تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لبـيـد بن ربيـعه ... الشـاعر الناسك


ابو ضيف الله
22-Apr-2004, 09:19 PM
هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابي الجعفري، أبو عقيل، الشاعر المشهور رضي الله عنه(1).
حياته:
يقول المرزباني في معجمه: كان فارساً شجاعاً، شاعراً سخياً، قال الشعر في الجاهلية دهراً، ثم أسلم، ولما كتب عمر إلى عامله بالكوفة والأغلب العجلي : سأل لبيداً ما أحدث من الشعر في الإسلام؟ فقال: لبيد: أبدلني الله سورة البقرة، وآل عمران، فزاد عمر في عطائه، قال: ويقال: إنه ما قال في الإسلام إلا بيتاً واحداً:

ما عابت المرء اللبيب كنفسه = والمرء يصلحه الجليس الصالح

ويقال: بل قوله:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي = حتى لبست من الإسلام سربالا
ولما أسلم رجع إلى بلاد قومه، ثم نزل الكوفة، حتى مات في سنة إحدى وأربعين...
وكان عمره مائة وخمساً وأربعين سنة، منها خمس وخمسون في الإسلام، وتسعون في الجاهلية(2). وقيل: عاش مائة وثلاثين سنة لا غير، وقال البخاري: قال الأويسي: حدثنا مالك: قال: عاش لبيد بن ربيعة مائة وستين سنة(3).
إسلامه ومناقبه:
يقول ابن الأثير: وفد لبيد على رسول الله سنة وفد قومه بنو جعفر؛ فأسلم وحسن إسلامه(4).
وفي أكثر أهل الأخبار: لم يقل شعراً منذ أسلم، وكان شريفاً في الجاهلية والإسلام، وكان قد نذر أن لا تهب الصبا إلا نحر وأطعم، ثم إنه نزل الكوفة وكان المغيرة بن شعبة إذا هبت الصبا يقول: أعينوا أبا عقيل على مروءته.
قيل: هبت الصبا يوماً وهو بالكوفة ولبيد مقتر مملق، فعلم بذلك الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان أميراً عليها ؛ فخطب الناس، وقال: إنكم قد عرفتم نذر أبي عقيل وما وكد على نفسه فأعينوا أخاكم؛ ثم نزل فبعث إليه بمائة ناقة، وبعث الناس إليه فقضى نذره!(5).
قال المبرد: قال لبيد لابنته وكان قد امتنع عن قول الشعر : قولي شعراً في هذا، فقالت قصيدة منها:
إذا هبت رياح أبي عقيل = دعونا عند هبتها الوليدا(6)

ويروى أن أبا حاتم السجستاني قال في المعمرين، عن أشياخه: سمعت الأصمعي يقول: كتب معاوية إلى زياد أن اجعل أعطيات الناس في ألفين، وكان عطاء لبيد ألفين وخمسمائة، فقال له زياد: يا أبا عقيل، هذان الخراجان، فما بال هذه العلاوة؟ قال: ألحق الخراجين بالعلاوة، فإنك لا تلبث إلا قليلاً حتى يصير لك الخراجان، والعلاوة، قال: فأكملها زياد، ولم يكملها غيره، فما أخذ لبيد عطاء آخر حتى مات(7).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة، مرفوعاً: "أصدق كلمة قالها الشاعر، كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل".
ووقع في معجم الشعراء للمرزباني: أن النبي قالها على المنبر.
وأخرج ابن منده، من طريق هشام بن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: رحم الله لبيداً حيث قال:
ذهب الذي يعاش في أكنافهم = وبقيت في خلف كجلد الأجرب

قالت عائشة: فكيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال عروة: رحم الله عائشة، كيف لو أدركت زماننا هذا، قال هشام: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا؟ واتصلت السلسلة إلى سعدان وإلى ابن منده!(8).
شاعريته:
كان رضي الله عنه من فحول الشعراء: ضرب به المثل الإمام الشافعي رضي الله عنه، حيث قال:
ولولا الشعر بالعلماء يزري = لكنت اليوم أشعر من لبيد
وحكى الرياشي، وهو في ديوان شعره، من غير رواية أبي سعيد، قال: لما اشتد الجدب على مضر؛ بدعوة النبي ؛ وفد عليه وفد قيس وفيهم لبيد، فأنشد:
أتيناك والغدراء تدمى لبانها = وقد ذهلت أم الصبي عن الصبي
فإن تدع بالسقيا وبالعفو ترسل =السماء لنا والأمر يبقى على الأصل(9)
أقول: وإن كانت أكثر الروايات تدل على أن لبيد بن ربيعة رضي الله عنه لم ينظم شعراً منذ أسلم، فإن في الرواية السابقة وغيرها من الروايات ما يدحض ذلك، ويؤكد هذا في رأيي أنه ثبت عن النبي أنه قال: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل

وهذا شطر من قصيدة وفيها ما يدل على أنه قالها في الإسلام، وذلك كقوله فيها:
وكل امرئ يوماً سيعلم سعيه = إذا كشفت عند الإله المحاصل
كل هذا يرجح في ظني أن لبيد بن ربيعة رضي الله عنه وإن لم ينظم شعراً منذ أسلم إلا أنني أرى أنه لم ينظم قصائد طويلة كما كان من قبل، وإنما كان يكمل بعض قصائد سبق نظمه لها، أو يقرض بعض أبيات تعرضها الضرورة!
ومما يستجاد من شعره قوله من قصيدة يرثي أخاه أربد:

أعاذل ما يدريك ألا نظنيا = إذا رحل السفار من هو راجع
أيجزع مما أحدث الدهر للفتى =وأي كريم لم يصبه القوارع
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى=ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه = يحور رماداً بعدما هو ساطع
وما البر إلا مضمرات من التقى =وما المال إلا معمرات ودائع(10)

كما روي أن الشعبي قال: قال لعبدالملك بن مروان: تعيش ما عاش لبيد بن ربيعة، وذلك أنه لما بلغ سبعاً وسبعين سنة؛ أنشأ يقول:

باتت تشكي إلى النفس مجهئة = وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا
فإن تزادي ثلاثاً تبلى أملاً = وفي الثلاث وفاء للثمانينا

ثم عاش حتى بلغ تسعين؛ فقال:
كأنني وقد جاوزت تسعين حجة =خلقت بها عن منكبي ردائيا

ثم عاش حتى بلغ مائة وعشر؛ فقال:
أليس في مائة قد عاشها رجل = وفي تكامل عشر بعدها عمر

ثم عاش حتى بلغ مائة وعشرين؛ فقال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها = وسؤال هذا الناس كيف لبيد(11)
هذا؛ وقد عاش لبيد بن ربيعة رضي الله عنه مائة وستين سنة على الأرجح كما يروي البخاري، كما مات في الكوفة في إمارة الوليد بن عقبة عليها في خلافة عثمان رضي الله عنه، ولما مات بعث الوليد إلى منزله عشرين جزوراً فنحرت عنه!(12) .
رضي الله عن لبيد بن ربيعة، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

@ الهوامش:
1 الإصابة في تمييز الصحابة: للعسقلاني: (ت852)، (9-6) الطبعة الأولى مكتبة الكليات الأزهرية، سنة 1396ه.
وأسد الغابة في معرفة الصحابة: لابن الأثير، (ع-260)، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت، د.ت. وصفة الصفوة: للإمام الجوزي: (ت597ه) تحقيق أبي علي مسلم الحسيني: (1-281) الطبعة الأولى مكتبة الإيمان بالمنصورة، سنة 1419ه.
2 المصدر السابق: (9-6،7).
3 نفس المصدر: (9-9،10).
4 أسد الغابة: (4-260)، وقارن ب : الإصابة في تمييز الصحابة: (9-9)؛ حيث نقل العسقلاني عن المدائني: أن لبيد بين ربيعة وفد مع ثلاثة عشر رجلاً من بني كلاب على رسول الله ، فأسلم وحسن إسلامه. هذا؛ وقد وصفه ابن الجوزي في الطبقة الرابعة فيمن أسلم عند الفتح وفيما بعد ذلك. انظر: صفة الصفوة: (1-276).
5 المصدر السابق: (4-261).
6 الإصابة في تمييز الصحابة: (9-9،10).
7 المصدر السابق: (9-8).
8 نفس المصدر: (9-8،9). وقارن ب : معجم لسان العرب: لابن منظور، مادة (جلل).
9 نفس المصدر: (9-9).
10 أسد الغابة: (4-262).
11 المصدر السابق: (4-262).
12 نفس المرجع: (4-262) بتصرف


المــصــدر مجــلة المسـلم

وصل العطياني؟؟؟
26-Apr-2004, 04:48 PM
تسلم يابو ضيف الله ....
نقل موفق وأكثر من رائع,...
لاهنت يالغالي...



تحياااااااااتي

شيباني نت
05-May-2004, 03:04 AM
موضوع جدا جميل
وتسلم على النقل الاكثر من رائع


اخوك شيباني نت