً على ربط الناس وخصوصاً طلبة العلم بكتب السلف التي قلما تجد في هذا الوقت من يعتني بها.
تحياتي ودعواتي لك أخي

خالد نوار العتيبي
01-Apr-2009, 02:03 PM
عاصم الثقيل

مشكوور علي مروورك القيم

بارك الله فيك

تحياتي لك

خالد نوار العتيبي
12-Apr-2009, 12:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تواصل لما سبق ذكره



باب ما يعتبر من الثلث

ما وصي به من التبرعات ، كالهبة والوقف والعتق والمحاباة ، اعتبر من الثلث سواء كانت الوصية في الصحة ، أو المرض ، لأن لزوم الجميع بعد الموت .
وعنه : أن الوصية في الصحة من رأس المال ، والأول أصح . فأما الواجبات ، كقضاء الدين والحج والزكاة ، فمن رأس المال ، لأن حق الورثة بعد أداء الدين ، لقوله تعالى : من بعد وصية يوصى بها أو دين . وقال علي رضي الله عنه : (( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الدين قبل الوصية)) رواه الترمذي . والواجب لحق الله بمنزلة الدين . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : دين الله أحق أن يقضى فإن وصى بها مطلقاً ، أو من رأس ماله ، فهي من رأس ماله ، فإن قال : أخرجوها من ثلثي ، أخرجت من الثلث ، وتممت من رأس المال . فإن كان معها وصية بتبرع ، فقال القاضي : يبدأ بالواجب ، فإن فضل عنه من الثلث شيء ،فهو للموصى له بالتبرع ، فإن لم يفضل شيء ، سقط ، إلا أن يجيز الورثة . ويحتمل أن يقسم الثلث بين الوصيين بالحصة ، فما بقي من الواجب ، تمم من الثلثين ، فيدخله الدور ، ويحتاج إلى العمل بطريق الجبر ، فتفرض المسألة فيمن وصى بقضاء دينه ، وهو عشرة ، ووصى لآخر بعشرة ، وتركته ثلاثون ، فاجعل تتمة الواجب شيئاً ، ثم خذ ثلث الباقي وهو عشرة إلا ثلث شيء ، قسمها بين الوصيين ، فحصل لقضاء الدين خمسة إلا سدس شيء ، إذا أضفت إليه الشيء المأخوذ كان عشرة ، فأجبر الخمسة من الشيء بسدسه ، يبقى خمسة دنانير وخمسة أسداس شيء تعدل العشرة ، فالشيء ستة ، وحصل لصاحب الوصية الأخرى أربعة .
فصل :
فأما عطيته في صحته ، فمن رأس ماله ، لأنه مطلق في التصرف في ماله ، لا حق لأحد فيه . وإن كان في مرض غير مخوف ، فكذلك ، لأنهم في حكم الصحيح . وإن كان مخوفاً اتصل به الموت ، فعطيته من الثلث ، لما روى عمران بن حصين : أن رجلاً أعتق ستة أعبد له عند موته ، لم يكن له مال غيرهم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء ، فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ، وقال له قولاً شديداً . رواه مسلم . ولأنه في هذه الحال لا يأمن الموت ، ، فجعل كحال الموت . فإن برئ ثم مرض ومات ، فهو من رأس المال ، لأنه ليس بمرض الموت . وإن وهب ما يعتبر قبضه وهو صحيح ، وأقبضه وهو مريض ، اعتبر من الثلث ، لأنه لم يلزم إلا بالقبض الذي وجد بالمرض .
فصل :
والمرض المخوف كالطاعون ، والقولنج ، والرعاف الدائم ، والإسهال المتواتر ، والحمى المطبقة ، وقيام الدم ، والسل في انتهائه ، والفالج في ابتدائه ، ونحوها . وغير المخوف ، كالجرب ووجع الضرس ، والصداع اليسير ، والإسهال اليسير من غير دم ، والسل قبل تناهيه ، والفالج إذا طال . فأما الأمراض الممتدة فإن أضني صاحبها على فراشه ، فهي مخوفة ، وإلا فلا . وقال أبو بكر : فيها وجه آخر أنها مخوفة على كل حال ، فإن أشكل شيء من هذه الأمراض ، رجع إلى قول عدلين من أهل الطب ، لأنهم أهل الخبرة به .
فصل :
وإن ضرب الحامل الطلق ، فهو مخوف ، لأنه من أسباب التلف ، وما قبل ستة أشهر فهي في حكم الصحيح . فإن صار له ستة أشهر ، فقال الخرقي : عطيتها من الثلث ، لأنه وقت لخروج الولد ، وهو من أسباب التلف . وقال غيره : هي كالصحيح ، لأنه لا مرض بها . وإن وضعت الولد وبقيت معها المشيمة ، أو حصل مرض ، أو ضربان ، فهو مخوف ، وإلا فلا ، ومن كان بين الصفين حال التحام الحرب ، أو في البحر في هيجانه ، أو أسير قوم عادتهم قتل الأسرى ، أو قدم للقتل ، أو حبس له، أو وقع الطاعون ببلده ، فعطيته من الثلث ، لأنه يخاف الموت خوف المريض وأكثر ، فكان مثله في عطيته . قال أبو بكر : وفيه رواية أخرى : أن عطاياهم من جميع المال ، لأنه لا مرض بهم .
فصل :
فأما بيع المريض بثمن المثل ، وتزويجه بمهر المثل ، فلازم من جميع المال ، لأنه ليس بوصية ، إنما الوصية التبرع ، وليس هذا تبرعاً . وإن حابى في ذلك ، اعتبرت المحاباة من الثلث ، لأنها تبرع ، وإن كاتب عبده ، اعتبرت من الثلث ، لأن ما يأخذه عوضاً من كسب عبده ، وهو مال له ، فصار كالعتق بغير عوض . وإن وهب له من يعتق عليه ، فقبله ، عتق من المال كله ، لأنه لم يخرج من ماله شيئاً بغير عوض . وإن مات ، ورثه ، لأنه ليس بوصية .
فصل :
وإن عجز الثلث عن التبرعات ، قدمت العطايا على الوصايا ، لأنها أسبق ، فإن عجز الثلث عن العطايا ، بدئ بالأول فالأول ، عتقاً كان أو غيره ، لأن السابق استحق الثلث ، فلم يسقط بما بعده ، وإن وقعت دفعة واحدة ، تحاصوا في الثلث ، وأدخل النقص على كل واحد بقدر عطيته ، لأنهم تساووا في الحق ، فقسم بينهم كالميراث .
وعنه : أن العتق يقدم ، لأنه آكد ، لكونه مبنياً على التغليب والسراية ، فإن كان العتق لأكثر من واحد ، أقرع بينهم فكمل العتق في بعضهم ، لحديث عمران ، ولأن القصد تكميل الأحكام في العبد ، ولا يحصل إلا بذلك ، وإن قال: إن أعتقت سالماً ، فغانم حر ، ثم أعتق سالماً ، قدم على غانم ، لأنه عتقه أسبق . وإن قال : إن أعتقت سالماً فغانم حر مع حريته ، فكذلك ، لأننا لو أعتقنا غانماً بالقرعة ، لرق سالم ، ثم بطل عتق غانم ، لأنه مشروط بعتق سالم ، فيفضي عتقه إلى بطلان عتقه ، وإن كانت التبرعات وصايا ، سوي بين المتقدم والمتأخر ، لأنها توجد عقيب موته دفعة واحدة ، فتساوت كلها .
فصل :
وإذا أعتق بعض العباد بالقرعة ، تبينا أنه كان حراً من حين الإعتاق فيكون كسبه له . وإن أعتق بعضه ، ملك من كسبه بقدره . فإن أعتق عبداً لا يملك غيره ـ قيمته مائة ـ فكسب في حياة سيده مائة ، عتق نصفه ، وله نصف كسبه ، ويحصل للورثة نصفه ، ونصف كسبه ، وذلك مثلا ما عتق منه ، فطريق عملها أن يقول : عتق منه شيء وله من كسبه شيء ، وللورثة شيئان ، فيقسم العبد وكسبه على أربعة أشياء ، فيخرج للشيء خمسون ، وهو نصف العبد . ولو كسب مثلي قيمته ، لقلت : عتق منه شيء ، وله من كسبه شيئان ، وللورثة شيئان ، فيعتق منه ثلاثة أخماسه ، وله ثلاثة أخماس كسبه ، وللورثة الخمسان .
فصل :
وإن وهب المريض مريضاً عبداً قيمته عشرة لا يملك غيره ، ثم وهبه الثاني للأول ، ولا يملك غيره ، فقد صحت هبة الأول في شيء ، وصحت هبة الثاني في ثلث ذلك الشيء ، بقي له ثلثا شيء ، ولورثة الأول شيئان ، أبسط الجميع أثلاثاً ، تكن ثمانية والشيء ثلاثة ، فلورثة الأول ستة هي ثلاث أرباع العبد ، ولورثة الثاني ربعه .
فصل :
ولو تزوج المريض امرأة صداق مثلها خمسة ، فأصدقها عشرة لا يملك غيرها ، فماتت قبله ، ثم مات ، فقد صح لها بالصداق خمسة وشيء ، وعاد إلى الزوج نصف ذلك ديناران ونصف ، ونصف شيء ، فصار لورثته سبعة ونصف ، إلا نصف شيء ، تعدل شيئين ، أجبرها بنصف الشيء ، تصر شيئان ونصف ، تعدل سبعة ونصفان ، أبسطها ، تصر خمسة ، تعدل خمسة عشر . فالشيء إذاً ثلاثة ، فلورثة الزوج ستة ، ولورثتها ، أربعة .
فصل :
وإن باع المريض عبداً لا يملك غيره قيمته ثلاثون ، بعشرة ، فأسقط الثمن من قيمته ، ثم انسب ثلث العبد كله إلى الباقي من ثمنه ، يكن نصفه ، فيصح البيع في نصفه بنصف ثمنه . ولو اشتراه بخمسة عشر . كانت نسبة الثلث إلى باقيه بثلثين ، فيصح البيع في ثلثه بثلثي ثمنه .
فصل :
ومن وصى لرجل بثلث ماله ومنه حاضر وغائب وعين ودين ، فللموصى له ثلث العين الحاضرة ، وللورثة ثلثاها ، وكلما اقتضى من الدين شيء ، أو حضر من الغائب شيء ، اقتسموه أثلاثاً ، لأنهم شركاء فيه . وإن وصى بمائة حاضرة وله مائتان غائبة ، أو دين ، ملك الموصى له ثلث الحاضرة ، وله التصرف فيه في الحال ، لأن الوصية فيه نافذة ، فلا فائدة من وقفه ، ووقف ثلثاها ، فكلما حضر من الغائب شيء أخذه الوارث ، واستحق الموصى له من الحاضرة قدر ثلثه ، وإن تلفت الغائبة ، فالثلثان للورثة ، وكذلك لو دبر عبده ومات وله دين مثلاه ، عتق ثلثه ، ووقف ثلثاه لما ذكرناه .
فصل :
وإن وصى له بمنفعة عبد سنة ، ففي اعتبارها في الثلث وجهان :
أحدهما : تقوم المنفعة سنة ، ويقوم العبد مسلوب المنفعة سنة على الوارث .
والثاني : يقوم العبد كامل المنفعة ، ويقوم مسلوب المنفعة سنة ، فيعتبر ما بينهما . وإن وصى بنفعه حياه . ففيه وجهان :
أحدهما : يقوم العبد بمنفعته ، ، ثم يقوم مسلوب المنفعة ، فما زاد على قيمة الرقبة المنفردة ، فهو قيمة المنفعة .
والثاني : يقوم العبد بمنفعته على الموصى له ، لأن عبداً لا نفع فيه لا قيمة له . وإن وصى لرجل بنفعه ، ولآخر برقبته ، اعتبر خروج العبد بمنفعته من الثلث وجهاً واحداً . وإن وصى له بثمرة شجرة أبداً ، ففي التقويم الوجهان لما ذكرناه .

يتبع

الفليت العتيبي
15-Apr-2009, 12:05 PM
جزاك الله وخير وبارك في

وجعل ماتكتبه في موازين حسناتك


وشكرا لك

خالد نوار العتيبي
16-Apr-2009, 09:55 PM
الفليت العتيبي

مشكور علي المرور القيم وبارك الله فيك

تحياتي لك

الخديدي خالد
18-Apr-2009, 09:01 PM
جـــــــــــــــــــــــــــــــــــــزاك الله خير ووفقك الله


في داعة الرحمن

خالد نوار العتيبي
25-Apr-2009, 08:21 PM
خديدي خالد

مشكووور علي مروورك القيم

وبارك الله فيك

تحياتي لك

محمـــد
17-May-2009, 03:34 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك