السلمي العدناني
30-Nov-2007, 09:34 PM
وقد كان بنو سليم "يسكنون عالية نجد قرب خيبر، في أماكن تسمى الحرة مثل حرة بني سليم[70]. ويقول البعض بأن لسليم وهلال مواطن في العراق، ومن ذلك أن مجموعة منهم إتخذوا لهم محلة بوادي الكوفة حوالي 120هـ وكان هذا المكان يعرف بمسجد بني هلال[71]، كما استوطن بنو هلال بنواحي حلب والموصل ونزلوا المنازل التي كانت قبلهم لربيعة وكهلان[72]. "أما في مصر فإن صاحب الخراج فيها استقدم إلى الجوف الشرقي أيام هشام بن عبد الملك الأموي عام 109هـ أبياتا قيسية في نصر بن معاوية وعامر بن صعصعة وغيرهما من بطون هوازن"[73]. وينحى المقريزي هذا المنحى عندما يقول: ""أن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام مصر قال: "ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وفهم فيهم وعدنان" فكتب إلى هشام: "أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرف هذا الحي من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم وأني قدمت مصر فلم أر لهم فيها حظا إلا أبياتا من فهم، وفيها كور ليس فيها أحد وليس يضر بأهلها نزولهم معهم ولا يكسر خراجا وهو بلبيس فإن رأي أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس فليفعل" فكتب إلى هشام: "أنت وذلك" فبعث إلى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من بني نضر ومائة أهل بيت من بني سليم فأنزلهم بلبيس وأمرهم بالزرع"[74]. وكان ذلك في بداية القرن الثاني للهجرة، وإستيطان هذه المجموعات إنعكس على المجموعات الأخرى التي بقيت قابعة بالجزيرة حيث تشكوا شظف العيش، وذلك مما دفع هذه الأخيرة إلى مغادرة البادية، والهجرة إلى مصر للإستيطان بالقرب من القبائل الأخرى[75].
وبإنضمام المجموعة القيسية الثانية إلى الأولى أصبح عدد القيسيين بمصر كبيرا، فحسب ما ذكر المقريزي "صار ببلبيس ألف وخمس مائة أهل بيت من قيس، حتى إذا كان زمن مروان بن محمد وولى الجوثرة بن سهيل الباهلي مصر مالت إليه قيس، فمات مروان وبها ثلاثة آلاف اهل بيت ثم توالدوا وقدم عليهم من البادية من قدم"[76].
ويبدو الحديث غامضا حول الأهداف الكامنة من وراء الهجرة القسرية لهذه القبائل، فهل يعود قرار هشام في نقل هذه القبائل القيسية من الجزيرة العربية إلى مصر إلى رغبة الأمويين في تعمير منطقة بلبيس بالسكان؟ وهل أراد الأمويون وضع حدا لتكاثر العناصر القحطانية في تلك الجهة، وإقامة نوع من التوازن العددي بين عرب الشمال وعرب الجنوب؟
ويرجع المقريزي ذلك إلى أنه وقت قدوم عبيد الله وإقراره بجلب القبائل القيسية لم يكن للعنصر العربي دورا كبيرا في المنطقة، وعن جلب القبائل القيسية إلى مصر يرى صاحب مقال "مراحل تاريخ الهلالية في المشرق": "نضع قرار هشام في إطار عام ألا وهو تدعيم الحكم الأموي في كل الجهات المفتوحة بما فيها مصر بالإعتماد على العناصر العربية التي كانت لا تنعم بظروف معيشة مريحة في الجزيرة العربية، وهي العناصر المنتمية إلى بني سليم بصفة خاصة"[77]. إلا أن هجرة القبائل القيسية إلى مصر تعود، إضافة إلى رغبة الدولة الأموية في تدعيم حكمها في الأطراف، إلى أسباب اقتصادية منها البحث عن مراعي لحيواناتها، إضافة إلى خاصية أخرى تتجسد في القبائل نفسها ألا وهي طبيعتهم في الضعن والانتجاع وبذلك لم يستقر لهم قرار في مكان. كما أنه تجب الإشارة إلى أن القبائل لبثت تملأ فضاء الجانب الشرقي من مصر عشرات السنين، ورغم التحاق مجموعات قيسية بالذين سبقوهم إلى مصر إلا أنه هناك مجموعات من القبائل الهلالية والسليمية في ذلك الوقت ما زالت تسكن في الجزيرة العربية، وتقوم بتنقلات واسعة في الشام والعراق بهدف البحث عن وسائل عيش ملائمة لها ولمواشيها[78].
إن المرحلة الثالثة لتاريخ بني هلال وبني سليم تمتاز بتفرق هذه القبائل الهلالية وتشتتها في كل من الشام والعراق والجزيرة ومصر، حيث قامت المجموعات الهلالية والسليمية بإضطرابات متكررة ولا سيما إبان حكم الدولتين العباسية والفاطمية، مما دفع ببعض الخلفاء إلى مراقبتها ومقاومتها[79].
وعن عملية الإغارة التي تقوم بها القبائل من حين لآخر ولا سيما بني سليم الذين "ربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام، فيغيرون على الضواحي ويفسدون السابلة، وربما أغارت بنو سليم على الحج أيام الموسم في مكة والزيارة بالمدينة[80]"، ولقد بلغ الحذر والتخوف من هذه القبائل درجة جعلت الخليفة المنصور يوصي ولده وخليفته المهدي على ألا يستعين برجل من بني سليم ولا يقربه إليه"[81].
وبإنضمام المجموعة القيسية الثانية إلى الأولى أصبح عدد القيسيين بمصر كبيرا، فحسب ما ذكر المقريزي "صار ببلبيس ألف وخمس مائة أهل بيت من قيس، حتى إذا كان زمن مروان بن محمد وولى الجوثرة بن سهيل الباهلي مصر مالت إليه قيس، فمات مروان وبها ثلاثة آلاف اهل بيت ثم توالدوا وقدم عليهم من البادية من قدم"[76].
ويبدو الحديث غامضا حول الأهداف الكامنة من وراء الهجرة القسرية لهذه القبائل، فهل يعود قرار هشام في نقل هذه القبائل القيسية من الجزيرة العربية إلى مصر إلى رغبة الأمويين في تعمير منطقة بلبيس بالسكان؟ وهل أراد الأمويون وضع حدا لتكاثر العناصر القحطانية في تلك الجهة، وإقامة نوع من التوازن العددي بين عرب الشمال وعرب الجنوب؟
ويرجع المقريزي ذلك إلى أنه وقت قدوم عبيد الله وإقراره بجلب القبائل القيسية لم يكن للعنصر العربي دورا كبيرا في المنطقة، وعن جلب القبائل القيسية إلى مصر يرى صاحب مقال "مراحل تاريخ الهلالية في المشرق": "نضع قرار هشام في إطار عام ألا وهو تدعيم الحكم الأموي في كل الجهات المفتوحة بما فيها مصر بالإعتماد على العناصر العربية التي كانت لا تنعم بظروف معيشة مريحة في الجزيرة العربية، وهي العناصر المنتمية إلى بني سليم بصفة خاصة"[77]. إلا أن هجرة القبائل القيسية إلى مصر تعود، إضافة إلى رغبة الدولة الأموية في تدعيم حكمها في الأطراف، إلى أسباب اقتصادية منها البحث عن مراعي لحيواناتها، إضافة إلى خاصية أخرى تتجسد في القبائل نفسها ألا وهي طبيعتهم في الضعن والانتجاع وبذلك لم يستقر لهم قرار في مكان. كما أنه تجب الإشارة إلى أن القبائل لبثت تملأ فضاء الجانب الشرقي من مصر عشرات السنين، ورغم التحاق مجموعات قيسية بالذين سبقوهم إلى مصر إلا أنه هناك مجموعات من القبائل الهلالية والسليمية في ذلك الوقت ما زالت تسكن في الجزيرة العربية، وتقوم بتنقلات واسعة في الشام والعراق بهدف البحث عن وسائل عيش ملائمة لها ولمواشيها[78].
إن المرحلة الثالثة لتاريخ بني هلال وبني سليم تمتاز بتفرق هذه القبائل الهلالية وتشتتها في كل من الشام والعراق والجزيرة ومصر، حيث قامت المجموعات الهلالية والسليمية بإضطرابات متكررة ولا سيما إبان حكم الدولتين العباسية والفاطمية، مما دفع ببعض الخلفاء إلى مراقبتها ومقاومتها[79].
وعن عملية الإغارة التي تقوم بها القبائل من حين لآخر ولا سيما بني سليم الذين "ربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام، فيغيرون على الضواحي ويفسدون السابلة، وربما أغارت بنو سليم على الحج أيام الموسم في مكة والزيارة بالمدينة[80]"، ولقد بلغ الحذر والتخوف من هذه القبائل درجة جعلت الخليفة المنصور يوصي ولده وخليفته المهدي على ألا يستعين برجل من بني سليم ولا يقربه إليه"[81].