عبدالرحمن الهيلوم
29-Feb-2008, 09:28 PM
نزار قباني : لأن الكتابة لعنة :
[ شهدت حقبة الثمانينيات عدة تحولات وأحداث سياسية واجتماعية ، والتي افتتحت بالحرب الخليجية الأولى بين الدولتين المتجاورتين العراق وإيران ، إضافة إلى عدة أحداث داخلية في كل الأقطار العربية . كل هذا ارتبط بتحول الموقف الفكري والثقافي عند الشاعر . وحفر بفعله علامة بارزة لحضوره في الوجود الشعري والثقافي . فاختار مصيره مرة ثانية وإن كان هو خالقه ومبدعه . فحقق الكثير من الحرية الضيقة التي كانت متاحة . آنذاك في الساحة الثقافية العربية ، رغم وجود بعض الحدود والموانع المسلطة على المثقفين والمفكرين .
وضع نزار قباني نفسه هذه المرة بعد عشرين عاما في التيه في عالم الجمال والحب ، في مصاف الشعراء الذين أعلنوا الثورة على الرومانسية المفرطة ، فحاول أن يخلق لنفسه وجودا مستقلا عن ذاته ، مبتعدا عن حدود العاطفية والرومانسية التي توغل أكثر الشعر العربي فيها .
في نقلة أخرى بعد النقلة الأولى التي جاءت في إثر هزيمة السابع والستين ، والتي تشكل فيها رؤى وعلاقات أخرى عند الشاعر ، وبرزت فيها أفكاره في صورة قصائد ثورية وموغلة في الكلاسيكية الفنية . مدركا أنه الثمن الذي كان عليه أن يدفعه ليمارس اختياره الحر ، ويعيد النفس الشعري والعدل الفني إلى مجراه ، متقبلا كل الانتقادات والمغالطات التافهة . وكانت قصائد مثل " إلى عصفورة سويسرية " و " لماذا أكتب " و " هجم النفط مثل ذئب علينا " ... إلخ ثمرة هذا التحول المفاجيء .
_ لعنة مقدسة :
في ديوان " قصائج مغضوب عليها " للشاعر نزار قباني ، الكتابة بالنسبة له لعنة ، من منظور الوعي المتواتر الذي توضحه قصائد الديوان ، فكل من الكتابة واللعنة مرتبط بالآخر ارتباطا غريبا . وخاصة في قصيدة " إلى عصفورة سويسرية " وقصيدة " لماذا أكتب ؟ " والذي يبدو على الشكل الآتي :
أصديقتي : إن الكتابة لعنة
فانجي من جحيم زلازلي .
فكرت أن دفاتري هي ملجإي
ثم اكتشفت بأن شعري قاتلي .
والكتابة "في ديوان " قصائد مغضوب عليها " لعنة مقدسة دائمة الوجود ، تواجه الحرية والسعادة على مرأى الجميع . وهي زلازل قاتلة تأتي على الأخضر واليابس . صحيح أن الكتابة تحيد عن جانب اللعنة في بعض الأحيان لكنها تكون عليلة ومريضة لا يقترب منها أحد خوفا من عدائيتها :
أكتب ...
كي أفجر الأشياء ، والكتابة انفجار .
أكتب ...
كي ينتصر الضوء على العتمة ،
والقصيدة انتصار .
هذا التلازم بين "الانفجار " و "الانتصار " يلقي بظلاله على شكل قصائد الديوان كلها . من طراز " السمفونية الجنوبية الخامسة " و " التأشيرة " ، وذلك من المنظور الذي يفضي من الانفجار والثورة إلى الانتصار المحتوم ، ولذلك تبدأ قصيدة " لماذا أكتب ؟ " بهذه البداية الخفيفة والتي تتكون من كلمة واحدة " أكتب " كجواب عن السؤال الأكبر عن ماهية الكتابة . إنها تشبيهات بلاغية لا تعرف أداة التشبيه ، لتقرن الحضور للكتابة بالانفجار والانتصار . فيستجيب التعدد إلى تعدد الأسباب التي تؤكد ضرورة الكتابة مما جعل القصيدة نوعا جديدا من الشعر الحر النثري بالحضور القوي ، للأغنية والموسيقى بما يؤكد ذلك :
أكتب ...
كي تفهمني الوردة ، والنجمة ، والعصفور ،
والقطة ، والأسماك ، والأصداف ، والمحار .
أكتب ...
حتى أنقذ العالم من أضراس هولاكو ...
ومن حكم الميلشيات ،
ومن جنون قائد العصابه .
_ النفي والإبعاد :
لقد كان الشعر العربي الحديث عند " نزار قباني " تعبيرا عن بعث حضاري وعن تجديد حديث لم يسبق إليهما أي أحد من الشعراء والأدباء . فكانت ثورة الشعراء العرب المحدثين ثورة على الشعراء الذين سبقوهم كأحمد شوقي والبارودي وجبران خليل جبران وأمين نخلة ... إلخ . وكما كانت كذلك ثورة على الشعر الإنجليزي الحديث وخاصة إزرا باوند و ت . س . إليوت من مدرسة الرومانسية التي استولت على الأدب والنقد الإنجليزيين زهاء قرنين من الزمان . استطاع نزار قباني في هذه المرحلة من مراحل تجربته الشعرية أن يوحد بين تجربته الشعرية الرومانسية والعاطفية وبين التجربة الإنسانية الكلية التي حاول دخول غمارها . وكان النفي والإبعاد عن الوطن والأهل والأقارب والأصدقاء قد أشعلا في لا وعيه شرارة الثورة والعصيان التي تجسدت عنده في الأساطير .
هذه التجربة المريرة التي عاشها نزار قباني جعلته يربط في لاوعيه بين النفي والإبعاد ، فالثورة والخروج على التيه في نظره عبور من بين أجنحة النفي ، أي أنه يجب عليه أن يتخطى النفي والإبعاد والسبيل للانتصار عليهما . وقد عادل نزار قباني بين الثورة والقول الشعري الجيد ، فعملية الإبداع الفني الجديد هي بحد ذاتها ثورة بالنسبة إليه ، ولكنها بطريقة أخرى خاصة به . وقد تجسدت هذه الرؤية الشعرية في الكثير من قصائد ديوانه الرائع "قصائد مغضوب عليها " مثل قصيدة " هجم النفط مثل ذئب علينا " أو قصيدة " حزب الحزن " حيث يقول مخاطبا الآخرين دون تحديدهم أو تسميتهم :
إذا كان الوطن منفيا مثلي ...
ويفكر بشراشف أمه البيضاء مثلي ...
وبقطة البيت السوداء ، مثلي ...
.........
.........
لماذا لا يكون عضوا في حزب الحزن
الذي يضم مئة مليون عربي ؟؟
إنه إبداع شعري من نوع آخر ، يصوغ فيه رؤياه الشعرية والفنية الرائعة . لذلك أخطأ كل النقاد الذين رأوا أن نزار قد وهب نفسه وروحه للشيطان وللمرأة ، وأنه لا يحق له أن يكتب شعر القومية ، فمن خلال كتاباته القومية تبين أنه من بين الشعراء الكبار الذين كتبوا في هذا المجال وأبدعوا كذلك . ولعل ديوانيه " قصائد مغضوب عليها " و " لا " أكبر دليل على تفرده بنسق شعري فريد من نوعه ، وكذا تفوقه في نسج القصيدة الحديثة الثورية نسجا خفيفا ورائعا .
_ هزة داخلية :
وفي شعره الوطني امتاز برؤية تاريخية وحضارية أبعدته شيئا ما عن الكثير من السوفسطائية الفنية . وقربته من الدلالة التعبيرية المبنية على الرؤية الشعرية التي امتاز بها القرن العشرون . ولعل حديثه الذي نشر في إحدى المجلات العربية أكبر دليل على ذلك يقول نزار : " أنا أعتقد أن التحول من شعر الحب إلى شعر السياسة ليس تجارة رابحة مطلقا ، فالنوم في عيون النساء أكثر طمأنينة من النوم بين الأسلاك الشائكة ، .... والإنسان الذكي هو الذي لا يسقط في بئر السياسة في بلادنا ... " .
إن التحول الشعري عند نزار من شعر الحب إلى شعر القومية لم يكن تحولا كما جاء في حديثه دائما ، بل كان نتيجة هزة داخلية كسرت كل ألواح الزجاج في نفسه ، وكانت هزيمة حزيران أولى الهزات ، وما خلفتها من آثار نفسية عليه . هي الطعم الذي جلبه إلى اعتناق مذهب شعري جديد ، شعر السياسة والوطنية لكن هذا المذهب الشعري علقه أكثر من صليب ، وأكثر من حبل مشنقة ، حيث وقفت العديد من الأقلام في الوطن العربي من شعره الجديد ، موقف العداء والرفض ، ومنعت كتبه من دخول البلدان العربية ، في حين كانت قبل ذلك تمجد شعر الحب والغزل الذي كان يتعاطاه .
_ سقراط ومأساة الحلاج :
ويؤكد نزار مرة أخرى أن نكسة السابع والستين ومغيب شمس القائد جمال عبد الناصر كانت من أكبر الآثار الجارحة التي لحقته . بعد ذلك لم يستطع أن يبقى مكتوف الأيدي والقلم لم يستطع أن يتبع مبدأ التقية كما كان يفعل الباطنيون والجبناء . فاختار أن يموت على الطريقة البوذية حرقا . واراد أن يذبح بسيف كلماته شهيدا من نوع جديد في أدبيات الشهادة كما فعل سقراط والحلاج .
لقد اختار السير على منهاج سقراط الحكيم الفيلسوف ومنهاج الحلاج الشاعر الحكيم . فعالم هذين الحكيمين أكثر صعوبة ومليء بالأشواك والسير في طريقهما هو سير على حد السيف ، ونوم على حد خنجر غير مريح ولا مرغوب فيه ....
[ شهدت حقبة الثمانينيات عدة تحولات وأحداث سياسية واجتماعية ، والتي افتتحت بالحرب الخليجية الأولى بين الدولتين المتجاورتين العراق وإيران ، إضافة إلى عدة أحداث داخلية في كل الأقطار العربية . كل هذا ارتبط بتحول الموقف الفكري والثقافي عند الشاعر . وحفر بفعله علامة بارزة لحضوره في الوجود الشعري والثقافي . فاختار مصيره مرة ثانية وإن كان هو خالقه ومبدعه . فحقق الكثير من الحرية الضيقة التي كانت متاحة . آنذاك في الساحة الثقافية العربية ، رغم وجود بعض الحدود والموانع المسلطة على المثقفين والمفكرين .
وضع نزار قباني نفسه هذه المرة بعد عشرين عاما في التيه في عالم الجمال والحب ، في مصاف الشعراء الذين أعلنوا الثورة على الرومانسية المفرطة ، فحاول أن يخلق لنفسه وجودا مستقلا عن ذاته ، مبتعدا عن حدود العاطفية والرومانسية التي توغل أكثر الشعر العربي فيها .
في نقلة أخرى بعد النقلة الأولى التي جاءت في إثر هزيمة السابع والستين ، والتي تشكل فيها رؤى وعلاقات أخرى عند الشاعر ، وبرزت فيها أفكاره في صورة قصائد ثورية وموغلة في الكلاسيكية الفنية . مدركا أنه الثمن الذي كان عليه أن يدفعه ليمارس اختياره الحر ، ويعيد النفس الشعري والعدل الفني إلى مجراه ، متقبلا كل الانتقادات والمغالطات التافهة . وكانت قصائد مثل " إلى عصفورة سويسرية " و " لماذا أكتب " و " هجم النفط مثل ذئب علينا " ... إلخ ثمرة هذا التحول المفاجيء .
_ لعنة مقدسة :
في ديوان " قصائج مغضوب عليها " للشاعر نزار قباني ، الكتابة بالنسبة له لعنة ، من منظور الوعي المتواتر الذي توضحه قصائد الديوان ، فكل من الكتابة واللعنة مرتبط بالآخر ارتباطا غريبا . وخاصة في قصيدة " إلى عصفورة سويسرية " وقصيدة " لماذا أكتب ؟ " والذي يبدو على الشكل الآتي :
أصديقتي : إن الكتابة لعنة
فانجي من جحيم زلازلي .
فكرت أن دفاتري هي ملجإي
ثم اكتشفت بأن شعري قاتلي .
والكتابة "في ديوان " قصائد مغضوب عليها " لعنة مقدسة دائمة الوجود ، تواجه الحرية والسعادة على مرأى الجميع . وهي زلازل قاتلة تأتي على الأخضر واليابس . صحيح أن الكتابة تحيد عن جانب اللعنة في بعض الأحيان لكنها تكون عليلة ومريضة لا يقترب منها أحد خوفا من عدائيتها :
أكتب ...
كي أفجر الأشياء ، والكتابة انفجار .
أكتب ...
كي ينتصر الضوء على العتمة ،
والقصيدة انتصار .
هذا التلازم بين "الانفجار " و "الانتصار " يلقي بظلاله على شكل قصائد الديوان كلها . من طراز " السمفونية الجنوبية الخامسة " و " التأشيرة " ، وذلك من المنظور الذي يفضي من الانفجار والثورة إلى الانتصار المحتوم ، ولذلك تبدأ قصيدة " لماذا أكتب ؟ " بهذه البداية الخفيفة والتي تتكون من كلمة واحدة " أكتب " كجواب عن السؤال الأكبر عن ماهية الكتابة . إنها تشبيهات بلاغية لا تعرف أداة التشبيه ، لتقرن الحضور للكتابة بالانفجار والانتصار . فيستجيب التعدد إلى تعدد الأسباب التي تؤكد ضرورة الكتابة مما جعل القصيدة نوعا جديدا من الشعر الحر النثري بالحضور القوي ، للأغنية والموسيقى بما يؤكد ذلك :
أكتب ...
كي تفهمني الوردة ، والنجمة ، والعصفور ،
والقطة ، والأسماك ، والأصداف ، والمحار .
أكتب ...
حتى أنقذ العالم من أضراس هولاكو ...
ومن حكم الميلشيات ،
ومن جنون قائد العصابه .
_ النفي والإبعاد :
لقد كان الشعر العربي الحديث عند " نزار قباني " تعبيرا عن بعث حضاري وعن تجديد حديث لم يسبق إليهما أي أحد من الشعراء والأدباء . فكانت ثورة الشعراء العرب المحدثين ثورة على الشعراء الذين سبقوهم كأحمد شوقي والبارودي وجبران خليل جبران وأمين نخلة ... إلخ . وكما كانت كذلك ثورة على الشعر الإنجليزي الحديث وخاصة إزرا باوند و ت . س . إليوت من مدرسة الرومانسية التي استولت على الأدب والنقد الإنجليزيين زهاء قرنين من الزمان . استطاع نزار قباني في هذه المرحلة من مراحل تجربته الشعرية أن يوحد بين تجربته الشعرية الرومانسية والعاطفية وبين التجربة الإنسانية الكلية التي حاول دخول غمارها . وكان النفي والإبعاد عن الوطن والأهل والأقارب والأصدقاء قد أشعلا في لا وعيه شرارة الثورة والعصيان التي تجسدت عنده في الأساطير .
هذه التجربة المريرة التي عاشها نزار قباني جعلته يربط في لاوعيه بين النفي والإبعاد ، فالثورة والخروج على التيه في نظره عبور من بين أجنحة النفي ، أي أنه يجب عليه أن يتخطى النفي والإبعاد والسبيل للانتصار عليهما . وقد عادل نزار قباني بين الثورة والقول الشعري الجيد ، فعملية الإبداع الفني الجديد هي بحد ذاتها ثورة بالنسبة إليه ، ولكنها بطريقة أخرى خاصة به . وقد تجسدت هذه الرؤية الشعرية في الكثير من قصائد ديوانه الرائع "قصائد مغضوب عليها " مثل قصيدة " هجم النفط مثل ذئب علينا " أو قصيدة " حزب الحزن " حيث يقول مخاطبا الآخرين دون تحديدهم أو تسميتهم :
إذا كان الوطن منفيا مثلي ...
ويفكر بشراشف أمه البيضاء مثلي ...
وبقطة البيت السوداء ، مثلي ...
.........
.........
لماذا لا يكون عضوا في حزب الحزن
الذي يضم مئة مليون عربي ؟؟
إنه إبداع شعري من نوع آخر ، يصوغ فيه رؤياه الشعرية والفنية الرائعة . لذلك أخطأ كل النقاد الذين رأوا أن نزار قد وهب نفسه وروحه للشيطان وللمرأة ، وأنه لا يحق له أن يكتب شعر القومية ، فمن خلال كتاباته القومية تبين أنه من بين الشعراء الكبار الذين كتبوا في هذا المجال وأبدعوا كذلك . ولعل ديوانيه " قصائد مغضوب عليها " و " لا " أكبر دليل على تفرده بنسق شعري فريد من نوعه ، وكذا تفوقه في نسج القصيدة الحديثة الثورية نسجا خفيفا ورائعا .
_ هزة داخلية :
وفي شعره الوطني امتاز برؤية تاريخية وحضارية أبعدته شيئا ما عن الكثير من السوفسطائية الفنية . وقربته من الدلالة التعبيرية المبنية على الرؤية الشعرية التي امتاز بها القرن العشرون . ولعل حديثه الذي نشر في إحدى المجلات العربية أكبر دليل على ذلك يقول نزار : " أنا أعتقد أن التحول من شعر الحب إلى شعر السياسة ليس تجارة رابحة مطلقا ، فالنوم في عيون النساء أكثر طمأنينة من النوم بين الأسلاك الشائكة ، .... والإنسان الذكي هو الذي لا يسقط في بئر السياسة في بلادنا ... " .
إن التحول الشعري عند نزار من شعر الحب إلى شعر القومية لم يكن تحولا كما جاء في حديثه دائما ، بل كان نتيجة هزة داخلية كسرت كل ألواح الزجاج في نفسه ، وكانت هزيمة حزيران أولى الهزات ، وما خلفتها من آثار نفسية عليه . هي الطعم الذي جلبه إلى اعتناق مذهب شعري جديد ، شعر السياسة والوطنية لكن هذا المذهب الشعري علقه أكثر من صليب ، وأكثر من حبل مشنقة ، حيث وقفت العديد من الأقلام في الوطن العربي من شعره الجديد ، موقف العداء والرفض ، ومنعت كتبه من دخول البلدان العربية ، في حين كانت قبل ذلك تمجد شعر الحب والغزل الذي كان يتعاطاه .
_ سقراط ومأساة الحلاج :
ويؤكد نزار مرة أخرى أن نكسة السابع والستين ومغيب شمس القائد جمال عبد الناصر كانت من أكبر الآثار الجارحة التي لحقته . بعد ذلك لم يستطع أن يبقى مكتوف الأيدي والقلم لم يستطع أن يتبع مبدأ التقية كما كان يفعل الباطنيون والجبناء . فاختار أن يموت على الطريقة البوذية حرقا . واراد أن يذبح بسيف كلماته شهيدا من نوع جديد في أدبيات الشهادة كما فعل سقراط والحلاج .
لقد اختار السير على منهاج سقراط الحكيم الفيلسوف ومنهاج الحلاج الشاعر الحكيم . فعالم هذين الحكيمين أكثر صعوبة ومليء بالأشواك والسير في طريقهما هو سير على حد السيف ، ونوم على حد خنجر غير مريح ولا مرغوب فيه ....