المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحجاز و نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب


محب الهيلا
29-Mar-2008, 11:55 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحجاز و نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

الحجاز


كانت الحجاز من المناطق التي شهدت حركات علوية عنيفة ضد الدولة العباسية منذ قيامها. ولقد استطاعت هذه الدولة أن تقضي على تلك الحركات في عهود خلفائها الأقوياء. ولكن ضعفها في أواخر القرن الثالث الهجري أغرى زعماء العلويين باستئناف نشاطهم. فانتزع محمد ابن سليمان الحسيني إدارة مكة من الوالي العباسي 301هـ ، و استقل بها . ومع أن المصادر لا تعطي تفصيلات عما حدث لمحمد بن سليمان بعد ذلك فإنها تفيد بأن حكم البلدة المقدسة بقى في أيدي الأشراف الحسنيين حتى دخلها القرامطة سنة 317هـ . وقد نجح العباسيون في استعادتها نفوذهم الرسمي على الحجاز بعد سنوات قليلة من هذا التاريخ مسندين ولايتها لإتباعهم الإخشيدي الذين كان مركز حكمهم في مصر . وحينما بدأت علامات الانهيار تدب في أوصال كيان الإخشدين إمام الزحف الفاطمي انتعشت روح الأمل مرة أخرى في نفوس العلويين في الحجاز ، وفرض الزعيم جعفر بن محمد الحسني سيطرته على سير الأحداث في مكة وما حولها . ولما سقطت مصر في أيدي الفاطميين سنة 358هـ استولى على مقاليد الأمور في البلدة المذكورة ، ودعا في الخطبة للخليفة الفاطمي . وكان ذلك إيذانا بتأسيس حكم الطبقة الأولى من طبقات حكام الأشراف وهي طبقة الموسويين نسبة إلى موسى الجون من نسل الحسن بن علي رضي الله عنه .
وكما دعي للخليفة الفاطمي في مكة المكرمة دعي له في المدينة المنورة من قبل العلويين الحسينيين ، الذين سيطروا على الأوضاع هناك وبذلك أصبحت الحجاز تحت النفوذ الفاطمي وان بذل الوزراء العباسيون من بويه محاولات لمد نفوذهم عليها . وقد بلغ الحاكم الثالث من الطبقة الموسوية ، ابو الفتوح الحسن بن جعفر ، درجة من القوة مكنته من انتزاع حكم المدينة المنورة من أبناء عمه الحسينيين ، وأغرته بأن يعلن نفسه خليفة مستقلاَ . على أن خلافته لم تطل . ذلك أن الدسائس الفاطمية استطاعت أن ترغمه على التخلي عنها وإعلان تبعيته لحكام مصر . وكما شهد عهد هذا الأمير مد نفوذ الطبقة الموسوية ثم جزره النسبي كانت وفاة ابنه شكر سنة 453هـ بمثابة ألان نهاية حكم تلك الطبقة . فقد انتزع السليمانيون حكم مكة من عبد شكر بعد فترة قصيرة جداً من استيلائه عليه .
ومع إن كثير من المؤرخين يعدون السليمانيين طبقة من طبقات الأشراف التي تداولت حكم مكة الإ إن حكمهم لم يستمر أكثر من سنتين . ذلك أ، ميلهم للعباسيين دفع حاكم اليمن المتحالف مع الفاطميين إلى الإطاحة بهم ، وتسليم حكم البلاد إلى طبقة أخرى من الأشراف تسمى الهواشم .
ولقد شهد القرن الأول من حكم طبقة الهواشم تنافساً شديدا بين العباسيين وبين الفاطميين لكسب ولاء أمراء مكة وإغرائهم بالدعاء لهم في الخطبة . وظل ولاء بعض هؤلاء الأمراء يتذبذب بين الفريقين المتنافسين حسب الظروف . ولكن النصب إلى ذلك شهدت تلك الفترة صراعاً حادا بين أشراف الطبقة الحاكمة ذاتها على الإمارة .
وحينما نجح صلاح الدين الأيوبي في إنهاء حكم الفاطميين لمصر واستولى على مقاليد الأمور فيها سنة 567هـ أصبح له نفوذ في الحجاز تمثل في إضافة اسمه إلى اسم الخليفة العباسي في الخطبة.
على ان الصراع الداخلي بين الهواشم استمر حتى انتزع الامارة منهم قتادة بن ادريس سنة 597هـ . وبذلك بدأ حكم الطبقة الرابعة من الأشراف ، وهي الطبقة التي بقيت تحكم الحجاز حتى سنة 1343هـ .
ولقد أدى صراع أبناء قتادة على الحكم إلى تدخل بني الرسول ، حكام اليمن ، في شؤون مكة منافسين بذلك حكام مصر من الأيوبيين وخلفائهم المماليك الذين استولوا على مقاليد الأمور هناك سنة 648هـ . لكن المماليك كسبوا الجزلة في نهاية الجولة في نهاية الأمر واصبح لهم نفوذ كبير في الحجاز ، خاصة في القرن التاسع الهجري . وقد ظل هذا النفوذ واضحاً حتى دالت دولتهم في مصر على أيدي العثمانيين سنة 923هـ . وكان من ابرز الأشراف في تلك الفترة الحسن بن عجلان الذي استطاع أن يمد نفوذه من ينبع شمالاً إلى المخلاف السليماني ( منطقة جازان) جنوباً نسبة إلى سليمان بن طرف الحكمي الذي وحد تلك المنطقة تحت إمرته .
وحينما استولى السلطان سليم الأول العثماني على مصر ، سنة 923هـ ، كان أمير مكة الشريف بركات الثاني ، الذي أوفد ابنه أبا نمي إلى ذلك السلطان معلناً ولاءه له . وهكذا أصبحت الحجاز تحت نفوذ العثمانيين . وكان من مظاهر هذا النفوذ الدعاء للسلطان العثماني في الخطبة ، وأخذ موافقته على ولاية الشريف الجديد ، ووجود ممثل له يشارك في إدارة شؤون المدينة المنورة ، وتعيين شيخ الحرم ، ومشاركة أمير الحجاز في واردات جدة من الجمارك .
ولقد كان الصراع الاسري بين أشراف الحجاز على الحكم دموياً ارتكبت خلاله أنواع من القسوة والعنف . ولم يخل تاريخهم الطويل من ذلك الصراع إلا في فترات قليلة جداً. وكان أولئك الأشراف يعتمدون في صراعهم مع منافسيهم على من ينظم إليهم من أسرتهم ومماليكهم وقبائل المنطقة . وفي بعض الأحيان كان أمراء الحج العثمانيون يتدخلون بقواتهم الخاصة لمصلحة هذا الشريف او ذاك . ونتيجة لذلك عانى الأبرياء من السكان والحجاج كثيراً من المصائب والمحن .
وكان عماد اقتصاد بادية الحجاز الثروة الحيوانية ومنتجاتها . أما سكان السواحل فمن أهم وجوه نشاطهم صيد السمك . واما غالبية سكان المدن الحجازية الكبيرة فكانت التجارة دعامة حياتهم الاقتصادية .
وكما كان الأشراف والتجار يستفيدون من الحج استفادة كبيرة فإن بقية سكان البلاد كانوا ينتفعون به بوسائل مختلفة . وكان لرؤساء القبائل، خاصة في شمال الحجاز، منافعهم الخاصة من الحج، ذلك انهم كانوا يفرضون إتاوات على القوافل المارة بمناطق نفوذهم ويتسلمون هدايا من قادة تلك القوافل.
على إن الأوضاع الاقتصادية في الحجاز كانت تتأثر كبيراً بالاوضاع السياسية العامة . فإذا استقرت الأوضاع السياسية الداخلية وكانت علاقة الشرافة بالقوى الإسلامية الكبرى طيبة تحسنت الأوضاع الاقتصادية وساد البلاد نوع من إرخاء . وان لم تكن كذلك حلت الكوارث الاقتصادية وتدهورت الأحوال.
وتشير أحدى الدراسات إلى ان أشراف الحجاز كانوا يتبعون المذهب الزيدي حتى النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري. ثم اعتنقوا المذهب السني. اما باقي سكان الحجاز فكانوا، بصفة عامة، سنة قبل ذلك التاريخ وبعده. وكان لوجود الحرمين الشريفين في البلاد أثره الكبيرة في الحياة العلمية. فقد كان بعض العلماء من الأقطار الإسلامية المختلفة يجاورون في مكة المكرمة والمدينة المنورة . وكثيراً ما قام بعضهم بالتدريس والتاليف .
ومع وجود العلماء وازدهار الحركة العلمية في كل من مكة والمدينة المنورة فإن الحجاز لم تخل من أصحاب المذاهب التي يستنكرها المحافظون من علماء المسلمين ، كما إنها لم تخل من الأمور البدعية والخرفية المنتشرة في كثير من البلدان الإسلامية . وكان كثير من فئات القبائل الحجازية على جهل كبير بأحكام الدين الإسلامي. ولذلك لم تكن محافظة على ممارسة شعائره او ملتزمة بواجباته . ولذلك لم تكن محافظة على ممارسة شعائره او ملتزمة بواجباته . وهناك من المصادر ما يشير إلى انحطاط الأخلاق وانتشار بعض الأمور التي يحرمها الدين الإسلامي الحنيف وتأباها القيم العربية الأصيلة، خاصة بين أفراد الطبقة المتقنفذة في البلاد.

وللحديث بقية

منقول

محب الهيلا
29-Mar-2008, 11:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


جنوبي غرب البلاد

ويشتمل على عسير والمخلاف السليماني ونجران . وقد ذكر سابقاً ان نفوذ أشراف الحجاز قد امتد الى القنفذة جنوباً . ويوحي ذلك بأن منطقة عسير بسراتها وتهامتها قد دخلت تحت نفوذ الاشراف . واذا كان من المرجح أن نفوذ الاشراف كان واضحاً في تهامة لسهولة التحرك العسكري في الجهات الساحلية فإنه من المحتمل أ، نفوذهم في الجهات الجبلية لم يكن أكثر من تحالف بعض القبائل هناك معهم . اما الولاء الحقيقي فكان للزعماء المحليين التقليديين .
وكانت الحياة الاقتصادية في عسير تقوم على امور عدة ابرزها الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية . وكانت الزراعة والثروة الحيوانية تتأثر بالعوامل الطبيعية والظروف السياسية المحلية . ولكن وجود الامطار الموسمية في تلك المنطقة يوحي بان الحياة الاقتصادية هناك لم تكن سيئة .
وكانت منطقة عسير بعيدة نسبيا عن مراكز العلمية في مكة والمدينة واليمن ، ولهذا فان المصادر المتوافرة لدى الباحثين لم تشر الى وجود علماء فيها خلال تلك الفترة . ويبدوا أن الوضع الديني هناك لم يكن حسنا لا من حيث العقيدة ولا من حيث القيام باركان الاسلام والالتزام بواجباته .
اما المخلاف السليماني فقد شهد وحة اقليمية في القرن الرابع الهجري على يد سليمان بن طرف الحكمي ، الذي سمي المخلاف باسمه لكن امارته انتهت على يد الحسين بن سلامة احد موالي الدولة الزيدية الاقوياء ، وقبل نهاية ذلك القرن . وبعد ذلك اصبح المخلاف امارات متعددة تتولى قيادة اكثرها زعامات من الاشراف الذين يدينون بالولاء لحاكم صنعاء . وقد ظل الوضع
السياسي للمخلاف هكذا حتى قرب منتصف القرن الثاني عشر الهجري حينما نجح الشريف أحمد بن محمد بن خيرات فيكسب ولاء الزعماء المحليين وتوحيد البلاد تحت قيادته مع اعترافه الاسمي بالتبعية لامام اليمن.
وكان سكان المخلاف السليماني يعتمدون في حياتهم الاقتصادية على الزراعة والتجارة والثروة السمكية . وكان وضعهم الاقتصادي جيدا بصفة عامة . ذلك أن الامطار الموسمية في المنطقة غزيرة والتربة خصبة ، وكانت الموانيء هناك مراكز تجارية نشطة .
ومن الواضح أن الحياة العلمية في المخلاف السليماني كانت لا باس بها . على انها لم تصل حينذاك الى مستوى الحياة العلمية في الحجاز او اليمن . وكان بعض سكان المنطقة يعتنقون المذهب الزيدي ، وبعضهم يعتنقون المذهب السني ، خاصة الشافعي و قد ظهر بين اولئك السكان علماء اجلاء في فترات تاريخية مختلفة على ان الصوفية وجدت لها موطىء قدم هناك ، كما انتشرت البدع والخرافات انتشرت في المنطقة كما انتشرت في بلاد اسلامية اخرى.
واما نجران فاكثرها سكانها من قبيلة يام . وكانت من المناطق التي هيمنت عليها بالحركة الاسماعيلية الباطنية أثناء مد مراكز الحركة في القرن الرابع الهجري . وظلت نجران مركزا من مراكز الحركة المذكورة قرونا . وحينما تغلب الائمة الزيديون على الاسماعليين في اليمن اضطر بعض المهزومين الى الهجرة من جزيرة العرب الى بلدان مختلفة ، وانحصر بعضهم الاخر في نجران التي كان المكارمة زعماءها الدينين . وقد بقيت الزعامة لهم هناك حتى دخلت المنطقة تحت حكم ال سعود .
زكانت قبائل نجران اليامية نشطة من الناحية العسكرية . ولذلك فان زعماء المخلاف السليماني كثبراً ما استأجروا تلك القبائل في حروبهم ضد منافسيهم المحليين وخصومهم من الخارج . ومن هنا فان النشاط العسكري كان من مصادر دخل القبائل النجرانية المهمة .
ومع ان المذهب الاسماعيلي كان المذهب المتبع من قبل سادة نجران فان الجهل الديني كان كبيرا بين القبائل هناك . ويبدوا ان ممارسة تلك القبائل لاركان الاسلام من صلاة ونحوها تكاد معدومة .

محب الهيلا
29-Mar-2008, 11:56 PM
شرقي البلاد



كان شرقي البلاد يسمى البحرين . ويشتمل على جهتى الاحساء والقطيفاو ما أصبح يدعى الان بالمنطقة الشرقية . وكانت قبيلة بني عبد القيس الساكنةهناك من اولى القبائلالتي استجابت لللاسلام . ولهذا فإن اول جمعة أقيمت في غير المسجد النبوي كانت في مسجد جواثي المقام في تلك المنطقة ثم أصبح المد الشيعي الباطني فيها اشد عنفا منه في بقية مناطق الجزيرة العربية . ذلك أنها كانت مركز دولة القرامطة التي بدأت في اواخر القرن الثالث الهجري . وقد بلغت هذه الدولة عنفوان قوتها العسكرية في الربع الاول من القرن الذي تلاه. وما قام به زعماء القرامطة حينذاك من اعمال رهيبة في الحجاز والعراق والشام من الامور التي فصلتها المصادر التاريخية المختلفة .
على ان الضعف حل في كيان الدولة القرمطية خلال القرن الخامس الهجري . وبدات كثير من القبائل ، التي انضمت اليها في السابق لاغراض مادية ، تنفصل عنها وتقاومها . وفي سنة 466هـ استطاع عبدالله بن علي العيوني من بني عبد القيس أن يحصل على معونة عسكرية من الدولة العباسية تمكن بها من القضاء على دولة القرامطة ، واسس في المنطقة دولة ولاسرته من بعده .
وظلت الاسرة العيونية تحكم المنطقة الشرقية من جزيرة العرب حتى دب الخلاف بين افرادها مما ادى الى زوال حكمهم قبل منتصف القرن السابع الهجري . وكان من اشهر رجال تلك الاسرة في اواخر عهدها الشاعر علي بن النمقرب .
وكانت قبيلة بني عامر من اقوى القبائل في شرقي الجزيرة العربية . وقد استغل فريق بزعامة عصفور بن راشد فرصة ضعف العيونين ، فانتزع حكم البلاد منهم واستمر بنو عصفور يحكمون البلاد حتى أنهى حكمهم لها سعيد بن مغامس . على ان حكم سعيد للمنطقة لم يطل ، اذ لم يزد على خمس سنوات . ثم انتقل حكم البلاد الى فريق آخر من بني عامر بزعامة جروان المالكي . وقد اشارت المصادر الى ثلاثة أمراء من اسرته كان أخرهم يحكم سنة 820 هـ . ثم بدا حكمه يضعف تدريجياً الى أن استولت على البلاد أسرة عامرية أخرى هي اسرة زامل الجبري . وكان أشهر امراء هذه الاسرة بل اشهره زعيم حكم تلك البلاد في العصر الاسلامي الوسيط . أجود بن زامل الذي اتسع نفوذه اتساعاً عظيماً شمل شرقي الجزيرة العربية واجزاء كبيرة من عمان ونجد . ولعل مما زاد في شهرته ، اضافة الى قوته العسكرية ، ما كان يتصف به من صفات جليلة ورعاية كريمة للعلم واهله . ومن امراء تلك الاسرة المشهورين مقرن بن زامل الذي استشهد على ايدي البرتغالين وحلفائهم من الهرمزين دفاعا عن بلاده سنة 927هـ .
وبعد استشهاد الامير مقرن حل الخلاف بين افراد اسرته على الحكم . وبذلك أصبح هنالك عاملان يقوضان كيان حكم تلك الاسرة : الصراع الداخلي والغزو الخارجي . ونتيجة لهذه الظروف لم تبق الاسرة الجبرية في الحكم بعد مقرن الا اربع سنوات ، اذ استولى راشد بن مغامس على مقاليد الامور في البلاد بعد سنة 931هـ .
وفي اثناء ذلك كان القادة العثمانيون قد عزموا على إدخال الجزيرة العربية تحت نفوذهم ، خاصة بعد أن اصبحت الحجاز تابعة لهم . وكان يدفعهم الى ترسيخ وجودهم في الجزيرة عاملان مهمان : احدهما ما يحس يه عادة قادة كل دولة قوية من رغبة في التوسع . وثانيا ما كان القادة العثمانيون يشعرون به من واجب الدفاع عن منطقة تضم الاماكن الاسلامية المقدسة من الاخطار البرتغالية التي كانت تهددها حينذاك . ولقد نجح العثمانيون في الحصول على ما كان لاسلافهم المماليك من نفوذ في اليمن . ثم عمقوا ذلك النفوذ حتى اصبحت اليمن ولاية عثمانية . وبذلك نجحوا في مجابهتهم للبرتغالين في البحر الاحمر . وحينما استولوا على العراق سنة 941هـ كلفوا نشاطهم ضد البرتغاليين في الخليج العربي زاحرزوا بعض النجاح . وكان من نجاحهم هناك ان استولوا على الاحساء سنة 960 هـ . والواقع أن بعض زعماء هذه البلاد كانوا يتطلعون الى دخول تحت الحكم العثماني عله يحميهم من الاخطار البرتغالية المحدقة بهم . وقد ظلت المنطقة الشرقية خاضعة للعثمانين حوالي مائة و عشرين عاما .
وكانت قوة زعماء بني خالد تزداد وتتوط في شرقي الجزيرة العربية . وكانوا يثيرون المشكلات للحكام العثمانيون الذين لم يجدوا بدا من استراضائهم بالمال حينا و بالمناصب حينا آخر . على أن طموح اولئك الزعماء لم يتوقف . وحينما اضطريت أحوال الحكام العثمانيون في المنطقة نتيجة الخلافات بين والي بغداد حاكم البصرة انتهز براك بن غرير ال حميد الفرصة فثار ضدهم . وقد نجح فر ارغامهم الحامية العثمانية على الانسحاب من البلاد سنة 1080هـ . وبذلك أصبح حكم المنطقة الشرقية لال حميد زعماء بني خالد . وظل هؤلاء الزعماء يحكمونها حتى دخلت تحت حكم الدولة السعودية الاولى في العقد الاول من القرن الثالث عشر الهجري .
وتتوافر المياه في المنطقة الشرقية أكثر مما تتوافر في غيرها من مناطق الجزيرة العربية . وسواحلها على الخليج العربي طويلة توجد فيها موانىء جيدة . ولذلك كانت في تلك المنطقة فرص طيبة للعمل في مجالات الزراعة والتجارة وصيد الاسماك واللؤلؤ . ونعم أهلها برخاء اقتصادي ، خاصة في فترات الاستقرار السياسي ، أكثر من جيرانهم عرب الجزيرة الآخرين . وبذلك كانت المنطقة الشرقية من أهم مناطق هجرة اولئك الذين أجبرتهم ظروفهم المعيشية على النزوح من نجد وكان المذهب الشيعي الباطني هو المذهب السائد في المنطقة الشرقية زمن القرامطة . ثم اصبحت تلك المنطقة موطنا يوجد فيه المذهب الشيعي الجعفري جنبا الى جنب مع المذاهب السنية الاربعة .على ان زعامتها السياسية منذ القضاء على الحكم القرمطي فيها كانت سنية بصفة عامة . وربما كان لوجود مذاهب دينية مختلفة في تلك المنطقة أثر في تقدم الحركة العلمية فيها وقدوم طلاب العلم اليها من مناطق اخرى . وبالرغم من تقدم الحركة العلمية في تلك المنطقة فقد انتشرت فيها البدع والخرافات المنتشرة في كثير من بلدان العالم الاسلامي حينذاك . وكانت الاوضاع الدينية عند قبائلها مشابهة لاوضاع القبائل الاخرى في بلاد العرب من حيث غلبة الجهل الديني والاخلال بممارسة شعائر الدين




وللحديث بقية

محب الهيلا
29-Mar-2008, 11:57 PM
نجد


تكون منطقة نجد وسط الجزيرة العربية . وتنقسم الى عدة أقاليم اهمها وادي الدواسر والفرع _ حوطة بني تميم والحريق _ الافلاج والخرج العارض والمحمل وسدير والوشم والقصيم وجبل شمر . وكان يطلق على هذه الاقاليم باستثناء وادي الدواسر والقصيم وجبل شمر اسم اليمامة في كثير من الفترات التاريخية .
وكانت ولاية اليمامة في القرنين الاول والثاني من الهجرة مربوطة بعاصمة الخلافة مباشرة حينا وتابعة لمناطق ادارية حينا اخر.
وفي منتصف القرن الثالث الهجري قامت ثورة علوية في الحجاز بقيادة اسماعيل بن يوسف . لكن هذا القائد توفي بالجدري ولم ينجح اخوه محمد الملقب بالاخيضر _ في مواصلة الثورة هناك فهرب الى اليمامة ، واستطاع أن يستولي عليها سنة 253هـ وبذلك بدات الدولة الاخضيرية التي كانت تعتنق المذهب الزيدي، واستمرت حوالي مائتي سنة .
وبعد زوال الدولة الاخضيرية اصبحت نجد مفككة ، كل بلدة لها زعامتها المستقلة النعادية في كثير من الاحيان لجارتها ، وكل قبيلة تسيطر بقدر استطاعتها على منطقة رعوية خاصة بها . ولذلك اصبحت الاراضي النجدية مجال توسع للدول التي قامت بجوارها شرقا او غربا .
ويستفاد من شعر ابن المقرب ان دولة العيونيين كانت من القوة في فترات من الفترات مكنتها من ان تحمي القوافل التابعة لها عبر نجد . لكنها فيما يبدو لم تكن قادرة على بسط أي نوع من النفوذ السياسي المستقر لها في الاراضي النجدية . ولم يكن وضع بني عصفور وبني جروان ، على الارجح ، افضل من وضع العيونيين فيما يتعلق ببسط نفوذها في نجد . لكن حينما قامت دولة ال جبر ، ورسخت قدمها في شرقي الجزيرة العربية بدات تغزوا بعض القبائل النجدية . ولعل انتصاراتها على تلك القبائل هي التي جعلت المؤرخين يصفون اجود بن زامل الجبري بانه رئيس نجد ، كما سبق ان ذكر .
وحينما دخلت المنطقة الشرقية تحت نفوذ العثمانيون ، وذلك بعد ضمهم الحجاز واليمن ، اصبحت نجد محاطة بمناطق عثمانية من اكثر جهاتها . وقد واكب ذلك ظهور شخصيات قوية بين تشراف مكة المكرمة ، مثل ابي نمي الثاني وابنه حسن . وكان لهذا وذاك اثر واضح على نجد . ذلك أن الاشراف التابعين من الناحية الرسمية للعثمانيون استغلوا الظروف الجديدة الى ابعد حد ممكن . فبداوا يغزون الاراضي النجدية ليبسطوا نفوذهم عليها . ومن أشهر غزواتهم الاولى ما قام به الشريف حسن بن ابي نمي سنة 986هـ من مهاجمة لبلدة معكال التي اصبحت جزءا من مدينة الرياض الحالية . واستمرت الغزوات الشريفية للاراضي النجدية خلال القرن الحادي عشر وان كانت متباعدة في ازمان حدوثها .
وكان اكثر الغزوات الشريفية لنجد موجها ضد سكان المدن والقرى . وبما ان الحضر عادة لا يعتدون على القوافل الحج او التجارة فان من غير المحتمل ان تكون حماية تلك القوافل المهمة بالنسبة لاقتصاد الاشراف سببا قويا لغزواتهم لنجد . بل المرجح أن الهدف الاساسي من الغزوات المذكورة هو الحصول على غنائم وفرض نفوذ على البلاد تسن من خلاله ضرائب سنوية على السكان . وكانت البلدان التي لا تفي بالتزامها لاولئك الاشراف او تحاول الثورة ضدهم تعاقب بشدة .على ان نفوذ العثمانيون في الجزيرة العربية لم يستمر قويا . ذلك ان المشكلات التي بات يعانيها قادتهم داخليا خلال القرن الحادي عشر الهجري ارغمتهم على التخلي عن اليمن وتسليمها للثائرين من ائمتها الزيدين . ثم اضطروا الى مغادرة الاحساء امام ثورة زعيمهم بني خالد ، براك بن غرير سنة 1080هـ.
وما ان تمكن الزعيم الخالدي من السيطرةعلى شرقي الجزيرة العربية حتى اتجه نظره الى نجد محاولاً فيما يبدو ان يحصل على ما كان لدولة ال جبر من نفوذ فيها . وكانت اولى غزواته للاراضي النجدية بعد عام واحد فقط من سيطرته على الاحساء . ومن الواضح ان غزواته للاراضي النجدية بعد عام واحد فقط من سيطرته على الاحساء قد نجحت في مد النفوذ الخالدي على بعض الاماكن النجدية خاصة العارض . وهكذا بدا النفوذان الشريفي والخالدي يتنافسان على نجد . لكن نفوذ الاشراف اخذ يضعف نتيجة لتلاشي الوجود العثماني المؤيد لهن من معظم مناطق الجزيرة العربية . ولذلك لم تعد الغزوات الشريفية تصل الى الاماكن التي كانت تصل اليها قبل بداية الغزوات الخالديه .
وعلى اية حال فان نجدا لم تشهد نفوذا عثمانيا مباشراً فيتلك الفترة . وما ورد من ان بعض أئمة المساجد النجديين كانوا حينذاك يمجدون السلطان العثماني في الخطبة ربما سببه ما يكنه السنة عامة من مشاعر طيبة تجاه ذلك السلطان . وربما كان ناتجاً عن استعمال اولئك الائمة لخطب من اهم اغرز علما في المناطق الخاضعة خضوعا مباشرا للعثمانيون . على ان نجداً لم تشهد نفوذا قويا يحقق الاستقرار السياسي داخلها لاية جهة خارجية . فرغم نفوذ الجبريين وبني خالد في بعض جهاتها ورغم نفوذ اشراف الحجاز في بعض جهاتها الاخرى ظلت الحروب قائمة بين البلدان النجدية وبقى الصراع حاداً بين القبائل المختلفة .
كانت نجد من اقل مناطق جزيرة العرب تاثرا من حيث اختلاط العناصر غير العربية بالسكان العرب المحليين لانها بعيدة عن مواطن الامتزاج السكاني المتمثلة ، عادة ، بالمناطق الساحلية والاماكن المقدسة . وعلى هذا الاساس فان الغالبية العظمى من اهلها كانت تنتمي الى قبائل عربية معروفة النسب . اما الاقلية منهم فكانت فئات متعددة بعضها على الارجح عربية الاصل لكن اصلها ضاع او سلب منها لسبب من الاسباب . وبعضها من اصول غير عربية اتت الى البلاد بطرق مختلفة كالرق ومزاولة بعض المهن.
وكانت النظرة الاجتماعية لدى النجديين بصفة عامة نظرة قبلية . ومن هنا كان ثبوت الانتماء العربي مهما لتحديد مكانة الفرد او الاسرة في المجتمع . واتضحت هذه النظرة في قضية الزواج ومزاولة بعض الاعمال و الحرف .
اما من حيث طريقة المعيشة فان المجتمع النجدي كان منقسما الى قسمين : حضر وبدو . غير انه كانت توجد مرحلة انتقالية معينة يمر بها بعض السكان . وهذه المرحلة من الصعب الحاق مجتازيها باي من القسمين السابقين . ذلك ان هؤلاء لم يقطعوا الصلة بحياتهم البدوية التي كانوا بصدد تركها ، ولم يالفوا بعد الحياة الحضرية التي كانوا في سبيل الانتقال اليها.
وكان من اهم دوافع الاستقرار عوامل المناخ . فقد ترغم ايام القحط البدو على الالتجاء الى البلدان ابقاء لحياتهم . واكثر هؤلاء كانوا بدون شك يغادرون هذه البلدان بمجرد تحسن الوضع بنزول المطر ونبات الكلاْ . لكن منهم كان يستمري حياة الحاضرة فيبقي مستقرا .


وللموضع تتمه

محب الهيلا
29-Mar-2008, 11:58 PM
وكما هو متوقع جاء استقرار النجديين حول الامكنة التي تتوافر فيها المياه اللازمة لقيام الزراعة ، مثل جوانب الاودية المشهورة والوحات المختلفة. وقد يكون اختيار موضع الاستقرار ناتجا عن وقوقعه على طريق تجارية لكن صلاحيته للزراعة كانت تفوق كل اعتبار .
اما بالنسبة للبادية فاهم مقومات حياتهم الاقتصادية الثروة الحيونية ومنتجاتها. وكانت تلك الثروة تتأثر بعاملين اساسيين احدهما المطر والثاني الغزو فالحيونات تنمو بنزول الغيث وتقل وتضعف بالقحط ونزول الغيث في جهة دون اخرى كثيرا ما اودى الى حرب بين قبيلة و قبيلة حول موطن الكلا . والغزو كثيرا ما نتج عنه فقر من كان غنيا وغنى من كان فقيرا .

يمكن ان يقال ان الصفات التى كان المجتمع النجدي يرى ظرورة توافرها في الزعامة السياسية لم تكن تختلف بصفة عامة عما هو معروف عن مؤهلات اهمها اصالة النسب والشجاعة والكرم . ولقد كانت زعامات البلدان النجدية تنتمى الى قبائل عربية مختلفة .
على ان الاسر التي كانت تسيطر على مقاليد الامور في البلدان النجدية وصلت الى الامارة بطرق مختلفة منها ان يكون جد الاسرة هو الذي انشأ البلدة اة احياها بعد ان هجرها اخرون . ومنها ان يستولي علي البلدة بالقوة وينتزع الامارة ممن كانةا يتولون زعامتها .
والصراع حول السلطة امر مألوف في تاريخ جميع الاسر في مختلف بلاد العالم وفي سائر الفترات التاريخية ولكن نسبة ذلك الصراع وشراسته تتاثران باختلاف الظروف . وعلى هذا الاساس فان الصراع داخل الاسر الحاكمة في نجد حينذاك لم يكن امراً غريبا .
ولعله لم يبلغ في عنفه ما بلغه الصراع بين اشراف الحجاز في بعض الفترات التاريخية . وما دام الصراع حول السلطة موجودا داخل الاسر الحاكمة ذاتها فانه لم يكن غريبا الا تجدي صلة قرابه القبلية التي كانت موجودة بين امراء بعض البلدان وقد خلق جو من التالف او الوحدة او الوحدة الاقليمية . بل ان وجود مثل تلك الصلة لم يمنع قيام الحروب بين اولئك الامراء . وقد اصبح التفكك السياسي نتيجة طبيعية لتلك الاوضاع حتى غدت كل بلدة مستقلة بذاتها ذات علاقة غير ودية مع جارتها في اغلب الاحيان . وكان على امير ان يظل في حالة استعداد عسكري اما لمهاجمة خصمه واما للدفاع عن بلدته.
ولقد تعاقبت على الامارات النجدية المختلفة فترات ضعف وقوة لكن اقوى امارة ظهرت في تلك الفترة كانت امارة العيينة خاصة في عهد رئيسها عبد الله بن معمر ( 1096-1138هـ) الذي قال عنه ابن بشر انه لم يذكر مثله في زمانه ولا قبل زمنه في نجد في الرئاسة وقوة الملك والعدد والعدة والعقارات والاثاث . ومع ذلك فان من الواضح ان تلك العظمة لم تصل الى درجة تمكن العيينة من الاخل بميزان القوة السياسي والعسكري لصالحها في نجد .اما بالنسبة للقبائل الرحل في المنطقة فقد كانت المؤهلات التي يصل بها صاحبها الى مركز القيادة هي صفات الزعامة لدى كل القبائل العربيةفي مختلف العصور .
وكانت العلاقة بين القبائل النجدية سيئة بصفة عامة وكانت القوة هي الفيصل فيما يحث بينها من نزاع سيرا على المثل المشهور ( نجد لمن طالت قناته) وقد تعددت القبائل المتنازعة حول موارد المياه ومواطن الكلا في نجد. وصمح بعضها الى احتلال مركز الصدارة في هذه المنطقة
من اشهر القبائل التي اشارت المصادر الى قوتها في تلك الفترة بنو خالد والدواسر والظفير وسبيع والفضول وقحطان ومطير و عنزة وبنو لام .



انتهى الموضوع



منقووووووووووووووول