ابن طامي
03-Jul-2008, 03:04 PM
وقفات مع شعر الشاعر المرحوم بإذن الله
خلف بن سرحان الرويس
http://www.alriyadh.com/2008/07/03/img/037154.jpg
بن سرحان - رحمه الله - مع صقره
قاسم الرويس :
فجعت الساحة الشعبية قبل أيام قلائل بوفاة الشاعر خلف بن مطلق بن محمد بن سرحان الرويس العتيبي عن عمر يناهز السابعة والتسعين عاماً حيث إنه من مواليد سنة 1332ه تقريباً وهو من الشعراء الذين عرفوا بمقدرتهم الشعرية الفائقة في وصف المقناص والطيور لأنه ممن كرس حياته منذ ريعان الشباب لممارسة هذه الهواية وأخلص لها غاية الإخلاص ولم يتركها حتى وفاته، ومن وصفه للطير عشقه الدائم:
وعقب ارتفع من فوقهن نوخن طوع =وجاهن مجى مثل جية دباسي
وطقه ليا هو من ورا ما قعه بوع =ومنولن خربك براسه عطاسي
وقع وأخذ من داغر الخرب قرطوع =كنك من الترياق مسقيه كاسي
كان مولد ابن سرحان في الدوادمي حيث نشأ وترعرع، وكان ضمن حملة الملك عبدالعزيز عند دخوله مكة المكرمة عام 1343ه مرافقاً لخاله علي بن صويلح بن سرحان والد الأديب حسين سرحان وشارك في مغزى اليمن عام 1352ه، وعمل خوياً للملك فيصل عندما كان نائباً في الحجاز وتأمر على عدد من عوامل الزكاة.
نظم الشعر في مقتبل حياته وله العديد من المساجلات مع كبار الشعراء كحسين سرحان أو عبدالله بن عون والحويفي والمسيميري وغيرهم اشتهر بأربعة أبيات سارت بها الركبان في الجزيرة العربية وحفظها الصغار والكبار شرقا وغربا هي:
يا مل قلب يلوعه لايع الفرقا =كما يلوع الحمام الورق شيهانه
لا حولن حولت وليا رقن ترقا =متعليتهن وهي حدمة وجيعانه
على عشير نحى مع روق عن برقا =عليه عيني بصافي الدمع غرقانه
أبو ثمان رهاف ودقة زرقا =موتي ولا صدته عني وهجرانه
تربطني به رحمه الله وشائج من القرابة وعلاقة من الروح ورابطة من الأدب وقد جمعتني بالشاعر لقاءات عديدة واستفدت منه معلومات جديدة وسمعت منه من الأشعار والأخبار الشيء الكثير فهو إضافة إلى شاعريته المتدفقة رواية يحفظ ما لا يحصى من الشعر وتختزن ذاكرته المتوقدة كما هائلاً من القصص والتواريخ، هذه الذاكرة التي احتفظت بمحتواها ولم تفقد وهجها بتقادم الأيام والسنين، فقد ظل رحمه الله معيناً يستقي منه كل راو وكل باحث وكل سائل أو زائر لا يبخل على أحد بنتاج الذاكرة بما وهبه الله من حسن خلق وأريحية وتواضع وقد نقل عنه واعتمد عليه عدد من المؤلفين والرواة وأذيعت قصائدة في وسائل الإعلام كما شارك في بعض البرامج، وقد لمست منه شخصياً رحمه الله كل تقدير ومودة وكثيراً ما خصني ببعض القصائد والروايات لغرض نشرها على هذه صفحة (خزامى الصحارى) في جريدة الرياض منها على سبيل المثال قصيدته التي أسندها على الشاعر بدر الحويفي:
يا بدر لو تترك توال الصقاره =منتب على تالي الصقارة بملزوم
خل الولع لمذبحين الوباره =والضب صار لهم عدو من القوم
أو قصيدته التي منها:
يا مل قلب يلوعه بالهوى لايع =لوع الوحش للطيار ليا ارتفع فوقه
خرشاً ترب الهضاب اللي ورا النايع =من خلفته ما هوت رجلينه سبوقه
وهو صاحب ذائقة أدبية راقية ويمتلك حساً نفدياً عالياً يميز فيه الغث من السمين، كما أنه ويحفظ من الشعر العربي الفصيح قصائد وأبيات وحتى في آخر أيامه كان متميزاً في إلقاء الشعر بصوته المتهدج الرنان.
ومن صفاته الشخصية النادرة الصدق والموثوقية في الرواية فهو يحدثك بما رآه أو بما سمعه ويحيل إلى رواية بدون زيادة ولا نقصان فإن كان لا يعلم عنها قال: لا أدرى، ويعلم الله أني كنت أسأله عن الحادثة ثم أعود وأسأله عنها بعد سنتين ثم سأله بعد أربع سنوات ولا تتغير روايته ولا تتبدل بل تزداد رسوخا وثباتاً وتلك لعمري دليل مصداقية فقدناها في زمن اختلاق الروايات.
ومن صفاته الطيبة عدم حبه للمجادلة أو المناقشات العقيمة فهو يقول رأيه بصراحة فيما يعرض له من الحوادث والقصائد والأخبار فإن قبل منه وإلا سكت وربما أنه إذا طال الجدل يستأذن ويخرج.
في إحدى زياراتي له في منزله بالدوادمي يوم الأحد 1423/5/11ه وجدت عنده الشاعر والراوي مهنا بن عبدالعزيز المهنا رحمه الله فدار الحديث معهما حول كثير من الأمور الأدبية والتراث ومن ضمن ما جاء في هذا اللقاء الذي أنقل للقراء شذرات منه من باب الإشارة إلى ما يملكه من ذخائر نفيسة والتذكير بسيرتهما رحمهما الله، سألتهما عن قائل هذا البيت:
طول الجدار وقصرة الرجل نوماس= لا صار ما للرجال داع دعاها
وقلت لهما إني وجدته في أغلب المصادر منسوباً للشاعر مبارك بن عبيكة الرمالي، فاتفقا مؤكدين أن هذا البيت للشاعر (دحيم العنقري) المكنى بأبي عقاب رحمه الله ممن سكن الدوادمي ضمن قصيدة يقول فيها:
دار العويضي دار عدمين الأجناس =يا عيد أهل هجن تخافن كلاها
كم طوعوا من عايل عايم الراس =يجي ويرجع حاجته ما قضاها
حتى قال:
مشيي مع شعاب العبل في يدي فاس =خير من (...) ومشروب ماها
وطول الجدار وقصرة الرجال نوماس =لا صار ما للرجال داع دعاها
ثم اتجه الحديث إلى أحوال الطقس وأسماء الرياح والنجوم وتأثيرها فقال خلف بن سرحان رحمه الله: إن رياح (الهيف) تهب من الجهة الجنوبية الغربية عند انقطاع الصيف والبدو في المضامي قال الشاعر
اتقبل واطلب الله بهفيه =تودع المجزي من النفد ينجالي
ذكرا (النكباء) واختلفا في مهبها واتفقا أنها رياح باردة تهب في فصل الشتاء وقال أبو عزيز رحمه الله: يقولون: "ليا هبت النكبا فهو من دبورها"، ثم عرجا في حديثهما على الرياح الغربية التي تهب من جهة الغرب وذكر أبو جري رحمه الله بيتين لا يعلم عن قائلهما هما:
هبوب تخج القلب من قد خيبر =هبوب تحد الشمس عن مغبيها
تراها هبوب الوقت يا جاهل بها =يقوله اللي قبلنا يغتدى بها
ثم أشار أبو عزيز رحمه الله إلى (نجوم القيض) كما تسمى وقال إن أولها الثريا كما قال راشد الخلاوي:
أول نجوم القيض غراً لكنها =مراغة بزواً عند باب المجحرة
فسألتهما عن معنى لفظة (بزوا)؟ فأجاب ابن سرحان رحمه الله: إنها الأرنب التي لم تلد أي ليس لها أبناء، ثم أنشد أبو عزيز هذا البيت:
وجد راعي هجمة طلعة الجوزا ضياع =انثنى دوارها يوم بار به الصميل
وأردف بهذا البيت:
جيشه مرازيم وصغاره يحنني =حنن وحاديهن المرزم وملهابه
فيذكر أبو جري بيتاً آخر مشابه:
........................................... =حاديهن القيض والخامس وملهابه
فسألته عن المراد بالخامس؟ فقال: أي أنه ظهر النجم الخامس من نجوم السبع وهذا غاية الحر.
ثم انتقل الحديث إلى أمور أخرى ليعبر أبو عزيز عن إعجابه ببيت الخلاوي:
لا دقت الوسطى الابهام تذكروا =عصر مضى يا مال فرقا الشمايل
متأثراً بواقعية الصورة في التعبير عن الماضي والفرقة بعد الاجتماع، ثم عبر عن إعجابه أيضاً ببيت ابن سجوان:
ويمنى بلا يسرى تراها ضعيفة =ورجل بلا ربع على الغبن صبار
ليتذكر أبو جري بيت عبدالرحمن البواردي:
إن كان ما تفزع اليمنى ليسراها =فاعرف إن ماوطا هاذيك واطيها
هذا نموذج لما يدور في مجلس ابن سرحان رحمه الله من أحاديث ممتعة لا يملها السامعون ومعلومات قيمة يتلقفها الباحثون.
كان لاتصالات الهاتفية بيننا لا تنقطع وقد هاتفني قبل فترة قصيرة طالباً نشر أحد الألغاز في الجريدة مفيداً أنه سيخبرني بحل اللغز فيما بعد، فتريثت حتى أحصل على الحل ثم التقيت به مراراً ولكن لم يتهيأ المجال لمناقشة هذا اللغز الذي يقول فيه:
أنشدوا عن ميس توت وعلموني =هي حلال من الدبش وإلا حرامي
ليتكم في وسط داره تنزلوني =عن سموم القيض في روس الجبالي
وأخيراً.. فالأقدار سائرة في أعنتها تفقدنا كل يوم جزء من تاريخنا وجسداً من تراثنا وروحاً من الحقيقة، فليت شعري كم ندمنا على فوات مثل هؤلاء الرجال ونحن لم نوفهم حقهم من الاهتمام رحم الله خلف بن سرحان وتغمده برحمته، ولا يفوتني أن أهيب بأبناء الشاعر وأحفاده لجمع أشعاره ومروياته في ديوان يخلد أسمه في تاريخ الأدب الشعبي ويخرجها من النطاق الشفاهي إلى الكتابي.
خلف بن سرحان الرويس
http://www.alriyadh.com/2008/07/03/img/037154.jpg
بن سرحان - رحمه الله - مع صقره
قاسم الرويس :
فجعت الساحة الشعبية قبل أيام قلائل بوفاة الشاعر خلف بن مطلق بن محمد بن سرحان الرويس العتيبي عن عمر يناهز السابعة والتسعين عاماً حيث إنه من مواليد سنة 1332ه تقريباً وهو من الشعراء الذين عرفوا بمقدرتهم الشعرية الفائقة في وصف المقناص والطيور لأنه ممن كرس حياته منذ ريعان الشباب لممارسة هذه الهواية وأخلص لها غاية الإخلاص ولم يتركها حتى وفاته، ومن وصفه للطير عشقه الدائم:
وعقب ارتفع من فوقهن نوخن طوع =وجاهن مجى مثل جية دباسي
وطقه ليا هو من ورا ما قعه بوع =ومنولن خربك براسه عطاسي
وقع وأخذ من داغر الخرب قرطوع =كنك من الترياق مسقيه كاسي
كان مولد ابن سرحان في الدوادمي حيث نشأ وترعرع، وكان ضمن حملة الملك عبدالعزيز عند دخوله مكة المكرمة عام 1343ه مرافقاً لخاله علي بن صويلح بن سرحان والد الأديب حسين سرحان وشارك في مغزى اليمن عام 1352ه، وعمل خوياً للملك فيصل عندما كان نائباً في الحجاز وتأمر على عدد من عوامل الزكاة.
نظم الشعر في مقتبل حياته وله العديد من المساجلات مع كبار الشعراء كحسين سرحان أو عبدالله بن عون والحويفي والمسيميري وغيرهم اشتهر بأربعة أبيات سارت بها الركبان في الجزيرة العربية وحفظها الصغار والكبار شرقا وغربا هي:
يا مل قلب يلوعه لايع الفرقا =كما يلوع الحمام الورق شيهانه
لا حولن حولت وليا رقن ترقا =متعليتهن وهي حدمة وجيعانه
على عشير نحى مع روق عن برقا =عليه عيني بصافي الدمع غرقانه
أبو ثمان رهاف ودقة زرقا =موتي ولا صدته عني وهجرانه
تربطني به رحمه الله وشائج من القرابة وعلاقة من الروح ورابطة من الأدب وقد جمعتني بالشاعر لقاءات عديدة واستفدت منه معلومات جديدة وسمعت منه من الأشعار والأخبار الشيء الكثير فهو إضافة إلى شاعريته المتدفقة رواية يحفظ ما لا يحصى من الشعر وتختزن ذاكرته المتوقدة كما هائلاً من القصص والتواريخ، هذه الذاكرة التي احتفظت بمحتواها ولم تفقد وهجها بتقادم الأيام والسنين، فقد ظل رحمه الله معيناً يستقي منه كل راو وكل باحث وكل سائل أو زائر لا يبخل على أحد بنتاج الذاكرة بما وهبه الله من حسن خلق وأريحية وتواضع وقد نقل عنه واعتمد عليه عدد من المؤلفين والرواة وأذيعت قصائدة في وسائل الإعلام كما شارك في بعض البرامج، وقد لمست منه شخصياً رحمه الله كل تقدير ومودة وكثيراً ما خصني ببعض القصائد والروايات لغرض نشرها على هذه صفحة (خزامى الصحارى) في جريدة الرياض منها على سبيل المثال قصيدته التي أسندها على الشاعر بدر الحويفي:
يا بدر لو تترك توال الصقاره =منتب على تالي الصقارة بملزوم
خل الولع لمذبحين الوباره =والضب صار لهم عدو من القوم
أو قصيدته التي منها:
يا مل قلب يلوعه بالهوى لايع =لوع الوحش للطيار ليا ارتفع فوقه
خرشاً ترب الهضاب اللي ورا النايع =من خلفته ما هوت رجلينه سبوقه
وهو صاحب ذائقة أدبية راقية ويمتلك حساً نفدياً عالياً يميز فيه الغث من السمين، كما أنه ويحفظ من الشعر العربي الفصيح قصائد وأبيات وحتى في آخر أيامه كان متميزاً في إلقاء الشعر بصوته المتهدج الرنان.
ومن صفاته الشخصية النادرة الصدق والموثوقية في الرواية فهو يحدثك بما رآه أو بما سمعه ويحيل إلى رواية بدون زيادة ولا نقصان فإن كان لا يعلم عنها قال: لا أدرى، ويعلم الله أني كنت أسأله عن الحادثة ثم أعود وأسأله عنها بعد سنتين ثم سأله بعد أربع سنوات ولا تتغير روايته ولا تتبدل بل تزداد رسوخا وثباتاً وتلك لعمري دليل مصداقية فقدناها في زمن اختلاق الروايات.
ومن صفاته الطيبة عدم حبه للمجادلة أو المناقشات العقيمة فهو يقول رأيه بصراحة فيما يعرض له من الحوادث والقصائد والأخبار فإن قبل منه وإلا سكت وربما أنه إذا طال الجدل يستأذن ويخرج.
في إحدى زياراتي له في منزله بالدوادمي يوم الأحد 1423/5/11ه وجدت عنده الشاعر والراوي مهنا بن عبدالعزيز المهنا رحمه الله فدار الحديث معهما حول كثير من الأمور الأدبية والتراث ومن ضمن ما جاء في هذا اللقاء الذي أنقل للقراء شذرات منه من باب الإشارة إلى ما يملكه من ذخائر نفيسة والتذكير بسيرتهما رحمهما الله، سألتهما عن قائل هذا البيت:
طول الجدار وقصرة الرجل نوماس= لا صار ما للرجال داع دعاها
وقلت لهما إني وجدته في أغلب المصادر منسوباً للشاعر مبارك بن عبيكة الرمالي، فاتفقا مؤكدين أن هذا البيت للشاعر (دحيم العنقري) المكنى بأبي عقاب رحمه الله ممن سكن الدوادمي ضمن قصيدة يقول فيها:
دار العويضي دار عدمين الأجناس =يا عيد أهل هجن تخافن كلاها
كم طوعوا من عايل عايم الراس =يجي ويرجع حاجته ما قضاها
حتى قال:
مشيي مع شعاب العبل في يدي فاس =خير من (...) ومشروب ماها
وطول الجدار وقصرة الرجال نوماس =لا صار ما للرجال داع دعاها
ثم اتجه الحديث إلى أحوال الطقس وأسماء الرياح والنجوم وتأثيرها فقال خلف بن سرحان رحمه الله: إن رياح (الهيف) تهب من الجهة الجنوبية الغربية عند انقطاع الصيف والبدو في المضامي قال الشاعر
اتقبل واطلب الله بهفيه =تودع المجزي من النفد ينجالي
ذكرا (النكباء) واختلفا في مهبها واتفقا أنها رياح باردة تهب في فصل الشتاء وقال أبو عزيز رحمه الله: يقولون: "ليا هبت النكبا فهو من دبورها"، ثم عرجا في حديثهما على الرياح الغربية التي تهب من جهة الغرب وذكر أبو جري رحمه الله بيتين لا يعلم عن قائلهما هما:
هبوب تخج القلب من قد خيبر =هبوب تحد الشمس عن مغبيها
تراها هبوب الوقت يا جاهل بها =يقوله اللي قبلنا يغتدى بها
ثم أشار أبو عزيز رحمه الله إلى (نجوم القيض) كما تسمى وقال إن أولها الثريا كما قال راشد الخلاوي:
أول نجوم القيض غراً لكنها =مراغة بزواً عند باب المجحرة
فسألتهما عن معنى لفظة (بزوا)؟ فأجاب ابن سرحان رحمه الله: إنها الأرنب التي لم تلد أي ليس لها أبناء، ثم أنشد أبو عزيز هذا البيت:
وجد راعي هجمة طلعة الجوزا ضياع =انثنى دوارها يوم بار به الصميل
وأردف بهذا البيت:
جيشه مرازيم وصغاره يحنني =حنن وحاديهن المرزم وملهابه
فيذكر أبو جري بيتاً آخر مشابه:
........................................... =حاديهن القيض والخامس وملهابه
فسألته عن المراد بالخامس؟ فقال: أي أنه ظهر النجم الخامس من نجوم السبع وهذا غاية الحر.
ثم انتقل الحديث إلى أمور أخرى ليعبر أبو عزيز عن إعجابه ببيت الخلاوي:
لا دقت الوسطى الابهام تذكروا =عصر مضى يا مال فرقا الشمايل
متأثراً بواقعية الصورة في التعبير عن الماضي والفرقة بعد الاجتماع، ثم عبر عن إعجابه أيضاً ببيت ابن سجوان:
ويمنى بلا يسرى تراها ضعيفة =ورجل بلا ربع على الغبن صبار
ليتذكر أبو جري بيت عبدالرحمن البواردي:
إن كان ما تفزع اليمنى ليسراها =فاعرف إن ماوطا هاذيك واطيها
هذا نموذج لما يدور في مجلس ابن سرحان رحمه الله من أحاديث ممتعة لا يملها السامعون ومعلومات قيمة يتلقفها الباحثون.
كان لاتصالات الهاتفية بيننا لا تنقطع وقد هاتفني قبل فترة قصيرة طالباً نشر أحد الألغاز في الجريدة مفيداً أنه سيخبرني بحل اللغز فيما بعد، فتريثت حتى أحصل على الحل ثم التقيت به مراراً ولكن لم يتهيأ المجال لمناقشة هذا اللغز الذي يقول فيه:
أنشدوا عن ميس توت وعلموني =هي حلال من الدبش وإلا حرامي
ليتكم في وسط داره تنزلوني =عن سموم القيض في روس الجبالي
وأخيراً.. فالأقدار سائرة في أعنتها تفقدنا كل يوم جزء من تاريخنا وجسداً من تراثنا وروحاً من الحقيقة، فليت شعري كم ندمنا على فوات مثل هؤلاء الرجال ونحن لم نوفهم حقهم من الاهتمام رحم الله خلف بن سرحان وتغمده برحمته، ولا يفوتني أن أهيب بأبناء الشاعر وأحفاده لجمع أشعاره ومروياته في ديوان يخلد أسمه في تاريخ الأدب الشعبي ويخرجها من النطاق الشفاهي إلى الكتابي.