خلف القثامي
27-Sep-2008, 03:02 AM
شعراء عتيبة
هذا عنوان كتاب ألفه الابن الكريم الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي العتيبي، عن شعراء قبيلته عتيبة، وأوضح في مقدمة هذا الكتاب أنه عندما استعرض المصادر التاريخية النجدية وجدها تدور حول أحداث المحيط القروي، ولا تذكر إلا الأحداث المتصلة بالسلطة السياسية القوية، كما وجد أن أغلب المؤرخين لم يتمكنوا من دراسة أحوال القبائل دراسة متعمقة، ولا يعرفون منها إلا يسراً مما يتصل بالجانب الحربي، ومن هنا حيث لم يجد في تلك المصادر ما يعول عليه لجمع شعر القبيلة، اتجه إلى مجاميع الشعراء ومن أكثر من مئة وخمسين كتاباً استخلص شعر ما يقرب من مائتي شاعر مختلفي الأزمنة، منها جمع المعلومات التي رآها جديرة بالتسجيل، والجميع في سفر واحد، ورأى ألا يكون جمعه خاصاً بالشعر الشعبي، بل وضع في مقدمة كتابه نبذة تاريخية عن القبيلة وأرجأ تفصيل الأنساب والتاريخ والآداب لصدور كتاب له في ذلك.
ويقع هذا المؤلف في جزءين يحوي أولهما مقدمة عن قبيلة هوازن القبيلة العربية المشهورة التي ترجع إليها أكثر بطون عتيبة، ورجع في هذا إلى كتب الأنساب والتاريخ قديمها وحديثها، ثم اتبع ذاك بفصل عن قبيلة عتيبة في فرعيها الكبيرين برقاء والروقة، ثم بطون هذين الفرعين بتفصيل، ورجع في هذا إلى الكتب المؤلفة حديثاً.
وتحدث بإيجاز عن عتيبة في التاريخ مشيراً إلى أن أول نص وجده عن هذه القبيلة هو ما في كتاب (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) من أن شريف مكة بجنوده توجه من (وادي مرّ) إلى جهة الشرق لغزو عتيبة سنة 874هـ (1469م).
أما أول ذكر لهذه القبيلة في نجد فيما اطلع عليه الأستاذ محمد، فهو ما ورد في كتاب الشيخ إبراهيم بن عيسى (تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد) من أن آل مُحدث من بني العنبر من تميم هاجموا الفراهيد من الأساعدة من الروقة من عتيبة في الزلفي سنة 1098 (1687م).وعرض لمحات من تاريخ القبيلة بعد ذلك أتبعها بإيراد الشعراء مرتباً الأسماء على حروف المعجم، مبتدئاً بالشاعر أحمد الخميس من شعراء الزلفي، توفي سنة 1390هـ، ثم بخيت بن ماعز العطاوي، واستمر في سرد الشعراء الذين تحدث عنهم، ويورد نماذج من شعر الشاعر، وطرفاً من أخباره، ويشير إلى المصادر في هامش الكتاب.
وقد تحدث في كتابه عن 154 شاعراً، منهم في الجزء الأول 62 شاعراً وفي الثاني 92 شاعراً، وألحق بهم ثلاثة عشر شاعراً ليسوا من شعراء القبيلة ولكن لشعرهم صلة بقبيلة عتيبة. ولم يفته أن يتحدث عن شاعرات القبيلة، فيورد منهن في آخر الكتاب ستاً وأربعين شاعرة.
ومن تصفح الكتاب يتبين للباحث ما بذله من جهد في جمع ما فيه من معلومات، فقد رجع إلى عشرات المؤلفات قديمها وحديثها، وأمضى في تأليفه فترة طويلة من الزمن كما يفهم من مقدمته، حيث ذكر أن فكرة تأليفه قائمة على أساس إصدار كتاب عن قبيلة عتيبة تاريخها وأنسابها، وبعض جوانب حياتها الأدبية، فاتخذ من شعر القبيلة مادة لتأليف هذا الكتاب الذي حوى جل إن لم يكن كل المشهورين من شعراء عتيبة، بحيث يجد فيه المعنيون في دراسة الشعر العامي ذخيرة طيبة تضم نماذج مختلفة في أغراضها لشعراء عاشوا في أزمان متفاوتة من بدو وحضر، ممن ينسب إلى قبيلة عتيبة، بل قد يجد فيه الباحث بقلة شعراً عربياً فصيحاً، كما في ترجمة الشاعر حسين بن سرحان الذي قال عنه المؤلف: كان شاعراً شعبياً، له كثير من القصائد ولكنه لم يورد شيئاً من ذلك الشعر الشعبي في ترجمته المطولة التي استغرقت من صفحات الجزء الأول من الكتاب أكثر من أربعين صفحة، كل ما فيها من الشعر الفصيح.
كنت أود أن يكون حديثي متعلقاً بمضمون ما يحويه هذا المؤلف من أشعاره، إلا أنني مُزجى البضاعة في تذوق الشعر العامي، وقاصر عن فهمه فهماً تاماً، وكل ما أرجوه وأتوخاه هو أن يكون ما يقدم للقراء منه في هذه الأزمان صحيح النسبة إلى قائليه، لم يدخله شيء من التحريف، إذ الشعر العامي كما سبق أن تحدثت عنه بتفصيل في مقدمة كتاب (شاعرات من البادية) الذي ألفه الأستاذ عبدالله بن رَدَّاس، هو مصدر من مصادر الدراسات لكثير من أحوال العرب في العصر الأخير، متى كان صحيح النسبة، ولم يحدث فيه تغيير من قبل رواته من حيث اللهجة، أو غير ذلك فقد حدثني أحد المعنيين بجمعه حديثاً جعلني أستريب في كثير مما ينشر في أيامنا الأخيرة، قال لي في معرض حديثه وهو يشير إلى أنه ساعد في جمع مادة أحد المؤلفات: لا تقف مساعدتي عند تقديم بعض المواد، بل إنني أصلحت كثيراً مما فيه، وعندما بيّن لي ما ادعاه إصلاحاً، اتضح لي أنه أفسد ذلك الشعر مدعياً أنه أزال ما فيه مما لا يتفق مع أخلاقنا وعاداتنا.
من هنا كنت اتطلع لما قام به الأخ ابن دخيل العصيمي، من جمع هذا الشعر إلى أن تكون عنايته غير مقتصرة على الجمع، بل تتصل بالتثبت من صحته، ومطابقته للهجة القبيلة، إذ دراسة لهجات القبائل تعتمد أكثر ما تعتمد على المأثور من شعرها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى: ورد في الكتاب ذكر بعض المواضع وكان الأولى تعريفها تعريفاً موجزاً، ففي ص 178 اسم (بئر غال) (ماء لذيذ المشرب، ولكنه شحيح داخل مجمع هضاب حمر جوار القرارة هجرة أبي سنون). فما كل أحد من القراء يعرف أن (غال) هنا هو جبل (غول) المشهور الوارد في قول امرئ القيس:
ف(غولٍ) فحلِّيتٍ فنفءٍ فمنعجٍ
إلى عاقِلٍ فالجبِّ ذي الأَماراتِ
وأسماء موارد أخرى ومواضع مثل (الخنفرية) الواردة في شعر دهيس الهمرق المقاطي - ص 279 - و(أبرق الجلبة) - ص 275 - وأسماء أخرى لا يتسع المقام لذكرها.
وبالإجمال فالأستاذ محمد بن دخيل بتأليفه هذا الكتاب هو وإن بذل جهداً متميزاً في سبيل إبراز أثر من آثار قبيلته في الشعر العامي، إلا أن كل باحث في هذا الشعر لا يزال يتطلع منه إلى جهد أعم وأشمل من حيث توثيق تلك النماذج التي قدمها في الأشعار، وإيضاح ما يحتاج إلى إيضاح فيها، والحفاظ على لهجتها الصحيحة، واختيار الصالح منها، ولعله قد لاحظ هذا حين أشار في مقدمة الكتاب (إلى أن سيلحق به ما يصل إليه من تصحيح لبعض الأخطاء واستدراك لما فات).
أما مجرد الاعتماد على النقل من الكتب، فهو وإن قُبل من بعض من يتجهون لجمع هذا النوع من الشعر جمعاً دون تمحيص أو تحقيق، إلا أنه لا يقبل من ابن القبيلة أن يعتمد فيما ينسب إليها على ما يرويه الآخرون.
وقد وقع هذا الكتاب الذي صدر هذا العام 1416هـ (1995م) في جزءين صفحاتهما 852 صفحة، والطباعة وإن كانت جيدة الورق واضحة الحروف، إلا أنها بحاجة إلى ضبط بعض الكلمات العامية بالحركات، وتصحيح بعض التطبيع (الأخطاء المطبعية).
هذا عنوان كتاب ألفه الابن الكريم الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي العتيبي، عن شعراء قبيلته عتيبة، وأوضح في مقدمة هذا الكتاب أنه عندما استعرض المصادر التاريخية النجدية وجدها تدور حول أحداث المحيط القروي، ولا تذكر إلا الأحداث المتصلة بالسلطة السياسية القوية، كما وجد أن أغلب المؤرخين لم يتمكنوا من دراسة أحوال القبائل دراسة متعمقة، ولا يعرفون منها إلا يسراً مما يتصل بالجانب الحربي، ومن هنا حيث لم يجد في تلك المصادر ما يعول عليه لجمع شعر القبيلة، اتجه إلى مجاميع الشعراء ومن أكثر من مئة وخمسين كتاباً استخلص شعر ما يقرب من مائتي شاعر مختلفي الأزمنة، منها جمع المعلومات التي رآها جديرة بالتسجيل، والجميع في سفر واحد، ورأى ألا يكون جمعه خاصاً بالشعر الشعبي، بل وضع في مقدمة كتابه نبذة تاريخية عن القبيلة وأرجأ تفصيل الأنساب والتاريخ والآداب لصدور كتاب له في ذلك.
ويقع هذا المؤلف في جزءين يحوي أولهما مقدمة عن قبيلة هوازن القبيلة العربية المشهورة التي ترجع إليها أكثر بطون عتيبة، ورجع في هذا إلى كتب الأنساب والتاريخ قديمها وحديثها، ثم اتبع ذاك بفصل عن قبيلة عتيبة في فرعيها الكبيرين برقاء والروقة، ثم بطون هذين الفرعين بتفصيل، ورجع في هذا إلى الكتب المؤلفة حديثاً.
وتحدث بإيجاز عن عتيبة في التاريخ مشيراً إلى أن أول نص وجده عن هذه القبيلة هو ما في كتاب (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) من أن شريف مكة بجنوده توجه من (وادي مرّ) إلى جهة الشرق لغزو عتيبة سنة 874هـ (1469م).
أما أول ذكر لهذه القبيلة في نجد فيما اطلع عليه الأستاذ محمد، فهو ما ورد في كتاب الشيخ إبراهيم بن عيسى (تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد) من أن آل مُحدث من بني العنبر من تميم هاجموا الفراهيد من الأساعدة من الروقة من عتيبة في الزلفي سنة 1098 (1687م).وعرض لمحات من تاريخ القبيلة بعد ذلك أتبعها بإيراد الشعراء مرتباً الأسماء على حروف المعجم، مبتدئاً بالشاعر أحمد الخميس من شعراء الزلفي، توفي سنة 1390هـ، ثم بخيت بن ماعز العطاوي، واستمر في سرد الشعراء الذين تحدث عنهم، ويورد نماذج من شعر الشاعر، وطرفاً من أخباره، ويشير إلى المصادر في هامش الكتاب.
وقد تحدث في كتابه عن 154 شاعراً، منهم في الجزء الأول 62 شاعراً وفي الثاني 92 شاعراً، وألحق بهم ثلاثة عشر شاعراً ليسوا من شعراء القبيلة ولكن لشعرهم صلة بقبيلة عتيبة. ولم يفته أن يتحدث عن شاعرات القبيلة، فيورد منهن في آخر الكتاب ستاً وأربعين شاعرة.
ومن تصفح الكتاب يتبين للباحث ما بذله من جهد في جمع ما فيه من معلومات، فقد رجع إلى عشرات المؤلفات قديمها وحديثها، وأمضى في تأليفه فترة طويلة من الزمن كما يفهم من مقدمته، حيث ذكر أن فكرة تأليفه قائمة على أساس إصدار كتاب عن قبيلة عتيبة تاريخها وأنسابها، وبعض جوانب حياتها الأدبية، فاتخذ من شعر القبيلة مادة لتأليف هذا الكتاب الذي حوى جل إن لم يكن كل المشهورين من شعراء عتيبة، بحيث يجد فيه المعنيون في دراسة الشعر العامي ذخيرة طيبة تضم نماذج مختلفة في أغراضها لشعراء عاشوا في أزمان متفاوتة من بدو وحضر، ممن ينسب إلى قبيلة عتيبة، بل قد يجد فيه الباحث بقلة شعراً عربياً فصيحاً، كما في ترجمة الشاعر حسين بن سرحان الذي قال عنه المؤلف: كان شاعراً شعبياً، له كثير من القصائد ولكنه لم يورد شيئاً من ذلك الشعر الشعبي في ترجمته المطولة التي استغرقت من صفحات الجزء الأول من الكتاب أكثر من أربعين صفحة، كل ما فيها من الشعر الفصيح.
كنت أود أن يكون حديثي متعلقاً بمضمون ما يحويه هذا المؤلف من أشعاره، إلا أنني مُزجى البضاعة في تذوق الشعر العامي، وقاصر عن فهمه فهماً تاماً، وكل ما أرجوه وأتوخاه هو أن يكون ما يقدم للقراء منه في هذه الأزمان صحيح النسبة إلى قائليه، لم يدخله شيء من التحريف، إذ الشعر العامي كما سبق أن تحدثت عنه بتفصيل في مقدمة كتاب (شاعرات من البادية) الذي ألفه الأستاذ عبدالله بن رَدَّاس، هو مصدر من مصادر الدراسات لكثير من أحوال العرب في العصر الأخير، متى كان صحيح النسبة، ولم يحدث فيه تغيير من قبل رواته من حيث اللهجة، أو غير ذلك فقد حدثني أحد المعنيين بجمعه حديثاً جعلني أستريب في كثير مما ينشر في أيامنا الأخيرة، قال لي في معرض حديثه وهو يشير إلى أنه ساعد في جمع مادة أحد المؤلفات: لا تقف مساعدتي عند تقديم بعض المواد، بل إنني أصلحت كثيراً مما فيه، وعندما بيّن لي ما ادعاه إصلاحاً، اتضح لي أنه أفسد ذلك الشعر مدعياً أنه أزال ما فيه مما لا يتفق مع أخلاقنا وعاداتنا.
من هنا كنت اتطلع لما قام به الأخ ابن دخيل العصيمي، من جمع هذا الشعر إلى أن تكون عنايته غير مقتصرة على الجمع، بل تتصل بالتثبت من صحته، ومطابقته للهجة القبيلة، إذ دراسة لهجات القبائل تعتمد أكثر ما تعتمد على المأثور من شعرها، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى: ورد في الكتاب ذكر بعض المواضع وكان الأولى تعريفها تعريفاً موجزاً، ففي ص 178 اسم (بئر غال) (ماء لذيذ المشرب، ولكنه شحيح داخل مجمع هضاب حمر جوار القرارة هجرة أبي سنون). فما كل أحد من القراء يعرف أن (غال) هنا هو جبل (غول) المشهور الوارد في قول امرئ القيس:
ف(غولٍ) فحلِّيتٍ فنفءٍ فمنعجٍ
إلى عاقِلٍ فالجبِّ ذي الأَماراتِ
وأسماء موارد أخرى ومواضع مثل (الخنفرية) الواردة في شعر دهيس الهمرق المقاطي - ص 279 - و(أبرق الجلبة) - ص 275 - وأسماء أخرى لا يتسع المقام لذكرها.
وبالإجمال فالأستاذ محمد بن دخيل بتأليفه هذا الكتاب هو وإن بذل جهداً متميزاً في سبيل إبراز أثر من آثار قبيلته في الشعر العامي، إلا أن كل باحث في هذا الشعر لا يزال يتطلع منه إلى جهد أعم وأشمل من حيث توثيق تلك النماذج التي قدمها في الأشعار، وإيضاح ما يحتاج إلى إيضاح فيها، والحفاظ على لهجتها الصحيحة، واختيار الصالح منها، ولعله قد لاحظ هذا حين أشار في مقدمة الكتاب (إلى أن سيلحق به ما يصل إليه من تصحيح لبعض الأخطاء واستدراك لما فات).
أما مجرد الاعتماد على النقل من الكتب، فهو وإن قُبل من بعض من يتجهون لجمع هذا النوع من الشعر جمعاً دون تمحيص أو تحقيق، إلا أنه لا يقبل من ابن القبيلة أن يعتمد فيما ينسب إليها على ما يرويه الآخرون.
وقد وقع هذا الكتاب الذي صدر هذا العام 1416هـ (1995م) في جزءين صفحاتهما 852 صفحة، والطباعة وإن كانت جيدة الورق واضحة الحروف، إلا أنها بحاجة إلى ضبط بعض الكلمات العامية بالحركات، وتصحيح بعض التطبيع (الأخطاء المطبعية).