تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : موســـوعة قبيلة بنو كـــــلاب


الشلوااني
02-Dec-2007, 02:31 AM
لعل هناك من يتسائل لماذا سميته بموسوعة بنو كلاب 0 أجيب بعد الاتكال على الله0 على الرد على كثير من المؤلفين حين يقولون أنه لم تحدث هجرة معاكسة من القبائل العربية الى الجزيرة العربية مرةٍأخرى0 ونفيهم لذلك 0
[ ( والادلة خير برهان على ذلك)
(1) كتاب المناقب المزيدية فى أخبار الملوك الأسدية 0 تأليف الشيخ الرئيس أبى البقاء هبة الله الحلى 0 صفحة 503_ 504 حيث يقول :: وحدثنى سهيل أحد مواليه (وهنا يقصد ابن مزيد امير الحلة ) أنه سمع سعيد بن حميد صاحب جيشه 0
يقول : أطلقت من مال صاحبى فى يوم واحد ألف كر ماعلم بها ولا استأذنته فى شىء منها 0 وسمعت عن كمال الملك أبى البدر سعد بن الحسين أنه كمل ما يخرج من أمواله الى الوفاد والشعراء والندماء 0 وفى الرسوم الراتبة والصلات العارضة والمطابخ والمضيف فكان فى كل سنة ستين ألف دينار 0
ومن جملة مكارمه أن تاج الدولة تتش لما أوقع ببنى عقيل بالجزيرة فى بعض سنى بضع وثمانين أى 486 هجرية 0 وقتل ابراهيم بن قريش ومقبل بن بدران وجماعة من أمراء آل المسيب 0 وأجلى عقيلا وكلابا ونميرا وغيرها من قبائل عامر بن صعصعة عن ديارهم بالجزيرة والشامين 0 وغيرهم لم يبقى أحد منهم الا انتجع ندى سيف الدولة ، فنزلوا بأهلهم وأصائلهم وفيهم العدة الكثيرة من أمراء آل المسيب 0 وغيرهم من أمراء عبادة وأمراء كلاب ، كالشبل بن جامع وابنه المبارك بن الشبل وجماعتهما ، ومحمد بن زائدة وغيره من آل زائدة وأمراء بنى نمير فأنعم عليهم بالصلات والخلع والجوائز على اقدارهم ومراتبهم 0 وتلك الأحياء كلها صغيرهم وكبيرهم حتى لم يعلم أن احدا منهم ابتاع حمل راحلة من غلة العراق 0 _ الى آخره _
اعلم ان المسافة مابين الموصل وحلب الى الكوفة باتجاه الجنوب من العراق مايقارب 800 كيلو متر جوى وهذى على الارض اكثر من ذلك 0 واتجاههم الى الجزيرة العربية 0

فروسيته وأخلاقه
قال أبو عبيدة: أجمع العكاظيون على أن فرسان العرب ثلاثة : ففارس تميم : عتيبة بن الحارث بن شهاب ؛ صياد الفوارس وسم الفرسان ، وفارس قيس : عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وفارس ربيعة : بسطام بن قيس بن مسعود ؛ أحد بنى شيبان بن ثعلبة 0 فاذا اختلف الناس فى عامر وبسطام وعتيبة ؛ أيهم كان أشرف ؟ احتج كل فارس منهم بعثرة الآخر ، فقالوا : بسطام فر عن قومه (( يوم البطالى )) واسر عتيبة بن الحارث (( يوم الغبيط )) وفر عامر عن قومه ((يوم الرقم )) 0 وقال أبو عبيدة أيضا : فارس غطفان : الربيع بن زياد العبسى ، وحكمها : هرم بن قطبة ، وشاعرها : النابغة 0 وفارس قيس : عامر بن الطفيل ، وفارس ربيعة : بسطام بن قيس 0 وقيل : فرسان العرب فى الجاهلية : عنترة الفوارس ، وعتيبة بن الحارث ، وعامر بن مالك (ملاعب الاسنة )) وزيد الخيل ، وبسطام بن قيس ، والأحمر السعدى ، وعامر بن الطفيل ، وعمرو بن عبدود ، وعمرو بن معد يكرب 0
وفى المثل : (( أفرس من عامر بن الطفيل ))وهو ابن أخى عامر ملاعب الاسنة ، كان أفرس أهل زمانه وأسودهم0
وقيل : أشجع العرب : عمرو بن معد يكرب ، وعمرو بن الاطنابة ، فعامر بن الطفيل 0 قال الجاحظ : وقد عرفت شهرة عنترة فى العامة ، ونباهة عمرو بن معد يكرب ، وضرب الناس المثل بعبيد الله بن الحر ، وهم لا يعرفون ، بل لم يسمعوا قط بعتيبة بن الحارث ولا ببسطام بن قيس 0 وكان عامر بن الطفيل أذكر منهما نسبا 0
وفى تأبين جبار بن سلمى لعامر بن الطفيل ما يكشف عن جرآته وصبره وبأسه وصولته ، قال : كان لا يعطش حتى تعطش الابل ، ولا يضل حتى يضل النجم ، ولا يجبن حتى يجبن الليل ، ولا يقف حتى يقف السيل
وكان عمرو بن معد يكرب يقول : ما أبالى أى ظعينة لقيت على ماء من أمواه معد ما لم يلقنى دونها حراها أو عبداها ؛ يعنى بالحرين عامر بن الطفيل وعتيبة بن الحارث ، وبالعبدين : عنترة العبسى ، والسليك بن السلكة 0 وقال : أما عامر فسريع الطعن على الصوت ، وأما عتيبة فأول الخيل اذا أغارت وآخرها اذا آبت ، وأما عنترة فقليل النبوة ، شديد الكلب ، وأما السليك فبعيد الغارة كالليث الضارى 0 وقال الأنبارى : عامر من أشهر فرسان العرب بأسا وشدة ونجدة ، وأبعدها اسما ،حتى بلغ به أن (( قيصر )) كان اذا قدم عليه قادم من العرب ، قال : مابينك وبين عامر بن الطفيل ؟ فان ذكر نسبا عظم به عنده 0
وكان عامر بن الطفيل كريما مسرفا فى الكرم ، قال أبو عبيدة البكرى : ولد عامر أسود أهل زمانه ، وأنجدهم ، وأفرسهم ، وكان مناديه بعكاظ ينادى : هل من راجلٍ فأحمله ، أو من خائف فأؤمنه ، أو ذى خله فأجبره 0 وعند الضنك والشدة كان عامر يشترى السلاح لقومه من ماله الخاص ، فقد اشترى من بنى نمير أربعين رمحا بأربعين بكرة 0
وعندما خرجت بنو عامر الى ((ماء النظيم )) لتشهد المنافرة المشهورة ، قال : عامر لقومه : كل قرامه أو ظفر تطلبه بنو عامر كلها فى أموال بنى مالك ومالى أول ذلك ، وكل شىء هو لنا فهو لكم 0 فقال أعمامه : قد رضينا ما فعل وحملنا ما حمل ، فتصدع الناس على ذلك 0 وهذا يدل على حلمه وسخائه ومكانته فى قومه 0 والتضحية بالمال لا تقل عن التضحية بالنفس فى المعركة ، ومن ثم كان الزعيم القبلى الجاهلى يجود بما يملك للجائع والمعتر ، وينجد الملهوف ، وتعصب برأسه همومهم ومشاكلهم وغراماتهم ويمكن أن نستنتج صفات عامر بن الطفيل وأخلاقه من نص الحوار فى المنافرة المشهورة بينه وبين علقمة بن علاثة 0
1_ الكرم والسخاء والشجاعة 0 قال لعلقمه : (( أنافرك على أنى أنحر منك للقاح ، وخير منك فى الصباح ، وأطعم منك فى السنة الشياح )) أى : القحط 0 وأقر له علقمة صفة الجود ، فقال : وأنت جواد ، والناس يزعمون أنى بخيل ، ولست كذلك )) وقال عامر فى المنافرة أيضا (( والله ، لأنا أركب منك فى الحماة ، وأقتل منك للكماة ، وخير منك للمولى والمولاة )) ولا شك أن عامرا لم يكن يفخر باطعام الطعام فى سنى القحط أمام الجموع لو كان بخيلا شحيحا 0
وقال ابن حبيب : كان عامر اذا ركب الفرس الجسام تخط ابهاماه فى الارض 0 يؤكد عامر أن له عقبا فى العشيرة ، (( أنافرك أنى خير منك عقبا )) فقال علقمه ( قد علمت أن لك عقبا فى العشيرة ))والمشهور بين العلماء أن عامرا لم يعقب ، قال ابن قتيبة : ((وكان عامر اعور عقيما لا يولد له ولم يعقب )) وقال ابن حزم : وعامر بن الطفيل لا عقب له )) 0 ولعل العلماء استنتجوا ذلك من شعر عامر ، قال :
فبئس الفتى ان كنت أعور عاقرا $$$$ جبانا فما عذرى لدى كل محضر ٍ 0
لأنهم يقرنون العور بالعقم و(( عاقرا )) فى بيت عامر من ((العقر )) ؛ وهو أن يسلم الرجل قوائمه عند القتال فلا يستطيع أن يقاتل من الفرق ، وليس من عدم الانجاب 0 وهى قضية غامضة لا نستطيع الجزم فيها فى ضوء المصادر المتاحة 0 وهذه المنافرة توضح أسس الزعامه ، والنزاع على رئاسة فى القبيلة الكبيرة ذات البطون الكثيرة ، اذ يكثر فيها الادعاء بشرف الاصل ونبل المحتد 0 وخضعت القبائل العربية لقانونين صارمين هما : قانون العصبية القبلية ، وما يتبعها من غزو وثأر وحمية ، وقانون الحلف والجوار ، وما يتبعه من نصرة ودفاع وأعراف تتعلق بالحقوق والواجبات 0 وتعتمد أهمية القبيلة على ما تملك من محاربين أشداء ذوى بأس وجرأة ومغامرة ،وما تملك من أنعام وحميات وثروات ، وما ينتمى للقبيلة من حلفاء وأولياء ، وعبيد ورقيق ومحاربين 0
وقد ينفرد بطن واحد من بطون القبيلة بهذه الميزات أو ببعضها ، فيكون فيهم البيت والعدد ، أو تكون فيهم الرئاسة والحكم والقيادة 0
وتكشف أخبار أيام العرب عن أحلاف قبلية للدفاع عن المصالح المشتركة والتناصر فى القتال ،كحماية المراعى وقوافل التجارة 0 وقد ينفرد بعض الزعماء برئاسة الأحلاف : وقد تحالفت أسد وغطفان ، وكان بين بنى أسد وجيرانهم طىء حلف مماثل ولم يلبث حلف طىء وأسد وغطفان 0 أن تحالفوا ضد بنى عامر 0وانظم اليهم قبيلتا ضبة وعدى ، وخرجوا يطلبون بنى عامر فى (( يوم النسار )) وعلى رأسهم جميعا سيد بنى فزارة ((حصن بن حذيفة الفزارى )) وكان على رأس بنى عامر جواب الكلابى ، واسمه مالك بن عوف بن عبدالله ابن أبى بكر بن كلاب 0 والتقى الجمعان ،
وانهزمت بنو عامر شر هزيمة ، ولم يشهد بنو جعفر هذا اليوم ؛ لأنهم كانوا مجاورين لبنى الحارث بن كعب باليمن بعد أن حكم ((جواب )) رئيس بنى أبى بكر بنفيهم عن بلاد عامر اثر خلاف نشب بين بنى جعفر وبنى أبى بكر بن كلاب يتعلق بجوار رجل من غنى ونتج عن هذا الخلاف نزاع دموى وصلت ذروته فى موقعة (( بئر هراميت )) فيما بعد وفى شعر عامر بن الطفيل فخر بوقائع بنى جعفر ببنى أبى بكر وما كان من ابادة حى ((ذى البزرى )) من أبى بكر بن كلاب 0أمراء بنى كلاب فى الجاهلية
شعب جبلة _ بنو عامر مجتمعة ومعهم بنو عبس وغنى وباهلة وبعض بنى سليم وقبائل بجيلة كلها الا قسرا ، وعلى رأسهم الأحوص بن جعفر 0
ذى نجب _ بعد جبلة بحول وعلى رأس بنو عامر 0 الطفيل بن مالك لقتال بنى حنظلة ويلتقيهم فى ((ذى نجب )) ويسقط الطفيل صريعا ويهلك من قومه كثيرون ، وتبوء حملته بالفشل ويدعى عامر بن الطفيل أن قومه أرهفوا بذى نجب حصينا ، وأهلكوا أسامه بن الحارث ، وأن قومه انتصروا فى هذا اليوم 0 ولانعرف متى آلت الى الطفيل امارة بنو عامر 0يوم السؤبان _ بنى عامر 0 وعلى رأس بنو عامر 0 أبو براء عامر بن مالك بن جعفر 0 ويستعيد هيبة بنى عامر ويبلى بلاء حسنا ،وينقذ سمعة قومة بما أبدى من ضراوة ومهارة ، ويلاعب الاسنة فى صدور أعدائة لينال لقب ((ملاعب الأسنة )) وليقود بنى عامر ويصبح فيهم صاحب الرأى والمشورة 0 ويحصل بين بنى جعفر وبين بنى أبى بكر بنى كلاب 0 خلاف مما ادى الى ابعاد بنى جعفر الى اليمن فى عهد أبى براء عامر بن مالك 0 والذى أبعدهم جواب واسمه مالك بن عوف بن عبدالله ابن أبى بكر بن كلاب 0 ويحدث يوم من أيام العرب فى غياب بنى جعفر 0 وهو يوم النسار _ بين بنى عامر وعلى رأس بنى عامر جواب مالك بن عوف بن عبدالله 0 وبين الأحاليف 0 والتقى الجمعان ، وانهزمت عامر شر هزيمة 0 وكما ذكرنا أن بنى جعفر لم تشهد ذلك اليوم وينصح أبو براء بنى جعفر بالعودة الى منازلهم ومصالحة بنى بكر ، فيعودون وينزلون على حكم (جواب الكلابى ) وفيهم حنظلة وعامر ابنا الطفيل ولبيد بن ربيعة ، ويتحمل جواب دية القتيل الجعفرى ، ودية غنى 0
وربطت بنى عامر علاقة وثيقة بسادة مكة ؛ لأنهم كانوا من ((الحمس )) وعندما يتعرض العامريون لتجارة النعمان بن المنذر ملك الحيرة ينوى النعمان تأديبهم ، ويعرف بذلك عبدالله بن جدعان ، فيرسل الى بنى عامر من ينذرهم ويحذرهم من النعمان ، ولم يتمم النعمان حملته لأن عروة الرحال العامرى يتعهد للنعمان بحماية تجارته والمرور بها على جميع العرب ، ويعتدى البراض الكنانى على هذه التجارة ويقتل عروة الرحال ، عندئذ ينسى بنو جعفر ما بينهم وبين بنى كنانة من حلف ، فيلنون الحرب على قريش وكنانة ، وتلك هى ((حروب الفجار)) وهىفجاران ؛ الأول فى ثلاثة أيام ، والثانى فى خمسة أيام فى أربع سنين ، وفى الفجار الثانى أيام (( نخلة )) و ((شمطة)) و ((العبلاء )) و (( عكاظ )) وقد شهد النبى (ص) يوم عكاظ مع أعمامه ، وكان يناولهم النبل ،وانتهت هذه الحرب سنة ست وتسعين وخمسمائة ، أى بعد حوالى خمس وعشرين سنة من مولد الرسول (ص) ، وبانتهاء حرب الفجار انتهت زعامة أبى براء عامر بن مالك ، وقد فخر عامر بيوم عكاظ 0 ويتنافس على رئاسة بنى عامر : علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر وعامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر 0 وكلاهما من بنى جعفر بن كلاب 0 أصحاب البيت والرئاسة فى قبيلة عامر بن صعصعة وانتهى الامر الى عامر بن الطفيل0 ويقود عامر بن الطفيل بنى عامر 0يوم ((يأجج )) او يوم ((الرقم )) _ ويدفع عامر بن فرسان قومه وهو يريد فناء غطفان وأشجع وفزارة وذبيان ومرة 0 ولكن غارته تبوء بالفشل ويلقى قيس ابن الطفيل أخوه مصرعه ، ويرد الغطفانيون على بنى عامر بغارة أخرى ، فيفر فرسان بنى عامر ، ويتيهون فى الصحراء ، ويستقر بهم المقام فى ((المرورات)) أو ((ساحوق )) أو المشهور ب((التخانق ويفر عامر بن الطفيل عن اخوته ، ويخنق الحكم بن الطفيل نفسه خوف المثلة بعد أن أيقن من الأسر ، ويموت جواب الكلابى وآخرون من بنى عامر عطشا ويقتل فى هذا اليوم الحارث وكنانة ابنا عبيدة بن مالك العامرى 0وينبرى عامر بن الطفيل للدفاع عن قومه ، فيدعى أنه ترك حى أسماء بن خارجه الفزارى مأتما فى يوم الرقم 0 وأنه أخذ منهم الاتاوة (وأوقع بهم وقائع جعلتهم عبيدا أذلاء 0ويحاول عامر بن الطفيل الأنتقام من غطفان ، فيجمع الجموع ويوجههم الى بنى عبس ليدركوا ثأرهم فى يوم الرقم ، ويلتقيهم فى يوم ((النتأة)) ( وقيل : النتاءة أو البثاءة ) وعلى رأسهم الورد بن حابس العبسى ، وكان على رأس بنى عامر : عامر بن الطفيل ، ويلتقى الجمعان فيقتل الربيع بن زياد العبسى : عبدالله بن الطفيل أخا عامر ، ويطعن عامر ضبيعة بن الحارث العبسى برمحه ، ويلقيه عن فرسه ، ويتبين فيما بعد أنه نجا من طعنته ، ويقتل ساعدة بن مر العبسى ،ويهلك كثير من أشراف بنى عامر وعلى رأسهم البراء بن عامر ملاعب الأسنة ،ويفر عامر عامر على على فرسه الورد ، ويعيره شعراء بنى عبس بذلك ، قالت تميمة بنت أهبان العبسية :
ولولا نجاء الورد لا شىء وغيره 000000 وأمر الاله ليس لله غالب
اذا لسكنت العام نفأ ومنأ ومنعجا 00000 بلاد الاعادى أو بكتك الحبائب
ويرضى عامر عما فعله بعبس : (( من آل عبس قد شفيت حرارتى )) ويفر عنترة فرسه الأغر ، ويترك عبلة لفتيان بنى عامر على حد قول عامر 0 وبعد أن انتهى من بنى عبس كانت أنظاره تتوجه نحو (( فزاره )) فيداهمهم فى بيوتهم على حين غرة ، وينهب أنعامهم ، وقيل ان زيد الخيل الطائى كان فى بنى فزارة يطلب نعما له عندهم فأستعانوا به على بنى عامر ، فاستنقذمن عامر غنائمه وأعادها الى بنى فزارة ، ويروى أنه أسر عامرا وجز ناصيته وأطلقه بغير وفاء ،وقال زيد فى ذلك :
انا لنكثر فى قيس وقا ئعنا 00000 وفى تميم وهذا الحى من أسد
وعامر بن الطفيل قد نحوت له 00000 صدر القناة بماضى الحد مطرد ( الى آخره
لما تحسب أن الورد مدركه 00000 وصارما وربيط الجأش ذا لبد
وهذا يعنى أنه لم يأسره ، لأنه لو تمكن منه لطعنه طعنه قاتلة ، ويدعى عامر أنه أسر زيد الخيل فى ثنية المذابيح ثم أطلقه بعد أن فداه قومه ، قال : وأديت زيدا بعدما كان ثاويا 000000 الى أهله يوم الثنية سالما
فأصبحتم لافى سوام فدئه 00000 وأصبح فى تيمان يخطر ناعما
وتظهر خلافات جديدة فى صفوف بنى عامر ، ونحس المرارة التى عاناها عامر لفتيه أصيبوا فى غاراته على عبس وفزارة ، وتزداد رنة الحزن كثيرا فى نفسه وهو يرثى ابن أخيه عبد عمرو بن حنظلة الذى تركه صريعا فى ((بدوة)) 0
ولكن قومه نحوه عن رئاسة بنى عامر ، وقدموا علقمه بن علاثة وتجهزوا لغزو طىء للانتقام من زيد الخيل ، لكن حملتهم باءت بالفشل الذريع 0 وتقتل بنو عامر ذؤاب بن عبدالله الطائى ، فينهض زيد الخيل فى منسر من فرسان طىء ، ويغيرون على مضارب بنى عامر ، ويصيبون منهم مقتلة ، ويرجع زيد وهو يقول : ما أصبت بثأر ذؤاب ، ولا يبوء به الا عامر بن مالك ((ملاعب الاسنة )) .
وأما ابن الطفيل فلا يبوء به ، وأنشأ يقول:
لاأرى بالقتيل قتيلا 0000 عامريا يفى بقتل ذؤاب
عامر ليس عامر بن طفيل 0000 لكن الغمر رأس حى كلاب
فيجيبه عمر بن الطفيل بقصيدة منها :
ان فى قتل عامر ٍ 0000 لبواء لطىء الأجبال
اننى والذى يحج له النا0000 س قليل فى عامر ٍ أمثال
وتكاد حياة عامر بن الطفيل المضطربه تكون شاهدا على الاضطراب الذى ساد علاقات قبيلة بنى عامر بالقبائل المجاورة ، وينهج عامر بن الطفيل سياسة عدوانية تأديبية ، مع القبائل الأخرى من خلال غارات متكررة هدفها اخضاع الخصوم بالقوة والهيمنة لتأدية ((الخرج)) على حد قول عامر نفسه ، ووسيلة ذلك الخيل الجرد والشباب المرد من فرسان عامر 0 بعد أن أصبحت بنو عامر أعز العرب وأكثرهم عددا ، وأشدهم جلدا ، وأحدهم شوكة 0 وبعد أن أثرى الله عددهم وكثر أموالهم على حد قول أبى براء ؛ عامر بن مالك 0 ومن ثم يمكن أن نفسر طموح عامر بن الطفيل فى السيطرة على الخصوم ، والهيمنة على القبائل العربية ، فيقود بنى عامر ، وتتضخم فى نفسه صور الابطال الذين ضحوا فى سبيل مجد قومه من مثل : خالد بن جعفر بن كلاب الذى قتل الملك زهير بن جذيمة فى (( النفراوات )وربيعة الأحوص الذى انتصر على الأحاليف فى ((شعب جبلة )) فيكرر ذكرهم فى أشعار ه ، ويتحول شعره الى معجم تاريخى يرصد الأحداث ويسجل الوقائع ، ولسنا نجد شاعرا جاهليا يعنى بوقائع قومه على نحو ما فعل عامر بن الطفيل ، وقصائده تعد وثائق تاريخية وسجلا لوقائع بنى عامر ، وقد نجد أن هذا السجل غير دقيق فى تفسيره للأحداث ، وكثيرا ما يزعم انتصارا وهميا ، وكثيرا ما تتحول فى شعره انتصارالا ريب فيه ،وتبقى رغبة عامر بن الطفيل فى التفوق والانتصار حافزا يدفعه لملاقاة القبائل الأخرى ، وتسجيل ذلك فى أشعاره ؛فهو يزهو بانتصارات قومه على الفرس فى يوم قراقر أو يوم الحنو ، وهو المشهور بيوم (( ذى قار )) 0 ويسجل انتصارات قبيلته فى (( خوى ))و((الصفا )) أو يوم (( المشقر ))وهو (( يوم الصفقة )) على بنى حنيفة والفرس 0 ويشير الى وقائع قومه فى (( عويرضات )) و((المردات )) فى هجر ، وهلك بنى غنم بن وديعة من عبدالقيس 0 ويدعى أن قومه أفنوا (( عبدالقيس )) فى المرداء ، وأنهم قتلوا بنى حنيفة فى قراها ، وأنهم أسروا سراة بنى لجيم ( حنيفة وعجل ) 0 ويفخر بيوم (( رخيخ )) وانتصار قبيلة بنى عامر على طىء ، لكنه لم يشر الى تحالف طىء وأسد ضد بنى عامر وهزيمة قومه فى يوم (النسار ) 0
ويذكر انتصار قومه فى (( بطن لابة )) وفتكهم ببنى سليم فى يوم ((فج)) 0
ويشير الى موقعة (( دار مأسل)) ومقتل شتير الكلابى ويحرض على الانتقام من بنى ضبة 0
ويفخر بوقائع قومه فى بنى شيبان بن ذهل فى يوم ((زرود)) وأنهم فعلوا خيرا اذ قتلوا عبد بنى البرشاء 0
ويشير الى مقتل أبيه (( بهرجاب )) وأنه لو شهده لقاتل دونه حتى لقى الموت أو ينتصر 0
ويعرض لانتصاراته على بنى عبس فى ((لوى نعيج )) ويشير كثيرا الى (( يوم القاع )) ولعله يقصد (( قاع القرنتين )) أو المشهور بيوم ((السلان)) ويذكر انتصارات قومه فى هذا اليوم على ذبيان 0
ويلتقى عامر بن الطفيل بنى دينار من بنى سعد بن الحارث من بنى أسد ، ويتسرع لملاقاتهم ، فيحمل عليه عتبة بن مرثد الأسدى ويطعنه فى وركه حتى أقصه القتل 0 ( أى أشرف على الموت ثم نجا ) ، وفى ذلك يقول أحد الأسديين :
واختل حد السيف نخبة عامر $$$$$$$$$$ فنجا بها وأقصه القتل
وبنو نمير بالرشاء أصلبهم $$$$$$$$$$ من حد وقع سيوفنا سجل
ويسترد عامر بن الطفيل هيبته فى يوم (( الأجشر )) أو يوم (( بضيع )) وهو المشهور ب( فيف الريح ) وفى هذا اليوم يقود بنى عامر ويتصدى لجموع هائلة من قبائل اليمن تريد فناء بنى عامر : بنى الحارث وقبائل مذحج ( جعفى وزبيد وسعد العشيره ومراد وصداء ونهد ) ويرأسهم ذو الغصة ؛ الحصين بن يزيد الحارثى ،وقبائل خثعم ( شهران وناهس وأكلب ) ويرأسهم أنس بن مدرك الحارثى 0 ويلتقى الجمعان بفيف الريح ، وتدور حرب ضروس يثبت فيها بنو عامر شجاعتهم ، وينهزم الغزاة ، ويصاب عامر بعشرين طعنة ، ويترك مزاحما بن كعب الحارثى ، وسيد صلاءة لدى مزاحفه عويل ، ويفلت منه الحصين الحارثى ، وينتهز أخوه الفرصة فيطعن مسعر الحارثى عامرا فيفقأ عينه ، وتنتهى المعركه عن قتلى من الطرفين ، وهجاء متبادل بين شعراء الجمعين ، ويزعم مسعر الحارثى أن عامرا فر عن زوجته وتركها فى أسر قومه قال:
رهصت بخرص الرمح مقلة عامر 0000000 فأضحى بخيصا فى الفوارس أعورا
وغادر فينا رمحه و سلاحه 0000000 وأدبر يدعوا فى الهوالك جعفرا
وبعد هذا اليوم بحين يفخر اللجلاج الحارثى ، وهو طفيل بن يزيد بن عبد يغوث الحارثى بما فعل قومه بفيف الريح ، وقال:
سائل بفيف الريح عنا عامرا 0000000 هل بات ذا سهر بطعنة مسهر
وتهيج حرب دعائية بين عامر بن الطفيل وعمرو بن معد يكرب الزبيدى ، فيبعث عمرو رسالة تحذير الى عامر يذكره فيها بوقائع بنى زبيد فى بنى عامر وما كان من أسرهم طفيلا والد عامر ، وقال:
من مبلغ عامرا منى مغلغلة 0000000 أبا على مقال الحق يعترف
هلا حميت طفيلا حين طاف به 0000000 منا حماة وسمر الخط تختلف
فيجيبه عامر بقوله :
أبلغ سراة بنى عمرو واخوتها 00000 من حى نهد بأنا سادة أنف

وتتاح الفرصة لعامر بن الطفيل فيقتل الحصين الحارثى زعيم بنى الحارث فى يوم (( الكور )) بنجران 0 ولا يلبث أن ينتقم من مسهر الحارثى ، فيهتك أقرابه على حد قوله فى الكور 0
ويكرر الغارة على خثعم ويلتقى بهم فى ((وادى أبيدة)) وهو من منازل السراة وعلى رأسهم أنس بن مدرك الخثعمى زعيم شهران وناهس وأكلب ، ويقتل منهم جمعا عظيما ، ويدعى عامر أنه أروى أسنته من دماء ساداتهم 0
وتتاح لعامر الفرصة فيلتقى بنى الديان ( من أدد)فى وقعة ((أعوى)) ويقتل فيها يزيد بن عبدالمدان بن الديان ، قال :
قتلنا يزيد بن المدان 00000 على غير جرم ولم نظلم
بأعوى ويوم لقيناهم 00000 بأرعن ذى لجب مبهم

ويلتقى قضاعة ولخم وجذام وعاملة فى يوم (( أقيصر)) وينتصر عليهم جميعا ويستعيد مكانته فى العرب 0 وتبقى أصداء هذه الأيام تتردد فى أشعار عامر ، فهو يفخر بانتصاراته الساحقه فى فيف الريح ووادى أبيدة والكور ؛ فقد بقر الحبالى من شنوؤة (والأزد من الغوث ) وخبط بخيله نهدا وخثعما 0 وأحال قضاعة أصداء وهاما ، وألحق مذحجا برؤوس الجبال ونفاهم عن ديارهم 0
ويصاب من بنى عامر كثير من الفرسان ، ويعتذر عامر عن ذلك بأن قبيلته كاحدى القبائل لا قبل لهم بشهران العريضة كلها ، وأكلب طرا ، وأن أعداءه جاءوا ببهراء ومذحج وخثعم بقضهم وقضيضهم 0
ويحس عامر الهم والحزن والرغبة فى الثأر من حيى زبيد وأرحب ، ويقود قومه فى معركه جديدة ، ويلتقى بهم فى يوم ((بيشة)) وكان يوم يوم تناصف بينهما ، ويدعى عامر أنه أصاب خولان ونهد وجرم وزبيدبالهزيمة 0
ويشكو عامر من عصيان قومه له ، وأنهم لو أطاعوه فى فيف الريح لأطاح برأسى الحصين الحارثى أنس بن مدرك الخثعمى 0
وعندما يلومه قومه على تهوره وما سبب لهم من مهالك يذكرهم بانتصاراته فى فيف الريح ويوم حسمى ووقعة أعوى 0
ويزداد حزنه وهو يرى حلفا ينشأ بين سلول ( وهم من هوازن قوم عامر ) وخثعم ، ضد بنى عامر ، واتفقا على أن ينذر أحدهما الآخر من غارات بنى عامر ؛ فيشكو عامر مر الشكوى من سلول وخذلان قومهم الأدنين 0
ويظهر فى غرب الجزيرة نبى يدعوا الناس الى الاسلام ، ويزور أبو براء عامر بن مالك (( يثرب )) بعد وقعة ((أحد)) سنة خمس وعشرين وستمائة ، ومعه فرسان وراحلتان هدية له ، فيرد الرسول (ص) هديته ويعرض عليه الاسلام 0
فيشير عليه أن يبعث الى بنى عامر مقرئين وفقهاء لتعليم الناس أمور الدين ،
فيرسل النبى (ص) سبعين رجلا من قراء الأنصار ، وينزلون ب ((بئر معونة )) ولما علم عامر بن الطفيل بقدومهم استنفر بنى عامر لقتالهم ، فأبوا أن يخفروا ذمة أبى براء ، فاستعان ببنى سليم ( رعل وذكوان وعصية ) فأعانوه ، وغدروا بأصحاب الرسول (ص) وقتلوهم ، ولما علم الرسول (ص) بما فعل عامر بن الطفيل قال: اللهم أهد بنى عامر ، وأطلب خفرتى من عامر بن الطفيل 0
ويفخر عامر بأنه قتل أصحاب النبى (ص) وأنصاره فى جو المدينة 0
ولعله يشير الى بئر معونه 0
ويغضب صحابة الرسول (ص) من غدر عامر ، ويبكى الشهداء حسان ابن ثابت ، ويدعوا بنى أبى براء للثأر من عامر بن الطفيل لاستخفافه بخفارة أبى براء ونقضه لعهده ، قال مخاطبا ربيعة بن عامر بن مالك :

ألا من مبلغ عنى ربيعا &&&&&&& فما أحدثت فى الحدثان بعدى
أبوك أبو الفعال أبوبراء &&&&&&& و خالك ماجد حكم بن سعد
بنى أم البنين ألم يرعكم &&&&&&& و أنتم من ذوائب أهل نجد
تهكم عامر بأبى براء &&&&&&& لخفره و ما خطأ كعمد
فلما بلغ ربيعة هذا الشعر ، قدم الى المدينه ، ووعد الرسول (ص) بالانتقام من عامر ، ولما عاد طعنه بالرمح فى فخذه فأشواه ، ونجا من طعنته وعاش حتى أدرك عام الوفود فى السنة التاسعة من الهجرة 0
ويفد عامر بن الطفيل وجماعة من بنى عامر بن صعصعة ، وفيهم أربد بن قيس وجبار بن سلمى على الرسول (ص) ، فلما قدموا وثب الرسول (ص) عامرا وسادة (أى فرشه اياها وأجلسه عليها ) وأدنى مجلسه ، وكان عامر ابن بضع وثمانون سنة 0
ودعاه الرسول (ص) الى الاسلام فاشترط عليه أن يجعل له الأمر من بعده ، فيأبى الرسول ( ص) ، ويطلب أن يقاسم الرسول الحكم بأن يجعل له الوبر وللرسول المدر ، فيأبى الرسول (ص) ويطلب أن يجعل له نصف ثمار المدينة فيأبى الرسول (ص) ، ويعرض عليه الرسول (ص) أعنة الخيل لأنه فارس (أى قيادة الجيش ) فيأبى عامر ، وفى نفسه ألآ تنتهى حياته حتى يتبع العرب عقبه ، فكيف يتبع العرب عقب هذا الفتى من قريش 0
ويخرج من مجلس الرسول (ص) مهددا متوعدا ، وهو يقول : والله لأملأنها عليك خيلا جردا ، ورجالا مردا ، ولأربطن بكل نخلة فرسا ))
ويحزن الرسول على هذا العناد وهذه المساومة ، ويدعو لبنى عامر بالهدى ، ويدعو على عامر بن الطفيل بالثبور ، ويقول : (( والذى نفسى بيده لو أسلم فأسلمت بنو عامر لزاحموا قريشا على منابرهم )) ولم يلبث عامر أن توفى بالغدة أثناء عودته الى ديار بنى عامر ، وتصعق أربد صاعقة قاتله 0
ولم تلبث بنو عامر أن أسلمت بعد ذلك بقليل ودخلت فى تاريخ جديد 0


((( وفاة عامر بن الطفيل وصداها )))
مات عامر بالغدة بعد منصرفه من لقاء الرسول (ص) أثناء عودته الى ديار بنى عامر ، وهو ابن الثمانون عاما 0 وقيل : كان عمره ثمانين ونيفا 0
وكان موته فاجعه حلت ببنى عامر ، فقد فقدوا نجما لا يخفق الا سناا ، وسيلا عارما ، وفارسا لا ينثنى ، قال ابن عمه جبار فى تأبينه :: ان أبا على بان عن الناس بثلاث : كان لا يعطش حتى تعطش الابل ، ولا يضل حتى يضل النجم ، ولا يجبن حتى يجبن الليل 0
وجعلت بنو عامر حول قبره حمى ميلا فى ميل لا تدخله ماشية ولا تنشر فيه راعية ولا يسلكه راكب ولا ماشى 0 والحمى مقدس فى معتقد الجاهليين ،وقد يشير هذا الى قدسية الفرسان والزعماء فى عشائرهم 0
ويكاد بعضهم ينكر أن يكون عامر قد مات فمثل هؤلاء لا يموتون 0
قالت امرأة سلولية ترثيه :
أنعى عامر بن الطفيل الأبقى
و هل يموت عامر محتقا
و ما أرى عامر مات حقا

قيل : ما رئى أكثر يوم باكيا وباكية ، وخمش وجوه ، وشق جيوب من ذلك اليوم 0
وبعد موته تبقى فروسية عامر ذكرى يتناقلها الشعراء والأدباء ، ويتردد صداها عند شعراء قيس وغير قيس ، فعندما يعدد جرير رجالات قيس يضع عامرا فى المقام الأعلى منهم ، قال :

منا فوارس ذى بهدى وذى نجب &&&&&&&&& و المعلمون صباحا يوم ذى قار
جئنى بمثل بنى بدر لقومهم &&&&&&&&& أو مثل أسرة منظور بن سيار
أو عامر بن الطفيل فى مركبه &&&&&&&&& أو حارث يوم نادى القوم يا حار

وقال على بن جبلة العكوك فى أبى دلف :

رجل أبر على شجاعة عامر &&&&&&&&&& بأسا وغبر فى محيا عامر

ويذكره أبوا لعلاءالعرى فى رسالة الغفران ويقول :

((((((( والرمح الأطول الى عامر ابن الطفيل )))))))
ويقول فى شعره ::

فمن لبسطام بن قيس بها &&&&&&&&&&&& ذخيرا أو عامر بن الطفيل


ويذكره الفقيه الوزير ابن عبدون بقوله فى احدى رسائله :

(( فى مقانب الخطابه بطفيلها ، وبابنه عامر قائد خيلها ، وبأبى براء ملاعب أسنتها ، وبأبى الصهباء صاحب أعنتها ))

منازل بنى عامر
كان بنو عامر فى أول أمرهم يشتون فى نجد لسعتها وكثرة مراعيها وامراء كلئها ، ويصيفون بالطائف لطيب هوائها وثمارها ، فلما قوى أمر ثقيف أجلتهم عن الطائف ، واستقروا غربى نجد مما يلى الحجاز 0
وظلت بطون كلاب تتقارب مساكنها فى نجد بعد الأسلام ، قال أبو زياد الكلابى : اذا خرج عامل بنى كلاب مصدقا من المدينة ( أى ليأخذ الصداق) فأول منزل ينزله يصدق عليه ((أريكة)) لبنى كعب بن عبدالله بن أبى بكر بن كلاب 0 قال الأصمعى : أريكة : ماء لبنى كعب بن عبدالله بن أبى بكر بقرب عفلان ، غربى الحمى (( حمى ضرية)) وهى أول منزل ينزل عليه مصدق المدينة 0
ثم يرحل من أريكة الى (( العناقة )) وهى لغنى ، فيصدق عليها غنيا كلها وبطون من الضباب ، وبطونا من بنى جعفر بن كلاب 0
ثم يرد الى (( مدعى )) لبنى جعفر بن كلاب ، وهى مياه بالحمى ((حمى ضرية )) وهى خير مياه بنى جعفر ، وهى متوح مطوية بالحجاره ، وكل ركية تحفر بنجد مطوية بالحجارة أو مفروشة بالخشب 0 وعلى (( مدعى )) عظيم بنى جعفر وكعب بن مالك ، وغاضرة بن صعصعة 0 ثم يرد الى (( المصلوق )) ويصدق على المصلوق بطونا ، وهى من مياه بنى عمرو بن كلاب ، وهى قنة بطرف بئر بنى غاضرة 0 ثم يرد الى (( الرنية )) ويصدق على الرنية بنى ربيعة بن عبدالله ابن أبى بكر بن عمرو بن كلاب ، قوم المحلق 0 ورنية قرية من حد تبالة يسكنها أيضا بنو عقيل ، وهى أحساء تجرى تحت الحصى 0 وفى ((حمى ضرية )) دخلت حقوق لسبعة أبطن من بنى كلاب 0
ويشير الرواة الى تنازع بنى جعفر بن كلاب وبنى أبى بكر بن كلاب فى ماء (( قنيع )) 0
وكانت أفلاج اليمامة ، وهى قرى عظيمة بها نخل ومزارع وأنهار ، من أهم مواطن الاستقرار لكثير من قبائل بنى عامر ، بخاصة : قشير وبنى كعب وجعدة 0
وسكنت جعدة الزرنوق والسوق والغيل والثجة وغلغل 0 وسكنت قشير : القاع والمزارع 0

الشلوااني
02-Dec-2007, 02:34 AM
يوم جبلة

قال أبو عبيده
وأما يوم شعب جبلة 0 وكان من أعظم أيام العرب 0 وكانت عظام أيام العرب ثلاثة أيام : يوم الكلاب 0 ويوم ذي قار 0 ويوم جبلة 0
وكان الذى هاج يوم جبلة 0 أن بنى عبس بن بغيض 0 حين خرجوا هاربين من بنى ذبيان بن بغيض حاربوا قومهم 0 خرجوا متلددين 0 فقال الربيع بن زياد العبسى : ـ أما والله لأرمين العرب بحجرها 0 اقصدوا لبنى عامر 0

فخرج فنزل مصيفا من بلاد بنى عامر 0 فقال:
امكثوا0 فخرج ربيع وعمارة أبنا زياد 0 والحارث بن خليف 0 حتى نزلوا على ربيعة بن شكل بن كعب بن الحريش 0 فكان العقد من بنى عامر إلى بنى كعب بن ربيعة 0وكانت الرئاسة فى بنى كلاب بن ربيعة فقال ربيعة بن شكل : يابنى عبس 0 شأنكم جليل 0 وذحلكم الذى يطلب فيكم عظيم 0 وأنا والله 0 أعلم أن هذه الحرب 0 أعز حرب حاربته العرب قط 0 ولا والله 0 مابد من كلاب 0فأمهلوني حتى أستطلع طلع قومي 0 فخرج فى ركب من بنى كعب 0 حتى جاءوا بنى كلاب 0 فلقيهم عوف بن الأحوص فقال: ـ يا قوم 0 أطعونى فى هذ ا الظرف من غطفان 0 فاقتلوهم 0 واغنموهم 0لا تفلح غطفان بعده 0 أبدا 0 ما تزيدون على أن تسمنوهم وتمنعوهم حتى تصيروا لقومهم عدى (إن بنى عبس أدنى عدوكم
إليكم 0 إنما يجمعون كراعهم 0 ويحدون سلاحهم 0 ويأسون قرحهم 0 فأطيعوني وشدوا عليهم 0 قبل أن يندملوا0 وقال: وأنى وقيسا كالمسمن كلبه فخدشه أنيابه وأظافره فأبوا عليه وأقبلوا حتى نزلوا على الأحوص بن جعفر 0 فتركوا له من أمرهم 0فقال لربيعه بن شكل : ـ أظللتهم ظلك وأطعمتهم طعامك ؟ قال: نعم 0 قال:ـ قد والله أجرت القوم !! { فأنزلوا القوم وسطهم } (( بحبوحة دارهم))0 وذكر بشر بن عبد الله بن حيان الكلابى أن عبسا لما حاربت قومها 0 أتوا بنى عامر 0 فأرادوا عبد الله بن جعده 0 وابن الحريش 0 ليصيروا حلفائهم 0 دون بنى كلاب 0
فأبى قيس بن زهير 0وأقبل نحو بنى جعفر 0 هو والربيع بن زياد 0 حتى انتهيا إلى الأحوص 0 جالسا قدام بيته 0 فقال قيس للربيع :_ إنه لا حلف 0 ولا ثقة 0 دون أن انتهى إلى هذ ا الشيخ 0فأقدم عليه قيس 0 فأخذ بمجامع ثيابه وراء ظهره 0فقال : هذ ا مقام العائذ بك 0 قتلتم أبى 0 فما أخذت له عقلا ولا قتلت به أحدا 0 وقد أتيتك لتجيرنا 0 فقال الأحوص :ـ نعم أنا لك جار 0 مما أجير منه نفس 0 وعوف بن الأحوص عن ذ اك غائب 0فلما سمع عوف بذلك أتى الأحوص 0 وعنده بنو جعفرفقال : يا معشر بنى جعفر 0 أطيعوني اليوم 0 واعصوني أبدا0 وان كنت والله فيكم معصيا 0 انهم والله 0
لو قد لقوا ذبيان 0قد ولوكم أطراف الأسنة 0 إذ ا نكهوا فى أفواههم بكلام 0 ابدءوا بهم فاقتلوهم
واجعلوهم مثل البرغوث 0 دماغه فى دمه 0 فأبوا عليه 0 وحالفوهم 0 فقال : _ لا أدخل فى هذ ا الحلف أبدا 0
قال : وسمعت بهم حيث قر قرارهم 0 ذبيان 0 فحشدوا فاستعدوا 0 وخرجوا0 وعليهم حصن بن حذيفة بدر ومعه الحليفان أسد وذبيان 0 يطلبون بدم حذيفة بن بدر 0وأقبل معهم معاوية بن شرحبيل بن أخضر بن الجون 0 والجون معاوية 0 سمى بذلك لشدة سواده 0 بن آكل المرار الكندي فى جمع من كنده 0 وأقبلت بنو حنظلة بن مالك 0والرباب عليهم لقيط بن زرارة 0 يطلبون بدم معبد بن زرارة 0 وبشر بن عدس 0 وأقبل حسان بن عمرو بن الجون فى جمع عظيم من كنده 0
]وغيرهم وأقبلوا إليهم بوضائع كانت تكون بالحيرة عند الملوك 0وهم الرابطة 0وكان فى الرباب 0 رجل من أشرافهم 0 يقال له النعمان بن قهوس التيمى 0 وكان معه لواء من سار معه إلى جبلة 0 وكان من فرسان العرب 0 وله تقول دختنوس بنت لقيط بن زرارة يومئذ 0

فر بن قهوس الشجا ع .. بكفه رمح متل
يعدو به خاظى البض يع .. كأنه سمع أزل

مثل : ستقيم 0 يتل به كل شيء 0الشىء المكتنز) السمع :ولد الضبع من الذئب 0 والاذل :الأرسح

(والعبار : ولد الذئب من الكلبة) 0

إنك من تيم فدع .. غطفان أن ساروا وحلوا
لا منك عدهم ولا .. آباؤك أن هلكوا وذلوا
فخر البغي بحدج رب.. تها إذ ا الناس استقلوا
لاحدجها ركبت ولا .. لرغال فيه مستظل
ولقد رأيت أباك .. وسط القوم يربق أو يجل
متقلدا ريق الفرا ر .. كأنه فى الجيد غل

(يجل يلقط البعر 0 والفرار : أولاد الغنم 0 واحدها فرارة )

قال : وكان معهم من رؤساء بنى تميم حاجب بن زرارة 0 ولقيط بن زرارة 0 وعمرو بن عمرو 0 وعتبة بن الحارث بن شهاب 0 وتبعهم غثاء من غثاء الناس يريدون الغنيمة 0 فجمعوا جمعا لم يكن فى الجاهلية مثله قط 0 أكثر كثرة 0 فلم تشك العرب فى هلاك بنى عامر 0 فجاءوا حتى مروا ببني سعد بن زيد مناة 0 فقالوا لهم : ـ سيروا معنا إلى بنى عامر 0فقالت بنو سعد : ـ ما كنا لنسير معك 0 ونحن نزعم أن عامر بن صعصعة 0 ابن سعد بن زيد مناة ]{ أحمد : أي هم منا } فقالوا : _ أما إذ ا أبيتم أن تسيروا معنا فأكتموا علينا 0 قالوا : أما هذا فنعم فلما سمعت بنوا عامر بمسيرهم 0 اجتمعوا إلى الأحوص بن جعفر 0 وهو يومئذ شيخ كبير وقد وقع حاجباه على عينيه 0 وقد ترك الغزو 0 غير أنه يدير أمر الناس 0 وكان مجربا حازما 0 ميمون النقية 0 فأخبروه الخبر 0 فقال لهم الأحوص : قد كبرت فما أستطيع أن أجئ بالحزم 0وقد ذهب الرأي منىولكن إذ ا سمعت عرفت 0 فأجمعوا آراءكم 0 ثم بيتوا ليلتكم هذه 0 ثم أغدوا على 0 وأعرضوا على آراءكم 0 ففعلوا 0 فلما أصبحوا 0 غدوا عليه 0 فوضعت له عباءة بفنائه 0 فجلس عليها 0 ورفع حاجبيه عن عينيه بعصابة 0 ثم قال : _ هاتوا ما عندكم .فقال قيس بن زهير : _ بات (الليلة ) فى كنانتي هذه مائة رأى فقال الأحوص : _ يكفينا منها رأى واحد حازم 0 صليب مصيب 0 هات فانثر كنانتك 0فجعل يعرض عليه كل رأى رآه حتى أنفد 0 فقال الأحوص : ما أراه بات فى كنانتك رأى واحد 0 وعرض عليه الناس آراءهم 0 حتى انفدوا فقال : _ ما أسمع شيئا وقد صرتم إلى 0 احملوا أثقالكم وضعفاءكم ففعلوا 0 ثم قال : _ احملوا ظعنكم 0 فحملوها 0 ثم قال : اركبوا 0 فركبوا 0 وجعلوه فى محفة وقال : انطلقوا 0 حتى تعلوا فى اليمين 0 فإن أدرككم أحد كررتم عليه 0 وان أعجزتموهم 0 مضيتم فسار الناس حتى أتوا (( وادي بحار )) ضحوة 0فإذ ا الناس يرجع بعضهم إلى بعض 0فقال الأحوص : ما هذ ا ؟ فقيل : هذ ا عمروا بن عبد الله بن جعدة فى فتيان من بنى عامر 0 يعقرون بمن أجاز بهم 0 ويقطعون بالنساء حواياهن 0 فقال الأحوص : _ قدموني 0 فقدموه حتى وقف عليهم 0 فقال : ما هذ ا الذى تصنعون ؟ !فقال عمرو : تريد أن تفضحنا 0 وتخرجنا هاربين من بلادنا ونحن أعز العرب وأكثرهم عددا وجلدا 0 وأحدهم شوكة 0 تريد أن تجعلنا موالى العرب 0 إذ خرجت بنا هاربا قال : فكيف أفعل ؟! فقد جاءنا ما لا طاقة لنا به 0 فما الرأي ؟ قال : نرجع إلى شعب جبلة 0 فنحوز النساء والذرارى والضعفة والأموال فى رأسه 0ونكون فى وسطه 0 ففيه ثمل 0 ( أي خصب ) وماء 0 فمن أقام من جاءك أسفل أقام على غير ماء 0 ولا مقام لهم 0 وان صعدوا قاتلتهم من فوق رؤوسهم بالحجارة 0 وكنت حرز 0 وكانوا فى غير حرز 0 وكنت على قتالهم أقوى منهم على قتالك فقال : هذ ا والله الرأي 0 فأين كان هذ ا عنك حين استشرت الناس ؟قال : إنما جاءني الآن 0 فقال الأحوص للناس : ارجعوا 0 فرجعوا ففي ذلك يقول نابغة بنى جعدة 0

ونحن حبسنا الحي عبسا وعامرا .. لحسان وابن الجون إذ قيل أقبلا
وقد صعدت عن ذي بحار نسائهم .. كإصعاد نسر لا يرومون منزلا
عطفنا لهم عطف الضروس فصادفوا .. من الهضبة الحمراء عزا ومعقلا

فدخلوا شعب جبلة 0 وجبلة هضبة حمراء بين الشريف والشرف 0 والشريف ماء لبنى نمير 0والشرف ماء لبنى كلاب 0 وجبلة جبل طويل 0 له شعب عظيم واسع 0 لا يؤتى الجبل إلا من قبل الشعب 0 والشعب متقارب المدخل 0 وداخله متسع 0 وبه اليوم ((عرينة )) من ((بجيلة ))0فدخلت بنوا عامر شعبا منه يقال له (( مسلح )) فحصنوا النساء والذرارى والأموال فى رأس الجبل وحلئوا الإبل عن الماء 0 واقتسموا الشعب بالقداح 0 فأقرع بين القبائل فى شظاياه 0 فخرجت بنوا نمير ومعهم بارق 0حى من الازد 0 حلفاء يومئذ لبنى نمير 0 وبارق هو سعد بن عدى بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء (وسمى مزيقياء لأنه كان يمزق كل يوم حلة ) فولجوا الخليف وهو الطريق بين الشعبين (شبه الزقاق) لأن سهمهم تخلف 0 وفيه يقول معقر بن أوس بن حمار البارقى :

ونحن الأيمنون بنو نمير يسيل بنا أمامهم الخليف

قال : وكان معقر يومئذ شيخا كبيرا أعمى 0 ومعه بنت له تقود به جمله فجعل يقول لها :من أسهل من الناس ؟ فتخبره فيقول : هؤلاء بنو فلان 0 وهؤلاء بنو فلان 0 حتى إذ ا تتاموا قال :اهبطي لا يزال الشعب منيعا سائر اليوم وهبط الناس . وكانت ( كبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب ) يومئذ حاملا بعامر بن الطفيل فقالت : يابنى عامر ارفعوني فوالله إن فى بطني لعز بنى عامر 0فوضعوا القسي على عواتقهم ثم حملوها حتى أثووها بالقنة 0 فزعموا أنها ولدت عامرا يوم فرغ الناس من القتال فشهدت بنو عامر كلها جبلة إلا هلال بن عامر 0 وعامر بن ربيعة بن عامر 0 وشهدها مع بنى عامر من العرب بنو عبس بن رفاعة بن الحارث بن بهثة بن سليم 0 وكان لهم بأس وحزم 0 وعليهم مرد ا س بن أبى عامر 0 وكانت بنو عبس بن رفاعة حلفاء بنى عامر بن كلاب 0 وزعم بعضهم أن مرد اسا كان مع اخوته غنى وكانت أمه فاطمة بنت جلهمة الغنوية 0 وشهدتها غنى وباهلة وناس من بنى سعد بن بكر 0 وقبائل بجيلة كلها 0 إلا قسرا لحرب كانت بين قسر وقومها 0 فارتحلت بجيلة فتفرقوا فى بطون بن عامر 0 فكانت عادية بن عامر بن قداد من بجيلة 0 فى بنى عامر بن ربيعة وكانت سحمة من بجيلة 0 فى بنى جعفر بن كلاب ويقال : عمرو بن كلاب 0وكانت عرينة من بجيلة فى عمرو بن كلاب 0 وكانت قيس كبة (لفرس يقال له كبة من بجيلة فى بنى عامر بن ربيعة 0 وكانت بنو عامر بن معاوية بن زيد 0 من بجيلة 0 فى بنى عامر بن ربيعة 0 وكانت بنو قطيعة من بجيلة 0 فى أبى بكر بن كلاب 0 وكانت بن هبة الله 0 بجيلة 0 فى بنى نمير وكانت ثعلبة والخطام 0 من بجيلة فى بنى عامر بن ربيعة 0 وكانت عمرو بن معاوية بن زيد 0من بجيلة 0 فى بنى أبى بكر بن كلاب 0 معهم يومئذ نفير من عكل 0 فبلغ جمعهم ثلاثين ألفا وعمى على بنى عامر الخبر 0 فجعلوا لا يدرون ما قرب القوم من بعدهم 0 وأقبلت بنو تميم وذبيان وأسد ولفهم نحو جبلة 0 فلقوا كرب بن صفوان بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن زيد مناة 0 فقالوا : أين تذهب أتريد أن تنذر بنا بنى عامر 0قال : لا 0 قالوا : فأعطنا عهدا وموثقا 0 ألا تفعل 0 فأعطاهم فخلوا سبيله 0 فمضى مسرعا على فرس له عرى (أي بلا سرج ) حتى إذ ا نظر إلى مجلس القوم 0 وفيهم الأحوص 0 نزل تحت شجرة حيث يرونه 0 فأرسلوا إليه يدعونه فقال : لست فاعلا 0 ولكن إذ ا رحلت أتوا منزلي فإن فيه الخبر فلما رحل 0 جاءوا منزله 0 فإذ ا فيه تراب فى صرة وشوك قد كسر رؤوسه 0 وفرق جبهته وإذ ا حنظلة موضوعة 0 وإذ ا وطب معلق فيه لبن فقال الأحوص : هذ ا رجل قد أخذ عليه المواثيق إلا يتكلم 0 وهو يخبركم أن القوم مثل التراب كثرة وان شوكتهم كليلة 0 وهم متفرقون 0 وجاءكم بنو حنظلة 0 انظروا ما فى الوطب 0فاصطبوه فاذ ا فيه لبن حزر قرص 0 فقال : القوم منكم قدر حلاب اللبن إلى أن يحزر0
فقال رجل من بنى يربوع 0 ويقال قالته دختنوس بنت لقيط :

كرب بن صفوان بن شحنة لم.. يدع من دارم أحد ا ولا من نهشل

أجعلت يربوعا كقورة دائر .. ولتحلفن بالله أن لم تفعل

وذلك قول عامر بن الطفيل 0 بعد جبلة بحين 0

ألا أبلغ لديك جموع سعد.. فبيتوا أن نهيجكم نياما

نصحتم بالمغيب ولم تعينوا ..علينا أنكم كنتم كراما

فلوا كنتم مع ابن الجون كنتم.. كمن أروى فأصبح قد آلاما

فلما استيقنت بنو عامر بإقبالهم 0 صعدوا الشعب 0 وأمر الاحوص بالإبل التى ظميت 0 قبل ذلك فقال : اعقلوا كل بعير بعقالين فى يديه جميعا 0

وأصبح لقيط 0 والناس نزول به 0 وكانت مشورتهم إلى لقيط 0 فاستقبلهم جمل عود أجرب 0 أحذ

أعصل 0 كاشر عن أنيابه 0 فقال الحزاة من بنى أسد 0 (والحازى العائف ) :اعقروه 0

فقال لقيط : لا والله لا يعقر حتى يكون فحل إبلي نذرا 0وكان البعير من عصافير المنذر التى أخذها

قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة بن قشير 0 والعصافير ابل كانت للملوك نجائب 0

ثم استقبلهم معاوية بن عبادة (بن عقيل ) وكان أعسر وهو يقول :

أنا الغلام الأعسر الخير فى والشر والشر فى أكثر

فتشاء مت بذلك بنو أسد 0 وقالوا : ارجعوا عنهم وأطيعونا 0 فرجعت بنو أسد فلم تشهد جبلة مع لقيط 0 إلا نفير يسير منهم شأس بن أبى بلى أبو عمرو الشاعر 0 ومعقل بن عامر بن مؤلة المالكي0

وقال الناس للقيط : ماترى ؟ قال : أرى أن تصعدوا إليهم0 فقال شأس : لا تدخلوا على بنى عامر

فأنى أعلم الناس بهم 0 قد قاتلتهم وقاتلوني 0 وهزمتهم وهزموني فما رأيت قط0 أقلق بمنزل من بنى عامر والله ما وجدت لهم مثلا 0الا الشجاع 0 فإنهم لا يقر فى حجر 0 قلقا 0 وسيخرجون إليكم

والله لئن يتم هذه الليلة 0 لا تشعرون بهم إلا وهم منحدرون عليكم 0

فقال لقيط : والله لتدخلن عليهم 0 فأتوهم 0وقد أخذوا حذرهم 0 وجعل الأحوص ابنه شريحا على تبعية الناس 0 وأقبل لقيط وأصحابه مدلين 0 فسندوا فى الجبل 0 حتى ذرت الشمس 0 فصعد لقيط فى الناس 0 فأخذ بحافتي الشعب فقال بنو عامر للأحوص : قد أتوك 0 قال : دعوهم 0

قال الأحوص : حلوا عقل الإبل 0 وأحدروها عليهم 0 واتبعوا أدبارها وليتبع كل رجل منكم بعيره حجرين أو ثلاثة 0

ثم صاحوا بها 0 فلم يفجأ الناس إلا بالإبل تريد الماء والمرعى 0 وجعلوا يرمونهم بالحجارة والنبل 0

وأقبلت الإبل تحطم كل شئ مرت به 0 وجعل يدهدى بيديه كذ ا وكذ ا حجرا 0 وقد كان لقيط

وأصحابه سخروا من بنى عامر حين صنعوا بالإبل ما صنعوا 0 فقال رجل من بنى أسد :

زعمت أن العير لا تقاتل ..بلى إذ ا تقصقع الرحائل

واختلف الهندي والذوابل ..وقالت الأبطال من ينازل

بلى وفيها حسب ونائل

وانحط الناس منهزمين من الجبل حتى السهل 0 فلما بلغ الناس السهل لم يكن لأحد ناهية إلا أن يذهب على وجهه 0 فجعلت بنو عامر يقتلونهم 0 ويصرعونهم بالسيوف فى أثارهم0 فانهزموا شر هزيمة 0فجعل رجل من بنى عامر يرتجز وهو يقول :

لم أر يوما مثل يوم جبلة ..يوم أتتنا أسد وحنظلة

و غطفان و الملوك أزفلة.. نضربهم بقضب منتخلة

لم تعد أن أقرش عنها الصقله.. حتى حدوناهم حداء الزوملة

وجعل معقل بن عامر يرتجز ويقول :

نحن حماة الشعب يوم جبلة.. بكل عصب صارم ومعبلة ..وهيكل نهد معا وهيكله

المعبلة : السهم العريض 0 (إذ ا كان نصله عريضا فهو معبلة 0 والرقيق القبة )0

وخرجت بنو نمير من الخليف على الخيل 0 فكركروا الناس (يعنى ردوهم ) وانقطع شريح بن الأحوص فى فرسان حتى أخذ الجرف فقتل الناس هناك قتلا شديدا 0 وجعل لقيط 0 وهو يومئذ على الجرف 0 على برزون له 0 مجفف بديباج أعطاه إياه كسرى 0 وكان أول عربي جفف 0 فجعل يقول :

عرفتكم فالدمع ملعين يكف.. لفارس أتلفتوه ما خلف

إن الشواء والنشيل والرغف.. والقينة الحسناء والكأس الأنف

وصفوة القدر وتعجيل اللقف.. للطاعنين الخيل والخيل قطف

وجعل لا يمر به أحد من الجيش 0 إلا قال له : أنت والله 0 قتلتنا وشتمتنا 0

فجعل يقول :

ياقوم قد أحرقتموني باللوم.. ولم أقاتل عامرا قبل اليوم

فاليوم إذ قاتلتهم فلا لوم ...تقدموا وقدموني للقوم

شتان هذ ا والعناق والنوم... والمضجع البارد فى ظل الدوم

فقال شأس بن أبى بلى يجيب :

لكنني قاتلتها قبل اليوم ..إذ كنت لا تعصى أموري فى القوم

وجعل لقيط يقول : من كر فله خمسين ناقة 0 وجعل يقول :

أكلهم يزجره أرحب هلا.. ولن تروه الدهر إلا مقبلا

يقود جيشا ورئيسا جحفلا.. وسائلا فى أهله ما فعلا

وجعل يقول :

أشقر إن لم تتقدم تنحر.. وان تأخر عن هياج تعقر

ثم عاد يقول :

( إن الشواء والنشيل والرغف ))

فأجابه شريح بن الأحوص :

إن كنت ذ ا صدق فأقحمه الجرف وقرب الأشقر حتى تعترف

وجوهنا أنا بنو البيض العطف

وبينه جرف منكر 0 فضرب لقيط فرسه فاقحمه عليه الجرف 0 فطعنه شريح 0 فسقط 0 وقد اختلفوا فى ذلك 0 فذكروا إن الذى طعنه جزء بن خالد 0 بن جعفر 0 وبنو عقيل تزعم 0 أن عوف بن المنتفق العقيلى قتله يومئذ 0 وأنشأ يقول :



ظلت تلوم لما بها عرسي.. جهلا وأنت حليمة أمسى

أن تقتلوا بكرى وصاحبه ..فلقد شفيت بسيفه نفسي

فقتلته فى الشعب أول فارس بالشرق قبل ترحل الشمسي

وزعموا أن عوفا هذ ا قتل يومئذ ستة نفر 0 وقتل يومئذ ابنه وابن أخ له 0

وأما العلماء 0 فإنهم لا يشكون 0 أ ن شريحا قتله 0 فارتث وبه طعنات ( والإرتثاث أن يحمل وهو

مجروح 0 فإن حمل ميتا فليس بمرتث ) فبقى يوما ثم مات 0



فجعل لقيط يقول عند موته :

يا ليت شعري عنك دختنوس.. إذ ا أتاك الخبر الموموس

ا تحلق القرون أم تميس.. لا بل تميس إنها عروس



دختنوس بنت لقيط 0 وكانت تحت عمرو بن عدس 0 وجعلت بنو عبس يضربونه وهو ميت 0

فقالت دختنوس :

(1) ألا يالها الويلات ويلت من بكى ..لضرب بنى عبس لقيطا وقد قضى

(2) لقد ضربوا وجها عليه مهابة ..وما تحفل الصم الجنادل من ردى

(3) فلو أنكم كنتم غداة لقيتم.. لقيطا صبرتم للأسنة والقنا

(4) غدرتم ولكن كنتم مثل خضب.. أصاب له القناص من جانب الشرى

الخضب النعام 0 والشرى موضع 0

(5) فما ثأره فيكم ولكن ثأره.. شريح و أردته ألا سنة إذ هوى

(6) فإن تعقب الأيام من عامر يكن ..عليهم حريقا لا يرام إذ ا سما

(7) ليجزيهم بالقتل قتلا مضعفا ..وما فىدماء الحمس يا مال من بنى

(8) ولو قتلتنا غالب كان قتلها.. علينا من العار المجدع للعلا

(9) لقد صبرت للموت كعب وحافظت ..كلاب وما أنتم هناك لمن رأى



وقالت دختنوس :

لعمري لئن لاقت من الشر د ارم ..عناء لقد آبت حميدا ضرابها

فما جبنوا بالشعب إذ صبرت لهم.. ربيعة تدعى كعبها وكلابها

عصوا بسيوف الهند واعتكرت.. لهم بركاء موت لا يطير غرابها

( بركاء : مباركة القتال 0 وهو الجد فى القتال 0 يقال للرجل إذ ا وقع فى خطب لا يطير غرابها )

اسود شرى لاقت أسود خفية.. سرابيلها الماذى غلب رقابها

وقالت أيضا :



(1) بكر النعي بخير.. خندف كلها وشبابها

(2) وبخيرها نسبا إذ ا.. عدت إلى أنسابها

(3) و أضرها لعدوها.. و أ فكها لرقابها

(4) و قريعها و نجيبها.. فى المطبقات ونابها

(5) ورئيسها عند الملو ك.. وزين يوم خطابها

(6) فرعى عمود ..العشيرة رافعا لنصابها

(7) ويعولها و يحوطها.. ويذب عن أحسابها

(8) ويطا مواطن للعد و.. وكان لا يمشى بها

(9) فعل المدل من الأسو د.. لحينها و تبا بها

(10) كالكواكب الدرى.. فى سيماء لا ا يخفى بها

(11) عبث الأغر به.. وكل منية لكتابها

(12) فرت بنو أسد حرو د.. الطير عن أربا بها

(13)لم يحفلوا نسبا ولم.. يلووا لفيء عقا بها

(14) وهوازن أصحا بها.. كا لفأر فى أذنا بها

وقتل يومئذ قريظ بن زرارة 0 وزيد بن عمرو بن عمرو بن عدس 0 قتله الحارث بن الأبرص بن ربيعة بن عامر بن عقيل0 وقتل الفلتان بن المنذر بن سلمى بن جندل بن نهشل 0وقتل أبو اياس بن حرملة بن جعدة بن العجلان بن حشورة بن عجب بن ثعلبة بن سعد بن ذبيان 0وهو يقول يومئذ :

أقدم قطيب انهم بنو عبس المعشر الحلة فى القوم الحمس

الحمس قريش 0 وما ولدت من قبائل العرب 0 يتشددون فى دينهم والحلة لم يكونوا يتشددون فى دينهم 0

(11)

واستلحم عمرو بن حسحاس بن وهب بن إعياء بن طريف الأسدى 0فاستنقذه معقل بن عامر بن مؤلة 0 فداواه وكساه 0 فقال معقل فى ذلك :

يديت على ابن حسحاس بن وهب بأسفل ذى الجداة يد الكريم

قصرت له من الدهماء لما ..شهدت و غاب من له من حميم

ولو أنى أ شاء لكنت منه ..مكان الفرقدين من النجوم

أخبره بأن الجرح يشو ى ..و أنك فوق مجلزة جموم

ذكرت تعلة الفرسان يوما.. والحاق الملامة با لمليم

وحمل معاوية بن بدر الفزارى 0 فأخذ كبشة بنت الحجاج بن معاوية بن قشير 0وكانت عند مالك بن خفاجة بن عمرو بن عقيل 0 فحمل معاوية بن خفاجة 0 أخو مالك 0 على معاوية بن بدر فقتله 0 واستنفذ كبشة 0 وقال : يابنى عمرو 0 انهم يموتون 0( وقد كان قيل لهم : انهم لا يموتون )

وقد يروى أنه قال : انهم لا يموتون 0

ونزل حسان بن عمرو بن الجون وصاح : يا آل كندة 0

فحمل عليه شريح بن الأحوص فضربه فى رأسه 0 فكسر السيف فيه 0 فخرج يعدو بقصده السيف 0 وكان مما رغب الناس مكانه 0 وشد طفيل بن مالك ابن جعفر على حسان بن الجون 0 فأسره 0 وشد عوف بن الأحوص على معاوية بن الجون 0 فأسره 0 وجز ناصيته 0 وأعتقه 0 على الثواب 0 فلقيه بنو عبس فأخذه قيس بن زهير فقتله 0 فأتاهم عوف فقال : قتلتم طليقي 0 فأحيوه 0 أو آتوني بملك مثله 0

فتخوفت بنو عبس شره 0 وكان مهيبا 0 فقالوا : أمهلنا 0

فانطلقوا حتى أتوا أبا براء عامر بن مالك بن جعفر 0 يستعنونه على عوف فقال :

دونكم سلمى بن مالك 0 فإنه نديمه وصديقه 0

وكانا يشتبهان كانا احمرين 0 ضخمة أنوفهما 0 وكان فى سلمى حياء 0 فأتوه0 فقال :

سوف أكلم لكم طفيلا 0 حتى يأخذ أخاه 0 فإنه لا ينجيكم من عوف ألا ذلك 0 وأيم الله 0 ليأتين

شحيحا 0 فانطلقوا إليه 0 فقال :قد أتوني بك 0 ما أعرفنى بما جئتم له 0 تريدون منى ابن الجون 0

تقيدون به من عوف 0 فخذوه 0فأعطاهم إياه 0فأتوا به عوفا 0 فجز ناصيته 0 وأعتقه 0 فسمى الجزاز0 فذلك قول بن الخنجر بن الحكم بن عقيل بن طفيل بن مالك فى الإسلام0

قضينا الجون من عبس وكانت منية معبد فينا هزالا 0



(12)

وشهدها لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر 0 وهو ابن تسع سنين 0 ويقال كان ابن بضع عشرة سنة 0 وعامر بن مالك يقول له ((اليوم يتمت من أبيك 0 إن قتل أعمامك))0

وقتل يومئذ 0 زهير بن عمرو بن معاوية 0 وجد مقتولا بين ظهرانى بنى عامر حيث لم يبلغ القتال 0

وهو معاوية الضباب بن كلاب 0 فقال أخوه حصين للذي قتله :

يا ضبعا عشواء لا تستأنسي.. تلتهم الهبر من السقب الرذي

أقسم بالله بما حجت بلى وما ..على العزى تعزه غنى

وقد حلفت عند منحر الهدى ..أعطيكم غير صدور المشرفى

فليس مثلى عن زهير بغنى ..هو الشجاع والخطيب اللوذعى

والفارس الحازم والشهم الأبى ..والحامل الثقل إذ ا ينزل بي

وذكروا أن طفيل بن مالك يوم جبلة لما رأى القتال قال :ويلكم أين نعم هؤلاء 0

فأغار على نعم عمرو واخوته 0 وهم من بنى عبد الله بن غطفان 0 ثم من بنى الثرماء 0 فاستاق ألف بعير 0 فلقيه عبيده بن مالك بن جعفر 0 فاستجداه 0 فأعطاه مائة بعير 0 وقال طفيل :

كأني بك قد لقيت ظبيان بن مرة بن خالد0 فقال لك :

(( أعطاك من ألف بعير مائة ؟؟000 )) فجئت مغضبا 0 فلقى عبيده بن ظبيان 0 فقال له : كم أعطاك ؟ فقال له : مائة 0 فقال : أمائة من ألف ؟؟ فغضب عبيده 0

وذكر أن عبيده تسرع إلى القتال 0 فنهاه أخواه عامر وطفيل 0 أن يفعل 0 حتى يرى مقالا 0 فعصماهما 0 فتقدم فطنه رجل فى كتفه0 حتى خرج من فوق ثدييه 0 فستمسك فيه 0 فأتى طفيلا 0 فقال : دونك 0 دونك انزعه 0 فأبى غضبا أن يفعل 0 فأتى عامرا فقال : دونك فانزعه 0 فأبى أن يفعل غضبا 0

فأتى سلمى بن مالك 0 فانتزعته 0 وألقى جريحا مع الجرحى 0 مع النساء 0 حتى فرغ القوم من القتال 0

وقتلت بنو عامر من بنى تميم ثمانين غلاما أغرل يومئذ 0

وأما حاجب بن زرارة 0 فخرج منهزما 0 وخرج فى أثره الزهدمان 0 زهدم وقيس ابنا حزن بن وهب بن عوير بن رواحة العبسيان 0 يطردان حاجبا ويقولان له :استأسر 0 وقد قدر عليه 0 فيقول

من أنتما ؟ فيقولان : الزهدمان 0 فيقول : لا أستأسر الدهر لموليين 0فبيناهم كذلك 0 إذ أدركهم مالك ذو الرقيبة بن سلمة بن قشير فقال الحاجب : استأسر 0 فقال :من أنت ؟ قال :أنا مالك ذو الرقيبة 0 فقال: أفعل 0 فلعمري0 ماأدركتنى حتى كدت أن أكون عبدا 0 فألقى إليه رمحه 0 ويعتنقه زهدم 0 فألقاه عن فرسه 0 وصاح حاجب : يا غوثاه ؟؟

وندر السيف 0 وجعل زهدم يريغ قائم السيف 0 ونزل مالك فأقتلع زهدما عن حاجب 0 فخرج زهدم وقيس أخوه 0 حتى أتيا قيس بن زهير 0 فقالا : أخذ مالك أسيرنا من أيدينا 0

قال : ومن أسيركما ؟ قالا : حاجب 0 فخرج قيس 0 فشق الناس رافعا صوته 0 يتمثل قول حنظلة بن الشرقي 0 وهو أبو الطحان الغيني :

أجد بنى الشرقي أولع أنني.. متى اسجر جارا وان عز يغدر

إذ ا قلت أوفى أدركته دروكة.. فيا موزع الجيران بالغي أقصر

حتى وقف على بنى عامر 0 فقال : إن صاحبكم أخذ أسيرنا 0 فقالوا : من ؟ قال : مالك بن سلمة 0 أخذ من الزهد مين حاجبا 0 فجاءهم مالك 0 فقال : لم آخذه منهما ولكنه استأسر لي وتركتهما 0 فلم يبرحوا حتى حكموا حاجبا فى نفسه 0 وهو فى بيت ذي الرقيبة 0

فقالوا : من أسرك يا حاجب ؟ قال : أما من ردني عن قصدي ومنعني أن أنجو 0 ورأى منى عوره

فتركها 0 فالزهدمان 0 وأما الذى استأسرت له 0 فمالك 0 فحكموني فى نفسي 0 قالوا له :

فحكمك فى نفسك 0 قال : لمالك ألف ناقة 0 للزهدمين مائة ناقة 0 ج2 ص258 0

فكان بين الزهدمين وبين قيس غضب 0 بعد ذلك 0 فقال :

جزاني الزهدمان جزاء سوء.. وكنت المرء يجزى بالكرامة

وقد دافعت قد علمت معد.. بنى قرط وعمهم قدامة

ركبت بهم طريق الحق ..حتى أثبتهم بها مائة ظلامة

وقال فى ذلك جرير :

ويم الشعب قد تركوا لقيطا ..كأن عليه خملة أرجوان

وكبل حاجب بشمام حولا فحكم.. ذ ا الرقيبة وهو عانى



وأما عمرو بن عمرو بن عد س فأفلت يومئذ 0 فزعمت بنو سليم أن الخيل عرضت على مرد ا س

بن أبى عامر يوم جبلة 0وكان أبصر الناس بالخيل 0 فعرضت عليه فرس لغلام 0 من بنى كلاب فقال

والله لا أعجزها ولا أدركها ذكر ولا أنثى 0 فهذ ا رد ا ئى بها 0 وخمس وعشرون ناقة 0 ج2 ص259 0

فلما انهزم الناس يوم جبلة 0 خرج الكلابى على فرسه تلك يطلب عمرو بن عمرو 0 قال الكلابى :

فراكضته نهارا على السواء 0 والله ما علمت أنه سبقني بمقدار أعرفه 0ثم زاد مكانه 0 ونقصت 0

(14)

فقلت : قُمر والله 0 مرد اس 0 ويهوى عمرو إلى فرسه 0 فيضربها بالسوط 0 فانكشفت فإذ ا

هي خنثي0 لا ذكر ولا أنثى 0 فأخبرتهم أنى سبقت 0

فقالوا : قمر مرد اس السلمي 0 فقلت : لا 0 ثم أخبرتهم الخبر 0

فقال مرد اس :

تمطت كميت كا لهراوة ضامر.. بعمرو بن عمرو بعدما مس باليد

فلولا مدى الخنثى وبعد جرائها ..لقاظ ضعيف النهض حق مقيد

تذكر ربطا بالعراق ورواحة ..وقد خفق الأسياف فوق المقلد

ولما انهزم الناس 0 خرجت بنو عامر وحلفاؤهم فى أثارهم يقتلون ويأسرون 0 ويسلبون 0 فيلحق قيس بن المنتفق بن عامر بن طفيل بن عقيل 0 فى سرعان الخيل 0 فرآه عمرو فقال لقيس :

إن أدركنى الحارث قتلني 0 وفاتك ما تلتمس عندي 0 فهل أنت محسن إلى وإلى نفسك 0 تجز ناصيتي0 وتجعلها فى كنانتك 0 ولك العهد لا فين لك 0 ج2 ص260 0



ففعل 0 وأدركهما الحارث 0 وهو ينادى قيسا ويقول : اقتل 00 اقتل 0 فلحق عمرو بقومه 0

فلما كان الشهر الحرام 0 خرج قيس إلى عمرو بن عمرو 0 فأمر عمرو بن عمرو بنت أخيه أمية بنت زيد بن عمرو0 فقال: اضربي على قيس الذى أنعم على عمك 0 هذه القبة 0

وقد كان الحارث قتل أباها زيدا 0 يوم جبلة 0 فجاءت بالقبة فنظرت الحارث اهيأهما وأجملهما فظنته قيسا 0 فضربت عليه القبة وهى تقول :

هذ ا والله رجل لم يطلع عليه الدهر 0 بمثل ما اطلع به على !! فلما رجعت إلى عمرو قال :

يا بنت أخي 0 على من ضربت القبة ؟ 00 فنعتت له نعت الحارث 0 فقال :ضربتها على رجل قتل أباك 0 وأمر بقتل عمك 0

فقال الحارث بن الأبرص :

1 ـ تعجب من شوارى بنت ..عمرو و ما أنا فى تأسينا بغمر

2ـ أما تدرين يا ابنة آل زيد.. أمي بما أجن اليوم صدري

(ج2 ص2610 )

3ـ فكم من فارس لم ترزئيه.. فتى الفتيان فى عيص ويسر

4ـ رأيت مكانه فصددت عنه.. فأغنى أمره وشددت أزرى

5ـ لقد آمرته فعصى أمارى.. بأم عزيمة فى جنب عمرو

(15)

6ـ أمرت به لتخمش حنتاه ..فضيع أمره قيس وأمري

( الحنة: الزوجة 0 يقال : حنته 0 وطلته )0

ثم إن عمرا قال : يا جار ما جاء بك 0فو الله مالك عندي نعمة 0 كنت سيئ الرأي فى 0

قتلت أخي وأمرت بقتلى 0

قال :بل كففت عنك 0 ولو شئت إذ أدركتك لقتلتك 0

فقال : مالك عندي من يد 0

ثم إن عمرا تذمم منه 0 فأعطاه مائة من الإبل0 ثم انطلق فذهب الحارث 0 فلما خلا عمرو بقيس

أعطاه ابل كثيرة 0 فخرج بها قيس 0 حتى إذ ا دنا من أهله 0 سمع به الحارث بن الأبرص 0 فخرج فى فوارس من بنى أبيه 0 حتى عرض لقيس 0 فأخذ ما كان معه 0 فلما أتى قيس 0 بنى أبيه 0 بنى المنتفق 0 اجتمعوا إليه 0 وأرادوا الخروج 0 فقال :

مهلا 0 لا تقاتلوا اخوتكم 0 فإنه يوشك أن يرجع ويؤول إلى الحق 0 فإنه رجل حسود 0

فلما رأى الحارث إن قيسا قد كف عنه 0 رد إليه ما أخذ منه 0

وأما عتيبة بن الحارث 0 فإنه أسر يؤمئذ0 فشد فى القد 0 فكان يبول فى قده حتى عفن 0 فلما دخل الشهر الحرام 0 هرب فأفلت منهم بغير فداء 0

وغنم مرد اس بن أبى عامر 0 غنائم 0 وأخذ رجلا 0 فأخذ منه مائة ناقة 0ج2 ص262 0

فانتزعها منه 0 بنو بكر بن كلاب 0 فخرج مرد ا س إلى يزيد بن الصعق 0

وكان له خليلا 0 فانتهى إليه مرد ا س 0 وهو يقول :

لعمرك ما ترجو معد ربيعها ..رجائي يزيد ا بل رجائي أكثر

يزيد بن عمرو خير من شد ..ناقة بإقعادها إذ ا الرياح تصر صر

تد ا عت بنو بكر على كأنما.. تدا عت على بالأ حزة بربر

تداعوا على أن رأوني بخلوة.. وأنتم بأحداث الفوارس أبصر

( ويروى بوحدات )

فركب يزيد حتى أخذ الإبل فردها عليه 0فطرقه البكريون 0 فسقوه 0 الخمر 0 حتى سكر 0 ثم سألوه الإبل فأعطاهم إياها 0 فلما أصبح ندم 0 فخرج إلى يزيد 0 فوجد الخبر قد جاءه 0 فقال له يزيد : أصاح أنت أم سكران ؟

فانصرف 0 فأطرد ابل بنى جعفر 0 فذهب فأنشأ يقول :

أجن بليلى قلبه أم تذكر ..منازل منها حول قرى ومحضرا

تخر الهذال فوق خيمات أهلها.. ويرمون حسا بالعقال مؤطرا

( الحس : الفرس الخفيفة 0 والمؤطر : المعطوف )

سآبى واستغنى كما قد أمرتني.. واصرف عنك العسر لست بأفقرا

وان سليما والحجاز مكانها متى ..آتهم أجد لبيتي مهجرا

( المهجر : الموضع الصالح ) تقول : هذ ا أهجر من هذ ا 0 إذ ا كان أفضل منه وأصلح 0

يفرج عنى حدهم وعديدهم.. وأسرج لبدى خارجيا مصدرا

قصرت عليه الحالبين فجوده ..إذ ا ما غدا بل الحزام فأمطرا

( الحالبين : الراعين 0 يقول : احتبستهما ) ج2 ص 263 0

فخذ إبلا إن العتاب كما ترى.. على خذم ثم آدع للنصر جعفرا

فإن بأكتاف البحار إلىالملاوذى ..النخل مصحى إن صحوت ومسكرا

وأرعى من الاكلاء أثلا وحمضه.. وترعى من الاطواء أثلا وعر عرا

وانصرف يؤمئذ سنان بن أبى حارثة المرى 0 فى ذبيان 0 على حميته 0فلحق بهم نعامة بن الصموت بن الكاهل الكلابى0 وكان يسمى الأسد المجدع 0 ومعه حرملة العكلى 0 ونفر من الناس 0 فلحق بسنان بن أبى حارثة 0 ومالك بن حمار الفزارى 0 فى سبعين فارسا 0 من بنى ذبيان 0 فقال سنان :

يا مالك 0 كر فاحمها 0 ولك خولة بنت سنان 0 ابنتي 0 أزوجكها 0 فكر مالك فقتل معاوية ثم اتبعه حرملة العكلى 0 وهو يقول :

لأي يوم يخبأ المرء السعة..مودع ولا ترى فيه الدعه

فكر عليه مالك فقتله 0 ثم اتبعه رجل من بنى كلاب 0 فكر عليه مالك فقتله ثم كر عليه رجلان 0 من قيس كبه 0 من بجيلة 0 فكر عليهما فقتلهما 0 ومضى مالك وأصحابه 0 وقال فى ذلك مالك :

و لقد صددت الغنيمة حرملا.. وبغيته لدد ا وخيلي تطرد

أقبلته صدر الأغر و صارما ..ذكرا فخر على اليدين الأبعد

وابن الصموت تركت حين لقيته ..فى صدر مارنة يقوم ويقعد

وابنا بجيلة فى الغبار كلاهما.. وابن الغنى وعامر والأسود

حتى تنفس بعد نكظ محجرا ..أذهبت عنه والفرائص ترعد

( النكظ : الجهد) ج2 ص264 0

يعدو ببزى سابح ذو ميعة ..نهد المراكل ذو تليل أقود

فخطب إليه مالك 0 خولة 0 فأبى أن يزوجها0


فأما بنو جعفر 0 فيزعمون إن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر 0 وجد سنان بن أبى حارثة 0 وابنيه هرما ويزيد على غدير وقد كاد العطش أن يقتلهم 0 فجز نواصيهما 0 واعتقهم 0 ثم أن عروة أتى سنانا بعد ذلك يستثيبه 0 فلم يثبه شيئا 0

فقال عروة فى ذلك :

ألا من مبلغ عنى سنانا ..ألوكا لا أريد بها عتابا

أفي الخضراء تقسم هجمتيكم.. وعروة لم يثب ألا الترابا

فلو كان الجعافر طاوعوني.. غداة الشعب لم تذق الشرابا

أتجزى القين نعمتها عليكم.. ولا تجزى بنعمتها كلابا

( واما بنو عامر 0 فيزعمون أن سنان انصرف ذ ات يوم 0 هو وناس من طي وغيرهم )

فبلغه إن بنى عامر يقولون : مننا عليه 0

فأنشأ يقول :

والله ما منوا ولكن شكتى.. منت وحادرة المناكب صلدم

بحزيز شول يوم يدعى عامر.. لا عاجز ورع ولا مستسلم

وأما بارق 0 فتدعى أمر سنان يومئذ على الثواب 0 ثم أتوه فلم يصنع بهم خيرا 0 فقال معقر بن أوس بن حمار البارقى :

متى تك فى ذبيان منك صنيعة ..فلا تحمدنها الدهر بعد سنان

يظل يمنينا بحسن ثوابه.. لكم مائة يحدو بها فرسان

مخاض أؤديها لقائح مائة.. وأكرم مثوى منكم من آتاني

ج2 ص265 0

فجئناه للنُعمى فكان ثوابه ..رغوث ووطب حازر مذقان

وظل ثلاثا يسأل الحي ما يرى.. يؤ ا مرهم فينا، له املان

فان كنت هذا الدهر لا بد منعما ..فلا تبغين الشكر في غطفان(1)

وقال المعقر بن أوس بن حمار البارقي حليف بني نمير بن عامر(2)

1- أمن آل شعثاء الحمول البواكر.. مع الليل أم زالت قبيل الاباعر

2- وحلت سليمى في هضاب وأيكة ..فليس عليها يوم ذلك قادر

3- وألقت عصاها واستقرت بها ..النوى كما قر عينا بلاياب المسافر

4- و صبحها املاكها بكتيبة.. عليها إذ ا أمست من الله ناظر

5- وقد جمعت دود ان تبغي ..لثأرها وجاشت تميم كالفحول تخاطر

6- معاوية بن الجون ذبيان حوله وحسان في جمع الرباب مكاثر

7- فمروا باطناب البيوت فردهم.. رجال بأطراف الرماح مساعر

8- وقد جمعوا جمعا كان زهاءه.. جرا د هوى في هبوة متطاير

9- فباتوا لنا ضيفا وبتنا بنعمة.. لنا مسمعات بالدفوف وسامر

10- فلم نقرهم شيئا ولكن قصدهم.. صبوح لدينا مطلع الشمس حازر

11- صبحناهم عند الشروق كتائبا.. كأر كان سلمى شبرها متواتر

12- كان نعام ا لد وباض عليهم.. و أعينهم تحت الحبيك حواجر

(الحبيك في البيض : أحكام عملها و طرائقها)

13-من الضاربين الكبش يمشون ..مقدما إذا غص بالريق القليل الحناجر

14- وظن سراة القوم ان لن يقتلوا ..إذا دعيت بالسفح عبس و العامر

15- ضربنا حبيك البيض عمر لجة.. فلم ينج في الناجين منهم مفاخر

16- ولم ينج الا من يكون طمره.. يوائل أو نهد ملح مثابر

17- هوى زهدم تحت الغبار لحاجب.. كما انقض أفنى ذو جناحين ماهر

18- هما بطلان يعثران كلاهما.. أراد رئاس السيفِ والسيفُ نادر

ج2 ص266

( يعثران 0 ينسبان إلى أنهما بطلان 0 ورئاس السيف 0 الداخل فى المقبض منه الدقيق 0

أي كل واحد منهما 0 يطلب رئاس السيف لقتل صاحبه )

19 _ فلا فضل ألا أن تكون جراءة.. وذو بدنين والرؤوس حواسر

20 _ ينوء وكفا زهدم من ورائه ..وقد علقت ما بنيهن الأظافر

21 _ يفرج عنا كل ثغر نخافه ..مسح كسرحان القصيمة كاسر

( القصيمة من الرمل : ما أنبت الغضى والرمث )

22_و كل طموح فى العنان كأنها... إذ ا اغتمست فى الماء فتخاء كاسر

23 _ لها ناهض فى المهد قد مهدت له.. كما مهدت للبل حسناء عاقر

( بهذا البيت سمى معقرا 0 واسمه سفيان بن أوس 0 وإنما خص العاقر لأنها أقل دالة على الزوج من الولود 0 فهي تصنع له وتداريه )

24_ تخاف نساء يبتدرن حليلها ..محردة قد حردتها الضرائر

(19 )

وقال عامر بن الطفيل 0 بعد ذلك بدهر :

ويوم الجمع لا قينا لقيطا ..كسونا رأسه عضبا حساما

أسرنا حاجبا فثوى بقد ..ولم نترك لنسوته سواما

وجمع الجون إذ دلفوا إلينا.. صبحنا جمعهم جيشا لهاما



وقال لبيد بن ربيعة بعد ذلك 0

وهم حماة الشعب يوم تواكلت.. أسد وذبيان الصفا وتميم

فارتث كلما هم عشية هزمهم ..حي بمنعرج المسيل مقيم

( فاصابو يومئذ زبان بن بدر)) ج2 ص267




(يوم النتأة )


خرجت بنو عامر تريد غطفان لتدرك بثأرهم يوم الرقم ويوم ساحوق فصادفت بنى عبس 0

وليس معهم أحد من غطفان 0 وكانت عبس لم تشهد يوم الرقم 0 ولا يوم ساحوق 0

مع غطفان ولم تعنهم على بنى عامر 0 وقيل بل شهدها أشجع وفزارة وغيرهما من بنى غطفان على ما نذكره قال : وأغارت بنو عامر على نعم عبس وذبيان وأشجع 0فأخذوها 0 وعادوا متوجهين إلى بلادهم 0 فظلوا فى الطريق فسلكوا وادي النتأة 0 فأمعنوا فيه ولا طريق لهم ولا مطلع حتى قاربوا آخره 0 وكاد الجبلان يلتقيان إذ ا هم بامرأة تخبط الشجر لهم فى قلة الجبل 0 فسألوها عن المطلع فقالت لهم : (( الفوارس المطلع )) وكانت قد رأت الفرسان قد أقبلت وهى على الجبل 0 ولم يرها بنو عامر لأنهم فى الوادي فأرسلوا رجلا إلى قلة الجبل ينظر لهم 0

فقال : أرى قوما كأنهم الصبيان على متون الخيل أسنة رماحهم عند آذ ان خيلهم 0

قالوا : تلك فزارة 0

قال : وأرى قوما بيضا جعاد ا كأن عليهم ثيابا حمراء 0

قالوا : تلك أشجع 0

قال : وأرى قوما نسورا قد قلعوا ببداهم كأنهم يحملونها حملا بأفخاذهم 0 آخذين بعوامل رماحهم يجرونها 0

قال : تلك عبس أتاكم الموت الزؤام 0 ولحقهم الطلب بالوادي 0 وكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه الورد 0 ففات القوم 0 وأعيا فرسه الورد وهو المزنوق أيضا فعقره لئلا تفتحله فزارة

واقتتل الناس ودم القتال بينهم 0 وانهزمت عامر فقتل منهم مقتله كبيرة 0 قتل فيها من أشرافهم :

البراء بن عامر بن مالك 0 وبه يكنى أبوه 0 وقتل نهشل ابن عبيدة بن جعفر0وقتل أبو زعبة بن الحارث 0 وأنس 0 وهزان 0 بنو مرة بن أنس بن خالد بن جعفر 0 وقتلوا عبد الله بن الطفيل أخا عامر 0فقتله الربيع ابن زياد العبسى 0وطعن ضبيعة ابن الحارث 0 عامر بن الطفيل فلم يضره 0 وهزمت بنو عامر هزيمة قبيحة 0 فقال : خراش بن عمرو العبسى 0



وساروا على اظمائهم و تواعدوا.. مياها تحامتها تميم و عامر

كأن لم يكن بين الذناب و واسط إلى.. المنحنى من ذي الأراكة حاضر

ألا أبلغا عنى خليلي عمارا ..أتنسى سعار اليوم أم أنت ذ اكر

وصدتك أطراف الرماح عن الهوى ..ورمت أمورا ليس فيها مصادر

وغادرت هزان الرئيس ونهشلا.. فلله عينا عامر من تغادر

وأسلمت عبد الله لما عرفتهم ..ونجاك وثاب الجراميز ضامر

قذفتهم فى الموت ثم خذلتهم.. فلا وألت نفس عليك تحاذر



وقال أبو عبيدة : إن عامر بن الطفيل هو الذى طعن ضبيعة بن الحارث ثم نجا من طعنته 0 وقال فى ذلك :

فإن تنج منها ياضبيع فأنني ..وجدك لم أعقد عليك التما ئما

ج2 ص555

حديث ابن ضبا



وقد كان من حديث الحرب التى وقعت أبى بكر بن كلاب 0 وبين بنى جعفر : أن سعد بن ضبا الأسدى كان جارا لعتبة بن مالك بن جعفر 0 وكان يرعى عليه 0 وبنو جعفريزعمون أنه كان أسيرا عند عتبة بن جعفر 0 وكانت بنو أسد قد قتلت من أبى بكر قتيلا فقالت بنو بكر :

علام تدعون ابن ضبا 0 وأنتم تطلبون بن أسد بما تطلبونهم 0 فعمدوا إليه فقتلوه 0

وبنو جعفر عنه غيب 0 وكان فى بنى جعفر رجل من أبى بكر يقال له مالك بن قحافة بن الحارث بنعوف بن الحارث بن ربيعة بن عبد الله بن أبى بكر 0 وهو فارس ذي الرحل 0 فلما بلغ بنى جعفر غضبوا فقال مالك بن قحافة وهو صهر بنى جعفر 0

لا يسؤ كم الله 0 إنما هذ ا رجل من بنى أسد 0 وقد كنا نطلبهم بدم 0 قد علمتم ذلك 0 فلا تسفكوا دماءنا ودماءكم فيه 0 فهذ ا ابني لكم بديته 0 ولا تقتلوا قومكم 0

قالوا : نعم

فأخذوا ابنه فحبسوه بالدية 0 فبينما هم كذلك إذ أقبل بعض بنى جعفر 0 فلقوا ربيعة الشر بن كعببن عبد الله بن أبى بكر 0 ومعه وطبان من لبن يريد بهما أهله فقالوا : هل أنت ساقينا من هذ ا اللبن

قال : نعم

فنزل عن قعوده ليسقيهم 0 فأخذوه فشدوه وثاقا 0 وقد تروى من اللبن 0 ثم طردوا به فسلح 0 ثم شدوه مع ابن مالك بن قحافة 0 فلما رأى ذلك مالك 0 قال لامرأته : احتملي 0

فاحتملت 0 فلما سارت 0 ركب فرسه ثم أقبل عليهم فقال :

يابنى جعفر لا آتى قومي أبدا حتى أقتل بعضكم أو تقتلوني أو أرجع بأحد الأسيرين فعندكم أسير لبن وأسير دم 0

فأعطوه ابنه وحبسوا ربيعة موثقا أربع لبالى حتى أدى بنو بكر عقل بن ضبا 0 فبعث بها بنو جعفر إلى بنى أسد فلما أدوها قل الهصان وهو أخو ربيعة واسم الهصان : عامر 0

أدوا إلى يابنى جعفر أسار آخى 0 وما صنعتم به 0 حتى كان منه ما كان أو حكموني 0

فأبى ذلك بنو جعفر فقال عوف بن الأحوص :

هذ ا ابني د أب بن عوف فليس بشر من أخيكم فاصنعوا به ما صنع بصاحبكم 0

فأبى ذلك بنو بكر واجتمع القوم بعضهم إلى بعض 0 فلما رأى ذلك عوف 0 أتى الهصان فحكمه 0 فحكم 0 لأخيه بأربعين من الإبل لما صنع به 0


فقام أنس بن عمرو بن أبى بكر فضنهما عن عوف فأدها 0 وقال بعضهم إن الأسير المحقب بن جواب 0 فبعثوا إلى عوف :انك قد أتيت إلينا مبكرا 0 قال : قد فعلت فأنا أصبر لكم بحقكم 0

قالوا : فأنا نريد أن نقتاد منك نفسك 0

قال : لا ولكن خذوا ابني دأبا 0 فأبوا 0 فذلك حيث يقول عوف :

خذوا دأبا بما آخذت فيكم فليس لكم على دأب غلاء

فلما لقحت الحرب بين بنى جعفر وأبى بكر 0 قتل رجل من بنى جعفر 0 يقال له : منيع 0

أحد بنى خالد بن جعفر 0 رجلا من بنى أبى بكر 0 فأقبلت غنى وقد كانوا قتلوا ابنا لعروة بن جعفر قبيل ذلك 0 حتى نزلوا على جواب 0 وهو مالك بن كعب بن عبيد بن أبى بكر 0 فقال جواب :

قد أصاب غنى منكم دما وأصبتم منا دما 0 فبؤوا أحد القتلين بالآخر 0

فقال بنو جعفر :

نحن نعطيك الدم الذى أصبنا من ابنك وخل بيننا وبين ثأرنا من غنى 0 فإنا لا نرضى منهم بدون دية الملوك 0 فأذنوا بحرب 0

فسارت بنو جعفر إلى بنى أبى بكر 0 وسار معهم سائر بنى كلاب حتى إذ ا تراص الجمعان 0 قال رجل من بنى عبد الله بن كلاب يقال له العطاف بجمله 0 فأماله إلى روضة ثم قال :

أرى زبينا ألا قد أخطأ البقل على دماء بن بكر 0 ويقال إن الذى فعل هذ ا أبو دؤاد وانصرفت الضباب مع ذي الجوشن وخذلت بنو جعفر 0 فلما رأت بنو جعفر أنهم قد خذلوا 0

وقد كان طفيل الغنوى قال لبنى بكر :

ادفعوني إلى بنى جعفر فوالله لا يتعدون علينا ولا يظلموننا حقنا هو لنا عندهم 0 فإن جعفرا لا تقر على هذ ا 0

فأبوا وخرجت بنو جعفر متوجهين إلى بنى الحارث بن كعب ليحالفوهم فقال فى ذلك طفيل

الغنوى :

لله قوم دفعتم فى جنوبهم ..بنى كلاب غد اة الرعب والرهب



فسارعت بنو جعفر فأتوا بنى الحارث بن كعب فنزلوا فيهم 0 وحالفوهم فأقاموا فيهم حولا فقالت بنو الحارث بعضعها لبعض : (( ما ينقم أن نتزوج من بنى جعفر عشرين امرأة 0 ونزوجهم عشرين امرأة وتشتبك الأرحام بيننا وبينهم 0 ومن قطنهم فإنهم الأشراف والأكفاء 0 ولانبالى إذ ا فعلنا ذلك


من أجلب علينا من العرب )) فمشوا فى ذلك إلى عامر بن مالك فذكروا ذلك له 0 فرضيت بنو جعفر وعامر ساكت لا يتكلم 0 فلما انصرف القوم نادى عامر فى بنى جعفر 0

لا يبقين أحد له فرس إلا ركبه ولا سلاح إلا لبسه وأخذ رمحه ففعلوا 0

ثم نادى أن احتملوا بأثقالكم ونسائكم ثم قال :

سيروا حتى تقطعوا ثنية الفهر ( وهى ثنيه باليمن ) فإذ ا قطعتموها فانزلوا ففعلوا 0 ووقف عليهم عامر بن مالك حتى جازوا الثنية ثم أتاهم 0 فقال لهم : هل أخذت لكم دية أو أبتكم على خسف قط ؟!

قالوا : لا 0

قال : والله لتطيعننى أو لأتكئن على سيفي حتى يخرج من ظهري 0

وقال : أتدرون ما أراد القوم ؟ أرادوا أن يرتبطوكم فتكونوا فيهم أذنابا 0 ج2 ص591



ويستعينوا بكم على العرب 0 وأنتم سادة هوازن ورؤوسهم (000 ) فراغ فى أصل الرواية 0

وان يليها قومكم أحسن من يليها غيرهم 0 فسيروا حتى تنزلوا فى ( 000 ) فراغ 0

قومكم أحسن من أن تصيروا (000 ) آخرين 0

فخرجوا سائرين 0 وخرج عامر وطفيل وعبيدة ومعاوية 0 وهم بنو أم البني 0 وسلمى بن مالك وحنظلة وعامر ابنا طفيل وليد بن ربيعة ونزلت بنو جعفر فى ناحية أرض قشير 0 ثم قصدوا إلى بنى أبى بكر يريدون جوابا فوجدوه يمج ركيا فنزلوا حتى خرج منا 0 فلما رآهم رحب بهم ودعا بلقحه ثم أمر حالبا فحلبها فقال : اسق سيد بنى عامر 0 فسقا عامر بن مالك 0

ثم قال : اسق سيد بنى عامر 0 فسقى طفيلا 0

ثم قال : اسق سيد بنى عامر فسقى معاوية 0

ثم قال : اسقني 0 ثم سألهم : ما حاجتكم ؟

فقالوا: أردنا أن نبوء بحكم ونرجع إلى قومنا 0

فقال جواب : اختاروا منى خلتين ثم حكمي بعدهما 0 ج2 ص 592

قالوا : قد قبلنا إحداهما 0 وقبلنا حكمك 0

قال : إن شئتم أن تظعنوا على حرب مجلية أو تقيموا على سلم مخزية 0

فقالوا : أرنا حكمك 0



قال : ما كان لكم عندي من غائلة أو خماشة أو دم 0 ما قل من ذلك وما كثر فهو لكم 0 ودم صاحبكم ابن عروة فهوا لي أفضل الديات 0ديات أهل بيته فى مالي 0 وما كان لغنى فهو على 0 وبرئتم منه 0

فذلك حيث يقول لبيد وغاظه ما يرى :

أبني كلاب كيف تنفى جعفر.. وبنو ضبينة حاضر الأجباب

والأجباب منازل لبنى جعفر.. التى نفيت وأقامت بها غنى 0

قتلوا ابن عروة ثم لطوا دونه.. حتى نحاكمهم إلى جواب

يرعون منعرج اللديد كأنهم فى العز أسرة حاجب وشهاب

ج2 ص 593

متظاهر حلق الحديد عليهم ..كبنى زرارة أو بنى عتاب

قوم لهم عرفت ربيعة كلها غضب الملوك وبسطة الأرباب

ج2 ص594




(يوم الجونين)



وكان من حديثه أن بن الحارث بن شهاب 0 أغار فى ثعلبة بن يربوع على طوائف من بنى كلاب 0

يوم الجونين 0 فأطردوا ابلهم 0وكان أنس ابن عباس الأصم أخو بنى رعل 0 من سليم مجاورا فى بنى كلاب 0 وكان بين بنى ثعلبة بن يربوع 0 وبين رعل عهد ألا يسفك دم 0 ولا يؤكل مال 0

فلما سمع الكلابيون الدعوى : إنتخو 0 يآل عبيد 000 يآل جعفر 0

عرفوهم 0 فقالوا لأنس بن عباس :

قد عرفت ما بين رعل وبين بنى ثعلبة بن يربوع 0 فأدركهم فأحبسهم علينا 0 حتى نلحق 0

فخرج أنس فى أثرهم 0 حتى أدركهم 0 فلما دنا منهم 0 قال عتيبة لأخيه حنظلة بن الحارث :

أغن عنا هذ ا الفارس 0

فاستقبله حنظلة 0 فقال له أنس :

إنما أنا أخوكم وعقيدكم 0 وكنت فى هؤلاء القوم 0 فأغرتم على إبلي فيما أغرتم عليه 0 فهي معكم

فرجع حنظلة إلى أخيه 0 فأخبره الخبر 0 فقالوا :

حياك الله 0 هلم فوال ابلك 0 أي اعزلها 0 قال :

والله ما أعرفها 0 وبنو أخي وأهل بيتي معي0 وقد أمرتهم بالركوب فى أثرى 0 وهم أعرف بها منى 0

فاطلع فوارس بنى كلاب 0 فاستقبلهم حنظلة بن الحارث فى فوارس فقال أنس :

إنما هم بنى وبنى أخي 0وإنما يريثهم لتلحق جماعة فوارس بنى كلاب 0

فلحقوا 0 فحمل الحوثرة بن قيس بن جرى بن خالد بن جعفر 0 على حنظلة فقتله 0

وحمل لأم بن سلمة أخو بنى ضبارى بن بيد بن ثعلبة على الحوثرة هو وابن مزنة أخو بنى عاصم بن عبيد فأسراه 0 ودفعاه إلى عتيبة فقتله صبرا 0 وهزم الكلابيون 0 ومضى بنو ثعلبة بالإبل 0

وفيها ابل أنس بن عباس 0 فلم تقر أنسا نفسه 0 حتى اتبعهم رجاء أن يصيب منهم غرة 0 وهم يسيرون فى سخواء 0 فتخلف عتيبة فى قضاء حاجه0 وأمسك برأس فرسه 0 فما شعر إلا بأنس قد مر فى أثارهم فتغفله حتى وثب عليه فأسره 0 فأتى به عتيبة أصحابه فقال بنو عبيد :

قد عرفت أن لام بن سلمة 0 وابن مزنة قد أسرا الحوثرة 0 فدفعاه إليك فضربت عنقه 0 فأعقبهما منه أنس بن عباس 0 فهو خير منه 0 فأبى عتيبة أن يفعل ذلك حتى افتدى نفسه بمائتي بعير 0

فقال العباس بن مرد ا س 0 يعير عتيبة أخذه أنسا 0 وبينهم من الميثاق :

كثر الضجاج و ما منيت بغادر.. كعتيبة بن الحارث بن شهاب

جلك حنظلة المخانة و الخنا.. ودنست آخر هذه الأحقاب

وأجرتم أنسا فما حاولتم.. بإسار جاركم بنى الميقاب

(ج2 ص610 )

فخذوا بأطراف الأنوف وأمهلوا ..عنكم قوادم صرمة الأعراب

بأست التى ولدتك واست معاشر.. تركوك تمرسهم من الأحساب



فقال عتيبة :

غدرتم غدرة وغدرت أخرى ..فليس إلى توافينا سبيل

كأنكم غداة بنى كلاب.. تفا قد تم على لكم دليل



وقال عبيد الحفرة إليه حتى قتله :

ونحن ثأرنا قبلها بابن أمه.. غداة الكلابين والخيل تشهد

شددنا عليه إذ سقى السمر.. خيركم فأسلمه قيس بن جزء وأربد

هذ ا زيد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر 0 وهو أخو لبيد لأمه 0

فجئنا به صبرا إليك نقوده.. وأنت ضعيف الصوت قلبك يرعد

قياد ذليل لا ينازع رأسه ..وقلنا لك اقتله و قد كدت تبلد

(ج2 ص 611)