/عبد العزيز الجذع/
18-Jun-2008, 11:24 AM
للكاتب المبدع والشاعر الرائع والأخ الحبيب/ فرحان الفرحان.
جريدة اليوم / الخميس 1424-11-23هـ الموافق 2004-01-15م
فرحان الفرحان
نجـــم مرحــله ..!!
فرحان الفرحان
في زمن التردي الشامل , و الذي طال اغلب مناح الساحة الشعبية , أصبح الدخول إلى رحاب نص شعبي , يستلزم الاستعداد لمواجهة الفراغ أو شبيهه , بالرغم من حالة التضليل التي غالبا ً ما تكون محيطة بالنص , واقصد به نص المرحلة في الساحة الشعبية , و الذي لا يمكن وصفه في حالة التسامح الأدبي والتراضي مع الذات الباحثة عن التميز , إلا بأنه كومة من المفردات المتناثرة , المتضاربة , الباهتة ,الفاقدة لكل قيمة فنية مهما كانت متدنية, مما جعل المتابع للشعر الشعبي يفقد ثقته بالتجربة المعاصرة وبكل مكوناته , ولكن حجب الثقة المتخلق في أجواء الملل من النصوص الباعثة على التشاؤم والإحباط , لا يمتلك صفة الديمومة وشمولية الهيمنة على كل شعراء المرحلة , فبين فترة وأخرى يلوح في ظلام هذا الضياع المخيف , والقادر على اغتيال الآمال بعودة الشعر , بريق نجمٍ يومئ إلى أن الشعر لم يمت بعد , وأن غناءه الشجي القادر على أسر القلوب ما زال يصدح في الآفاق البعيدة عن التلوث ..
سأتحدث في هذه المساحة المتاحة عن الشاعر( بندر المحيا) وهو صوت ٍ شعري جاء بهدوء ظاهري , إلى ساحة تعج بالفوضى والصخب والارتباك , وهو يحمل بين جنبات روحه , حالة شعرية مثقلة بالشجن الشعري الجميل , القادر على منح الساحة شيئا ً من الترتيب , الذي قد يعيد النظام للجزء الذي يتواجد فيه , إن لم يصب باليأس والإحباط , الذي أصاب من مروا قبله و أجبرهم على ألا نكفأ على الذات والغناء في دروب الصمت , وترك المساحات الجميلة مقفرة من الحياة الشعرية , ليتطارد فيها اللصوص والبؤساء ومدمني الضوء مع الفراغ والتشوه .
إن من يتتبع مسار حرف بندر من خلال قراءة متعمقة لنصه , يدرك أن هذا الشاب الحامل في ملامحه الخارجية لكل إيحاءات الهدوء والسكينة , يمارس أثناء كتابة النص عملية الدخول في اللهب ومقاسمته أبعاد العذاب والغليان وجمال الضوء والدفء , ولا غرابة في ذلك فهو يملك موهبة متفجرة ولكنها مؤسسة تأسيسا ً علميا ً , من خلال تأهيله العلمي في الدراسات الإنسانية والتي مكنته من فهم الذات , بكل سماتها النفسية والإنسانية , والتعرف بوعي على حاجاتها وآلامها وأمالها وذكرياتها , لذلك فهو قادر على التعبير عن مشاعره وقلقه بدقة متناهية داخل أشعاره الجميلة , المتسمة بالتصوير الدقيق , وتوظيف المفردة باحترافية تدرك تأثيرها في النص و أثرها على المتلقي , كما أنه قادر على إقامة علاقة متناغمة بين مكونات نصه , من إيقاعات وصور ومفردات , تجسد أحاسيسه وأفكاره ومشاعره , و لعل أكثر ما لفت نظري في شاعريته هو استطاعته بمهارة رسم حركة نفسه الداخلية , و حالة محيطه المؤثر فيه بدقة بالغة , لما يملكه من رؤية شاملة للوجود , وبراعة تمكنه من النفاذ إلى جوهر الأشياء الصغيرة , التي يستقي منها مادة شعره ,لذلك تكاد نصوصه تخلو من الفجوات الفنية المشهودة , في اغلب نصوص المرحلة , فهو قادر على التكثيف والتفجير في آن ٍ واحد , والاحتواء والإطلاق في أزمنة متفرقة. وبكل تأكيد أن هناك مأخذ بسيطة على تجربته ولكنه لن يدركها في هذا الوقت المبكر من مساره في دروب الشعر لأنها تحتاج إلى زمن , لذلك ستأتي هذه الحلول مع الوقت كالتخلص من الكتابة بـ.. ( الذاكرة الجمعية ) للمحيطين به في بعض الأحيان , والقدرة على الاختزال , والانطلاق إلى الكتابة في الأشكال الشعرية الأخرى , بلا تردد أو وجل , وأنا متأكد انه سيتفادى كل هذه الملاحظات , بعد أن يستقر قلقه الطبيعي حول كينونته كشاعر ولد في زمن العبث الشعري ..
ولكن هل بندر المحيا يمثل حالة استثناء في التجربة المعاصرة .؟ الإجابة بكل تأكيد لا . ولكنه مع أسماء ( قليلة جدا ً ) تمور من بعيد في مساراتها المضيئة , تاركة للعيون المتبصرة الاستمتاع برؤية جمالها , المتسامي على غبار الساحة , الناتج عن كثرة الراكضين على ترابها بغير هدى .
أما عن التنبؤات المستقبلية لمسار هذا النجم المبهج في ضياءه , فهذا يعتبر ضربا ً على رمل التوقع , لا يمكن أن أقدم عليه , ولكن كل المؤشرات تومئ إلى أن الجيل الصاعد , من شعراء المرحلة , قد استفادوا من تجارب واخطاء ونجاحات الجيل الذي سبقهم , ولكن وضع الساحة وإعلامها , قادر بكل أسف على قتل ألف شعر مبدع , ولكنه أعجز من أن يصنع شاعرا واحدا مزيفا, بالرغم من كل المزاعم والأباطيل والادعاءات التي لا تنتهي في هذا الشأن , هذا ما أخشى على بندر وزملائه القادمين معه من اتجاه الضوء منه , فإن استطاع بندر النفاذ من هذا المآزق وأظنه قادر على ذلك فسيكون نجما دائم الإشعاع وليس نجم مرحلة
جريدة اليوم / الخميس 1424-11-23هـ الموافق 2004-01-15م
فرحان الفرحان
نجـــم مرحــله ..!!
فرحان الفرحان
في زمن التردي الشامل , و الذي طال اغلب مناح الساحة الشعبية , أصبح الدخول إلى رحاب نص شعبي , يستلزم الاستعداد لمواجهة الفراغ أو شبيهه , بالرغم من حالة التضليل التي غالبا ً ما تكون محيطة بالنص , واقصد به نص المرحلة في الساحة الشعبية , و الذي لا يمكن وصفه في حالة التسامح الأدبي والتراضي مع الذات الباحثة عن التميز , إلا بأنه كومة من المفردات المتناثرة , المتضاربة , الباهتة ,الفاقدة لكل قيمة فنية مهما كانت متدنية, مما جعل المتابع للشعر الشعبي يفقد ثقته بالتجربة المعاصرة وبكل مكوناته , ولكن حجب الثقة المتخلق في أجواء الملل من النصوص الباعثة على التشاؤم والإحباط , لا يمتلك صفة الديمومة وشمولية الهيمنة على كل شعراء المرحلة , فبين فترة وأخرى يلوح في ظلام هذا الضياع المخيف , والقادر على اغتيال الآمال بعودة الشعر , بريق نجمٍ يومئ إلى أن الشعر لم يمت بعد , وأن غناءه الشجي القادر على أسر القلوب ما زال يصدح في الآفاق البعيدة عن التلوث ..
سأتحدث في هذه المساحة المتاحة عن الشاعر( بندر المحيا) وهو صوت ٍ شعري جاء بهدوء ظاهري , إلى ساحة تعج بالفوضى والصخب والارتباك , وهو يحمل بين جنبات روحه , حالة شعرية مثقلة بالشجن الشعري الجميل , القادر على منح الساحة شيئا ً من الترتيب , الذي قد يعيد النظام للجزء الذي يتواجد فيه , إن لم يصب باليأس والإحباط , الذي أصاب من مروا قبله و أجبرهم على ألا نكفأ على الذات والغناء في دروب الصمت , وترك المساحات الجميلة مقفرة من الحياة الشعرية , ليتطارد فيها اللصوص والبؤساء ومدمني الضوء مع الفراغ والتشوه .
إن من يتتبع مسار حرف بندر من خلال قراءة متعمقة لنصه , يدرك أن هذا الشاب الحامل في ملامحه الخارجية لكل إيحاءات الهدوء والسكينة , يمارس أثناء كتابة النص عملية الدخول في اللهب ومقاسمته أبعاد العذاب والغليان وجمال الضوء والدفء , ولا غرابة في ذلك فهو يملك موهبة متفجرة ولكنها مؤسسة تأسيسا ً علميا ً , من خلال تأهيله العلمي في الدراسات الإنسانية والتي مكنته من فهم الذات , بكل سماتها النفسية والإنسانية , والتعرف بوعي على حاجاتها وآلامها وأمالها وذكرياتها , لذلك فهو قادر على التعبير عن مشاعره وقلقه بدقة متناهية داخل أشعاره الجميلة , المتسمة بالتصوير الدقيق , وتوظيف المفردة باحترافية تدرك تأثيرها في النص و أثرها على المتلقي , كما أنه قادر على إقامة علاقة متناغمة بين مكونات نصه , من إيقاعات وصور ومفردات , تجسد أحاسيسه وأفكاره ومشاعره , و لعل أكثر ما لفت نظري في شاعريته هو استطاعته بمهارة رسم حركة نفسه الداخلية , و حالة محيطه المؤثر فيه بدقة بالغة , لما يملكه من رؤية شاملة للوجود , وبراعة تمكنه من النفاذ إلى جوهر الأشياء الصغيرة , التي يستقي منها مادة شعره ,لذلك تكاد نصوصه تخلو من الفجوات الفنية المشهودة , في اغلب نصوص المرحلة , فهو قادر على التكثيف والتفجير في آن ٍ واحد , والاحتواء والإطلاق في أزمنة متفرقة. وبكل تأكيد أن هناك مأخذ بسيطة على تجربته ولكنه لن يدركها في هذا الوقت المبكر من مساره في دروب الشعر لأنها تحتاج إلى زمن , لذلك ستأتي هذه الحلول مع الوقت كالتخلص من الكتابة بـ.. ( الذاكرة الجمعية ) للمحيطين به في بعض الأحيان , والقدرة على الاختزال , والانطلاق إلى الكتابة في الأشكال الشعرية الأخرى , بلا تردد أو وجل , وأنا متأكد انه سيتفادى كل هذه الملاحظات , بعد أن يستقر قلقه الطبيعي حول كينونته كشاعر ولد في زمن العبث الشعري ..
ولكن هل بندر المحيا يمثل حالة استثناء في التجربة المعاصرة .؟ الإجابة بكل تأكيد لا . ولكنه مع أسماء ( قليلة جدا ً ) تمور من بعيد في مساراتها المضيئة , تاركة للعيون المتبصرة الاستمتاع برؤية جمالها , المتسامي على غبار الساحة , الناتج عن كثرة الراكضين على ترابها بغير هدى .
أما عن التنبؤات المستقبلية لمسار هذا النجم المبهج في ضياءه , فهذا يعتبر ضربا ً على رمل التوقع , لا يمكن أن أقدم عليه , ولكن كل المؤشرات تومئ إلى أن الجيل الصاعد , من شعراء المرحلة , قد استفادوا من تجارب واخطاء ونجاحات الجيل الذي سبقهم , ولكن وضع الساحة وإعلامها , قادر بكل أسف على قتل ألف شعر مبدع , ولكنه أعجز من أن يصنع شاعرا واحدا مزيفا, بالرغم من كل المزاعم والأباطيل والادعاءات التي لا تنتهي في هذا الشأن , هذا ما أخشى على بندر وزملائه القادمين معه من اتجاه الضوء منه , فإن استطاع بندر النفاذ من هذا المآزق وأظنه قادر على ذلك فسيكون نجما دائم الإشعاع وليس نجم مرحلة