عبدالرحمن الهيلوم
05-Sep-2008, 05:20 PM
كل أهل الارض يبحث عنها
بسم الله الرحمن الرحيم
السعادة جنة الأحلام ومنتهى الآمال ، كل البشر ينشدها ، وقليل من يدركها ، ومع اختلاف العباد ومعايشهم وتباين وسائلهم وغاياتهم وتنوع لغاتهم وأجناسهم ،
ومع افتراق مشاربهم وطموحاتهم إلا أنهم متفقون على طلب السعادة، لتوجعهم من مكابدة الحياة وآلامها لطمعهم في حياة سعيدة منحة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده فمنهم من ينعم في جناها ، ومنهم من يحرمها ويعيش في أمانيها ، والموفق من هدي إليها فسلكها وخطى إليها وعمل لها وجانب ما يضادها مما يجلب له الشقاء .
أين أجد السعادة ؟
ظن بعض الناس أن السعادة في المال والثراء ،
ومنهم من توهمها في المنصب والجاه ومنهم من طلبها في تحقيق الأماني المحرمة ،
والخلق في سعي حثيث لنيلها ، وفي جد وتشمير لتحصيلها ،
فمن مدرك لها ومن محروم منها ، ومن بائس شقي توهم السعادة على غير حقيقتها ،
فآثر دنياه على دينه ، وهواه على آخرته ، فجنى الوهم والهم وكابد المعيشة وقاسى الأحزان .
والسعادة لن تنال إلا بتقوى الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالبعد عن المعاصي والسيئات ،
قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) .
قال شيخ الإسلام : { الإيمان بالله ورسوله هو جماع السعادة وأصلها }
فالحياة وما فيها من متاع لا سعادة فيها بلا تقوى .
قال الشاعر :
ولست أرى السعادة جمع مال***ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد ذخرا***وعند الله للأتقياء مزيد
طريق السعادة :
لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله ، ومن أكثر من الأعمال الصالحة واجتنب الذنوب والخطايا عاش سعيدا وكان من ربه قريبا
قال سبحانه ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) .
قال ابن كثير : { الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت } والسعادة تزهو إذا حقق العبد توحيد ربه وعلق قلبه بخالقه وفوض جميع أموره إليه .
قال ابن القيم : {التوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة ، والفرح والابتهاج }
والسعادة يكتمل عقدها بالإحسان إلى الخلق مع ملازمة طاعة الله .
قال شيخ الإسلام : { والسعادة في معاملة الخلق : أن تعاملهم لله فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله ، و تخافه فيهم ولا تخافهم في الله ، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافأتهم وتكف عن ظلمهم خوفا من الله لا منهم } .
ومن ذاق طعم الإيمان ذاق حلاوة والسعادة، وعاش منشرح الصدر مطمئن القلب ساكن الجوارح .
قال ابن القيم : { وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميه يقول : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة ،وقال لي مرة ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني }
المحروم من السعادة :
الشقاء في إتباع الهوى باقتراف المعاصي والسيئات ، ولذات الدنيا المحرمة مشوبة بالمضار ، وهي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة
قال سبحانه ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا )) أي في شدة وضيق .
قال شيخ الإسلام : {كل شر في العالم مختص بالعبد ، فسببه : مخالفة الرسول أو الجهل بما جاء به ، وأن سعادة العباد في معاشهم ومعادهم بإتباع الرسالة } .
والفرار من الشقاء إلى السعادة يكون بالتوبة والإنابة إلى الله .
قال ابن القيم : {ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار }
فاطرق أبواب التوبة وأوصد أبواب المعاصي لتذوق طعم السعادة ، فعافية القلب في ترك الآثام والذنوب على القلب بمنزلة السموم إن لم تهلكه أضعفته ومن انتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة أغناه الله بلا مال وانسه بلا صاحب والشقي من أعرض عن طاعة مولاه ، واقترف ما حرم الله .
كيف أعرف أني سعيد ؟
من جمع ثلاثة كان سعيدا حقا : الشكر على النعم ، والصبر على الابتلاء ، والاستغفار من الذنوب.
قال ابن القيم : { إذا انعم عليه شكر ، وإذا ابتلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ، فإن هذه الأمور الثلاثة عنوان سعادة العبد ، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه ، ولا ينفك عبد عنها أبدا} .
وإذا أطرقت مليا تحاسب نفسك على تقصيرها ، وتعظم زلاتها ، وتخشى من هفواتها خوفا من بارئها ، وتتغافل عما قدمت من محاسن بين يديها طمعا في ثواب خالقها ، فتلك أمارة على نفس تطلب حياة سعيدة .
قال ابن القيم : {علامة السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره ، وسيئاته نصب عينيه ، وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نصب عينيه ، وسيئاته خلف ظهره } .
فالسعيد من اتقى خالقه وحسنت معاملته مع الخلق ، وشكر النعم واستعملها في طاعته ، وتلقى البلاء بالصبر والاحتساب ، وشرح الفؤاد يقينا منه بأن الله يطهره بذلك ويرفع درجاته واستغفر ربه عن الخطايا وندم على الأوزار .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
منقول
بسم الله الرحمن الرحيم
السعادة جنة الأحلام ومنتهى الآمال ، كل البشر ينشدها ، وقليل من يدركها ، ومع اختلاف العباد ومعايشهم وتباين وسائلهم وغاياتهم وتنوع لغاتهم وأجناسهم ،
ومع افتراق مشاربهم وطموحاتهم إلا أنهم متفقون على طلب السعادة، لتوجعهم من مكابدة الحياة وآلامها لطمعهم في حياة سعيدة منحة من الرحمن يهبها لمن يشاء من عباده فمنهم من ينعم في جناها ، ومنهم من يحرمها ويعيش في أمانيها ، والموفق من هدي إليها فسلكها وخطى إليها وعمل لها وجانب ما يضادها مما يجلب له الشقاء .
أين أجد السعادة ؟
ظن بعض الناس أن السعادة في المال والثراء ،
ومنهم من توهمها في المنصب والجاه ومنهم من طلبها في تحقيق الأماني المحرمة ،
والخلق في سعي حثيث لنيلها ، وفي جد وتشمير لتحصيلها ،
فمن مدرك لها ومن محروم منها ، ومن بائس شقي توهم السعادة على غير حقيقتها ،
فآثر دنياه على دينه ، وهواه على آخرته ، فجنى الوهم والهم وكابد المعيشة وقاسى الأحزان .
والسعادة لن تنال إلا بتقوى الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبالبعد عن المعاصي والسيئات ،
قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) .
قال شيخ الإسلام : { الإيمان بالله ورسوله هو جماع السعادة وأصلها }
فالحياة وما فيها من متاع لا سعادة فيها بلا تقوى .
قال الشاعر :
ولست أرى السعادة جمع مال***ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد ذخرا***وعند الله للأتقياء مزيد
طريق السعادة :
لا سبيل إلى السعادة إلا بطاعة الله ، ومن أكثر من الأعمال الصالحة واجتنب الذنوب والخطايا عاش سعيدا وكان من ربه قريبا
قال سبحانه ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) .
قال ابن كثير : { الحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت } والسعادة تزهو إذا حقق العبد توحيد ربه وعلق قلبه بخالقه وفوض جميع أموره إليه .
قال ابن القيم : {التوحيد يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة ، والفرح والابتهاج }
والسعادة يكتمل عقدها بالإحسان إلى الخلق مع ملازمة طاعة الله .
قال شيخ الإسلام : { والسعادة في معاملة الخلق : أن تعاملهم لله فترجو الله فيهم ولا ترجوهم في الله ، و تخافه فيهم ولا تخافهم في الله ، وتحسن إليهم رجاء ثواب الله لا لمكافأتهم وتكف عن ظلمهم خوفا من الله لا منهم } .
ومن ذاق طعم الإيمان ذاق حلاوة والسعادة، وعاش منشرح الصدر مطمئن القلب ساكن الجوارح .
قال ابن القيم : { وسمعت شيخ الإسلام ابن تيميه يقول : إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة ،وقال لي مرة ما يصنع أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني }
المحروم من السعادة :
الشقاء في إتباع الهوى باقتراف المعاصي والسيئات ، ولذات الدنيا المحرمة مشوبة بالمضار ، وهي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة
قال سبحانه ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا )) أي في شدة وضيق .
قال شيخ الإسلام : {كل شر في العالم مختص بالعبد ، فسببه : مخالفة الرسول أو الجهل بما جاء به ، وأن سعادة العباد في معاشهم ومعادهم بإتباع الرسالة } .
والفرار من الشقاء إلى السعادة يكون بالتوبة والإنابة إلى الله .
قال ابن القيم : {ويغلق باب الشرور بالتوبة والاستغفار }
فاطرق أبواب التوبة وأوصد أبواب المعاصي لتذوق طعم السعادة ، فعافية القلب في ترك الآثام والذنوب على القلب بمنزلة السموم إن لم تهلكه أضعفته ومن انتقل من ذل المعصية إلى عز الطاعة أغناه الله بلا مال وانسه بلا صاحب والشقي من أعرض عن طاعة مولاه ، واقترف ما حرم الله .
كيف أعرف أني سعيد ؟
من جمع ثلاثة كان سعيدا حقا : الشكر على النعم ، والصبر على الابتلاء ، والاستغفار من الذنوب.
قال ابن القيم : { إذا انعم عليه شكر ، وإذا ابتلي صبر ، وإذا أذنب استغفر ، فإن هذه الأمور الثلاثة عنوان سعادة العبد ، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه ، ولا ينفك عبد عنها أبدا} .
وإذا أطرقت مليا تحاسب نفسك على تقصيرها ، وتعظم زلاتها ، وتخشى من هفواتها خوفا من بارئها ، وتتغافل عما قدمت من محاسن بين يديها طمعا في ثواب خالقها ، فتلك أمارة على نفس تطلب حياة سعيدة .
قال ابن القيم : {علامة السعادة أن تكون حسنات العبد خلف ظهره ، وسيئاته نصب عينيه ، وعلامة الشقاوة أن يجعل حسناته نصب عينيه ، وسيئاته خلف ظهره } .
فالسعيد من اتقى خالقه وحسنت معاملته مع الخلق ، وشكر النعم واستعملها في طاعته ، وتلقى البلاء بالصبر والاحتساب ، وشرح الفؤاد يقينا منه بأن الله يطهره بذلك ويرفع درجاته واستغفر ربه عن الخطايا وندم على الأوزار .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
والحمد لله رب العالمين
منقول