تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء


عبدالرحمن الهيلوم
26-Feb-2008, 09:47 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين :

أما رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالنساء فحدث ولا حرج، فلقد أولاهن جانباً عظيماً من اهتمامه، وتوجيهه، وأمره بالقيام بحقهن، وتحذيره من التقصير في شأنهن؛ فنالت المرأة في شريعته من الرحمة، والرعاية ما لم تَنَلْهُ في أي شريعة أو نظام، سواء كانت أماً، أو أختاً، أو بنتاً، أو زوجة، أو غير ذلك.

بل لقد كان -صلى الله عليه وسلم- المثال الحي لِحُسْن التعامل مع نسائه؛ حيث ضرب أروع الأمثلة في ذلك.

وتتجلى هذه الرحمة في أقواله، وأحواله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الشأن، وفيما يلي ذكر لشيء من ذلك.

أولاً: من أقواله في رحمة النساء، ورعاية حقوقهن:

1- حثه على بر الأم، وتقديم حقها على حق الأب: فقد جاء رجل إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال ثم من؟ قال: "أبوك".

2- وصايتُه بالنساء، وأمره بالإحسان إليهن: فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا الله في النساء، فإنهن عوانٍ عندكم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" .

3- بيانه فضل الصدقة على الأهل: قال -صلى الله عليه وسلم-: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها الذي أنفقته على أهلك" .

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ابدأ بنفسك، فتصدق عليها، فإن فَضُل شيء فلأهلك، فإن فضل شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا" .

4- وصيتُه بالصبر على النساء، وتحذيره من الاستعجال في شأن الطلاق: قال -صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضِلَع أعوج، وإن أعوج شيء في الضِّلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً" .

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَفْرَك -أي يبغض- مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر" .

قال النووي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث: "ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقاً يُكْره، وجد فيها خلقاً مرضياً، كأن تكون شرسة الخلق، لكنها ديِّنة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة، أو نحو ذلك"[7].

5- بيانُه أن خيار الناس خيارهم لنسائه: قال -صلى الله عليه وسلم-: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وخياركم خياركم لنسائهم" .

6- تحذيره من إفشاء سر الفراش: قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن من أشر الناس منزلةً يوم القيامة الرجلَ يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" .

7- بيانه أن النساء شقائق الرجال: قال -صلى الله عليه وسلم-: "النساء شقائق الرجال" .

8- نهيه عن ضرب الزوجة بلا مسوغ: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها" .

9- تحذير الرجل من الميل لإحدى زوجاته إذا كان عنده أكثر من زوجة: قال -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشِقُّه مائل" .

10- بيانه أن المرأة لا تُزَوَّج إلا بإذنها: قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُنكح الأيِّم حتى تستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تستأذن" .

قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" .

11- ذكره لفضل العناية بالبنات، وإحسان تربيتهن: قال -صلى الله عليه وسلم-: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن ستراً له من النار" .

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يكون لأحد ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو بنتان، أو أختان، فيتقي الله فيهن، ويحسن إليهن إلا دخل الجنة" .

12- نهيهُ الزوجَ عن مفاجأة زوجته بعد طول الغياب عنها: فعن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة، فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخلها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أمهلوا، لا تدخلوا ليلاً -يعني عشاءً- حتى تمتشط الشَّعِثة وتستحد المغيبة" .

والهدف من هذا التشريع إبقاءالزوجة جميله؛ بحيث لا يحدث منها ما يُطْلِعُ الزوج على شيء من عيوبها، أو ما ينافي كمال زينتها من تشعث الشعر، وإهمال الزينة، ونحو ذلك.

ثانياً: من أحوال النبي-صلى الله عليه وسلم-مع نسائه:

الناظر في سيرة المصطفى-صلى الله عليه وسلم- يرى صوراً مشرقة من خلقه الكريم في معاملته الناس جميعاً.

ولكن سلوكه في بيته، ومع أزواجه له دلالتُه الخاصة المُبِيْنَةُ عن سلامة ذوقه، ورقة طباعه، وعمق عاطفته، وقدرته الفذة على مراعاة مشاعر أزواجه، واحترام رغباتهن ما دامت في حدود الشرع.

وفيما يلي ذكر لبعض المواقف العظيمة التي تدل على رحمته بأزواجه، وحسن تعامله معهن:

1- هذه عائشة -رضي الله عنها- تحج معه -صلى الله عليه وسلم- فتمنعها حيضتها من أداء العمرة مع الناس، فلما أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- العودة إلى المدينة قالت: يا رسول الله تعودون بحج وعمرة، وأعود بحجة وحدها ؟

فإذا بالرسول يشفق أن تعود زوجه وهي تشعر بفوات بعض الفضل والخير عليها، فيتوقف، ويطلب من أخيها عبدالرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهما- أن يصحبها إلى التنعيم حيث تحرم بالعمرة .

2- وفي غزوة المريسيع -بني المصطلق- يوقف الجيش كله؛ لأن عقداً لعائشة انفرط منها فهي تجمع حباته من بين الرمال .

3- وروى البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من غزوة خيبر، وتزوج صفية بنت حيي كان يدير كساءً حول البعير الذي تركبه يسترها به، ثم يجلس عند بعيره، فيضع ركبته، فتضع صفيةُ رجلها على ركبته حتى تركب!!

ولم يكن هذا المشهد بعيداً عن أعين الناس، بل كان على مشهد من جيشه المنتصر...

كان يعلمهم أن الرسولَ البَشَرَ، والنبيَّ الرحمةَ، والقائدَ المظفر لا ينقص من قدره أن يوطِّئ أكنافَه لأهله، وأن يتواضع لزوجه، وأن يعينها ويسعدها.

4- ويشهد الإنسان طابع الصدق في علاقاته -صلى الله عليه وسلم- بأزواجه، فهو الرسول البشر، ليس فيه تعاظم الأقوياء بجاههم أو غناهم، بل فيه سماحة الأنبياء، وندى العظماء، وسيرة الأتقياء، تجده يحنو على أزواجه ويعينهن، فيقمّ بيته بيده، ويحلب الشاة، ويخرز النعل، ويتلطف إليهن، ويداري غضبهن، ويعدل بينهن، ويراعي ما جُبِلْنَ عليه من الغَيرة، ويحتمل هفواتهن، ويرفق بصغيرتهن؛ حيث تعيش أمهات المؤمنين في غرفهن الصغيرة بجوار المسجد النبوي، تمتزج حياتهن بأصوات الأذان للصلوات، ويشهدن جموع الناس مقبلين مدبرين يصلون، ويستمعون لأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويشتركن في بيان تعاليم الإسلام، وخاصة في شؤون المرأة، حين يتعذر على النبي -صلى الله عليه وسلم- -لحيائه- البيان .

ثم لهن حياة خاصة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- حافلة بالعبادة وبالعلم، مليئة بالعبر، دافقة بالخير، ولا تخلو من الجدل والخصومة حيناً، والغَيرة حيناً آخر، قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما علمتُ حتى دخلت عليَّ زينبُ بغير إذن وهي غَضبى، ثم قالت: يا رسول الله أَحَسْبُكَ إذا قلبت لك بُنَيّةُ أبي بكر ذُرَيعَتَيها -أي ساعِدَيْها-؟

ثم أقبلت عليَّ، فأعرضتُ عنها، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دونك فانتصري" فأقبلتُ عليها حتى رأيتُها، وقد يبس ريقها في فيها ما تردُّ عليَّ شيئاً، فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتهلّلُ وجهُه" .

وهنا نلمس تقدير النبي -صلى الله عليه وسلم- لغيرة الضرائر من بعضهن، ومراعاته للفطرة، فقد ترك زينب تفرغ غضبها، وأذن لعائشة أن ترد عليها، وعدل بين زينب -وهي بنت عمه وزوجه- وعائشة -وهي بنت صاحبه وزوجه- ولم يغضب من هذه الملاحاة، فهي أمر طبيعي في حياة الضرائر.

بل لم تتغير ملامح وجهه إلى العبوس لتكدير صفوه، بل عَلَتْه ابتسامة رقيقة وهو يشهد انتصاف عائشة من زينب.

وفي هذا -أيضاً- دلالة على أن سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وحياته كتاب مفتوح، لا يخفى منه شيء.

5- وكانت زينب بنت جحش تطاول عائشة وتفاخرها في الحظوة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما ذكرت عائشة في حديث الإفك .

وكانت تفاخر بأن الله -تعالى- زوَّجها من الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل في ذلك قرآناً (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) (الأحزاب:37).

أما عائشة -رضي الله عنها- فكانت البكر الوحيدة من أزواجه -صلى الله عليه وسلم-، وكانت تُدِلُّ بذلك، وتشير إليه بذكاء وفطنة امتازت بها، تقول: "يا رسول الله أرأيت لو نزلت وادياً وفيه شجرة قد أُكِل منها، ووجدت شجراً لم يؤكل منها في أيِّها تُرتِع بعيرك؟ قال: "في التي لم يُرتع منها" تعني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتزوج بكراً غيرها .

وهذا الإدلال المقبول لا يخالف الحقيقة، ولا يجانب الصدق، فليس من ضرر في استجابة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإرضائه لهذا الإدلال والاعتزاز، وإدخاله بذلك السرور على قلب زوجه.

6-وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغضب إذا تجاوزت الغيرة حدها، واعتدت على حقوق الآخرين، فلم يكن زمام الموقف يَفْلُتُ من يده، بل كان يبيِّن الخطأ ويقوِّمه.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ما غِرتُ على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتُ له: كأن لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: "إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد" .

وهكذا كان عظيم وفائه لزوجه خديجة أول من آمن به وآزره، وتَحَمَّل معه أعباء دعوته؛ فكان يذكرها دائماً، ويثني عليها أبداً، ويصل صديقاتها ومعارفها، ويفرح للقاء أقاربها ويكرمهم حتى غارت أم المؤمنين عائشة؛ لإكثاره من ذلك وإلا فهل يغار الحي من الميت ؟!

جاء في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذنت هالة بنت خويلد -أخت خديجة- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارتاع لذلك، فقال: "اللهم هالة" قالت عائشة: فغرت .

ولم يمنعه حبه لعائشة أن يصرِّح بفضل خديجة ومكانها في قلبه، ولو في ذلك الموقف الذي ظهرت فيه غيرتها، بل لم يكتم حبَّه لها، وقد مضى على وفاتها أكثر من خمس سنين؟ فقال لعائشة: "إني قد رُزقت حبَّها".

فما أعظم وفاءه، وما أرحبَ قلبه، وما أصدقَ لسانه، وما أصرحَ وأفصحَ تعبيره!

إن محمداً الرسولَ البشرَ لا يجد غضاضة في أن يحب امرأته، وأن يصارحها بذلك معبراً عن عاطفةٍ خَيِّرة، ويكتم كثيرون سواه عواطفهم تجاه أزواجهم؛ لئلا تُخدش كبرياؤهم، أو يقل احترامهم فيما يحسبون وهم مخطؤون.

روى البخاري عن عمرو بن العاص أنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أي الناس أحبُّ إليك؟ قال: "عائشة" .

7- وكان -عليه الصلاة والسلام- يراعي صغر سن عائشة -رضي الله عنها- وحبها للعب مع صديقاتها، قالت عائشة: "كنت ألعبُ بالبنات -أي اللُّعب- عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل يتقمَّعن منه -أي يختفين- فَيُسَرِّبُهنَّ[13] إليَّ، فيلعبن معي" .

8- وكانت عائشة -رضي الله عنها- توصي المسلمين بمراعاة ذلك مع أزواجهم حديثاتِ السن تقول: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأم؛ فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو" .

9- ولم يجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- غضاضة في أن يسابق عائشة -رضي الله عنها- مرتين في منأى عن الناس؛ لإدخال السرور على قلبها.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: "خرجتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم، ولم أبدن، فقال للناس: تقدَّموا، فتقدَّموا، ثم قال لي: "تعالي أسابقك" .

فسابقتُه فسبقتُهُ، فسكتَ عني حتى إذا حملت اللحم، وبدنت، ونسيت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال: "تعالي حتى أسابقك" .

فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: "هذه بتلك" .

10- وكان يتلطف معها بالكلام، ويداعبها، قال لها مرة: "إني لأعلم إذا كنت عنّي راضية، وإذا كنت عليّ غَضبى" .

قالت: ومن أين تعرف ذلك ؟

قال: "أما إذا كنتِ عني راضية فإنك تقولين: لا وربِّ محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا وربِّ إبراهيم" .

قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك .

فما أحسن هذه المعاشرة، وما ألطف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما أحسن خلق عائشة -رضي الله عنها- مع زوجها الرسول الكريم.

تمنياتي للجميع بالفائده

[/color]

محب الهيلا
26-Feb-2008, 02:54 PM
اللهم صلي وسلم عليه

مشكور وماقصرت

عبدالله الجـــذع
26-Feb-2008, 03:01 PM
اللهم صلى على نبينا حبيبنا محمد ..

فعلا ..لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه..

الف شكر لك يالغالي..

@ـايل
26-Feb-2008, 05:06 PM
اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد

اخوووي الهيلوم اشكرك على الموضوع الطيب جزاك الله

عبدالرحمن الهيلوم
26-Feb-2008, 05:46 PM
مشكوووووووووووووور يالغالين علي المررررور