نيزك
11-Oct-2008, 03:27 PM
في واشنطن بوست, كتب أنتوني فاجولا مقالا حاول فيه توضيح ما يهدد نموذج الرأسمالية الأميركي في ظل خطط واشنطن للتدخل في الأسواق المالية بغية التصدي للأزمة الخطيرة التي تعصف بها, وبين كيف أن واشنطن التي ظلت دائما تحذر الحكومات من التدخل في السوق هي الآن من يمارس ذلك على أعلى المستويات.
وهذا نص المقال:
النموذج الرأسمالي الأميركي يقع ضحية أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير.
فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي, والمصارف الأميركية تحمل لواء الاقتصاد الأميركي المبني على النظام المالي الرهيب للسوق الحرة، وظلت الولايات المتحدة تتوقع منافسة الآخرين من خلال هذا النظام، بل وتشجعها.
لكن اضطراب السوق الذي بدأ يستنزف ثروة البلد، وكاد يقضي على وول ستريت يهدد الآن بوضع المصارف, وهي القلب النابض للنظام المالي الأميركي, وإن جزئيا في يد الحكومة.
فالإدارة الأميركية تأخذ الآن بعين الاعتبار التأميم الجزئي لبعض المصارف, عبر شراء نصيب من أسهمها كي تعيد إليها الثقة في إطار برنامج الإنقاذ المالي الذي يبلغ سبعمائة مليار دولار.
إلا أن مفهوم ملكية الدولة في القطاع المالي, حتى وإن كانت مساهما ثانويا, يتعارض مع ما يعتبره منظرو السوق الحرة الأساس الذي يقوم عليه النظام المالي الأميركي.
ومع ذلك فالحكومة الأميركية قد تجد نفسها مضطرة لهذا الإجراء لغياب أي خيار آخر, فالائتمان الذي هو شريان حياة الرأسمالية, توقف عن الجريان, ولا يمكن لاقتصاد يعتمد على السوق الحرة أن يظل مستمرا بتلك الطريقة.
لكن التغير المفاجئ في موقف الحكومة يذهب أبعد من مجرد إنقاذ الصناعة المصرفية، فهي تريد فرض نفسها من جديد بالتدخل في حياة المواطنين بشكل لم يكن ليخطر على بال أحد إبان فترة الاعتقاد بأن "السوق أدرى من غيرها".
وباستحواذها مؤخرا على شركتي الإقراض فاني ماي وفريدي ماك وإنقاذها المالي لشركة أي آي جي أصبحت الحكومة الأميركية من الناحية الفعلية, هي المسؤولة عن ضمان الرهن العقاري والتأمين على الحياة لعشرات الملايين من الأميركيين, وأصبح عدد كبير من الاقتصاديين يتساءل عما إذا كانت لا تزال هناك سوق حرة إذا كانت الحكومة قد انغمست بمثل هذا العمق في النظام المالي.
وبما أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها أنموذج الاقتصاد العالمي, فإن هذا التغير في تعاملها مع أسواقها قد يدفع حكومات أخرى عبر العالم إلى تغيير كيفية تعاملها مع التجارة الحرة.
ففي العقود الثلاثة الماضية ظلت الولايات المتحدة تقود "حملة صليبية" لإقناع غالبية دول العالم, خاصة السائرة منها في طريق النمو, برفع يد حكوماتها عن المال والصناعة.
لكن الأنموذج الأميركي للرأسمالية القائم على عدم تدخل الحكومة في السوق هو الذي ينحى عليه حاليا باللائمة في قضية القروض الميسرة التي أفزعت سوق العقارات وأضرت به، وجعلت العجلة المطلقة لوول ستريت تنتج بركة من الاستثمارات السامة لوثت بجراثيمها النظام المالي العالمي.
والتدخل الحكومي الكبير جراء هذه الأزمة, حسب النقاد, سلب واشنطن أكثر فأكثر السلطة الأخلاقية على نشر إنجيل الرأسمالية غير المقيدة.
وهذا نص المقال:
النموذج الرأسمالي الأميركي يقع ضحية أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير.
فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي, والمصارف الأميركية تحمل لواء الاقتصاد الأميركي المبني على النظام المالي الرهيب للسوق الحرة، وظلت الولايات المتحدة تتوقع منافسة الآخرين من خلال هذا النظام، بل وتشجعها.
لكن اضطراب السوق الذي بدأ يستنزف ثروة البلد، وكاد يقضي على وول ستريت يهدد الآن بوضع المصارف, وهي القلب النابض للنظام المالي الأميركي, وإن جزئيا في يد الحكومة.
فالإدارة الأميركية تأخذ الآن بعين الاعتبار التأميم الجزئي لبعض المصارف, عبر شراء نصيب من أسهمها كي تعيد إليها الثقة في إطار برنامج الإنقاذ المالي الذي يبلغ سبعمائة مليار دولار.
إلا أن مفهوم ملكية الدولة في القطاع المالي, حتى وإن كانت مساهما ثانويا, يتعارض مع ما يعتبره منظرو السوق الحرة الأساس الذي يقوم عليه النظام المالي الأميركي.
ومع ذلك فالحكومة الأميركية قد تجد نفسها مضطرة لهذا الإجراء لغياب أي خيار آخر, فالائتمان الذي هو شريان حياة الرأسمالية, توقف عن الجريان, ولا يمكن لاقتصاد يعتمد على السوق الحرة أن يظل مستمرا بتلك الطريقة.
لكن التغير المفاجئ في موقف الحكومة يذهب أبعد من مجرد إنقاذ الصناعة المصرفية، فهي تريد فرض نفسها من جديد بالتدخل في حياة المواطنين بشكل لم يكن ليخطر على بال أحد إبان فترة الاعتقاد بأن "السوق أدرى من غيرها".
وباستحواذها مؤخرا على شركتي الإقراض فاني ماي وفريدي ماك وإنقاذها المالي لشركة أي آي جي أصبحت الحكومة الأميركية من الناحية الفعلية, هي المسؤولة عن ضمان الرهن العقاري والتأمين على الحياة لعشرات الملايين من الأميركيين, وأصبح عدد كبير من الاقتصاديين يتساءل عما إذا كانت لا تزال هناك سوق حرة إذا كانت الحكومة قد انغمست بمثل هذا العمق في النظام المالي.
وبما أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها أنموذج الاقتصاد العالمي, فإن هذا التغير في تعاملها مع أسواقها قد يدفع حكومات أخرى عبر العالم إلى تغيير كيفية تعاملها مع التجارة الحرة.
ففي العقود الثلاثة الماضية ظلت الولايات المتحدة تقود "حملة صليبية" لإقناع غالبية دول العالم, خاصة السائرة منها في طريق النمو, برفع يد حكوماتها عن المال والصناعة.
لكن الأنموذج الأميركي للرأسمالية القائم على عدم تدخل الحكومة في السوق هو الذي ينحى عليه حاليا باللائمة في قضية القروض الميسرة التي أفزعت سوق العقارات وأضرت به، وجعلت العجلة المطلقة لوول ستريت تنتج بركة من الاستثمارات السامة لوثت بجراثيمها النظام المالي العالمي.
والتدخل الحكومي الكبير جراء هذه الأزمة, حسب النقاد, سلب واشنطن أكثر فأكثر السلطة الأخلاقية على نشر إنجيل الرأسمالية غير المقيدة.