تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما أصاب الناس من ضر و ضيق مالي أو أمني فإنه بسبب ؟؟؟


حمود الحنبلي
03-Aug-2008, 10:30 PM
[ خطبة للشيخ محمد بن صالح العثيمين (رحمة الله)
بعنوان :
( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه)
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي بيده ملكوت السموات و الأرض له الملك و له الحمد و هو على كل شيء شهيد ، له الحكمة في أمره ، في شرعه و قدره ، يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي الحميد ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله خاتم الأنبياء و إمامهم و خلاصة العبيد صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين و سلم تسليما.
أما بعد . .
فقد قال الله عز و جل مبينا تمام قدرته و كمال حكمته و أن الأمر أمره و أنه المدبر لعباده كيف يشاء من أمن ، و خوف ، و رخاء ، و شدة ، و سعة ، و ضيق ، و قلة ، و كثرة . . قال الله عز و جل : ((يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ )) . }الرحمن : (29 ) {، فلله تعالى في خلقه شؤون يمضي حكمه فيهم على ما تقتضيه حكمته و فضله أحيانا ، و على ما تقتضيه حكمته و عدله أحيانا ، و لا يظلم ربك أحد ، (( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ )) . (الزخرف :76)
أيها المسلمون : إننا نؤمن بالله و قدره ، و إن الإيمان بقدر الله هو أحد أركان الإيمان . إننا نؤمن أن ما يصيبنا من خير و رخاء فهو من نعمة الله علينا يجب أن نشكر مسديها و موليها بالرجوع إلى طاعته باجتناب ما نهى عنه و فعل ما أمر به . إننا إذا قمنا بطاعة الله فنحن شاكرون لنعمه و حينئذ نستحق ما و عدنا الله به و تفضل به علينا من مزيد هذه النعمة ، يقول الله عز و جل : (( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)) . [النحل :53] ، و يقول تعالى : (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) .[إبراهيم :7] .
أيها المسلمون : إننا في هذه المملكة نعيش و لله الحمد في أمن و رخاء ، لكن هذا الأمن و الرخاء لن يدوما إلا بطاعة الله عز و جل ، حتى نقوم بطاعة الله . . حتى نأمر بالمعروف و ننهى عن المنكر ، حتى نعين من يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ، لأن هؤلاء الذين يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر هم واجهة الأمة ، هم الذين يذبون عنها أسباب العقاب و العذاب فعلينا أن نناصرهم ، علينا أن نكون في صفهم . . علينا إذا أخطأوا أن نعرفهم الخطأ و أن نحذرهم منه و أن نرشدهم إلى ما فيه الهداية ، لا أن نجعل ما أخطأوا فيه سببا لإزالتهم وإبعادهم عن هذا المنصب ، إن هذا لدرب ليس بجيد . .
أيها المسلمون : إن ما أصاب الناس من ضر و ضيق مالي أو أمني ، فردي أو جماعي ، فإنه بسبب معاصيهم و إهمالهم لأوامر الله و نسيانهم شريعة الله و التماسهم الحكم بين الناس من غير شريعة الله الذي كخلق الخلق و كان أرحم بهم من أمهاتهم و آبائهم و كان أعلم بمصالحهم من أنفسهم.
أيها المسلمون : إنني أعيد هذه الجملة لأهميتها و لإعراض كثير من الناس عنها إنني أقول إن ما أصاب الناس من ضر و ضيق مالي أو من ضر و ضيق أمني ، فرديا كان أو جامعيا ، بسبب معاصيهم و إهمالهم لأوامر الله عز و جل و نسيانهم شريعة الله و التماسهم الحكم بين الناس من غير شريعة الله الذي خلق الخلق و كان أرحم بهم من أمهاتهم و آبائهم و كان أعلم بمصالحهم من أنفسهم . يقول الله عز و جل مبينا ذلك في كتابه حتى نحذر ، يقول جل و علا : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)) . [الشورى :30]، و يقول تعالى : ((مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )) (النساء : 79] . (فما أصابنا من حسنة من الخيرات و النعم و الأمن فإنه من الله هو الذي تفضل به أولا و آخرا. هو الذي تفضل علينا فقمنا بأسبابه . و هو الذي تفضل به علينا . أما ما أصابنا من سيئات من قحط و خوف و غير ذلك مما يسوؤنا فإن ذلك من أنفسنا نحن ، أسبابه نحن الذين ظلمنا أنفسنا و أوقعناها في الهلاك.
أيها الناس : إن كثيرا من الناس اليوم يعزون المصائب التي يصابون بها سواء كانت المصائب مالية اقتصادية ، أو أمنية سياسية ، يعزون هذه المصائب إلى أسباب مادية بحتة ، إلى أسباب سياسية أو أسباب مالية أو أسباب حدودية . و لا شك أن هذه من قصور أفهامهم و ضعف إيمانهم و غفلتهم عن تدبر كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم.
أيها المسلمون المؤمنون بالله و رسوله . .
إن و راء هذه الأسباب أسبابا شرعية ، أسبابا لهذه المصائب أقوى و أعظم و أشد تأثيرا من الأسباب المادية لكن قد تكون الأسباب المادية و سيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب و العقوبات. قال الله عز و جل(( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) . ( الروم:411)
أيها الناس ، أيها المسلمون ، يا أمة محمد صلى الله عليه و سلم . .
اشكروا نعمة الله عليكم بما أنعم عليكم من هذه النعمة التي ستسمعونها إنكم يا أمة محمد صلى الله عليه و سلم أفضل الأمم و أكرمها على الله عز و جل . إن الله لم يجعل عقوبة هذه الأمة على معاصيها و ذنوبها كعقوبة الأمم السابقة ، لم يجعلها بالهلاك العام المدمر للأمة كما حصل لعاد حين أهلكوا بالريح العاتية سخرها عليهم سبع ليالي و ثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية لم يجعلها كعقوبة ثمود الذين أخذتهم الصيحة و الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين . لم تكن كعقوبة قوم لوط الذين أرسل الله عليهم حاصبا من السماء فجعل الله ديارهم عاليها سافلها.
( أيها المسلمون): إن الله بحكمته و رحمته لهذه الأمة جعل عقوبتهم على ذنوبهم و معاصيهم أن يسلط بعضهم على بعض فيهلك بعضهم بعضا و يسبي بعضهم بعضا. قال الله عز وجل : (( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَتَعْلَمُونَ )) . ) الأنعام:65-67(
و قد أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره أحاديث عديدة تتعلق بالآية الأولى فمنها ما أخرجه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية (( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ)) قال النبي صلى الله عليه و سلم: ( أعوذ بوجهك ) ، (( أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أعوذ بوجهك ) ، (( َوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)) قال النبي صلى الله عليه و سلم ( هذه أهون أو أيسر).
و ما أخرجه مسلم عن سعيد بن أبي و قاص رضي الله عنه قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى مررنا على مسجد بني معاوية فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين فصلينا معه فناجى ربه عز و جل طويلا ثم قال : ( سألت ربي ثلاثا . . سألته ألا يهلك أمتيبالغرق فأعطانيها ، و سألته ألا يهلك أمتي بالسنة – يعني بالجدب كما حصل لآل فرعون – فأعطانيها ، و سألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها).
و عن خباب بن الأرث رضي الله عنه قال : وافيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليلة صلاها كلها حتى كان مع الفجر فسلم رسول الله صلى الله عليه و سلم من صلاته فقلت يارسول الله لقد صليت الليلة صلاة ما رأيتك صليت مثلها ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (أجل إنها صلاة رغب و رهب سألت ربي عز و جل فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنين و منعني واحدة ، سألت ربي عز وجل ألا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطانيها ، و سألت ربي عز وجل ألا يظهر علينا عدوا من غيرنا فأعطانيها ، و سألت ربي عز و جل ألا يلبسنا شيعا و يذيق بعضنا بأس بعضفمنعنيها) . (أخرجه الإمام أحمد و النسائي و الترمذي)
أيها المسلمون : إنكم تؤمنون بهذه الآيات و تؤمنون بالأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم لا تفكرون فيها؟ . . لم لا تفكرون فيها؟ . . لماذا لا تعزون هذه المصائب التي تحصل إلى تقصير في دينكم حتى ترجعوا إلى ربكم و تنقذوا أنفسكم من أسباب الهلاك المدمرة؟
فاتقوا الله عباد الله و انظروا في أمركم و توبوا إلى ربكم و صححوا إليه مسيرتكم و اعلموا أن هذه العقوبات التي تنزل بكم أيها الأمة و هذه الفتن التي تحل بكم إنما هي من أنفسكم و بذنوبكم فأحدثوا لكل عقوبة توبة و رجوعا إلى الله و استعيذوا بالله تعالى من الفتن . الفتن المادية التي تكون في النفوس بالقتل و الجرح و التشريد ، بالأموال بالنقص و الدمار . و الفتن الدينية التي تكون في القلوب بالشبهات و الشهوات التي تصد الأمة عن دين الله و تبعدها عن نهج سلفنا و تعصف بها إلى الهاوية فإن فتن القلوب في الدين أعظم و أشد و أسوأ عاقبة من فتن الدنيا لأن فتن الدنيا إذا و قعت لم يكن فيها إلا خسارة الدنيا . . و الدنيا سوف تزول إن عاجلا و إن آجلا . . أما فتن الدين فإن بها خسارة الدنيا و الآخرة : ((قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ )) . ) الزمر (15:
اللهم إنا نسألك و نحن في انتظار فريضة من فرائضك أن تجعلنا من المعتبرين بآياتك المتعظين عند نزول عقوباتك.
اللهم اجعلنا من المؤمنين حقا الذين يعزون ما أصابهم من المصائب إلى أسبابه الحقيقية الشرعية التي بينتها في كتابك و على لسان رسولك صلى الله عليه و سلم.
اللهم ارزق الأمة الإسلامية وولاتها رجوعا إليك ، رجوعا حقيقيا في الظاهر و الباطن في القول و الفعل حتى تصلح الأمة ، لأن صلاح الولاة صلاح للأمة أي سبب لصلاح الأمة . اللهم إنا نسألك أن تصلح ولاة أمور المسلمين ، و أن ترزقهم الاعتبار بما وقع و أن توقفهم لما تحب و ترضى يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك أن تبعد عنهم كل بطانة سوء إنك على كل شيء قدير ، اللهم هيئ لهم بطانة خيرة تدلهم على الخير و تأمرهم به و تحثهم عليه يا رب العالمين.
اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين ليس ناصحا لهم و لا قائما بحقهم فأبعد عنهم و أبدلهم خيرا منه يارب العالمين يا ذا الجلال و الإكرام.
و الحمد لله رب العالمين و صلى الله عليه و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا و يرضى ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد في الأولى و الآخرة . و أشهد أن محمدا عبده و رسوله المصطفى و خليله المجتبى صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من بهداهم اهتدى و سلم كثيرا أما بعد. .
يا عباد الله اتقوا الله عز و جل و إياكم و الغفلة عن شريعة الله . . إياكم و الغفلة عن آيات الله . . إياكم و الغفلة عن تدبر كلام الله . . إياكم و الغفلة عن معرفة سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم . فإن في كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سعادتكم في الدنيا و الآخرة إن التزمتم بها تصديقا للأخبار و امتثالا للأوامر و اجتنابا للنواهي.
عباد الله . .
إن من الناس من يشكون و يشككون في كون المعاصي سببا للمصائب و ذلك لضعف إيمانهم و قلة تدبرهم لكتاب الله عز وجل و إني أتلو على هذا و أمثاله قول الله عز و جل : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ . [(الأعراف : 96 – 99).
قال بعض السلف إذا رأيت الله ينعم على شخص و رأيت هذا الشخص متماديا في معصية فاعلم أن هذا من مكر الله به و أنه داخل في قوله تعالى : (( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )) . ( الأعراف: 172 – 173).
( أيها المسلمون . . يا عباد الله . .)
و الله إن المعاصي لتؤثر في أمن البلاد و تؤثر في قلوب الشعب . إن المعاصي لتوجب نفور الناس بعضهم من بعض . .
إن المعاصي لتوجب أن يرى كل مسلم أخاه المسلم و كأنه على ملة أخرى غير ملة الإسلام و لكن إذا كنا مصلحين لأنفسنا و لأهلنا و لجيراننا و لأهل حاراتنا و لكل من نستطيع إصلاحه ، و كنا نتآثر بالمعروف و نتناهى عن المنكر و نؤازر من يقوم بذلك بالحكمة و الموعظة الحسنة فإن بذلك يكون الاجتماع و الائتلاف ، يقول الله عز و جل : (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )) . )آل عمران104- 105(
إني أدعوا نفسي و إياكم أيها الإخوة إلى أن نتآلف في دين الله عز وجل ز أن نتكاتف على إقامة شريعة الله و أن ينصح بعضنا بعضا بالحكمة و الموعظة الحسنة و أن نجادل من يحتاج إلى المجادلة بالتي هي أحسن في الأسلوب و الإقناع بالحجج الشرعية و العقلية و أن لا ندع أهل الباطل في باطلهم لأن لهم حقا علينا أن نبين لهم الحق و نرغبهم فيه و أن نبين لهم الباطل و نحذرهم منه.
أما أن نكون أمة متفرقة لا يلوي بعضنا على بعض و لا يهتم بعضنا ببعض فإن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
أيها المسلمون . .
إنني أكرر و أقول إنه يجب علينا و نحن و لله الحمد مسلمون مؤمنون أن ننظر إلى الأحداث و المصائب نظرة شرعية مقرونة بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم لأننا لو نظرنا إليها نظرة مادية لكان غيرنا من الكفار أقوى منا من الناحية المادية و أعظم منا و بها يتسلطون علينا و يستعبدوننا و لكننا إذا نظرنا إليها نظرة شرعية من زاوية الكتاب و السنة فإننا سوف نرجع عما كان سببا لهذه المصائب و نحن إذا رجعنا إلى الله و نصرنا دين الله عز و جل فإن الله يقول في كتابه و هو أصدق القائلين و أقدر الفاعلين يقول عز و جل : (( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ )). (الحج :40- 41).
لم يقل : الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا مسارح الفسق و اللهو و المجون و لكنه قال : (( أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)).
و تأمل يا أخي المسلم كيف قال الله عز وجل )): وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ )) أكد هذا النصر بمؤكدات لفظية و هي : القسم المقدر ، و اللام التي تدل على التوكيد، و نون التوكيد.
و أكد ذلك بمؤكدات معنوية و هي قوله )) إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ )) فبقوته و عزته ينصر من ينصره ، و تأمل كيف ختم الآيتين بقوله : ((وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)) ، فإن الإنسان قد يقول بفكره الخاطىء كيف ننتصر على هذه الأمم الكافرة و هي أقوى منا و أعتى منا ، فبين الله تعالى أن الأمر إلى الله و حده و أنه على كل شيء قدير لا يخفى علينا جميعا ما تحدثه الزلازل التي تكون بأمر الله عز و جل بأن يقول (( كُنْ فَيَكُونُ )) ) البقرة (117: فيحدث من الدمار العظيم الشامل في لحظة واحدة ما لا تحدثه قوى هذه الأمم.
و الله لو نصرنا الله حق النصر لا نتصرنا على كل عدو لنا في الأرض لكن مع الأسف أن كثيرا منا كانوا أذيالا لأعداء الله و أعداء رسوله ينظرون ماذا يفعلون من المحادة لله و رسوله فيتبعونهم على ذلك و ربما يذهبون إلى بلادهم فيلقون بأفلاذ أكابرهم من الأولاد بنين و بنات ومن الأهل في تلك الديار التي لا تسمع فيها إلا النواقيس . .
لا تسمع فيها أذانا . . لا تسمع فيها ذكرا لله عز و جل . .
لا ترى فيها إلا مسارح اللهو و المجون . .
فنسأل الله تعالى أن يرد ضال هذه الأمة إليه ردا جميلا ، و أن يجعلنا جميعا متكاتفين على الحق متعاونيين على البر و التقوى حتى نعيد لهذه الأمة ما اندثر من مجدها و كرامتها إنه و لي ذلك و القادر عليه . اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم . . انتهى.
*هذا ما تيسر لي أن أدونه في هذه النصيحة راجيا من الله أن يجعل العمل خالصا لوجهه و أن ينفع بها من وصلت إليه من إخواننا ، كما أسأله سبحانه أن يفقهنا في ديننا لنعبد الله على بصيرة من أمرنا و أن يبصرنا بعيوبنا و يأخذ بأيدينا إلى ما فيه صلاحنا و فلاحنا و أن يرينا الحق حقا و يرزقنا إتباعه ، و يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه ، و أن لا يجعله ملتبسا علينا فنضل و أن يوفق جميع المسلمين لما فيه خيرهم و فلاحهم
إن ربنا لسميع الدعاء و الحمد لله رب العالمين
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

ابو سعد الدلبحي
03-Aug-2008, 10:43 PM
جـــزاك الله خـــير

ناصر العصيمي
04-Aug-2008, 08:23 AM
بارك الله فيك وجعلها في موازين حسناتك


تقبل مروري

منصور بن فهيد
04-Aug-2008, 08:34 AM
يعطيك العافيه وجزاك الله خير ياحمود ..
تحياتي لك ..

محمد السيحاني
04-Aug-2008, 09:34 AM
لاهنت والله يجزاك خيرعلى الكلام الطيب والنقل الممتع