المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المـخــرج من الفــتــن


ابو ضيف الله
10-Jun-2008, 08:04 PM
المخرج من الفتن

عبد الرحمن أبو زيد
22 - 4 - 2008


من نظر إلى واقع المسلمين في الفترة الأخيرة رأى أعاصير الفتن تموج بهم وتتساقط عليهم الشبهات كحبات المطر، وأعظم الفتن فتن الشبهات، وأغلبها ساذج وبعضها خطير، ولكن اللافت للنظر أنها ليست بجديدة (إنكار السنة الطعن في الصحابة تعدد الزوجات المواريث زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد الرق وملك اليمين وغيرها)، وإنما المشكلة تكمن في انتشار الجهل بين المسلمين.

ولا يمكن أن ننكر في ذات الوقت جهود فريق من المخلصين في الرد علي تلك الشبهات؛ إلا أن الخطورة الحقيقية تكمن في أمرين:

أولهما: قلة المنابر التي تبين الحق وتبطل الباطل مقارنة بما في أيدي مثيري الفتن، مع عدم التوفيق أحيانًا للقائمين على تلك المنابر في اختيار من يقوم بتفنيد الشبهات وبيان الحق، وأخيرًا فإن من يحسن الرد والبيان من تلك القنوات أو الأفراد فهو قليل الانتشار ويواجه العديد من الصعوبات.

أما الأمر الثاني: فهو فشو الجهل وانتشاره وهو ما يساعد على انتشار تلك الشبهات كانتشار النار في الهشيم، فمن الناس كما قال علي رضي الله عنه: من هو "مُنقاد لأهل الحق لا بصيرة له ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق. إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدر، مشغوفًا بما لا يدري حقيقته؛ فهو فتنة لمن فتن به، وإن من الخير كله من عَرَّفه الله دينه، وكفى بالمرء جهلاً ألا يعرف دينه".

وقال أيضًا: "الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق".

فالعلماء الربانيون هم ورثة الأنبياء وهم الخلف العدول الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين.

وفساد الإسلام من هؤلاء الطوائف الثلاثة فلولا أن الله تعالى يقيم لدينه من ينفى عنه ذلك لجرى عليه ما جرى على أديان الأنبياء قبله من هؤلاء.

فإن كان الواجب على من نزلت به نازلة من شبهة ردها للكتاب والسنة، كما قال تعالى: {ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه} أي يستخرجونه.

قال الداودي: "أنزل سبحانه وتعالى كثيرًا من الأمور مجملة ففسر نبيه ما احتيج إليه في وقته، وما لم يقع في وقته وَكَلَ تفسيره إلى العلماء".

ولما كان انتشار الجهل من علامات الساعة كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أنس: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا" ولهما من حديث أبي هريرة: "ويقبض العلم" و "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" أخرجاه من حديث عبد الله ابن عمرو.

فالواجب على العلماء نشر العلم "حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا".

فنشر العلم والعلم وحده هو القادر على درء تلك الفتن ورد السهام المسمومة إلى نحور أصحابها.

فإن الفتنة إذا هاجت لم يعرفها إلا العلماء، فإذا ولت علمها كل أحد. ولكن بعد أن تكون نالت من دينه؛ وتأمل في هذا المعنى قصة قارون؛ يقول تعالى ذكره: {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} فهؤلاء تمنوا أن يكونوا في موضع رجل هالك بعد لحظات ؛ أما أهل العلم:{وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون * فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين} فلما انكشف الأمر وولت الفتنة : {وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون}.

فالعلم هو صفة أهل التمييز، قال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}. وهو القاطع للشبهة في مجال المناظرة والمحجة قال تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا}.

وهو القائد للإيمان والعاصم من الزيغ قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}

فالراسخون ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا ولهذا مدح تعالى الراسخين وذم الزائغين.

ففي ظل ظهور الشبهات وأهلها مع قلة المفندين لها وجب على كل مسلم حريص على دينه أن ينال حظًا من العلم يدفع به عن نفسه ما قد ينقدح فيها من شك؛ بل ومن المفندين للشبهات المدحضين للباطل، وأن يدخل في زمرة المتعلمين الذين هم على طريق النجاة ، وإلا تمنعه السيادة أو المشقة من السعي في تحصيل الحق.

فهذا نبي الله موسى عليه السلام وقد بلغ المحل الأعلى في السيادة قد تحمل المشاق وركب البحر في سبيل طلب العلم وقصته مع الخضر معروفة مذكورة في سورة الكهف.

ويكفي أن الله عز وجل قد قرن شهادة أهل العلم بشهادته وشهادة الملائكة فقال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط}.

كما لم يأمر الله سبحانه وتعالى نبيه بطلب الزيادة في شيء إلا من العلم فقال تعالى: {وقل رب زدني علما}.

وأخير فمن العلم أن تنشغل بالحق عن الباطل وأن تصون نفسك ودينك عن الشبهات فعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات "صحيح. رواه أحمد (4/441)، والحاكم (4/531) وصحح إسناده على شرط مسلم.


المصـدر موقع لواء الشريعة
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/793/

فهيد الايدا المورقي
10-Jun-2008, 08:31 PM
جزاك الله خير

والله يحمينا من الفتن وينور بصيرتنا للحق

عبدالله الجريسي
10-Jun-2008, 10:26 PM
جزاك الله خير

محب الهيلا
10-Jun-2008, 11:39 PM
جزاك الله خير

فهد النفيعي
11-Jun-2008, 12:23 AM
جزاك الله خير

السبيــــعي
11-Jun-2008, 04:53 AM
الله يجزاك خير
جعله الله في ميزان حسناتـــك