معشي الحربة
30-Oct-2007, 10:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) لقد ظهرت فكرة مزاين الإبل بين رعاة الإبل وملاكها كفكرة فطرية بريئة عابرة قبل عدة أعوام دون أية أهمية كبرى لدوافعها في بداية الأمر، ولم يكن لها طابع قبلي تنظيمي بل كانت مختلطة يشارك فيها ملاك الإبل بغض النظر عن انتمائهم القبلي مما يجعل الأمر مجرد حدث عابر من جنس مباراة رياضية أو حفلة ختامية تولد وتموت خلال ساعات أو أيام. ولكن مهرجان مزاين عتيبة ظهر بنمط آخر غير مسبوق يستحق الوقوف عنده ودراسته بعمق، هذا المهرجان الضخم الذي بلا شك لم يكن ليقام بهذا الترتيب والانضباط لولا الإذن الرسمي من الدولة لهذه القبيلة التي إذا ذكرت القبائل جاءت في المقدمة أصالة وعراقة وتاريخا مع حفظ كامل حقوق القبائل العريقة الأخرى ومكانتها وأصالتها، وإنما جاء تخصيص هذه القبيلة هنا لما قدمته لنا أخيرا بمهرجانها المميز الذي جمع بين رعاة الإبل البادين في الأعراب وحملة الدكتوراه في الجامعات والعلماء والمثقفين والمهندسين وأصحاب الرتب العسكرية العليا من هذه القبلية دون أن تخرج من إطار النسيج السعودي المتماسك في بوتقة الدولة الواحدة للجميع و لايفوتني هما أن اقدم التهنئة لكل أفراد هذه القبيلة بنجاح مهرجانهم مع التذكير بان توظيف القبيلة الايجابي مطلوب شريطة أن يبقى في إطار الشرع والاخلاص والتواضع والتجرد لله الواحد القهار مع مراعاة الحقوق العامة والحفاظ على وحدة المسلمين على الإسلام وحقوقهم المشروعة بغض النظر عن انتماءاتهم تلك الحقوق التي ضبطتها الآية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وإنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
لم يكن لي شرف حضور هذا المهرجان لكن وصلتني أخباره المثيرة السارة من وجة نظري دون أن أطلع على تفاصيل ما جرى فيه ، لربما كان لدى البعض تحفظات معينة على الحدث ولكن هذا في الجملة لا يؤثر في قراءة هذا المهرجان من الزاوية القبلية السياسية التحليلية حيث أقيم هذا المهرجان التجديدي المدوي تحت مظلة الإبل وما يدرينا لعل هذا من الخير الذي أشارت إليه الآية الكريمة خاصة في مثل مجتمعنا، وللناقة في التاريخ وقفات تاريخية منها الآية ناقة صالح عليه السلام والقصواء التي بركت في الحديبية بأمر الله إيذانا (بالصلح) بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي الناقة ذاتها تفعل ما يستحيل فعله في السعودية من قبل أي تكتل حزبي أو نقابي دون حضور البدن التي هي من شعائر الله إنها (عطايا الله) بحق كلها خير.
في عام 1992م وبعد تشكيلنا للجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية حضر إلى بيت الشيخ عبد الله المسعري رحمه الله السكرتير الثاني في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وكنا أربعة فقط واستغرق اللقاء ما يقارب الساعة فصدر الأمر لوزارة الداخلية خلال ساعات بالتحقيق معنا جميعا وتقدمت الدولة باحتجاج رسمي ضد أمريكا وفعلا تم استدعاؤنا واحدا واحدا إلى مكتب وكيل الوزارة للشئون الأمنية واستجوابنا قبل مضي 24 ساعة من ذلك اللقاء العابر، واليوم استطاع القائمون على مزاين عتيبة وبكل سلاسة وهدوء أن يستضيفوا نائب السفير الأمريكي حسب ما نقل لي كما استطاع المهرجان نفسه أن يقدم برنامجا ثقافيا متكاملا من الشعر والنثر والعلم والمحاضرات والترفيه هذا علاوة على وجود لجان متخصصة تم تكليفها لمتابعة كل نشاط وضرورة وضع سياسة مالية للإنفاق على هذا التجمع القبلي الكبير وما كان هذا ليتم لولا وجود كوادر قيادية مؤهلة تتولى إدارة العملية برمتها فماذا بقي من أبجديات الحزب السياسي المعاصر؟ وما الفرق بين هذا التجمع والمؤتمرات السنوية لكبرى الأحزاب السياسية العالمية إذا ما أخذنا بالحسبان (فارق التوقيت)؟ أقول هذا تشجيعا لا تحريضا، ومباركة لا تضايقا.
لكن المشكلة تكمن في أن هذا النمط السعودي (الخاص) من التجمع القبلي المباح سياسيا يصعب تعميمه على كافة المناطق ولن يكون في متناول كل موطن سواء من ناحية القبيلة او وجود الناقة!! وخاصة أخوتنا في المنطقة الغربية الذين يستحيل تجاهل ثقلهم السياسي والثقافي في أي حراك سياسي أو ثقافي داخلي علاوة على أنه في الأصل يجب أن يكون شأن المواطنة في الدولة الحديثة مقدما على شأن القبيلة مهما كان ذا أهمية، فيا ترى ماذا سيكون خيارهم في هذا المارثون الجديد؟ هل سيلجئون كما تردد في رسائل الجوال الفكاهية إلى (مزاين الأسماك) ؟
على أية حال ومن خلال دراسة هذه الظاهرة المستحدثة يجب ألا نستغرب عندما يجد الناشطون و المثقفون والتكنوقراط السعوديون في مثل هذه المظلة القبلية تحت شعار (مزاين الإبل) مراغما كثيرا وسعة يتنفسون من خلالها الصعداء مقارنة بالضنك الذي دفعوه ثمنا لمحاولاتهم المستميتة في محاكاة مختلف الأنماط الدولية المعاصرة ومحاولة استيرادها وتطبيقها شكلا ومضمونا في مجتمع فيه من يطرب لرغاء الناقة أكثر من أن يستمع إلى برنامج مصلح يريد الإصلاح ما استطاع، وسنجد مستقبلا من يفكر بجدية باستبدال بعض مراكز الدراسات الفكرية والاستراتيجية المعاصرة في المملكة بمجموعة من (الشبوك) الموزعة في ربوع الصحراء وفي جميع المناطق واستيطان (البعارين) في جميع المناطق والتركيز على كوادر الإبل وانتخابها وانتقاءها كأفضل انتخابات حرة للمزاين وسباقها لعلها تصبح في نهاية المطاف مفتاحا مشروعا للتجمعات الشعبية الحرة للتعبير عن الرأي والمشاركة الشعبية السلمية مع الحفاظ على وحدة بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية حرسها الله من كل مكروه تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين سدد الله على الحق خطاه واخذ بناصيته لما يحبه ويرضاه إنه سميع قريب.
محسن العواجي 18/10/1428هـ
قال تعالى ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير) لقد ظهرت فكرة مزاين الإبل بين رعاة الإبل وملاكها كفكرة فطرية بريئة عابرة قبل عدة أعوام دون أية أهمية كبرى لدوافعها في بداية الأمر، ولم يكن لها طابع قبلي تنظيمي بل كانت مختلطة يشارك فيها ملاك الإبل بغض النظر عن انتمائهم القبلي مما يجعل الأمر مجرد حدث عابر من جنس مباراة رياضية أو حفلة ختامية تولد وتموت خلال ساعات أو أيام. ولكن مهرجان مزاين عتيبة ظهر بنمط آخر غير مسبوق يستحق الوقوف عنده ودراسته بعمق، هذا المهرجان الضخم الذي بلا شك لم يكن ليقام بهذا الترتيب والانضباط لولا الإذن الرسمي من الدولة لهذه القبيلة التي إذا ذكرت القبائل جاءت في المقدمة أصالة وعراقة وتاريخا مع حفظ كامل حقوق القبائل العريقة الأخرى ومكانتها وأصالتها، وإنما جاء تخصيص هذه القبيلة هنا لما قدمته لنا أخيرا بمهرجانها المميز الذي جمع بين رعاة الإبل البادين في الأعراب وحملة الدكتوراه في الجامعات والعلماء والمثقفين والمهندسين وأصحاب الرتب العسكرية العليا من هذه القبلية دون أن تخرج من إطار النسيج السعودي المتماسك في بوتقة الدولة الواحدة للجميع و لايفوتني هما أن اقدم التهنئة لكل أفراد هذه القبيلة بنجاح مهرجانهم مع التذكير بان توظيف القبيلة الايجابي مطلوب شريطة أن يبقى في إطار الشرع والاخلاص والتواضع والتجرد لله الواحد القهار مع مراعاة الحقوق العامة والحفاظ على وحدة المسلمين على الإسلام وحقوقهم المشروعة بغض النظر عن انتماءاتهم تلك الحقوق التي ضبطتها الآية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وإنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
لم يكن لي شرف حضور هذا المهرجان لكن وصلتني أخباره المثيرة السارة من وجة نظري دون أن أطلع على تفاصيل ما جرى فيه ، لربما كان لدى البعض تحفظات معينة على الحدث ولكن هذا في الجملة لا يؤثر في قراءة هذا المهرجان من الزاوية القبلية السياسية التحليلية حيث أقيم هذا المهرجان التجديدي المدوي تحت مظلة الإبل وما يدرينا لعل هذا من الخير الذي أشارت إليه الآية الكريمة خاصة في مثل مجتمعنا، وللناقة في التاريخ وقفات تاريخية منها الآية ناقة صالح عليه السلام والقصواء التي بركت في الحديبية بأمر الله إيذانا (بالصلح) بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وها هي الناقة ذاتها تفعل ما يستحيل فعله في السعودية من قبل أي تكتل حزبي أو نقابي دون حضور البدن التي هي من شعائر الله إنها (عطايا الله) بحق كلها خير.
في عام 1992م وبعد تشكيلنا للجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية حضر إلى بيت الشيخ عبد الله المسعري رحمه الله السكرتير الثاني في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية وكنا أربعة فقط واستغرق اللقاء ما يقارب الساعة فصدر الأمر لوزارة الداخلية خلال ساعات بالتحقيق معنا جميعا وتقدمت الدولة باحتجاج رسمي ضد أمريكا وفعلا تم استدعاؤنا واحدا واحدا إلى مكتب وكيل الوزارة للشئون الأمنية واستجوابنا قبل مضي 24 ساعة من ذلك اللقاء العابر، واليوم استطاع القائمون على مزاين عتيبة وبكل سلاسة وهدوء أن يستضيفوا نائب السفير الأمريكي حسب ما نقل لي كما استطاع المهرجان نفسه أن يقدم برنامجا ثقافيا متكاملا من الشعر والنثر والعلم والمحاضرات والترفيه هذا علاوة على وجود لجان متخصصة تم تكليفها لمتابعة كل نشاط وضرورة وضع سياسة مالية للإنفاق على هذا التجمع القبلي الكبير وما كان هذا ليتم لولا وجود كوادر قيادية مؤهلة تتولى إدارة العملية برمتها فماذا بقي من أبجديات الحزب السياسي المعاصر؟ وما الفرق بين هذا التجمع والمؤتمرات السنوية لكبرى الأحزاب السياسية العالمية إذا ما أخذنا بالحسبان (فارق التوقيت)؟ أقول هذا تشجيعا لا تحريضا، ومباركة لا تضايقا.
لكن المشكلة تكمن في أن هذا النمط السعودي (الخاص) من التجمع القبلي المباح سياسيا يصعب تعميمه على كافة المناطق ولن يكون في متناول كل موطن سواء من ناحية القبيلة او وجود الناقة!! وخاصة أخوتنا في المنطقة الغربية الذين يستحيل تجاهل ثقلهم السياسي والثقافي في أي حراك سياسي أو ثقافي داخلي علاوة على أنه في الأصل يجب أن يكون شأن المواطنة في الدولة الحديثة مقدما على شأن القبيلة مهما كان ذا أهمية، فيا ترى ماذا سيكون خيارهم في هذا المارثون الجديد؟ هل سيلجئون كما تردد في رسائل الجوال الفكاهية إلى (مزاين الأسماك) ؟
على أية حال ومن خلال دراسة هذه الظاهرة المستحدثة يجب ألا نستغرب عندما يجد الناشطون و المثقفون والتكنوقراط السعوديون في مثل هذه المظلة القبلية تحت شعار (مزاين الإبل) مراغما كثيرا وسعة يتنفسون من خلالها الصعداء مقارنة بالضنك الذي دفعوه ثمنا لمحاولاتهم المستميتة في محاكاة مختلف الأنماط الدولية المعاصرة ومحاولة استيرادها وتطبيقها شكلا ومضمونا في مجتمع فيه من يطرب لرغاء الناقة أكثر من أن يستمع إلى برنامج مصلح يريد الإصلاح ما استطاع، وسنجد مستقبلا من يفكر بجدية باستبدال بعض مراكز الدراسات الفكرية والاستراتيجية المعاصرة في المملكة بمجموعة من (الشبوك) الموزعة في ربوع الصحراء وفي جميع المناطق واستيطان (البعارين) في جميع المناطق والتركيز على كوادر الإبل وانتخابها وانتقاءها كأفضل انتخابات حرة للمزاين وسباقها لعلها تصبح في نهاية المطاف مفتاحا مشروعا للتجمعات الشعبية الحرة للتعبير عن الرأي والمشاركة الشعبية السلمية مع الحفاظ على وحدة بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية حرسها الله من كل مكروه تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين سدد الله على الحق خطاه واخذ بناصيته لما يحبه ويرضاه إنه سميع قريب.
محسن العواجي 18/10/1428هـ