عبدالرحمن الهيلوم
07-Mar-2008, 12:21 AM
"أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الّذِيَ أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَىَ رَبّكَ فَارْغَبْ".
إن الذين لديهم الجرأة على مواجهة الفشل هم الذين يقهرون الصعاب وينجحون. ليس الفشل دليلا على الموت ولكنه بداية اليقظة. فما الحياة الدنيا إلا مدرسة امتحان ليبتلي الله عباده ويميز الخبيث من الطيب "ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة"، (الأنفال – 42). والناس في ذلك متباينون "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله"، (فاطر – 32). وهذا هو المضمار الذي يجتهد فيه المجتهدون "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"، (المطففين – 26). فنشكر الله ونحمده على كل حال، "لئن شكرتم لأزيدنكم" ( إبراهيم - 7). تذكر دائما الطريق إلى النجاح الكبير يتضمنه مخاطر كبيرة. عندما تخسر لا بد أن تستفيد من خسارتك، وتذكر أنه في بعض الأحيان لا تنال ما تريد وربما تكون محظوظا في ذلك. "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"، (155) البقرة. إن الاعتراض على قدر الله هو اعتراض على الخالق الوهاب الذي أن شاء أعطى وأن شاء أخذ، "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون". فالإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء وكلما اشتد البلاء على المؤمن زاد إيمانه وقوى تسليمه، "أو لا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون". لقد أصيب أيوب عليه السلام في بدنه وماله وولده فنال رضاء الله بصبره وبيقينه بمغفرة الله وفضله وعدله وحكمته "وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"، "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم".
إن شعور الفرد بالرضا من أول أسباب السكينة النفسية التي هي سر السعادة، والرضا نعمة روحية مبعثها الأيمان بالله رب العالمين وحسن الظن به. الأمن النفسي هو الشعور بالهدوء، والسكينة، والسلام الروحاني، وأن يحيطك الأمان والاطمئنان في كل لحظة وفي كل جانب من جوانب حياتك، قال الله تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون". وكذلك "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، الرعد - 28. يقول الأمام علي بن أبى طالب (كرم الله وجهه): "أن تجزع تؤزر وأن تصبر تؤجر". فالصبر إذا ما اقترن بالصلاة يجعل الفرد مطمئناً إذ يقول الله سبحانه وتعالى: "استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين". ( البقرة - 153). ، "إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون"، يوسف – 87. "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً"، (الطلاق:2-3). وكذلك طاعة الله والتوبة: "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم" (المائدة - 39). "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو"، "فاعفوا واصفحوا".
أكلما قربت ما بيننا سبلا --- عادت تفرقنا في الأرض أقدار
هناك صراع دائم بين النفس الأمارة وبين النفس المطمئنة في الإنسان، "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" (ق - 16). "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" (غافر - 19). إذن علينا أن نتمسك بكتاب الله ونتأمل في كلماته التي لا تنفد أبداً، قال تعالى: "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً"، الكهف - 109. ففتح الله لنا باب التوبة أذا زلت بنا الأقدام، وأحاطت بنا الآثام، وجعل الله هذا الباب مفتوحاً للتائبين توبة نصوحا، فتتساقط عنهم الخطايا والذنوب. "إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"، (الفرقان-70)، "ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم"، (آل عمران -155). فصفة المغفرة قائمة على العفو، وصفة العفو متوقفة على القدرة، حيث قال تعالى "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً"، (النساء – 99). من هنا كان قبول التوبة أملاً يراود قلب وعقل الإنسان ليحيى وقلبه عامر بالطمأنينة والحب والسلام، ونفسه يملؤها الأمل والرجاء من رب الود والحب والرحمة، "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود"، (هود – 90). ”وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ".
"إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"، (هود – 112). فهذا هو لطف الله ورحمته يتفضل بها على عباده ويرفع عنهم نتائج أفعالهم ويحذفها من الوجود، فيخاطبهم بقوله الحق الرؤوف الودود "قل يا عبادي الذين أسرفوا لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم"، (الزمر – 53). فإذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه. "وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً"، النساء-28.
إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، أما التشاؤم فهو حالة من الخوف المجهول مع توقع وترقب مستمر للحالات السلبية، والتفاؤل هو حالة تؤدي بالإنسان إلى رؤية الجانب المشرق من الأشياء والإيمان بأن الخير سوف ينتصر، فهو يجعل الحياة ناجحة وسعيدة لتحقيق الأهداف السامية. لذلك كن صادقا مع نفسك وأبداً بتقييم وتقويم نواحي النقص ولا تعمد إلى الفرار من نقائصك وعيوبك ولتكن دائما على ثقة بإمكانياتك ولتكن أهدافك معقولة يمكن تحقيقها بعيدا عن الغرور وأحلام اليقظة المستحيلة، ويبدأ ذلك بالشعور بالرضا والتسامح مع الذات، لذلك كن جميلاً ترى الوجود جميلا. السعيد هو المستفيد من ماضيه، المتحمس لحاضره، والمتفائل بمستقبله. اجعل نفسك أكثر تفاؤلا فالمتفائل يتطلع في الليل إلى السماء ويرى حنان القمر، والمتشائم ينظر إلى السماء ولا يرى إلا قسوة الظلام، "تفائلوا بالخير تجدوه".
صناعة الحياة هي أن يكون لك موقع في هذا العالم، فتكون رقماً له قيمة لا صفراً على شمال العدد، ومعنى ذلك أن تساهم في البناء والعطاء بما تستطيع، لا أن تكون حملاً ثقيلاً على الحبيب، فالنحلة الميتة ترمى خارج الخلية لأنه لا قيمة لها. اجعل من خوفك سلما للشجاعة وتعلم كيف تبني دافعيتك للنجاح، وتوقظ طاقتك الكامنة؟ وليس الفشل أن نقع في الخطأ ولكن العيب أن نعيد نفس الخطأ. عليك بتقوى الله تعالى فهي خير زاد وأفضل وصية فالله تعالى يقول: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ"، الطلاق 1-2 . ويقول تعالى أيضا: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، الطلاق 4. لا تذرف الدموع على ما مضى، فالذين يذرفون الدموع على حظهم العاثر لا تضحك لهم الدنيا، والذي يضحكون على متاعب غيرهم لا ترحمهم الأيام. لا تبك على اللبن المسكوب. وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان". الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ.
علمتـني الحيـاة أن أتلقـى -كـل ألوانـها رضا وقبولا
ورأيت الرضـا يخفف أثقالـي - ويلقي على المآسي سدولا
والذي ألهم الرضـا لا تـراه - أبد الدهر حاسدا أو عذولا
أنا راضي بكل ما كتب الله - وأهزج إليـه حمـدا جزيـلا
اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك فالله تعالى يقول: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، الحشر- 9. والسعداء يوزعون الخير على الناس، فتتضاعف سعادتهم والأشقياء يحتكرون الخير لأنفسهم فيختنق في صدورهم. اجعل قلبك مليئا بالحب والتسامح والحنان. فالأشقياء هم الذين امتلأت قلوبهم حقدا وكراهية ونقمة. كن أكثر إنصافا للناس مما أنت عليه فالظلم يقصّر العمر، ويذهب النوم من العيون. إذا نجحت في أمر فلا تدع الغرور يتسلل إلى قلبك. وإذا انتصرت على خصومك فلا تشمت بهم وإذا أصيبوا بمصيبة فشاركهم ولو بالدعاء. فالله تعالى يقول: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ"، (43) الشورى. ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "اللهم لا تشمت بي عدوا حاسدا". وقال عليه الصلاة والسلام : "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك". تسامح مع الذين أخطأوا في حقك، والتمس لهم الأعذار، تسامح مع نفسك ومع الآخرين. دروس التسامح منحتني إحساسا بالحرية الشخصية والأمل والطمأنينة والسعادة. فالتسامح يحررنا من أشياء كثيرة ويخمد معارك الصراع الداخلية مع أنفسنا ويتيح لنا فرصة التوقف عن استحقار الغضب واللوم. فالتسامح الذي بقلوبنا يمكننا في النهاية ممارسة الإحساس الحقيقي بالحب. "وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت إن الله عليمٌ خبير". لقمان (34).
دع المقادير تجري في اعنتها - ولا تبيـتن إلا خالي البــال
مابين غمضة عين وانتباهتها - يبدل الله من حال إلى حـال
منقول عن
Prof. Dr. Sir Karim
إستشاري الصحة النفسية والباراسيكولوجي
__________________
إن الذين لديهم الجرأة على مواجهة الفشل هم الذين يقهرون الصعاب وينجحون. ليس الفشل دليلا على الموت ولكنه بداية اليقظة. فما الحياة الدنيا إلا مدرسة امتحان ليبتلي الله عباده ويميز الخبيث من الطيب "ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة"، (الأنفال – 42). والناس في ذلك متباينون "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله"، (فاطر – 32). وهذا هو المضمار الذي يجتهد فيه المجتهدون "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"، (المطففين – 26). فنشكر الله ونحمده على كل حال، "لئن شكرتم لأزيدنكم" ( إبراهيم - 7). تذكر دائما الطريق إلى النجاح الكبير يتضمنه مخاطر كبيرة. عندما تخسر لا بد أن تستفيد من خسارتك، وتذكر أنه في بعض الأحيان لا تنال ما تريد وربما تكون محظوظا في ذلك. "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين"، (155) البقرة. إن الاعتراض على قدر الله هو اعتراض على الخالق الوهاب الذي أن شاء أعطى وأن شاء أخذ، "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون". فالإيمان القوي يبين أثره عند قوة البلاء وكلما اشتد البلاء على المؤمن زاد إيمانه وقوى تسليمه، "أو لا يرون انهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون". لقد أصيب أيوب عليه السلام في بدنه وماله وولده فنال رضاء الله بصبره وبيقينه بمغفرة الله وفضله وعدله وحكمته "وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين"، "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم".
إن شعور الفرد بالرضا من أول أسباب السكينة النفسية التي هي سر السعادة، والرضا نعمة روحية مبعثها الأيمان بالله رب العالمين وحسن الظن به. الأمن النفسي هو الشعور بالهدوء، والسكينة، والسلام الروحاني، وأن يحيطك الأمان والاطمئنان في كل لحظة وفي كل جانب من جوانب حياتك، قال الله تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون". وكذلك "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، الرعد - 28. يقول الأمام علي بن أبى طالب (كرم الله وجهه): "أن تجزع تؤزر وأن تصبر تؤجر". فالصبر إذا ما اقترن بالصلاة يجعل الفرد مطمئناً إذ يقول الله سبحانه وتعالى: "استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين". ( البقرة - 153). ، "إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون"، يوسف – 87. "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً"، (الطلاق:2-3). وكذلك طاعة الله والتوبة: "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم" (المائدة - 39). "ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو"، "فاعفوا واصفحوا".
أكلما قربت ما بيننا سبلا --- عادت تفرقنا في الأرض أقدار
هناك صراع دائم بين النفس الأمارة وبين النفس المطمئنة في الإنسان، "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" (ق - 16). "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" (غافر - 19). إذن علينا أن نتمسك بكتاب الله ونتأمل في كلماته التي لا تنفد أبداً، قال تعالى: "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً"، الكهف - 109. ففتح الله لنا باب التوبة أذا زلت بنا الأقدام، وأحاطت بنا الآثام، وجعل الله هذا الباب مفتوحاً للتائبين توبة نصوحا، فتتساقط عنهم الخطايا والذنوب. "إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"، (الفرقان-70)، "ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم"، (آل عمران -155). فصفة المغفرة قائمة على العفو، وصفة العفو متوقفة على القدرة، حيث قال تعالى "فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً"، (النساء – 99). من هنا كان قبول التوبة أملاً يراود قلب وعقل الإنسان ليحيى وقلبه عامر بالطمأنينة والحب والسلام، ونفسه يملؤها الأمل والرجاء من رب الود والحب والرحمة، "واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود"، (هود – 90). ”وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ".
"إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين"، (هود – 112). فهذا هو لطف الله ورحمته يتفضل بها على عباده ويرفع عنهم نتائج أفعالهم ويحذفها من الوجود، فيخاطبهم بقوله الحق الرؤوف الودود "قل يا عبادي الذين أسرفوا لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم"، (الزمر – 53). فإذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه. "وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً"، النساء-28.
إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، أما التشاؤم فهو حالة من الخوف المجهول مع توقع وترقب مستمر للحالات السلبية، والتفاؤل هو حالة تؤدي بالإنسان إلى رؤية الجانب المشرق من الأشياء والإيمان بأن الخير سوف ينتصر، فهو يجعل الحياة ناجحة وسعيدة لتحقيق الأهداف السامية. لذلك كن صادقا مع نفسك وأبداً بتقييم وتقويم نواحي النقص ولا تعمد إلى الفرار من نقائصك وعيوبك ولتكن دائما على ثقة بإمكانياتك ولتكن أهدافك معقولة يمكن تحقيقها بعيدا عن الغرور وأحلام اليقظة المستحيلة، ويبدأ ذلك بالشعور بالرضا والتسامح مع الذات، لذلك كن جميلاً ترى الوجود جميلا. السعيد هو المستفيد من ماضيه، المتحمس لحاضره، والمتفائل بمستقبله. اجعل نفسك أكثر تفاؤلا فالمتفائل يتطلع في الليل إلى السماء ويرى حنان القمر، والمتشائم ينظر إلى السماء ولا يرى إلا قسوة الظلام، "تفائلوا بالخير تجدوه".
صناعة الحياة هي أن يكون لك موقع في هذا العالم، فتكون رقماً له قيمة لا صفراً على شمال العدد، ومعنى ذلك أن تساهم في البناء والعطاء بما تستطيع، لا أن تكون حملاً ثقيلاً على الحبيب، فالنحلة الميتة ترمى خارج الخلية لأنه لا قيمة لها. اجعل من خوفك سلما للشجاعة وتعلم كيف تبني دافعيتك للنجاح، وتوقظ طاقتك الكامنة؟ وليس الفشل أن نقع في الخطأ ولكن العيب أن نعيد نفس الخطأ. عليك بتقوى الله تعالى فهي خير زاد وأفضل وصية فالله تعالى يقول: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ"، الطلاق 1-2 . ويقول تعالى أيضا: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، الطلاق 4. لا تذرف الدموع على ما مضى، فالذين يذرفون الدموع على حظهم العاثر لا تضحك لهم الدنيا، والذي يضحكون على متاعب غيرهم لا ترحمهم الأيام. لا تبك على اللبن المسكوب. وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان". الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ.
علمتـني الحيـاة أن أتلقـى -كـل ألوانـها رضا وقبولا
ورأيت الرضـا يخفف أثقالـي - ويلقي على المآسي سدولا
والذي ألهم الرضـا لا تـراه - أبد الدهر حاسدا أو عذولا
أنا راضي بكل ما كتب الله - وأهزج إليـه حمـدا جزيـلا
اجعل حبك لنفسك يتضاءل أمام حبك لغيرك فالله تعالى يقول: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ"، الحشر- 9. والسعداء يوزعون الخير على الناس، فتتضاعف سعادتهم والأشقياء يحتكرون الخير لأنفسهم فيختنق في صدورهم. اجعل قلبك مليئا بالحب والتسامح والحنان. فالأشقياء هم الذين امتلأت قلوبهم حقدا وكراهية ونقمة. كن أكثر إنصافا للناس مما أنت عليه فالظلم يقصّر العمر، ويذهب النوم من العيون. إذا نجحت في أمر فلا تدع الغرور يتسلل إلى قلبك. وإذا انتصرت على خصومك فلا تشمت بهم وإذا أصيبوا بمصيبة فشاركهم ولو بالدعاء. فالله تعالى يقول: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ"، (43) الشورى. ولقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "اللهم لا تشمت بي عدوا حاسدا". وقال عليه الصلاة والسلام : "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك". تسامح مع الذين أخطأوا في حقك، والتمس لهم الأعذار، تسامح مع نفسك ومع الآخرين. دروس التسامح منحتني إحساسا بالحرية الشخصية والأمل والطمأنينة والسعادة. فالتسامح يحررنا من أشياء كثيرة ويخمد معارك الصراع الداخلية مع أنفسنا ويتيح لنا فرصة التوقف عن استحقار الغضب واللوم. فالتسامح الذي بقلوبنا يمكننا في النهاية ممارسة الإحساس الحقيقي بالحب. "وما تدري نفسٌ ماذا تكسبُ غداً وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت إن الله عليمٌ خبير". لقمان (34).
دع المقادير تجري في اعنتها - ولا تبيـتن إلا خالي البــال
مابين غمضة عين وانتباهتها - يبدل الله من حال إلى حـال
منقول عن
Prof. Dr. Sir Karim
إستشاري الصحة النفسية والباراسيكولوجي
__________________