الابرق
19-Jan-2004, 07:09 AM
هذا مقطع من ظلال سورة إبراهيم لقتيل لا إله إلا الله : سيد قطب رحمه الله :
هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52)
إن الغاية الأساسية من ذلك البلاغ وهذا الإنذار , هي أن يعلم الناس (أنما هو إله واحد). . فهذه هي قاعدة دين الله التي يقوم عليها منهجه في الحياة .
وليس المقصود بطبيعة الحال مجرد العلم , إنما المقصود هو إقامة حياتهم على قاعدة هذا العلم . . المقصود هو الدينونة لله وحده , ما دام أنه لا إله غيره . فالإله هو الذي يستحق أن يكون ربا - أي حاكما وسيدا ومتصرفا ومشرعا وموجها - وقيام الحياة البشرية على هذه القاعدة يجعلها تختلف اختلافا جوهريا عن كل حياة تقوم على قاعدة ربوبية العباد للعباد - أي حاكمية العباد للعباد ودينونة العباد للعباد - وهو اختلاف يتناول الاعتقاد والتصور , ويتناول الشعائر والمناسك ; كما يتناول الأخلاق والسلوك , والقيم والموازين ; وكما يتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وكل جانب من جوانب الحياة الفردية والجماعية على السواء .
إن الاعتقاد بالألوهية الواحدة قاعدة لمنهج حياة متكامل ; وليس مجرد عقيدة مستكنة في الضمائر . وحدود العقيدة أبعد كثيرا من مجرد الاعتقاد الساكن . . إن حدود العقيدة تتسع وتترامى حتى تتناول كل جانب من جوانب الحياة . . وقضية الحاكمية بكل فروعها في الإسلام هي قضية عقيدة . كما أن قضية الأخلاق بجملتها هي قضية عقيدة . فمن العقيدة ينبثق منهج الحياة الذي يشتمل الأخلاق والقيم ; كما يشتمل الأوضاع والشرائع سواء بسواء . .
ونحن لا ندرك مرامي هذا القرآن قبل أن ندرك حدود العقيدة في هذا الدين , وقبل أن ندرك مدلولات:"شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" على هذا المستوى الواسع البعيد الآماد . وقبل أن نفهم مدلول:العبادة لله وحده ; ونحدده بأنه الدينونة لله وحده ; لا في لحظات الصلاة , ولكن في كل شأن من شؤون الحياة !
إن عبادة الأصنام التي دعا إبراهيم - عليه السلام - ربه أن يجنبه هو وبنيه إياها , لا تتمثل فقط في تلك الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في جاهليتهم , أو التي كانت تزاولها شتى الوثنيات في صور شتى , مجسمة في أحجار أو أشجار , أو حيوان أو طير , أو نجم أو نار , أو أرواح أو أشباح . . .
إن هذه الصور الساذجة كلها لا تستغرق كل صور الشرك بالله , ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله . والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور الساذجة يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها ; ويمنعنا من الرؤية الصحيحة لحقيقة ما يعتور البشرية من صور الشرك والجاهلية الجديدة !
ولا بد من التعمق في إدراك طبيعة الشرك وعلاقة الأصنام بها ; كما أنه لا بد من التعمق في معنى الأصنام , وتمثل صورها المتجددة مع الجاهليات المستحدثة !
إن الشرك بالله - المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله - يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده . ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته , بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله , حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته . .
وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة . . والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته . .
إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده ; ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائر . بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية و السياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله .
ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله . ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات والأزياء - مخالفة لشرع الله وأمره - إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته ; ويخالف عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في أخص حقيقتها . .
وهذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخص وتميع , وهم لايحسبونه الشرك الذي كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان !
والأصنام . .
ليس من الضروري أن تتمثل في تلك الصور الأولية الساذجة . . فالأصنام ليست سوى شعارات للطاغوت , يتخفى وراءها لتعبيد الناس باسمها , وضمان دينونتهم له من خلالها . .
إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر . . إنما كان السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائها ; يتمتم حولها بالتعاويذ والرقي . . ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق لتعبيد الجماهير وتذليلها !
فإذا رفعت في أي أرض وفي أي وقت شعارات ينطق باسمها الحكام والكهان , ويقررون باسمها ما لم يأذن به الله من الشرائع والقوانين والقيم والموازين والتصرفات والأعمال . . . فهذه هي الأصنام في طبيعتها وحقيقتها ووظيفتها !
إذا رفعت "القومية " شعارا , أو رفع "الوطن" شعارا , أو رفع "الشعب" شعارا , أو رفعت "الطبقة " شعارا . . . ثم أريد الناس على عبادة هذه الشعارات من دون الله ; وعلى التضحية لها بالنفوس والأموال والأخلاق والأعراض . بحيث كلما تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته مع مطالب تلك الشعارات ومقتضياتها , نحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعاليمه , ونفذت إرادة تلك الشعارات - أو بالتعبير الصحيح الدقيق:إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات - كانت هذه هي عبادة الأصنام من دون الله . . فالصنم ليس من الضروري أن يتمثل في حجر أو خشبة ; ولقد يكون الصنم مذهبا أو شعارا !
إن الإسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية والخشبية ! ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة , من موكب الرسل الموصول ; ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام وتلك العذابات والآلام , لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار والأخشاب !
إنما جاء الإسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن ; وبين الدينونة لغيره في كل هيئة وفي كل صورة . . ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل وضع وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة , وتقرير ما إذا كانت توحيدا أم شركا ؟ دينونة لله وحده أم دينونة لشتى الطواغيت والأرباب والأصنام !
والذين يظنون أنفسهم في "دين الله" لأنهم يقولون بأفواههم "نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" , ويدينون لله فعلا في شؤون الطهارة والشعائر والزواج والطلاق والميراث . . بينما هم يدينون فيما وراء هذا الركن الضيق لغير الله ; ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله - وكثرتها مما يخالف مخالفة صريحة شريعة الله - ثم هم يبذلون أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وأخلاقهم - أرادوا أم لم يريدوا - ليحققوا ما تتطلبه منهم الأصنام الجديدة . فإذا تعارض دين أو خلق أو عرض مع مطالب هذه الأصنام , نبذت أوامر الله فيها ونفذت مطالب هذه الأصنام . . .
الذين يظنون أنفسهم "مسلمين" وفي "دين الله" وهذا حالهم . . عليهم أن يستفيقوا لما هم فيه من الشرك العظيم !!!
إن دين الله ليس بهذا الهزال الذي يتصوره من يزعمون أنفسهم "مسلمين" في مشارق الأرض ومغاربها ! إن دين الله منهج شامل لجزئيات الحياة اليومية وتفصيلاتها . والدينونة لله وحده في كل تفصيل وكل جزئية من جزئيات الحياة اليومية وتفصيلاتها - فضلا على أصولها وكلياتها - هي دين الله , وهي الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه .
وإن الشرك بالله لا يتمثل فحسب في الاعتقاد بألوهية غيره معه ; ولكنه يتمثل ابتداء في تحكيم أرباب غيره معه . .
وإن عبادة الأصنام لا تتمثل في إقامة أحجار وأخشاب ; بقدر ما تتمثل في إقامة شعارات لها كل ما لتلك الأصنام من نفوذ ومقتضيات !
ولينظر الناس في كل بلد لمن المقام الأعلى في حياتهم ؟ ولمن الدينونة الكاملة ? ولمن الطاعة والاتباع والامتثال ? . . فإن كان هذا كله لله فهم في دين الله . وإن كان لغير الله - معه أو من دونه - فهم في دين الطواغيت والأصنام . . والعياذ بالله . . !
هذا بلاغ للناس , ولينذروا به . وليعلموا أنما هو إله واحد , وليذكر أولو الألباب . .
انتهى.
منقول
هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52)
إن الغاية الأساسية من ذلك البلاغ وهذا الإنذار , هي أن يعلم الناس (أنما هو إله واحد). . فهذه هي قاعدة دين الله التي يقوم عليها منهجه في الحياة .
وليس المقصود بطبيعة الحال مجرد العلم , إنما المقصود هو إقامة حياتهم على قاعدة هذا العلم . . المقصود هو الدينونة لله وحده , ما دام أنه لا إله غيره . فالإله هو الذي يستحق أن يكون ربا - أي حاكما وسيدا ومتصرفا ومشرعا وموجها - وقيام الحياة البشرية على هذه القاعدة يجعلها تختلف اختلافا جوهريا عن كل حياة تقوم على قاعدة ربوبية العباد للعباد - أي حاكمية العباد للعباد ودينونة العباد للعباد - وهو اختلاف يتناول الاعتقاد والتصور , ويتناول الشعائر والمناسك ; كما يتناول الأخلاق والسلوك , والقيم والموازين ; وكما يتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وكل جانب من جوانب الحياة الفردية والجماعية على السواء .
إن الاعتقاد بالألوهية الواحدة قاعدة لمنهج حياة متكامل ; وليس مجرد عقيدة مستكنة في الضمائر . وحدود العقيدة أبعد كثيرا من مجرد الاعتقاد الساكن . . إن حدود العقيدة تتسع وتترامى حتى تتناول كل جانب من جوانب الحياة . . وقضية الحاكمية بكل فروعها في الإسلام هي قضية عقيدة . كما أن قضية الأخلاق بجملتها هي قضية عقيدة . فمن العقيدة ينبثق منهج الحياة الذي يشتمل الأخلاق والقيم ; كما يشتمل الأوضاع والشرائع سواء بسواء . .
ونحن لا ندرك مرامي هذا القرآن قبل أن ندرك حدود العقيدة في هذا الدين , وقبل أن ندرك مدلولات:"شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" على هذا المستوى الواسع البعيد الآماد . وقبل أن نفهم مدلول:العبادة لله وحده ; ونحدده بأنه الدينونة لله وحده ; لا في لحظات الصلاة , ولكن في كل شأن من شؤون الحياة !
إن عبادة الأصنام التي دعا إبراهيم - عليه السلام - ربه أن يجنبه هو وبنيه إياها , لا تتمثل فقط في تلك الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في جاهليتهم , أو التي كانت تزاولها شتى الوثنيات في صور شتى , مجسمة في أحجار أو أشجار , أو حيوان أو طير , أو نجم أو نار , أو أرواح أو أشباح . . .
إن هذه الصور الساذجة كلها لا تستغرق كل صور الشرك بالله , ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله . والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور الساذجة يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها ; ويمنعنا من الرؤية الصحيحة لحقيقة ما يعتور البشرية من صور الشرك والجاهلية الجديدة !
ولا بد من التعمق في إدراك طبيعة الشرك وعلاقة الأصنام بها ; كما أنه لا بد من التعمق في معنى الأصنام , وتمثل صورها المتجددة مع الجاهليات المستحدثة !
إن الشرك بالله - المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله - يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده . ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته , بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله , حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته . .
وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة . . والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته . .
إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده ; ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائر . بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية و السياسية والاجتماعية لشرائع من عند غير الله .
ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله . ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات والأزياء - مخالفة لشرع الله وأمره - إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته ; ويخالف عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في أخص حقيقتها . .
وهذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخص وتميع , وهم لايحسبونه الشرك الذي كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان !
والأصنام . .
ليس من الضروري أن تتمثل في تلك الصور الأولية الساذجة . . فالأصنام ليست سوى شعارات للطاغوت , يتخفى وراءها لتعبيد الناس باسمها , وضمان دينونتهم له من خلالها . .
إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر . . إنما كان السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائها ; يتمتم حولها بالتعاويذ والرقي . . ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق لتعبيد الجماهير وتذليلها !
فإذا رفعت في أي أرض وفي أي وقت شعارات ينطق باسمها الحكام والكهان , ويقررون باسمها ما لم يأذن به الله من الشرائع والقوانين والقيم والموازين والتصرفات والأعمال . . . فهذه هي الأصنام في طبيعتها وحقيقتها ووظيفتها !
إذا رفعت "القومية " شعارا , أو رفع "الوطن" شعارا , أو رفع "الشعب" شعارا , أو رفعت "الطبقة " شعارا . . . ثم أريد الناس على عبادة هذه الشعارات من دون الله ; وعلى التضحية لها بالنفوس والأموال والأخلاق والأعراض . بحيث كلما تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته مع مطالب تلك الشعارات ومقتضياتها , نحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعاليمه , ونفذت إرادة تلك الشعارات - أو بالتعبير الصحيح الدقيق:إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات - كانت هذه هي عبادة الأصنام من دون الله . . فالصنم ليس من الضروري أن يتمثل في حجر أو خشبة ; ولقد يكون الصنم مذهبا أو شعارا !
إن الإسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية والخشبية ! ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة , من موكب الرسل الموصول ; ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام وتلك العذابات والآلام , لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار والأخشاب !
إنما جاء الإسلام ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن ; وبين الدينونة لغيره في كل هيئة وفي كل صورة . . ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل وضع وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة , وتقرير ما إذا كانت توحيدا أم شركا ؟ دينونة لله وحده أم دينونة لشتى الطواغيت والأرباب والأصنام !
والذين يظنون أنفسهم في "دين الله" لأنهم يقولون بأفواههم "نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" , ويدينون لله فعلا في شؤون الطهارة والشعائر والزواج والطلاق والميراث . . بينما هم يدينون فيما وراء هذا الركن الضيق لغير الله ; ويخضعون لشرائع لم يأذن بها الله - وكثرتها مما يخالف مخالفة صريحة شريعة الله - ثم هم يبذلون أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وأخلاقهم - أرادوا أم لم يريدوا - ليحققوا ما تتطلبه منهم الأصنام الجديدة . فإذا تعارض دين أو خلق أو عرض مع مطالب هذه الأصنام , نبذت أوامر الله فيها ونفذت مطالب هذه الأصنام . . .
الذين يظنون أنفسهم "مسلمين" وفي "دين الله" وهذا حالهم . . عليهم أن يستفيقوا لما هم فيه من الشرك العظيم !!!
إن دين الله ليس بهذا الهزال الذي يتصوره من يزعمون أنفسهم "مسلمين" في مشارق الأرض ومغاربها ! إن دين الله منهج شامل لجزئيات الحياة اليومية وتفصيلاتها . والدينونة لله وحده في كل تفصيل وكل جزئية من جزئيات الحياة اليومية وتفصيلاتها - فضلا على أصولها وكلياتها - هي دين الله , وهي الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه .
وإن الشرك بالله لا يتمثل فحسب في الاعتقاد بألوهية غيره معه ; ولكنه يتمثل ابتداء في تحكيم أرباب غيره معه . .
وإن عبادة الأصنام لا تتمثل في إقامة أحجار وأخشاب ; بقدر ما تتمثل في إقامة شعارات لها كل ما لتلك الأصنام من نفوذ ومقتضيات !
ولينظر الناس في كل بلد لمن المقام الأعلى في حياتهم ؟ ولمن الدينونة الكاملة ? ولمن الطاعة والاتباع والامتثال ? . . فإن كان هذا كله لله فهم في دين الله . وإن كان لغير الله - معه أو من دونه - فهم في دين الطواغيت والأصنام . . والعياذ بالله . . !
هذا بلاغ للناس , ولينذروا به . وليعلموا أنما هو إله واحد , وليذكر أولو الألباب . .
انتهى.
منقول