رمح الفارس
25-Oct-2007, 03:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى اله واصحابه الطاهرين
لقد قام المجتمع السياسي الإسلامي منذ البداية خارج التقاليد القبلية الجاهلية، وأقام بناءه السياسي والاجتماعي على أساس من رابطة الإيمــان
)إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[ (92/الأنبياء) ]وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ( (52/المؤمنون) قال الزمخشري في الكشاف: الأمة الملة وهو إشارة إلى ملة الإسلام أي أن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها يشار إليه بملة واحدة غير مختلفة.
وحين ادعى العرب المشركون أنهم أبناء إبراهيم وإسماعيل رد عليهم بقوله تعالى: )إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ( (68/آل عمران). ولذلك نعى على الجاهلية تفاخرها بالأحساب والأنساب )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( (13/الحجرات). أي خلقناكم من آدم وحواء أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم؛ فالكل سواء في الانتساب إلى ذكر وأنثى أيا كان فلا وجه للتفاخر بالنسب، وقد نزلت هذه الآية حين أمر النبي صلوات الله عليه بلالا بن رباح ليؤذن بعد فتح مكة فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعني بلالا. والأمور التي يفخر الناس بها في الدنيا؛ وإن كانت كثيرة؛ فإن النسب أعلاها من حيث أنه ثابت مستمر، ومن حيث أنه غير مقدور التحصيل لمن ليس له بخلاف غيره كالمال؛ ولذلك خصه بالذكر وأبطل اعتباره بالنسبة إلى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الأولى. وفي الحديث: "إن ربكم واحد وإن أباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى".[1] ولا يصح التفاضل بالأعمال فقد يسبق التابع المتبوع. ولو كان الشرف للأشياء من حيث شأنها أو مواطنها لكان الشرف لإبليس على آدم في قوله: خلقتني من نار وخلقته من طين؛ ولكن لما كان الشرف اختصاصا إلهيا لا يعرف إلا من جانب الحق تعالى جهل إبليس في مقالته تلك، وصح الشرف لآدم عليه وسئل عيسىعليه السلام أي الناس أشرف فقبض قبضتين من تراب، ثم قال: أي هذين أشرف ثم جمعهما وطرحهما، وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم. وقال الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة:[2]
أبي الإسلام لا أب لي سواه ********** إذا افتخروا بقيس أو تميم
وروي عن أبي هريرة: "أن الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول الله لهم طالما كنتم تتكلمون وأنا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم إني رفعت نسبي وأبيتم إلا أنسابكم قلت إن أكرمكم عندي أتقاكم وأنتم قلتم لا بل فلان بن فلان وفلان بن فلان فرفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم سيعلم الجمع اليوم من أصحاب الكرم؛ أين المتقون؟".[3]
ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من العصبية ومن التداعي إلى الباطل؛ ومن هذا الباب ما خرّجاه في الصحيحين عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين؛ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم؟ فأخبروه؛ فقال صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها نتنة"، وقال عبد الله بن أبيّ بن أبي سلول: أو قد تداعوا علينا؟ )لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنــْهَا الأذَلَّ(
(8/المنافقون) فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث- لعبد الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه".
ورواه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر قال: اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجري: يا للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يا للأنصار؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا؟ أو دعوى الجاهلية؟" قالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر فقال: "لا بأس لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره
والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى اله واصحابه الطاهرين
لقد قام المجتمع السياسي الإسلامي منذ البداية خارج التقاليد القبلية الجاهلية، وأقام بناءه السياسي والاجتماعي على أساس من رابطة الإيمــان
)إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[ (92/الأنبياء) ]وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ( (52/المؤمنون) قال الزمخشري في الكشاف: الأمة الملة وهو إشارة إلى ملة الإسلام أي أن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها يشار إليه بملة واحدة غير مختلفة.
وحين ادعى العرب المشركون أنهم أبناء إبراهيم وإسماعيل رد عليهم بقوله تعالى: )إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ( (68/آل عمران). ولذلك نعى على الجاهلية تفاخرها بالأحساب والأنساب )يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( (13/الحجرات). أي خلقناكم من آدم وحواء أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم؛ فالكل سواء في الانتساب إلى ذكر وأنثى أيا كان فلا وجه للتفاخر بالنسب، وقد نزلت هذه الآية حين أمر النبي صلوات الله عليه بلالا بن رباح ليؤذن بعد فتح مكة فقال عتاب بن أسيد وكان من الطلقاء الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد رسول الله سوى هذا الغراب يعني بلالا. والأمور التي يفخر الناس بها في الدنيا؛ وإن كانت كثيرة؛ فإن النسب أعلاها من حيث أنه ثابت مستمر، ومن حيث أنه غير مقدور التحصيل لمن ليس له بخلاف غيره كالمال؛ ولذلك خصه بالذكر وأبطل اعتباره بالنسبة إلى التقوى ليعلم منه بطلان اعتبار غيره بطريق الأولى. وفي الحديث: "إن ربكم واحد وإن أباكم واحد لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى".[1] ولا يصح التفاضل بالأعمال فقد يسبق التابع المتبوع. ولو كان الشرف للأشياء من حيث شأنها أو مواطنها لكان الشرف لإبليس على آدم في قوله: خلقتني من نار وخلقته من طين؛ ولكن لما كان الشرف اختصاصا إلهيا لا يعرف إلا من جانب الحق تعالى جهل إبليس في مقالته تلك، وصح الشرف لآدم عليه وسئل عيسىعليه السلام أي الناس أشرف فقبض قبضتين من تراب، ثم قال: أي هذين أشرف ثم جمعهما وطرحهما، وقال الناس كلهم من تراب وأكرمهم عند الله أتقاهم. وقال الشاعر المخضرم لبيد بن ربيعة:[2]
أبي الإسلام لا أب لي سواه ********** إذا افتخروا بقيس أو تميم
وروي عن أبي هريرة: "أن الناس يحشرون يوم القيامة ثم يوقفون ثم يقول الله لهم طالما كنتم تتكلمون وأنا ساكت فاسكتوا اليوم حتى أتكلم إني رفعت نسبي وأبيتم إلا أنسابكم قلت إن أكرمكم عندي أتقاكم وأنتم قلتم لا بل فلان بن فلان وفلان بن فلان فرفعتم أنسابكم ووضعتم نسبي فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم سيعلم الجمع اليوم من أصحاب الكرم؛ أين المتقون؟".[3]
ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من العصبية ومن التداعي إلى الباطل؛ ومن هذا الباب ما خرّجاه في الصحيحين عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبدالله قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعّاب فكسع أنصاريا فغضب الأنصاري غضبا شديدا حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين؛ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟ ثم قال: ما شأنهم؟ فأخبروه؛ فقال صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها نتنة"، وقال عبد الله بن أبيّ بن أبي سلول: أو قد تداعوا علينا؟ )لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنــْهَا الأذَلَّ(
(8/المنافقون) فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث- لعبد الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه".
ورواه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر قال: اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجري: يا للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يا للأنصار؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ما هذا؟ أو دعوى الجاهلية؟" قالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر فقال: "لا بأس لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره