ابو ضيف الله
15-Nov-2007, 08:46 AM
قراءة في كتاب «استمتع بحياتك» د.محمد العريفي:
جريدة الوطن :
http://masajed.gov.kw/ftpImage/09/2007/04/09/1175681600.jpg
نحن نتعامل مع القلوب لا الأبدان أصبح ظاهراً للعيان وما لا يدع مجالاً للشك، أن المدنية الحديثة وصراعات القوى والهيمنة الدولية الأخيرة يتطلب امتلاك الشعوب القوية لمقدرات الشعوب الضعيفة، بغرض سياسة التحكم عن بعد، وذلك بأسلحة غير تقليدية، فظهرت الفكرة والكلمة كوسيلة بديلة بدلاً من الصاروخ والطيارة فالمبارزة والارتجال والمقاتلة في ساحات القتال اختفت وظهر بديلاً عنها الانترنت والتكنولوجيا الالكترونية المتطورة.
والقلم باعتباره أحد وسائل الفكر والتي باتت بمثابة أسلحة فتاكة تغزو وتهزم جحافل جيوشها أساطين الجهل والظلام، فتبدد بنورها ضلالات الخرافة، وتهدم ببريق أسنتها أوكار البدعة والانحراف، وشاءت مشيئة الله وارادته أن يهب لهذه الأمة من أبنائها مفكرين ومصلحين، قادرين بفضل جهودهم على تجديد الدماء في عروق أفكارها، وبعث واحياء الأمل المنشود في خيرية هذه الأمة وأفضليتها بين الأمم تحقيقاً لقوله عز وجل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةي أُخْرًجَتْ لًلنَّاسً).
يكتشفون ببصيرتهم لنقاط القوة فينموها، ويعالجون الضعف فيها، ليسير ركب قافلة الأمة بسلام، راسمين منارات وعلامات على طريق النجاح والتميز
ويأتي الشيخ الدكتور محمد العريفي واحداً من هؤلاء المجددين، سن قلمه وسخر فكره وعقليته الفذة ليزود بهما عن حمى وعرى أمته الاسلامية، همه كهم من سبقه من سلف الأمة ومصلحيها والناظر في كتابه والذي بين أيدينا الآن ونقدم له عرضاً موجزاً (استمتع بحياتك) يلاحظ أنه قد خرج في حلة جديدة بهية، كخلاصة أفكار معاشة وتجارب ممارسة، لحياة عاشها مؤلف الكتاب، سمعها من أشخاص وأناس محيطين به قد جادت قريحته في ربط القصص المعبرة بالعناوين المتصدرة للصفحات في شيء عجيب فلا تجد تنافراً بالمرة ما بين العناوين وما حوته الصفحات، بل جاء التوليف بينهم في توليفة عجيبة تشد القارئ وتأخذ بتلابيبه في عالم من الأحداث المتصارعة والمتشابكة، بطريقة قصصية مشوقة اقتداء بأقوال السابقين من أصحاب التأليف الخالدة من توظيف القصة والحكاية المنتزعة من صلب الواقع، واستحضار العبرة والعظة دفعاً للسآمة والملل، لأن النفوس تمل كما تمل الأبدان وتكل تماماً، مادام ذلك يوظف بطريقة فريدة وبحرفية مبتكرة تخدم المؤلف كما فعل الدكتور العريفي في مؤلفه.
فقد ذكرت لبعض القصص والمواقف المعبرة،ما تقر به عين الراغب، باذلا وسط سطور كتابه النصح والارشاد، وكانت ألفاظه متوافقة لما حوته، فكانت ألفاظه تأنق الخاطر في تذهيبها، ومعانيه عني الفهم بالنطق بها، بكلام تنفس السحر عن نسيمه وتبسم الدر عن نظمه، فكان نثره سحر البيان ونظمه قطع الجمان، قد حوى كثيراً من البلاغات في الشعر والخبر، والفصل والفقر مما حسن نظمه ولفظه ومعناه، واستدل بفحواه على مغزاه، فهو نهاية في البيان وغاية في البرهان، مقتضباً في كل صفحات مؤلفه لأثر من الآثار أو حديث نبوي شريف أو متضمناً لآية قرآنية، أو قصة واردة من قصص وأخبار الصالحين من سلف الأمة، ومضاهاتها بموقف حياتي معاش من واقع أحداثه وشخصياته التي نوه عليها أو تعرض بالتفنيد لها في ثوب اصلاحي تربوي تقويمي تخرج من ورائه بفائدة " الحل والاصلاح والعلاج الاجتماعي، ولكن في ثوب شرعي" وهذا ليس جديداً أو مبتدعاً عند واحد مثل العريفي فهو فريد دهره، وقريع عصره، نسيج وحده، فانه له مصنفات كثيرة في العلم والأدب تشهد له بأعلى الرتب، قد حوى كتابه الحكم، وقد رشحه بمحاسن الفقر، ونتائج فكره من لفظ شهي أعطته القلوب فصل المقادة، ومعنى سني جاد صوب الاصابة والاجادة.
لله دره ما أحلى شعره وأنقى نظمه، فهو أحداث ومواقف عاشها المؤلف جمعت بين العبرة والحكمة والدعابة الخفيفة والتي قد من وآراءها عرض الموضوع أو المشكلة واقتراض الحلول والعلاجات الشرعية والاجتماعية بأسلوب الناصح الأمين.
الموضوعات :
والمتصفح لعناوين الكتاب وأوراقه الذهبية يلاحظ شيئاً عجيباً، يجد أن كلماته وظفت بطريقة عجيبة لتعرض لقضايا أو أمور حياتية تمس ضمير وواقع الأمة، حلوه ومره، وكأن «العريفي» يقرأ الواقع عبر سطور وكلماته السلسة ليأخذ القارئ بعيداً ويجذبه قريباً يتلاعب به ما بين الأرض والثريا، يمشي به في هالة من النور ثم يتركه في ظلمة السطور، محاولا اجبار القارئ على المتابعة المستمرة ومن دون وعي متصفحاً لأوراق الكتاب من أولها لآخرها مهما استغرق ذلك من وقت أو جهد وهذه هي الحرفية والذكاء في شد القارئ وجذبه والتلاعب بخياله والتحكم في مشاعره وتوظيفها التوظيف الجيد، فنجده قد اختار عناوين:
(اظهار الاهتمام بالناس يجذب قلوبهم اليك ـ اني أحبك في الله ـ أرسل النصيحة بطريقة غير مباشرة ـ فن الاستماع ـ من الحوار وغيرها الكثير من العناوين البراقة والموضوعات الشيقة التي تجنح بخيال القارئ والملاحظ في كل العناوين المختارة أنها تعرض لعبارات القصد من ورائها اظهار الحياة السعيدة بشكل أكثر بهجة واريحية بعيداً عن الملل الزائد والتعقيد الذي لا يجني صاحبه من ورائه غير النكد وعدم الارتياح والشعور الزائد بالمتاعب الذي قد يأخذ بصاحبه الى الانتحار أحياناً كما تكلم المؤلف عن الاتصال الذي جاءه يوماً ما من أحد الشباب يسأله عن الموقف الشرعي للانتحار معللاً بأن الحياة لا تستحق المعيشة وأن الحياة قد أصبحت رتيبة فلا فائدة من معيشتها ولكن المؤلف الدارس والقارئ للحياة وفنونها استطاع أن يقنع المتصل بأن الحياة جميلة مادامت في طاعة وأن هناك مجالات كثيرة يستحق المرء أن يعيش من اجلها وأن تكون الحياة بمثابة دار سعادة بدلاً من أن تكون دار شقاء، وهذه الموهبة قد اكتسبها الدكتور العريفي من واقع تجاربه الحياتية ونزوله الى الجماهير في دروسه وفي حياته اليومية والتي جعلته قارئا جيدا لواقع وآلام الأمة، واقتراض الحلول للمشكلات بأبسط الطرق وتقديم الوصفات والعلاجات المجانية لطالبي النصح والارشاد مستمداً العلاج من الشرع الحكيم.
ونجده أيضاً في موقف آخر يتناول لأحد الموضوعات ويقتلها بحثاً في سطور معدودات ورد تحت عنوان (اختر الكلام المناسب). فاذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له، فالأحاديث مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ) وهذا شيء طيب يجعل الجميع يحسنوا الاستماع الى لغة العقل والواقع بكلمات رقيقة هي حكمة المؤلف في التعرض للمواقف، وفي نهاية الصفحات والسطور يختم فقراته بمقولة هي بمثابة ومضة خفيفة وخفية في ظلمات الضمير مثلاً تجده تحت عنوان (اتفاق) يقول : نحن نتعامل مع القلوب لا مع الأبدان، ضوابط وآداب التعامل مع المخالفين في الرأي والعقيدة والدعوة الى الله بالحسنى في اعتدال بلا افراط أو تفريط وورد تحت عنوان (100 طريقة لكسب قلوب الناس)، فقد ذيل عنوانه والصفحات المنطوية تحته بفكرة (لاتحسب الناس نوعاً واحداً فلهم طبائع ليست تحصيهن ألوان) داعياً الى تقبل الاختلاف مع الآخر والناظر في موضوعات وعناوين وفقرات الكتاب ومن خلال المسميات (مراعاة النفسيات ـ شعرة معاوية ـ اهتم بالآخرين ـ لاتتدخل فيما يعنيك ـ امسك العصا من النصف ـ الرأي الآخر ـ قابل الاساءة بالاحسان ـ اعترف بخطئك لا تكابر ـ جلد الذات) وغيرها من العناوين يلاحظ المتصفح للكتاب بأنه وسط أوراق مجلة تربوية اجتماعية ومداعية نفسية، وارساء مضامين تربوية في نفسه، لتكون كلماته بمثابة مفتاح اشعال للطاقة الخيرية الكامنة في نفوس القراء واطلاقها الي رحاب أوسع من الخيرية والاصلاح،
وأخيراً جاءت عناوين الكتاب للناظر اليها، كلقطات تربوية توعوية وومضات معرفية براقة تأخذ الجميع في أسلوب شيق ومتناغم بعيداً عن الصدام، باعتبارها فرصة للجلوس الواقعي محاولاً استحضار القدوة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته مروراً بسلف هذه الأمة.
وورقات الكتاب دعوة للاصلاح والنظر الى الحياة بمنظور أوسع بدلاً من النظر من ثقب الباب فهو دعوة للدخول من الباب نفسه الى مساحة أكبر ورحاب أوسع، والمؤلف يعزف على وتر المشاعر وبتناغم يمس الواقع ويقرأ المستقبل، كما ورد تحت عنـوان صغير عـش حياتك (لاتنقب عن المشـكلات، ولا تدقق في صغائر الأمور، وانما استمتع بحياتك.
اللغة:
والملاحظ في لغة الكتاب والذي جاء عنوانه (استمتع بحياتك) أن لغته هي وقفات واقعية وجرعات تربوية توقظ الهمم، وتحرك الماء الراكد في برك العقول والافهام، فلا تثير الزوابع والأعاصير، ولكن تحرك الحس بطيف رقيق ناعم سلس ينبعث من نسمات عبارات وألفاظ وجمل وتعبيرات بليغة، وظفها المؤلف بلا تعقيد، جاءت بلغة محببة ومشوقة للقارئ، فلم تكن فوق طور ثقافتهم، بل نزل العريفي بجمله وألفاظه وخاطب بها المثقف وغيره، وهذه هي طبيعة المصلحين، يتواجهون بكلماتهم على حيث وجدت السقم كالأطباء الذين يمدون أيديهم لعلاج مرضاهم. لم تأت ألفاظه معقدة بل جاءت سلسة سهلة بعيداً عن التكلف والتعقيد.
اسم الكتاب : استمتع بحياتك
اسم المؤلف: د. محمد بن عبدالرحمن العريفي
دار النشر : دار الحميد للنشر
سعر الكتاب : 22 ريال (سعر موحد من الناشر)
جريدة الوطن :
http://masajed.gov.kw/ftpImage/09/2007/04/09/1175681600.jpg
نحن نتعامل مع القلوب لا الأبدان أصبح ظاهراً للعيان وما لا يدع مجالاً للشك، أن المدنية الحديثة وصراعات القوى والهيمنة الدولية الأخيرة يتطلب امتلاك الشعوب القوية لمقدرات الشعوب الضعيفة، بغرض سياسة التحكم عن بعد، وذلك بأسلحة غير تقليدية، فظهرت الفكرة والكلمة كوسيلة بديلة بدلاً من الصاروخ والطيارة فالمبارزة والارتجال والمقاتلة في ساحات القتال اختفت وظهر بديلاً عنها الانترنت والتكنولوجيا الالكترونية المتطورة.
والقلم باعتباره أحد وسائل الفكر والتي باتت بمثابة أسلحة فتاكة تغزو وتهزم جحافل جيوشها أساطين الجهل والظلام، فتبدد بنورها ضلالات الخرافة، وتهدم ببريق أسنتها أوكار البدعة والانحراف، وشاءت مشيئة الله وارادته أن يهب لهذه الأمة من أبنائها مفكرين ومصلحين، قادرين بفضل جهودهم على تجديد الدماء في عروق أفكارها، وبعث واحياء الأمل المنشود في خيرية هذه الأمة وأفضليتها بين الأمم تحقيقاً لقوله عز وجل (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةي أُخْرًجَتْ لًلنَّاسً).
يكتشفون ببصيرتهم لنقاط القوة فينموها، ويعالجون الضعف فيها، ليسير ركب قافلة الأمة بسلام، راسمين منارات وعلامات على طريق النجاح والتميز
ويأتي الشيخ الدكتور محمد العريفي واحداً من هؤلاء المجددين، سن قلمه وسخر فكره وعقليته الفذة ليزود بهما عن حمى وعرى أمته الاسلامية، همه كهم من سبقه من سلف الأمة ومصلحيها والناظر في كتابه والذي بين أيدينا الآن ونقدم له عرضاً موجزاً (استمتع بحياتك) يلاحظ أنه قد خرج في حلة جديدة بهية، كخلاصة أفكار معاشة وتجارب ممارسة، لحياة عاشها مؤلف الكتاب، سمعها من أشخاص وأناس محيطين به قد جادت قريحته في ربط القصص المعبرة بالعناوين المتصدرة للصفحات في شيء عجيب فلا تجد تنافراً بالمرة ما بين العناوين وما حوته الصفحات، بل جاء التوليف بينهم في توليفة عجيبة تشد القارئ وتأخذ بتلابيبه في عالم من الأحداث المتصارعة والمتشابكة، بطريقة قصصية مشوقة اقتداء بأقوال السابقين من أصحاب التأليف الخالدة من توظيف القصة والحكاية المنتزعة من صلب الواقع، واستحضار العبرة والعظة دفعاً للسآمة والملل، لأن النفوس تمل كما تمل الأبدان وتكل تماماً، مادام ذلك يوظف بطريقة فريدة وبحرفية مبتكرة تخدم المؤلف كما فعل الدكتور العريفي في مؤلفه.
فقد ذكرت لبعض القصص والمواقف المعبرة،ما تقر به عين الراغب، باذلا وسط سطور كتابه النصح والارشاد، وكانت ألفاظه متوافقة لما حوته، فكانت ألفاظه تأنق الخاطر في تذهيبها، ومعانيه عني الفهم بالنطق بها، بكلام تنفس السحر عن نسيمه وتبسم الدر عن نظمه، فكان نثره سحر البيان ونظمه قطع الجمان، قد حوى كثيراً من البلاغات في الشعر والخبر، والفصل والفقر مما حسن نظمه ولفظه ومعناه، واستدل بفحواه على مغزاه، فهو نهاية في البيان وغاية في البرهان، مقتضباً في كل صفحات مؤلفه لأثر من الآثار أو حديث نبوي شريف أو متضمناً لآية قرآنية، أو قصة واردة من قصص وأخبار الصالحين من سلف الأمة، ومضاهاتها بموقف حياتي معاش من واقع أحداثه وشخصياته التي نوه عليها أو تعرض بالتفنيد لها في ثوب اصلاحي تربوي تقويمي تخرج من ورائه بفائدة " الحل والاصلاح والعلاج الاجتماعي، ولكن في ثوب شرعي" وهذا ليس جديداً أو مبتدعاً عند واحد مثل العريفي فهو فريد دهره، وقريع عصره، نسيج وحده، فانه له مصنفات كثيرة في العلم والأدب تشهد له بأعلى الرتب، قد حوى كتابه الحكم، وقد رشحه بمحاسن الفقر، ونتائج فكره من لفظ شهي أعطته القلوب فصل المقادة، ومعنى سني جاد صوب الاصابة والاجادة.
لله دره ما أحلى شعره وأنقى نظمه، فهو أحداث ومواقف عاشها المؤلف جمعت بين العبرة والحكمة والدعابة الخفيفة والتي قد من وآراءها عرض الموضوع أو المشكلة واقتراض الحلول والعلاجات الشرعية والاجتماعية بأسلوب الناصح الأمين.
الموضوعات :
والمتصفح لعناوين الكتاب وأوراقه الذهبية يلاحظ شيئاً عجيباً، يجد أن كلماته وظفت بطريقة عجيبة لتعرض لقضايا أو أمور حياتية تمس ضمير وواقع الأمة، حلوه ومره، وكأن «العريفي» يقرأ الواقع عبر سطور وكلماته السلسة ليأخذ القارئ بعيداً ويجذبه قريباً يتلاعب به ما بين الأرض والثريا، يمشي به في هالة من النور ثم يتركه في ظلمة السطور، محاولا اجبار القارئ على المتابعة المستمرة ومن دون وعي متصفحاً لأوراق الكتاب من أولها لآخرها مهما استغرق ذلك من وقت أو جهد وهذه هي الحرفية والذكاء في شد القارئ وجذبه والتلاعب بخياله والتحكم في مشاعره وتوظيفها التوظيف الجيد، فنجده قد اختار عناوين:
(اظهار الاهتمام بالناس يجذب قلوبهم اليك ـ اني أحبك في الله ـ أرسل النصيحة بطريقة غير مباشرة ـ فن الاستماع ـ من الحوار وغيرها الكثير من العناوين البراقة والموضوعات الشيقة التي تجنح بخيال القارئ والملاحظ في كل العناوين المختارة أنها تعرض لعبارات القصد من ورائها اظهار الحياة السعيدة بشكل أكثر بهجة واريحية بعيداً عن الملل الزائد والتعقيد الذي لا يجني صاحبه من ورائه غير النكد وعدم الارتياح والشعور الزائد بالمتاعب الذي قد يأخذ بصاحبه الى الانتحار أحياناً كما تكلم المؤلف عن الاتصال الذي جاءه يوماً ما من أحد الشباب يسأله عن الموقف الشرعي للانتحار معللاً بأن الحياة لا تستحق المعيشة وأن الحياة قد أصبحت رتيبة فلا فائدة من معيشتها ولكن المؤلف الدارس والقارئ للحياة وفنونها استطاع أن يقنع المتصل بأن الحياة جميلة مادامت في طاعة وأن هناك مجالات كثيرة يستحق المرء أن يعيش من اجلها وأن تكون الحياة بمثابة دار سعادة بدلاً من أن تكون دار شقاء، وهذه الموهبة قد اكتسبها الدكتور العريفي من واقع تجاربه الحياتية ونزوله الى الجماهير في دروسه وفي حياته اليومية والتي جعلته قارئا جيدا لواقع وآلام الأمة، واقتراض الحلول للمشكلات بأبسط الطرق وتقديم الوصفات والعلاجات المجانية لطالبي النصح والارشاد مستمداً العلاج من الشرع الحكيم.
ونجده أيضاً في موقف آخر يتناول لأحد الموضوعات ويقتلها بحثاً في سطور معدودات ورد تحت عنوان (اختر الكلام المناسب). فاذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له، فالأحاديث مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ) وهذا شيء طيب يجعل الجميع يحسنوا الاستماع الى لغة العقل والواقع بكلمات رقيقة هي حكمة المؤلف في التعرض للمواقف، وفي نهاية الصفحات والسطور يختم فقراته بمقولة هي بمثابة ومضة خفيفة وخفية في ظلمات الضمير مثلاً تجده تحت عنوان (اتفاق) يقول : نحن نتعامل مع القلوب لا مع الأبدان، ضوابط وآداب التعامل مع المخالفين في الرأي والعقيدة والدعوة الى الله بالحسنى في اعتدال بلا افراط أو تفريط وورد تحت عنوان (100 طريقة لكسب قلوب الناس)، فقد ذيل عنوانه والصفحات المنطوية تحته بفكرة (لاتحسب الناس نوعاً واحداً فلهم طبائع ليست تحصيهن ألوان) داعياً الى تقبل الاختلاف مع الآخر والناظر في موضوعات وعناوين وفقرات الكتاب ومن خلال المسميات (مراعاة النفسيات ـ شعرة معاوية ـ اهتم بالآخرين ـ لاتتدخل فيما يعنيك ـ امسك العصا من النصف ـ الرأي الآخر ـ قابل الاساءة بالاحسان ـ اعترف بخطئك لا تكابر ـ جلد الذات) وغيرها من العناوين يلاحظ المتصفح للكتاب بأنه وسط أوراق مجلة تربوية اجتماعية ومداعية نفسية، وارساء مضامين تربوية في نفسه، لتكون كلماته بمثابة مفتاح اشعال للطاقة الخيرية الكامنة في نفوس القراء واطلاقها الي رحاب أوسع من الخيرية والاصلاح،
وأخيراً جاءت عناوين الكتاب للناظر اليها، كلقطات تربوية توعوية وومضات معرفية براقة تأخذ الجميع في أسلوب شيق ومتناغم بعيداً عن الصدام، باعتبارها فرصة للجلوس الواقعي محاولاً استحضار القدوة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته مروراً بسلف هذه الأمة.
وورقات الكتاب دعوة للاصلاح والنظر الى الحياة بمنظور أوسع بدلاً من النظر من ثقب الباب فهو دعوة للدخول من الباب نفسه الى مساحة أكبر ورحاب أوسع، والمؤلف يعزف على وتر المشاعر وبتناغم يمس الواقع ويقرأ المستقبل، كما ورد تحت عنـوان صغير عـش حياتك (لاتنقب عن المشـكلات، ولا تدقق في صغائر الأمور، وانما استمتع بحياتك.
اللغة:
والملاحظ في لغة الكتاب والذي جاء عنوانه (استمتع بحياتك) أن لغته هي وقفات واقعية وجرعات تربوية توقظ الهمم، وتحرك الماء الراكد في برك العقول والافهام، فلا تثير الزوابع والأعاصير، ولكن تحرك الحس بطيف رقيق ناعم سلس ينبعث من نسمات عبارات وألفاظ وجمل وتعبيرات بليغة، وظفها المؤلف بلا تعقيد، جاءت بلغة محببة ومشوقة للقارئ، فلم تكن فوق طور ثقافتهم، بل نزل العريفي بجمله وألفاظه وخاطب بها المثقف وغيره، وهذه هي طبيعة المصلحين، يتواجهون بكلماتهم على حيث وجدت السقم كالأطباء الذين يمدون أيديهم لعلاج مرضاهم. لم تأت ألفاظه معقدة بل جاءت سلسة سهلة بعيداً عن التكلف والتعقيد.
اسم الكتاب : استمتع بحياتك
اسم المؤلف: د. محمد بن عبدالرحمن العريفي
دار النشر : دار الحميد للنشر
سعر الكتاب : 22 ريال (سعر موحد من الناشر)